المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مواضع ترجيح النصب في المشغول عنه] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٤

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثامن عشر باب الفاعل

- ‌[تعريفه]

- ‌[من أحكام الفاعل: الرفع وتقديم الفعل]

- ‌[من أحكام الفاعل: تأنيث الفعل وجوبا وجوازا]

- ‌[من أحكام الفاعل: ألا تلحقه علامة تثنية أو جمع]

- ‌[من أحكام الفاعل: جواز حذف الفعل]

- ‌الباب التاسع عشر باب النّائب عن الفاعل

- ‌[أغراض حذف الفاعل - ما ينوب عنه]

- ‌[جواز نيابة غير المفعول مع وجود المفعول]

- ‌[جواز نيابة أي المفعولين]

- ‌[بعض المنصوبات لا تجوز إنابتها]

- ‌[التغييرات التي تحدث في الفعل عند بنائه للمجهول]

- ‌[أحكام تأخير المفعول عن الفاعل وتقديمه عليه]

- ‌الباب العشرون باب اشتغال العامل عن الاسم السّابق بضميره أو ملابسه

- ‌[مواضع نصب المشغول عنه وجوبا]

- ‌[مواضع ترجيح النصب في المشغول عنه]

- ‌[جواز الرفع والنصب على السواء في المشغول عنه]

- ‌[مسألتان اختلف فيهما النحاة أيهما أرجح]

- ‌[ترجح رفع الاسم على الابتداء]

- ‌[أنواع ملابسة الضمير للمشغول عنه]

- ‌[مسألة يترجح فيها الرفع]

- ‌[رفع الاسم المشغول عنه وأحكامه في ذلك]

- ‌[مسألة أخيرة في باب الاشتغال]

- ‌الباب الحادي والعشرون باب تعدي الفعل ولزومه

- ‌[تقسيم الفعل إلى متعدّ ولازم - إجراء اللازم مجرى المتعدي]

- ‌[نوعا المتعدي: متعد إلى واحد - متعد إلى اثنين]

- ‌[مسائل تأخير المفعول وجوبا وتقديمه وجوبا وجواز الأمرين]

- ‌[حذف العامل الناصب للمفعول به جوازا ووجوبا]

- ‌[مواضع حذف المفعول ومواضع ذكره]

- ‌[تعدي الفعل بالهمزة والتضعيف]

- ‌الباب الثاني والعشرون باب تنازع العالمين فصاعدا معمولا واحدا

- ‌[تعريف التنازع - العامل في المتنازع فيه]

- ‌[خلاف البصريين والكوفيين في العامل]

- ‌[حكم ضمير المتنازع فيه من الإظهار أو الحذف]

- ‌[مسائل أربع في باب التنازع ختم بها الباب]

- ‌الباب الثالث والعشرون باب الواقع مفعولا مطلقا من مصدر وما يجري مجراه

- ‌[تعريف المصدر - وأسماؤه وأصالته]

- ‌[المفعول المطلق: ناصبه - أنواعه - ما ينوب عنه]

- ‌[حذف عامل المفعول المطلق - جوازا ووجوبا - ومواضع ذلك]

- ‌[أحكام للمفعول المطلق المحذوف عامله وجوبا]

- ‌الباب الرابع والعشرون باب المفعول له

- ‌[تعريفه - ناصبه - أنواعه - وحكم كل نوع]

- ‌الباب الخامس والعشرون باب المفعول المسمّى ظرفا ومفعولا فيه

- ‌[تعريف الظرف - نوعاه]

- ‌[تقسيم ظرف الزمان إلى متصرف وغير متصرف]

- ‌[تقسيمات مختلفة لظرف الزمان وأمثلة لكلّ]

- ‌[حكم الظرف الواقع في جواب كم أو متى بالنسبة لحصول الفعل]

- ‌[أحكام إذ حين تجيء ظرفا وغير ظرف]

- ‌[أحكام إذا حين تجيء ظرفا وغير ظرف]

- ‌[أحكام مذ ومنذ حين تجيئان ظرفا وغير ظرف]

- ‌[أحكام الآن وبناؤه وإعرابه]

- ‌[أحكام قط وعوض]

- ‌[أحكام أمس من بنائه وإعرابه]

- ‌[الصالح للظرفية المكانية من أسماء الأمكنة]

- ‌[أحكام بعض الظروف المكانية مثل أسماء الجهات وحيث ولدن]

- ‌[التوسع في الظرف المتصرف]

- ‌الباب السادس والعشرون باب المفعول معه

- ‌[تعريفه وشرح التعريف]

- ‌[ناصب المفعول معه والآراء في ذلك]

- ‌[واو المفعول معه وحديث عنها]

- ‌[المفعول معه وحكم تقديمه]

- ‌[أقسام خمسة لما بعد الواو وحكم كل قسم]

- ‌[تعقيب على أقسام المفعول معه السابقة]

- ‌[أمثلة مختلفة في هذا الباب وما يجوز فيها]

- ‌[مسألتان في ختام هذا الباب]

الفصل: ‌[مواضع ترجيح النصب في المشغول عنه]

[مواضع ترجيح النصب في المشغول عنه]

قال ابن مالك: (ويرجّح نصبه على رفعه بالابتداء إن أجيب به استفهام بمفعول ما يليه، أو بمضاف إليه مفعول ما يليه، أو وليه فعل أمر أو نهي أو دعاء، أو ولي هو همزة استفهام، أو حرف نفي لا يختصّ أو «حيث» [2/ 282] أو عاطفا على جملة فعليّة تحقيقا أو تشبيها، أو كان الرّفع يوهم وصفا مخلّا).

ــ

من كلام العرب: «فإذا هو إياها» (1)، وفي الحديث:«من خرج إلى الصّلاة لا تنهزه إلّا إيّاها» (2)، وهذان التخريجان للسهيلي (3).

وقيل: إنه مرفوع بإضمار فعل يفسره المعنى ولا يكون من باب الاشتغال، التقدير: فإن ضللت لم ينفعك علمك، فأضمر «ضللت» لفهم المعنى، وبرز الضمير لما استتر الفعل، وهذا التخريج هو الذي ذكره ابن عصفور (4)،

واعلم أن الذي ذكره المصنف أسهل من هذا الذي ذكروه فالقول به أولى؛ إذ لا مانع منه، ثم إنه يتمشى مع الأبيات الثلاثة التي ذكرها ولا يحتاج فيها إلى تكلف.

قال ناظر الجيش: لما انقضى الكلام على تبيين موانع نصب الاسم وتبيين موجبات نصبه؛ شرع في تبيين مرجحات نصبه على رفعه بالابتداء، والأسباب المرجحة التي ذكرها سبعة (5): -

(1) هذه هي المسألة الزنبورية وهذا هو الوجه الذي أنكره سيبويه في هذه المسألة لما سأله الكسائي عنها في المناظرة التي جرت بينهما وسوف يتحدث عنها الشارح في الأبواب القادمة بالتفصيل. انظر هذه المسألة في: المغني (1/ 88)، وأمالي الزجاجي (ص 239، 240).

(2)

حديث شريف أخرجه الترمذي في باب ما ذكر في فضل المشي إلى الصلاة (2/ 499)، وتتمة الحديث:«إذا توضّأ الرّجل فأحسن الوضوء ثمّ خرج إلى الصّلاة لا يخرجه - أو قال: لا ينهزه - إلّا إيّاها لم يخط خطوة إلّا رفعه الله بها درجة أو حطّ عنه بها خطيئة» .

(3)

ينظر: أمالي السهيلي (ص 43) فقد ذكر بيت لبيد وأشار فيه إلى الوجه الثاني فقط؛ حيث قال:

«فأوقعها موقع المنصوب» ، كما ذكر الحديث ثم قال:«فأوقع «إياها» موقع المرفوع» اه.

(4)

ينظر: شرح الجمل لابن عصفور (1/ 373، 374)، والتذييل (3/ 20)، وشرح التسهيل للمرادي (1/ 547، 548).

(5)

شرح التسهيل لابن مالك (2/ 143).

ص: 1679

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأوّل: أن يجاب به استفهام بمفعول ما يليه، أو بمضاف إليه مفعول ما يليه؛ فالأول كقولك: زيدا ضربته؛ في جواب من قال: أيّهم ضربت؟، أو: من ضربت؟، والثاني: كقولك: ثوب زيد لبسته؛ في جواب من قال: ثوب أيّهم لبست؟ (1)، فلو كان الاسم المستفهم غير مفعول نحو: أيّهم ضربته؟ فالجواب: زيد ضربته؛ بالرفع عند سبيويه، ولا يجيز النصب إلا على حد: زيدا ضربته؛ غير جواب (2)، ونقل الشيخ:

أن الأخفش يجوز النصب على حد ما يجوز في العطف في الجملة ذات الوجهين (3).

واعلم أنهم أجروا ما ليس جوابا لاسم استفهام مجرى ما هو جواب له، فإذا قيل: هل رأيت زيدا؟ قيل: لا، ولكن عبد الله لقيته؛ قالوا: فهذا في حكم الجواب، وإن لم يكن هو المسئول عنه؛ لكنه لما كان جوابا في الجملة جرى مجرى الأول، وكذا لو عطفت فقلت: لا، بل عمرو لقيته، أو نعم، عمرا لقيته (4).

ولم يظهر لي تقييد قوله: استفهام بمفعول، بقوله: ما يليه، ولا عرفت ما فائدته، ولا عن أي شيء احترز به، ويظهر أنه لو اقتصر على قوله: استفهام بمفعول كان كافيا، فإن ذلك يخرج الاستفهام بغير مفعول، كالاستفهام بمبتدأ كما تقدم.

الثاني: أن يلي الاسم السابق فعل ذو طلب، وهو فعل: أمر، أو نهي، أو دعاء؛ كقولك: زيدا ذره، وعمرا لا تقربه، وذنوبنا اللهمّ اغفرها، وكذا إذا كان الأمر لغير مخاطب نحو: زيدا ليضربه عمرو، فإن لام الأمر ليست من حروف الصدر، فجائز لما بعدها أن يفسر عاملا فيما قبلها، ولو كان الأمر بصيغة الخبر كان الحكم كذلك نحو: الأولاد يرضعهن الوالدات، وكذا: زيدا رحمه الله، وزيدا يعذبه الله (5).

وأما قوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا (6)، وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا (7)؛ -

(1) ينظر: شرح الألفية للمرادي (2/ 43).

(2)

ينظر: الكتاب (1/ 93).

(3)

ينظر: التذييل (3/ 22) وقد رد ابن عصفور ما جوزه الأخفش في هذه المسألة فقال: «وهذا الذي ذهب إليه أبو الحسن ليس بشيء؛ لأن القياس يرد عليه؛ لأن الاستفهام لا يتقدمه أداة تشبه الجزاء كما كان كذلك في: أزيدا ضربته؟» اه. شرح الجمل (1/ 369).

(4)

ينظر: التصريح (1/ 303) ففيه تفصيل لهذه المسألة.

(5)

ينظر: شرح الجمل لابن عصفور (1/ 364)، والتوطئة (ص 183، 184)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 92) وأوضح المسالك (1/ 150)، وابن يعيش (2/ 37).

(6)

سورة النور: 2.

(7)

سورة المائدة: 38.

ص: 1680

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فقد عرفت مذهب سيبويه والمبرد في الآيتين الشريفتين ما هو (1)، وابن السيد حكم بأن نحو ذلك من باب الاشتغال، وأجاب عن عدم النصب بأن المبتدأ في الآيتين الشريفتين المراد به العموم، وحاصل كلامه أنه يفرق في الاسم الواقع بعده فعل ذو طلب بين أن يكون مقصودا به الخصوص، فيختار فيه النصب أو مقصودا به العموم فيختار فيه الرفع، وعلل ذلك بأن الذي يراد به العموم يشبه الشرط في العموم [2/ 283] والإبهام (2).

وليعلم أن الاسم الذي في معنى فعل الأمر (3) حكمه حكم الفعل نحو: زيدا ضربا إيّاه (4)، وهذا الحكم يستفاد من قول المصنف في ابتداء الباب:(إذا انتصب ضمير اسم بجائز العمل فيما قبله) فمن هنا يعلم أنه لا فرق بين الفعل والاسم إذا وجد الوصف الذي ذكره.

الثالث: أن يلي الاسم السابق همزة استفهام نحو: أزيدا ضربته؟، وخصصت الهمزة بذكرها مع مرجحات النصب؛ لأن غيرها من أدوات الاستفهام من موجبات النصب كما عرفت، واستفيد من قول المصنف: (أو ولي هو همزة

استفهام) أنه إذا لم يل الهمزة بأن يكون بينهما فاصل فلا يختار الرفع؛ لأن الهمزة مع الفاصل لا أثر لها إلا أن يكون الفاصل ظرفا نحو: أكلّ يوم عمرا تكرمه؟؛ لأن الظرف لا يعد فاصلا بالحقيقة، وسواء أكان الاستفهام عن الفعل أم عن الاسم نحو: أزيدا ضربته؟ ونحو: زيدا ضربته أم عمرا (5)، وقال ابن الطراوة: إن كان الاستفهام عن الفعل؛ اختير الرفع (6)، وقد -

(1) سبق شرحه.

(2)

ينظر: إصلاح الخلل الواقع في الجمل لابن السيد (ص 131) تحقيق د/ حمزة النشرتي، وعبارة ابن السيد فيه هي:«قسم يختار فيه الرفع وهو كل أمر يراد به العموم كقوله تعالى: وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما، وقوله: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما؛ فهذا القسم يختار فيه الرفع؛ لشبهه بالشرط لما دخله من العموم والإبهام» . اه.

وينظر: شرح الجمل لابن بابشاذ (1/ 93، 94) تحقيق د/ مصطفى إمام.

(3)

المقصود به المصدر الموضوع موضع الأمر، ومثال الشارح هنا يوضح ذلك.

(4)

ينظر: شرح الجمل لابن عصفور (1/ 364)، والمقرب (1/ 88).

(5)

ينظر: التصريح (1/ 300)، وشرح ابن عقيل (1/ 176)، والأشموني (2/ 78).

(6)

ينظر رأي ابن الطراوة في: شرح الصفار للكتاب ق (108 / أ)، والتذييل (3/ 26)، والتصريح (1/ 300)، والأشموني (2/ 78).

ص: 1681

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

استشهد بقول الشاعر (1):

1302 -

أثعلبة الفوارس أم رياحا

عدلت بهم طهيّة والخشابا (2)

وزعم ابن الطراوة أن سيبويه أخطأ (3)، قلت: وهذه مكابرة منه لسيبويه.

ومن كلام العرب: أزيدا ضربت أم عمرا؟ بالنصب وهو سؤال عن الاسم وفي شرح الشيخ: وينبغي أن يقدر الفعل متأخرا عن الاسم، فيقدر في نحو: أزيدا ضربته أم عمرا؟ أزيدا ضربت ضربته أم عمرا؟ (4).

الرابع: أن يلي الاسم السابق حرف نفي لا يختص نحو: ما عمرا أهنته، ونحو:

لا زيدا قتلته ولا عمرا (5).

قال المصنف: وقيل: حرف نفي؛ احترازا من النفي بليس؛ فإنها فعل، وإذا وليها الاسم السابق كان اسمها فيتعين رفعه نحو: ليس زيد أبغضه، وقيد حرف النفي بكونه لا يختص؛ احترازا من «لن» و «لم» و «لمّا» الجازمة؛ لأن الاسم

لا يلي واحدا منها إلا في ضرورة، وحكمه حينئذ أن يضمر له على سبيل الوجوب فعل يفسره المشغول كما قال الشاعر:

1303 -

ظننت فقيرا ذا غنى ثمّ نلته

فلم ذا رجاء ألقه غير واهب (6)

-

(1) هو جرير والبيت من قصيدة له يهجو فيها الفرزدق وأولها:

أقلّي اللوم عاذل والعتابا

وقولي إن أصبت لقد أصابا

(2)

البيت من الوافر وهو في: الكتاب (1/ 102)، (3/ 183)، وأمالي الشجري (1/ 331)، (2/ 317)، والتذييل (3/ 26)، والغرة المخفية (ص 398)، والبحر المحيط (1/ 438)، (8/ 140)، والعيني (2/ 533)، والتصريح (1/ 300)، والأشموني (2/ 78)، وديوانه (ص 66)، واللسان (خشب).

والشاهد قوله: «أثعلبة» ؛ حيث نصب الاسم الواقع بعد همزة الاستفهام وهو «ثعلبة» مع أن الاستفهام عن الاسم.

(3)

خطّأ الصفار ابن الطراوة في رأيه هذا فقال: «وأما ابن الطراوة فتصفح الأماكن التي يكون فيها الاستفهام عن الفعل، فاختار إضمار الفعل، فإذا قلت: أزيد قام؟ فالسؤال هنا عن الفعل وهو القيام لا عن القائم، وإذا قلت: أزيد قام أم عمرو؟ فالسؤال هنا عن الاسم؛ فلا يرتفع على الفعل، بل على الابتداء، وهذا الذي قال باطل، فإن سيبويه رحمه الله زعم أن قول جرير: «أثعلبة الفوارس» على الفعل وهو الكلام الصحيح، فهذا الذي قاله ليس بشيء». اه. شرح الصفار للكتاب (ق 108 ب. خ).

(4)

التذييل (3/ 27).

(5)

ينظر: شرح الألفية للمرادي (2/ 42)، وشرح المكودي (ص 82).

(6)

البيت من الطويل لم أهتد إليه ولم أر أحدا نسبه إلى شاعر، وهو في: شرح التسهيل للمصنف (2/ 142)، والتذييل (3/ 27)، وشرح التسهيل للمرادي (1/ 552)، وتعليق الفرائد للدماميني (1385)، -

ص: 1682

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أراد: فلم ألقه ذا رجاء ألقه غير واهب (1). انتهى.

قال الشيخ: ما ذكره المصنف من أنه إذا ولي المشتغل عنه حرف نفي لا يختص يختار فيه النصب، كحاله إذا ولي همزة الاستفهام مخالف لظاهر كلام سيبويه، فإن سيبويه لما ذكر النصب فيه قال بعد ذلك: وإن شئت رفعت، والرفع فيه أقوى؛ إذ كان يكون في ألف الاستفهام؛ لأنهن نفي واجب، يبتدأ بعدهن، ويبنى على المبتدأ [2/ 284] بعدهن، ولم يبلغن أن يكن مثل ما شبهن به (2). وأطال الكلام في المسألة ثم قال: فصار في المسألة ثلاثة مذاهب: استواء الرفع والنصب، وأرجحية الرفع، وأرجحية النصب (3).

والحاصل: أنه ذكر عن النحاة نقولا مضطربة، والذي يظهر أن النصب أقوى من الرفع (4)، قال ابن عصفور: وهو مذهب الجمهور (5)، قلت: ولا يلزم من قول سيبويه: والرفع فيه أقوى؛ أنه أقوى من النصب، بل يمكن أن يريد أن الرفع فيه أقوى منه في الاستفهام مع كون النصب راجحا عليه.

الخامس: أن يلي الاسم السابق «حيث» كقولك: حيث زيدا تلقاه يكرمك، وعلّل ذلك بأن «حيث» في معنى حروف المجازاة؛ فكان النصب أرجح (6).

السادس: أن يلي الاسم السابق حرف عطف قبله جملة فعلية، متعديا كان فعلها أو غير متعد؛ فالمتعدي نحو: لقيت زيدا وعمرا كلمته، وغير المتعدي نحو: جاء سعد وسعيدا زرته، فنصب «عمرو» و «سعيد» راجح على رفعهما؛ لأنك في نصبهما عاطف جملة فعلية على جملة فعلية، وأنت في رفعهما عاطف جملة ابتدائية على جملة فعلية، والمشاركة في عطف الجمل راجحة (7)؛ قال الله تعالى: -

- ومغني اللبيب (1/ 278)، وشرح شواهده للسيوطي (2/ 679).

والشاهد قوله: «فلم ذا رجاء ألقه» ؛ حيث ولي الاسم «لم» الجازمة للضرورة، ويرى ابن مالك أنه يجب حينئذ أن يضمر فعل يفسره المشغول كما بين في البيت.

(1)

شرح التسهيل للمصنف (2/ 142) تحقيق د/ عبد الرحمن السيد ود/ المختون.

(2)

الكتاب (1/ 146).

(3)

التذييل (3/ 27، 28).

(4)

رأي ناظر الجيش هنا موافق لما قاله الشلوبين في التوطئة (ص 183، 184)؛ فهو يرى أن النصب في هذه المسألة أولى.

(5)

ينظر: شرح الجمل لابن عصفور (1/ 368)، والمقرب (1/ 88) بالمعنى.

(6)

ينظر: حاشية الخضري على شرح ابن عقيل (1/ 176)، والبهجة المرضية (ص 53).

(7)

ينظر: شرح الرضي على الكافية (1/ 172).

ص: 1683

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً (36) وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ (1)، وقال تعالى: فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ (2) التقدير: وأغرقنا قوم نوح وأضل فريقا، ومنه قول الربيع (3):

1304 -

أصبحت لا أملك السّلاح ولا

أملك رأس البعير إن نفرا

والذئب أخشاه إن مررت به

وحدي وأخشى الرّياح والمطرا (4)

وقول الآخر وهو امرؤ القيس:

1305 -

وأضحى يسحّ الماء من كلّ فيقة

يكبّ على الأذقان دوح الكنهبل

وتيماء لم يترك بها جذع نخلة

ولا أطما إلّا مشيدا بجندل (5)

فـ «تيماء» كالذئب في قول الربيع غير أن المقدر في لفظ الربيع لفظ المفسر، والمقدر في قول امرئ القيس من معناه أي: «خرب تيماء؛ لأنه إذا لم يترك بها جذع نخلة ولا أطما فقد خربها وهدمها.

قال المصنف: وليس الغرض في ترجيح نصب ما بعد العاطف إلا تعادل اللفظ ظاهرا، ولولا ذلك لم يرجح بعد «حتى» ؛ لأنها لا يعطف بها جملة بل مفرد على كل، فإذا قلت: ضربت القوم حتى زيدا ضربت أخاه؛ فـ «حتى» حرف ابتداء، ولكن لما وليها في اللفظ بعض ما قبلها أشبهت العاطف فأعطي تاليها ما يعطى تالي -

(1) سورة الفرقان: 36، 37.

(2)

سورة الأعراف: 30.

(3)

هو الربيع بن ضبع الفزاري، من المعمرين؛ فقيل: إنه نيّف على مائتي عام. ينظر: جمهرة أنساب العرب (ص 255).

(4)

البيتان من المنسرح وهما في: الكتاب (1/ 89، 90)، ونوادر أبي زيد (ص 446)، وجمل الزجاجي (ص 52)، والحلل في شرح أبيات الجمل لابن السيد (ص 37، 42)، وابن يعيش (7/ 105) البيت الأول فقط، والتصريح (2/ 36)، والعيني (3/ 397)، والهمع (2/ 50)، والدرر (2/ 60) البيت الثاني فقط.

والشاهد قوله: «والذئب أخشاه» ؛ حيث نصب «الذئب» بفعل مقدر يماثل الفعل المفسر، والتقدير:

أخشى الذئب.

(5)

البيتان من الطويل وهما في: التذييل (3/ 29)، والبيت الأول في المنصف (3/ 20)، وديوان امرئ القيس (ص 24، 25).

اللغة: الفيقة: ما بين الحلبتين. الكنهبل: ما عظم من شجر العضاة. الدوحة: الكثير الورق والأغصان.

تيماء: موضع. أطم: البيت المسطح.

والشاهد في قوله: «وتيماء» كالذي قبله. غير أن الفعل المقدر هنا من معنى الفعل المفسر وليس من لفظه.

ص: 1684

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الواو» فإن قلت: ضربتهم حتى زيدا ضربته، فالأجود أن ينتصب «زيدا» بمقتضى العطف، ويجعل «ضربته» توكيدا (1)، فلو قلت: ضربت زيدا حتى عمرو ضربته؛ تعين رفع [2/ 285]«عمرو» ، لزوال شبه حتى الابتدائية بالعاطفة؛ إذ لا تقع العاطفة إلا بين كل وبعض .. (2). انتهى.

وهذا الذي قرره في مسألة «حتى» هو المراد بقوله: «أو تشبيها» بعد قوله:

«أو عاطفا على جملة فعلية تحقيقا» وقد ذكر سيبويه «حتى ولكن وبل» فقال:

ومما يختار فيه النصب قوله: ما لقيت زيدا ولكن عمرا مررت به، وما رأيت زيدا بل خالدا لقيت أباه؛ تجريه على قولك: لقيت زيدا وعمرا لم ألقه (3).

وقال أيضا: ومما يختار فيه النصب لنصب الأول ويكون الحرف الذي بين الأول والآخر بمنزلة الواو، والفاء، وثم، قولك: قد لقيت القوم كلهم حتى عبد الله لقيته، وضربت القوم حتى زيدا ضربت أباه، وأتيت القوم أجمعين حتى زيدا مررت به، ومررت بالقوم حتى زيدا مررت به.

وإنما اختير النصب؛ لأنها حروف تشبه العاطفة من حيث إنها لا تكون إلا بعد كلام ولا تبتدأ أصلا، ولأنها أيضا يعطف بها في المفردات، فاختيرت المشاكلة لذلك، كما اختير في حروف العطف (4). انتهى.

ومن ثم قال الشيخ: كأن المصنف قصد بذكر «حتى» التمثيل لا الحصر - يعني في «حتى» - لكنه نازع المصنف في قوله: فالأجود أن ينتصب «زيدا» بمقتضى العطف، ويجعل «ضربته» توكيدا، يعني في قولك: ضربت القوم حتى زيدا ضربته، قال: لأن التأسيس أولى من التأكيد (5)، وما قاله في هذا المثال غير ظاهر، فإن التأسيس إنما يكون أولى إذا دار الحال بين الأمرين وهاهنا ليس كذلك، فإنك إذا نصبت زيدا بمقتضى العطف على القوم حصل التأسيس، ثم إذا أكد قوي أمره، ولا شك أن الجمع بين تأسيس وتأكيد أولى من تأسيس دون توكيد، ونازعه أيضا في قوله: فلو قلت: ضربت زيدا حتى عمرو ضربته، تعين رفع «عمرو» ؛ لزوال شبه -

(1) ينظر: شرح الكافية للرضي (1/ 171).

(2)

شرح التسهيل للمصنف (2/ 142).

(3)

الكتاب (1/ 90).

(4)

الكتاب (1/ 96).

(5)

التذييل (3/ 31).

ص: 1685

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حتى الابتدائية بالعاطفة؛ إذ لا تقع العاطفة إلا بين كل وبعض؛ فقال: لم يتعرض سيبويه ولا غيره لهذا الشرط الذي شرطه المصنف في «حتى» هذه من أنه لا يحمل الاسم بعدها على إضمار فعل على سبيل الاشتغال «حتى» يكون فيها شرط حتى العاطفة من أن ما بعدها يكون خبرا مما قبلها (1). انتهى.

ولا شك أن الذي قاله المصنف هو الذي تقتضيه القواعد، وتمثيل سيبويه يدل على ذلك؛ فإنه لم يمثل في مسألة الاشتغال فيما بعد «حتى» إلا بما المذكور بعدها فيه جزء ممّا قبلها كما رأيت.

السابع: أن يكون نصب الاسم السابق مخلصا من إيهام غير الصواب، والرفع بخلاف ذلك (2)، كقوله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (3) فإن نصب كل شيء يرفع توهم كون (خلقنه) صفة لـ (شئ)؛ إذ لو كان صفة له لم يفسر ناصبا لما لقبله [2/ 286] وإذا لم يكن صفة كان خبرا، فلزم عموم خلق الأشياء بقدر خيرا كان أو شرّا وهو قول أهل السنة، ولو قرئ بالرفع احتمل أن يكون (خلقنه) صفة مخصصة وأن يكون خبرا، فكان النصب لرفعه احتمال غير الصواب راجحا (4)، قال الشيخ: ما ذكره المصنف من ترجيح النصب بالسبب الذي ذكره هو قول أكثر النحويين، وأما سيبويه فإنه ذكر أن الرفع أقوى في نحو: إني زيد لقيته وأنا عمرو ضربته، وليئنني عبد الله مررت به، ثم قال بعد: وأما قول الله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ فإنما جاء على قولك: زيدا ضربته، وهو عربي كثير، وقد قرأ بعضهم: وأما ثمود فهدينهم (5) إلا أن القراءة لا تخالف؛ لأنها السنة (6).

قال: فليس في كلام سيبويه إشارة إلى ترجيح النصب، وإنما خرج ذلك على «زيدا ضربته» قال: وظاهر كلام سيبويه والمصنف أن الآية الشريفة لم تقرأ إلا بالنصب وليس كذلك؛ بل قرئ بالرفع على الابتداء (7)، وقول سيبويه في نصب «زيدا ضربته»: وهو -

(1) التذييل (3/ 32).

(2)

ينظر: شرح الكافية للرضي (1/ 172).

(3)

سورة القمر: 49.

(4)

ينظر: التصريح (1/ 302)، والهمع (2/ 113)، وانظر نصه في: شرح التسهيل لابن مالك (2/ 142).

(5)

سورة فصلت: 17.

(6)

الكتاب (1/ 148).

(7)

يرى ابن جني في المحتسب (2/ 300) ما يراه أبو حيان في هذه الآية؛ حيث قال: قال أبو الفتح: الرفع -

ص: 1686