الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[من أحكام الفاعل: الرفع وتقديم الفعل]
قال ابن مالك: (وهو مرفوع بالمسند حقيقة إن خلا من «من» و «الباء» الزّائدتين، وحكما إن جرّ بأحدهما أو بإضافة المسند، وليس رافعه الإسناد، خلافا لخلف. وإن قدّم ولم يل ما يطلب الفعل فهو مبتدأ، وإن وليه ففاعل فعل مضمر يفسّره الظّاهر، خلافا لمن خالف).
ــ
قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ (1) ففاعل «يهدي» ضمير مضمر فيه عائد على المصدر المفهوم منه وكأنه قيل: أو لم يهد لهم هدايتنا، وساغ ذلك؛ لأن الهداية قد تستعمل استعمال الدلالة التي يراد بها الحجة على الشيء والبرهان، فكأنه قيل: أو لم يتبين لهم حجتنا، ويكون قوله تعالى: كَمْ أَهْلَكْنا في موضع نصب بما دل عليه أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ لأنه بمنزلة: أولم يعلموا (2). وأما قول القائل:
1199 -
وما راعني إلّا يسير بشرطة (3)
فهو على إضمار «أن» ؛ التقدير: إلا أن يسير (4). انتهى.
ويبعد في النظر والفعل كون الجملة فاعلة، ولكن أقوال الأئمة لا تردّ وإنما ذكرت هذه المسألة استبعادي تصورها واعتقادي عدم صحتها؛ لئلا يخلو الكتاب عن ذكرها، فيظن عدم الاطلاع عليها.
قال ناظر الجيش: أما كون الفاعل مرفوعا فمعروف قالوا: وإنما رفع الفاعل للفرق بينه وبين المفعول (5)، فإن قيل: لو عكس ذلك لحصل الفرق؟
أجيب: بأن هذا السؤال يفضي إلى الدور، وبأن الرفع أثقل من النصب، والفاعل لا يكون إلا واحدا، والمفعول متعدد، فأعطي الأثقل للواحد، والأخف للمتعدد؛ ليتعادلا (6)، ثم إنه إما مرفوع حقيقة أي لفظا ومعنى نحو: صدق الله، -
(1) سورة السجدة: 26.
(2)
ينظر: المغني (1/ 183 - 184)، والكشاف (1/ 203)، وحاشية الشيخ يس على التصريح (1/ 268).
(3)
تقدم ذكره.
(4)
ينظر: حاشية الخضري (1/ 159)، وشرح المفصل لابن يعيش (4/ 27).
(5)
ينظر: المقتضب (1/ 146)، والمرتجل (ص 118) تحقيق علي حيدر.
(6)
علل ابن عصفور في شرح الجمل (1/ 162) لهذه المسألة بما علل به الشارح هنا إلا أن تعليله هناك يختلف مع تعليل الشارح هنا في الجزء الأخير. يقول ابن عصفور: «وإنما رفع الفاعل ونصب المفعول تفرقة بينهما، فإن -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أو مرفوع حكما، أي: في المعنى دون اللفظ، وذلك في ثلاثة مواضع (1):
أحدها: إذا جرّ بمن الزائدة نحو: وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (2).
الثاني: إذا جرّ بالباء الزائدة نحو: وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً * (3).
الثالث: إذا أضيف إليه المسند نحو قوله تعالى: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ * (4).
وإنما قال المصنف: (بإضافة المسند) ولم يقل: بإضافة المصدر؛ لأن المسند الصالح للإضافة قد يكون اسم مصدر كما يكون مصدرا، فالمصدر قد ذكر، وغير المصدر كقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من قبلة الرّجل امرأته الوضوء» (5) فالرجل مجرور اللفظ مرفوع المعنى بإسناد «قبلة» إليه فإنها قائمة مقام تقبيل؛ لذا انتصب بها المفعول، وكذا المجرور بـ «من» «والباء» مرفوع معنى، ولو عطف أو نعت؛ لجاز في المعطوف والنعت الجر باعتبار اللفظ، والرفع باعتبار المعنى (6).
وأما الرافع للفاعل فهو ما أسند إليه من فعل أو مضمن معناه، هذا هو المذهب الصحيح وعليه التعويل وهو رأي سيبويه فإنه قال: يرتفع المفعول كما يرتفع الفاعل [2/ 229] لأنك لم تشغل الفعل بغيره، وفرغته له كما فعلت ذلك
بالفاعل (7).
وهذا الكلام ظاهر في أن الرافع للفاعل هو: الفعل المسند إليه وهو الحق؛ لأن -
- قيل: فهلا كان الأمر بالعكس؟ فالجواب: أن الفعل لما كان يطلب جملة من المفعولين أقلها خمسة وهي: المفعول المطلق، والمفعول معه، وظرف الزمان، وظرف المكان، والمفعول من أجله، وأكثرهم ثمانية، وذلك إذا كان الفعل من باب ما يتعدى إلى ثلاثة مفعولين، ولا يطلب من الفاعلين إلا واحدا نصب طلبا للتخفيف ولم يرفع ولم يخفض؛ لئلا يتوالى به الثقل، فلما استحق المفعول النصب لم يبق للفاعل إلا الرفع أو الخفض فكان الرفع به أولى من الخفض، حيث كان الرفع أولا والخفض ثانيا عنه، والفاعل أولى من حيث مرتبته إن تقدم على المفعول، فأعطى الأول للأول مناسبة» اه.
وينظر: شرح السيرافي في الكتاب (2/ 220) تحقيق دردير أبو السعود، فتعليله متفق مع تعليل ابن عصفور، وتعليل الشارح، وينظر أيضا: المرتجل (ص 118) حيث علل صاحبه بهذا التعليل أيضا.
(1)
شرح التسهيل: (2/ 106).
(2)
سورة الحجر: 11.
(3)
سورة النساء: 166، وسورة الفتح:28.
(4)
سورة البقرة: 251، وسورة الحج 40.
(5)
حديث شريف أخرجه الإمام مالك في الموطأ الحديث (67) من كتاب الطهارة.
(6)
ينظر: الهمع (1/ 160)، وأوضح المسالك (1/ 139)، والتصريح (1/ 270)، والأشموني (2/ 44).
(7)
الكتاب (1/ 33).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
العامل بما به يتقوم المعنى المقتضي.
وقد قيل في الرافع للفعل أقوال غير ذلك لا معول على شيء منها.
فمنها: أنه الإسناد، وهو الذي ذكر المصنف أنه مذهب خلف (1)، ورده بأن الإسناد نسبة بين المسند والمسند إليه وليس عملهما في أحدهما بأولى من عملها في الآخر، وبأن العمل لا ينسب إلى المعنى إلا إذا لم يوجد لفظ صالح للعمل، والفعل موجود فلا عدول عنه.
ومنها: أن الرافع هو شبهه بالمبتدأ، وذلك أنه يخبر عنه بفعله كما أن المبتدأ يخبر عنه بالخبر، ويرد هذا بأن الشّبه معنى، والعمل لا ينسب إلى المعنى مع وجود لفظ يمكن عمله كما تقدم على أن هذا القول إنما يتم على قول من
يقول: إن المبتدأ أصل في المرفوعات.
ومنها: أن الرافع له كونه فاعلا في المعنى، وهذا في غاية الوهن بدليل أن نحو «زيد» في «ما قام زيد» فاعل وهو لم يفعل شيئا (2)، ومثل هذه الأقوال لا ينبغي التشاغل بها.
وأما قول المصنف: (وإن قدم ولم يل ما يطلب الفعل فهو مبتدأ) إلى آخره، فاعلم أنه قد عرف من جعله تقديم المسند إلى الفاعل قيدا في الحد أن الفاعل لا يتقدم، فعلى هذا إذا أتي باسم مقدم على شيء صالح أن يكون الاسم فاعلا له أخّر عنه، وجب أن لا يكون ذلك الاسم مبتدأ، ولا شك أن هذا عرف من التقييد بالتقديم في الحد، لكن إنما أعاد المصنف ذكره لفائدتين.
إحداهما: التنبيه على خلاف الكوفيين، وأنهم يجيزون تقديم الفاعل على -
(1) هو خلف الأحمر البصري أبو محرز بن حيان مولى بن أبي برده، كان رواية ثقة علامة يسلك مسلك الأصمعي وطريقه، حتى قيل: هو معلم الأصمعي، وهو والأصمعي فتقا المعاني وأوضحا المذاهب وبينا المعالم، قيل: إنه كان يختم القرآن كل ليلة.
من تصانيفه: جبال العرب وما قيل فيها من الشعر، وله ديوان شعر حمله عنه أبو نواس، توفي خلف في حدود الثمانين ومائة. بغية الوعاة (1/ 554) تحقيق محمد أبو الفضل.
(2)
ينظر هذه الأقوال في شرح الجمل لابن عصفور (1/ 165، 166) طبعة العراق، وشرح الرضي على الكافية (1/ 71)، والتصريح (1/ 269)، والهمع (1/ 159)، وشرح الألفية للمرادي (2/ 8).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ما أسند إليه.
الثانية: أن الاسم الذي أشير إليه بأنه إذا قدم يكون مبتدأ، إنما يكون كذلك إذا لم يل ما يطلب الفعل، أما إذا ولي الاسم ما يطلب الفعل فإنه يتعين فيه كونه فاعلا لفعل مضمر على المذهب المختار (1).
قال المصنف (2): وإن قدم الاسم على الفعل أو ما ضمن معناه صار مرفوعا بالابتداء، وبطل عمل ما تأخر فيه؛ لأنه تعرض بالتقديم لتسلط العوامل عليه كقولك في زيد قائم: إن زيدا قائم؛ فتأثر «زيد» بـ «إنّ» دليل على أن الفعل شغل عنه بفاعل مضمر، وأنّ رفع «زيد» إنما كان بالابتداء وهو عامل ضعيف، فلذلك انتسخ عمله بعمل «إن» ؛ لأن اللفظ أقوى من المعنى، ولو كان الفعل غير مشغول بمضمر حين أخر، كما كان حين قدم لم يلحقه ألف الضمير ولا واوه ولا نونه في نحو: الزيدان قاما، والزيدون قاموا [2/ 230]، والهندات قمن. كما لا تلحقه في نحو: قام الزيدان، وقام الزيدون، وقامت الهندات إلا في لغة ضعيفة (3)، وإن كان الاسم المتقدم على الفعل مسبوقا بما
يطلب الفعل فهو فاعل فعل مضمر يفسره الظاهر المتأخر نحو: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ (4)، وكقول الشاعر:
1200 -
فمتى واغل ينبهم يحيّو
…
هـ وتعطف عليه كأس السّاقي (5)
-
(1) ينظر شرح الجمل لابن عصفور (1/ 159)، والبهجة المرضية للسيوطي (ص 46)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 83)، وشرح الألفية للمرادي (2/ 4، 5)، وشرح الألفية للمكودي (ص 71)، وأوضح المسالك (1/ 130)، والتصريح (1/ 271)، وشرح ابن عقيل بحاشية الخضري (1/ 161)، والأشموني (2/ 46)، وشرح عمدة الحافظ (ص 85).
(2)
انظر: شرح التسهيل لابن مالك (2/ 107).
(3)
يقصد لغة «أكلوني البراغيث» .
(4)
سورة التوبة: 6. في معاني القرآن للأخفش (1/ 217): «وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فابتدأ بعد إن، وأن يكون رفع أحدا على فعل مضمر أقيس الوجهين؛ لأن حروف المجازاة لا يبتدأ بعدها إلا أنهم قالوا ذلك في «إن» وحسنها إذا وليتها الأسماء وليس بعدها فعل مجزوم في اللفظ» اه.
(5)
البيت من الخفيف وهو لعدي بن زيد العبادي، وهو في: الكتاب (3/ 113)، والمقتضب (2/ 74)، والأمالي الشجرية (1/ 332)، والإنصاف (2/ 617)، وابن يعيش (9/ 10)، وأصول النحو لابن السراج (2/ 242)، والتذييل (2/ 1127)، والخزانة (1/ 456)، (3/ 639)، والهمع (2/ 59)، -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وزعم بعض الكوفيين (1) أن تأخر المسند لا يخل برفعه المسند إليه، واستدل من ذهب إلى هذا بقول امرئ القيس:
1201 -
فقل في مقيل نحسه متغيّب (2)
ويقول الزباء:
1202 -
ما للجمال سيرها وئيدا (3)
وزعم أن التقدير: فقل في مقيل متغيب نحسه، وما للجمال وئيدا سيرها، والجواب عن الأول من وجهين:
أحدهما: أن يكون قائله أراد بنحسه متغيّبي بياء المبالغة كقولهم في أحمر:
أحمري، ودوار: دواري، وخفف الباء في الوقف كما قال الآخر في إحدى الروايتين: -
- والدرر (2/ 75) وملحقات ديوانه (ص 156).
والشاهد قوله: «فمتى واغل ينبهم» ؛ حيث تقدم الاسم وهو قوله: «واغل» وولي اسم الشرط وهو «متى» فأعرب فاعلا لفعل محذوف يفسره المذكور.
(1)
شرح التسهيل لابن مالك (2/ 108).
(2)
عجز بيت من الطويل وصدره:
فظلّ لنا يوم لذيذ بنعمة
والبيت في مجالس العلماء للزجاجي (ص 319)، وشرح الجمل لابن عصفور (1/ 160) وديوانه (ص 40) طبعة السندوبي، وشرح المقرب لابن عصفور (ص 4).
اللغة: المقيل: اسم مكان من القيلولة وهي الظهيرة، قل: فعل أمر من: قال، يقيل.
والشاهد قوله: «نحسه متغيب» ؛ حيث تأخر المسند ومع ذلك رفع المسند إليه وذلك على رأي بعض الكوفيين الذين يزعمون أن تأخر المسند لا يخل برفعه المسند إليه، والتقدير عندهم: متغيب نحسه.
(3)
البيت من الرجز وقد نسبه العيني في شرح الشواهد للخنساء وبعده:
أجندلا يحملن أم حديدا
وينظر في أمالي الزجاجي (ص 166)، وشرح الجمل لابن عصفور (1/ 159) طبعة العراق، والكامل للمبرد (ص 279)، ومجمع الأمثال للميداني (1/ 236)، والمغني (2/ 582)، وشرح شواهده للسيوطي (2/ 718، 912)، والعيني (2/ 448)، ومعاني القرآن للفراء (2/ 73، 424)، والتذييل (2/ 1121)، والخزانة (3/ 272)، والتصريح (1/ 271)، والأشموني (2/ 46)، والهمع (1/ 159)، والدرر (1/ 141).
والشاهد قوله: «سيرها وئيدا» على رواية من رفع «سيرها» ، وأصله:«وئيدا سيرها» ، فـ «سيرها» فاعل بقوله:«وئيدا» ثم قدم وبقي على فاعليته، وهذا على مذهب الكوفيين.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
1203 -
زعم الغداف بأنّ رحلتنا غدا
…
وبذاك خبّرنا الغراب الأسود
لا مرحبا بغد ولا أهلا به
…
إن كان تفريق الأحبّة في غد (1)
ويروى الغراب الأسود، على الإقواء.
والثاني: أن مقيلا اسم مفعول من قلته بمعنى أقلته أي: فسخت عقد مبايعته فاستعمله موضع متروك مجازا (2)، وهو قول ابن كيسان.
والجواب عن الثاني: بأن يجعل سيرها مبتدأ ويضمر خبر ناصب وئيدا كأنه قيل:
ما للجمال سيرها ظهر وئيدا، أو ثبت وئيدا؛ فيكون حذف الخبر هنا والاكتفاء بالحال نظير قولهم: حكمك مسمطا (3)، وقد ينتصر لمجيز ارتفاع الفاعل بعامل متأخر بمثل قول الشاعر:
1204 -
فمتى واغل ينبهم يحيّو
…
هـ وتعطف عليه كأس السّاقي (4)
فيقال: واغل إما مرفوع بمضمر يدل عليه المتأخر أو بالمتأخر، وارتفاعه بمضمر ممتنع لاستلزامه إعمال أداة الشرط في فعلين قبل الجواب، وليس الثاني تابعا للأول فتعيّن ارتفاعه بالمتأخر.
والجواب: أن المحذوف في مثل هذا لما التزم حذفه وجعل المتأخر عوضا منه صار نسيا منسيّا، فلم يلزم من نسبة العمل إليه وجود جزمين قبل الجواب.
على أنه لو جمع بينهما على سبيل التوكيد لم يكن في ذلك محذور؛ فأن لا يكون محذور في تعليق الذهن بهما وأحدهما غير منطوق به ولا محكوم بجواز -
(1) البيتان من الكامل وهما للنابغة الذبياني وينظر فيهما الخصائص (1/ 240)، والتذييل (2/ 1121)، برواية «البوارح» مكان «الغداف» ، والهمع (1/ 99)، والدرر (1/ 75) وديوانه (ص 38) طبعة بيروت.
والشاهد قوله: «خبرنا الغراب الأسود» ؛ حيث خفف ياء النسب لأجل الوقف وياء النسب هذه دخلت الصفة لأجل المبالغة وذلك على إحدى الروايتين في البيت، والرواية الأخرى هو أنه يروى «الغراب الأسود» بضم الدال، وقيل: إن الشاعر غير هذه الرواية إلى «وبذلك تنعاب الغراب الأسود» ولا شاهد على هذه الرواية.
(2)
خرج ابن عصفور هذا البيت في شرح الجمل (1/ 160) فقال: «فنحسه مرفوع بمقيل، ومقيل مصدر وضع موضع اسم الفاعل، كأنه قال: قائل نحسه، ويكون معناه ومعنى متغيب واحد» اه.
(3)
فحكمك مبتدأ حذف خبره؛ لسد الحال مسده أي: حكمك لك مثبتا. التصريح (1/ 271).
(4)
تقدم ذكره.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النطق به أحق وأولى، وأجاز الأعلم وابن عصفور رفع وصال بيدوم في قول الشاعر (1):
1205 -
.. وقلّما
…
وصال على طول الصّدود يدوم (2)
لا بفعل مضمر ويكون هذا من الضروريات (3)، وأجاز الأخفش رفع المقدم بعد إن، وأن يكون رفع [2/ 231] أحد
على فعل مضمر أقيس الوجهين (4)، قال: وقد زعموا أن قول الشاعر (5):
1206 -
أتجزع نفسي إن أتاها حمامها (6)
-
(1) نسب البيت في سيبويه (1/ 31)، (3/ 115) لعمر بن أبي ربيعة وقد نسبه الأعلم الشنتمري والبغدادي للمرار الفعقسي.
(2)
البيت من الطويل وهو في الكتاب (1/ 31)، (3/ 115)، وشرح أبياته للسيرافي (1/ 105)، والمقتضب (1/ 222)، والمنصف (1/ 191)، (2/ 69)، والمحتسب (1/ 96)، والأمالي الشجرية (2/ 139)، والإنصاف (1/ 144)، وابن يعيش (4/ 43)، (7/ 116)، (8/ 132)، (10/ 76)، والتذييل (2/ 1129، 1130)، وأصول النحو لابن السراج (2/ 243)، وشرح الجمل لابن عصفور (1/ 160)، والمغني (1/ 307)، وشرح شواهده للسيوطي (2/ 717)، والخزانة (4/ 287)، والتصريح (1/ 219)، والهمع (2/ 83)، والدرر (2/ 107، 240) وملحقات ديوان عمر بن أبي ربيعة (ص 494). وصدر البيت: صددت فأطولت الصدود.
والشاهد قوله: «وقلما وصال
…
يدوم»؛ حيث رفع وصال وهو فاعل «يدوم» مقدم عليه، والأصل:
وقلما يدوم وصال، وهذا على رأي الأعلم وابن عصفور اللذين جعلا ذلك من الضروريات، وقد أجاز الكوفيون ذلك مطلقا.
(3)
ينظر تحصيل عين الذهب بهامش الكتاب (1/ 12) طبعة الأميرية، وشرح الجمل لابن عصفور (1/ 160) طبعة العراق.
(4)
ينظر: معاني القرآن للأخفش (1/ 217).
(5)
نسب البيت في ذيل الأمالي لرجل من محارب، وفي شرح شواهد المغني لزيد بن رزبن بن الملوح المحاربي أخي بني بكر.
(6)
صدر بيت من الطويل وعجزه:
فهلّا الّتي عن بين جنبيك تدفع
والبيت في المحتسب (1/ 281)، والتذييل (2/ 1128)، وذيل الأمالي (ص 150)، والمغني (1/ 149)، وشرح شواهده للسيوطي (1/ 436)، وسمط اللآلئ (ص 49)، والتصريح (2/ 16)، والهمع (2/ 22)، والدرر (2/ 15)، ومعاني القرآن للأخفش (1/ 217).
ويروي البيت: -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا ينشد إلا رفعا وقد سقط الفعل على شيء من سببه، وهذا قد ابتدئ بعد «إن» ، وإن شئت جعلته رفعا بفعل مضمر هذا نصه (1)، وقد أشرت إلى هذا وغيره بقولي في آخر الفصل: خلافا لمن خالف. انتهى كلام المصنف (2).
والمخالف هم الكوفيون؛ لأنهم أجازوا كون الاسم المقدم على الفعل فاعلا لذلك الفعل المؤخر كما عرفت،
والأخفش؛ لأنه أجاز كون الاسم المرفوع الواقع بعد أدوات الشرط مبتدأ كما نقل المصنف وغيره عنه. واعلم أن الذي نسبه المصنف إلى الأعلم وابن عصفور في:
1207 -
.. وقلّما
…
وصال على طول الصّدود يدوم (3)
هو قول سيبويه؛ لأنه جعله من باب (4) الاستقامة والإحالة بقوله: كي زيد يأتيك (5)، ولا وجه لهذا إلا تقديم الفاعل على الفعل فكذلك هذا، ولما ذكر سيبويه الحروف التي لا يليها إلا الفعل وذكر قلّما قال: وقد يقدّمون الاسم في الشعر، قال:
1208 -
صددت فأطولت الصّدود وقلّما
…
وصال على طول الصّدود يدوم (6)
انتهى. وقلّما إذا لحقتها «ما» وكان معناها على النفي المحض لا على مقابلة كثر، اختصت بالفعل ولا يليها غيره إلا في الضرورة كما تقدم وهل هي حرف أو فعل، لهم في ذلك نظر، قالوا: والأظهر أنها فعل؛ لثبوت ذلك فيها قبل لحوق «ما» واستعمالها للنفي المحض لكنها لما استعملت استعمال ما لا يحتاج إلى فاعل لم يكن لها فاعل (7).
-
فهل أنت عمّا بين جنبيك تدفع
والشاهد قوله: «إن نفسي أتاها حمامها» ؛ حيث رفع «نفسي» بعد «إن» بالابتداء وهو مذهب الأخفش ويمكن أن تقدر فعلا موافقا في المعنى للفعل المفسر وتكون «نفسي» فاعلا به.
والتقدير: إن ماتت نفسي أتاها حمامها.
(1)
معاني القرآن للأخفش (1/ 217).
(2)
ينظر: شرح التسهيل (2/ 110).
(3)
تقدم ذكره.
(4)
زاد في (ب) بعد قوله: لأنه جعله من «المستقيم القبيح الذي في غير موضعه، وقد مثل سيبويه المستقيم القبيح في باب الاستقامة» .
(5)
ينظر: الكتاب (1/ 31).
(6)
الكتاب (3/ 115).
(7)
ينظر: شرح المفصل لابن يعيش (8/ 132).