الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مسألتان في ختام هذا الباب]
قال ابن مالك: (وفي كون هذا الباب مقيسا خلاف ولما بعد المفعول معه من خبر ما قبله أو حاله ما له متقدّما، وقد يعطى حكم ما بعد المعطوف خلافا لابن كيسان).
ــ
1673 -
هذا ردائي مطويّا وسربالا (1)
أن ينصب السربال بهذا مفعولا معه، وأجاز بعض النحويين أن يعمل في المفعول معه الظرف وحرف الجر (2)، (3).
قال ناظر الجيش: ختم المصنف الباب بذكر مسألتين:
الأولى:
هل يقتصر في مسائل هذا الباب على السماع أو لا؟
قال المصنف: وبعض النحويين يقتصر في مسائل هذا الباب على السماع (4).
والصحيح استعمال القياس فيها على الشروط المذكورة (5). انتهى.
ولابن عصفور في ذلك كلام وكذا لغيره (6) وهو لا يجدي طائلا، وهو مبني -
(1) تقدم ذكره.
(2)
الأول مذهب الأخفش والثاني مذهب الجرجاني. ينظر: الهمع (1/ 220)، والتصريح (1/ 344).
(3)
شرح التسهيل للمصنف (2/ 263).
(4)
اضطربت نقول النحاة في هذه المسألة ففي شرح المفصل (2/ 52)، والتسهيل للدماميني (ص 1699)، وشرح الرضي على الكافية (1/ 198) - أن القياس في هذا الباب هو مذهب الأخفش وأبي علي والسماع مذهب غيرهما. وفي الأشموني (2/ 141)، أن السماع مذهب الأخفش والقياس مذهب غيره.
وما جاء في الإيضاح للفارسي يؤيد ما ذهب إليه الأشموني.
يقول أبو علي الفارسي: «قال أبو الحسن: قوم من النحويين يقيسون هذا في كل شيء وقوم يقصرونه على ما سمع منه» . وقوى هذا القول الثاني» اه. الإيضاح العضدي (ص 217) تحقيق د/ حسن شاذلي فرهود.
(5)
شرح التسهيل للمصنف: (2/ 263).
(6)
ينظر: التذييل (3/ 484)، والارتشاف (2/ 292).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عند ابن عصفور على أن الواو في ذا الباب أصلها العطف (1)، ومن ثمّ منع القياس، وقد عرفت أن الحق خلاف ذلك، وبعد ففي قول المصنف: والصحيح استعمال القياس فيها على الشروط المذكورة كفاية.
المسألة الثانية:
قد عرفت أنك عند نصب ما بعد الواو على المعية قاصد إلى نسبة الحكم أو إيقاعه على الأول مصاحبا لما بعد الواو، فقد لا يشارك ما بعد الواو ما قبلها فيما نسب إليه أو واقع عليه، وقد لا يشاركه، لكن المتكلم لم يقصد بكلامه التشريك، بل أعرض عن ذلك وجرد القصد إلى المصاحبة فقط، وإذا كان الأمر كذلك وجب أن يقال: كان زيد وعمرا متقنا، فتفرد الخبر كحاله لو تقدم فقلت: كان زيد متقنا وعمرو، كذا يقال: جاء البرد والطيالسة شديدا فيفرد شديدا الذي هو الحال كحاله لو تقدم فقلت: جاء البرد شديدا والطيالسة (2)، وإلى ذلك أشار المصنف بقوله:
(ولما بعد المفعول معه من خبر ما قبله أو حاله ما له متقدما)، ثم أشار بقوله:(وقد يعطى ما بعد المعطوف) إلى
أنه قد يعطى الخبر والحال مع المفعول معه حكم ما بعد الاسم المعطوف عليه بالواو، فيطابق الخبر والحال الاسم والمفعول معه كما يطابق الاسم والمعطوف عليه فيقال: كان زيد وعمرا مذكورين، وجاء [2/ 516] زيد وعمرا ضاحكين (3).
قال المصنف: وأجاز الأخفش: كنت وزيدا مذكورين كما يقال مع العطف والإفراد أولى، كما يكون مع «مع» ، وهو عند ابن كيسان لازم (4) أعني مطابقة ما قبل الواو، ومما يدل على أن «مع» يكون ما بعدها بمنزلة المعطوف بالواو قول الشاعر: -
(1) ينظر: المقرب (1/ 158)، وشرح الجمل لابن عصفور (2/ 366).
(2)
ينظر: الهمع (1/ 222)، وشرح التسهيل للدماميني (ص 1699).
(3)
ينظر: الهمع (1/ 222)، وشرح التسهيل للدماميني (ص 1699).
(4)
ينظر: الارتشاف (2/ 293)، وشرح الكافية للرضي (1/ 168)، وشرح التسهيل للدماميني (ص 1698).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
1674 -
مشق الهواجر لحمهنّ مع السّرى
…
حتّى [3/ 26] ذهبن كلا كلا وصدورا (1)
أراد مزّقت الهواجر والسرى لحمهن، فأقام «مع» مقام الواو (2). انتهى.
ولم يظهر لي كون «مع» يكون ما بعدها بمنزلة المعطوف بالواو في هذا البيت إذ لا يمنع أن يكون الشاعر أراد: مزقت الهواجر لحمهن مصحوبة بالسرى أي مضمومة إليه، وكأن المصنف يقول: لا مصاحبة بينهما؛ لأن الهواجر تكون نهارا، والسرى يكون ليلا، والجواب: أن المصاحبة بينهما في التمزيق، وعلى هذا يكون الإفراد لازما كما هو رأي ابن كيسان، ولا يشكل على ذلك إلا قولهم: كنت أنا وزيدا كالأخوين إن ثبت أنه من كلام العرب وتقوم الحجة به على ابن كيسان، قال الشيخ: وإجراء مع مجرى الواو العاطفة فيراعى مجرورها مراعاة المعطوف فيه خلاف، أجاز الكسائي وهشام: عبد الله مع جاريته قاعدان، على أن «مع» محمولة على الواو والتقدير: عبد الله وجاريته قاعدان، ومنعه الفراء، وأجاز الكسائي وأصحابه: اختصم زيد مع عمرو بمعنى اختصم زيد وعمرو، ولم يجزه الفراء أيضا، قال: والمختار هو مذهب الفراء (3)، قال: ويجوز الفصل بين الواو العاطفة وبين معطوفها بالظرف فتقول: قام زيد واليوم عمرو، ولا يجوز ذلك في الواو التي بمعنى «مع» لا بظرف ولا بغيره؛ لأنها صارت بمنزلة «مع» و «مع» لا يفصل بينها وبين مجرورها (4).
الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على سيدنا محمد سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، وحسبنا الله ونعم الوكيل. -
(1) البيت من الكامل وهو لجرير من قصيدة يهجو بها الأخطل وهو في الكتاب: (1/ 162)، والتذييل (3/ 487)، والغرة لابن الدهان (2/ 90)، والبحر المحيط (7/ 301)، والعيني (3/ 144)، واللسان «كلكل» .
اللغة: مشق: من المشق وهو السرعة في الطعن والضرب. الهواجر: جمع هاجرة وهي وقت اشتداد الحر في وقت الظهيرة. السرى: السير ليلا. الكلاكل: الصدور والمراد بها هنا أعلاها.
والشاهد فيه: وقوع «مع» موقع واو العطف.
(2)
شرح التسهيل للمصنف (2/ 263).
(3)
في: التذييل (3/ 488)، (والذي نختاره مذهب الكسائي).
(4)
التذييل (3/ 488).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وكان الفراغ من تعليقه يوم الأربعاء قبل الظهر ثامن عشر جمادى الآخرة سنة أربع وسبعين (وسبعمائة)(1)، أحسن الله نقصها وبقية العمر في عز وعافية، بالمدرسة المنصورية على يد كاتبه محمد بن محمد بن محمد الباهي الحنبلي، والمؤمل من ربه الرضا مع العافية من غير سخط أبدا ولوالديه ومشايخه وإخوانه في الله وجميع المسلمين؛ إنه ذو الفضل المزيد وهو الولي الحميد (يتلوه باب المستثنى).
* * *
(1) في (أ): (وستمائة) وهو خطأ لأن هذا التاريخ قبل مولد ناظر الجيش.