الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[من أحكام الفاعل: تأنيث الفعل وجوبا وجوازا]
قال ابن مالك: (ويلحق الماضي المسند إلى مؤنّث أو مؤوّل به أو مخبر به عنه أو مضاف إليه مقدّر الحذف تاء ساكنة، ولا تحذف غالبا إن كان ضميرا متّصلا مطلقا، أو ظاهرا متّصلا حقيقيّ التّأنيث غير مكسّر ولا اسم جمع ولا جنس، ولحاقها مع الحقيقيّ المقيّد المفصول بغير «إلّا» أجود، وإن فصل بها فبالعكس. وحكمها مع جمع التّكسير وشبهه، وجمع المذكّر بالألف والتّاء، حكمها مع الواحد المجازيّ التّأنيث، وحكمها مع جمع التّصحيح غير المذكور آنفا حكمها مع واحده، وحكمها مع البنين والبنات حكمها مع الأبناء والإماء، ويساويها في اللّزوم وعدمه تاء مضارع الغائبة ونون التّأنيث الحرفيّة).
قال ناظر الجيش: قال المصنف (1): تاء التأنيث الساكنة مختصة من الأفعال بالماضي وضعا (2)؛ لأن الأمر مستغن بالياء والمضارع مستغن بها إن أسند إلى مخاطبة (3)، وبتاء المضارعة إن أسند إلى غائبة أو غائبين وكان حق تاء فعلت أن لا تلحق الفعل؛ لأن معناها للفاعل إلا أنه كجزء من الفاعل فجاز أن تدل على معنى فيه ما اتصل بما هو كجزء منه كما جاز أن يتصل بالفاعل [2/ 232] علامة رفع الفعل في يفعلان ويفعلون وتفعلين (4)؛ ولأن تأنيث لفظ الفاعل غير موثوق به، لجواز اشتراك المؤنث والمذكر في لفظ واحد كجنب، وربعة، وهمزة، وضحكة، وفروقة وراوية، وصبور، ومذكار، وقتيل؛ ولأن المذكر قد يسمى به مؤنث وبالعكس (5)، فاحتاطت العرب في الدلالة على تأنيث الفاعل بوصل الفعل بالتاء المذكورة؛ ليعلم -
(1) انظر: شرح التسهيل لابن مالك (2/ 110).
(2)
ينظر: شرح الألفية للمرادي (1/ 40)، وحاشية يس على التصريح (1/ 40)، وشرح ابن عقيل (1/ 25).
(3)
ينظر: البهجة المرضية للسيوطي (ص 47)، والهمع (2/ 170).
(4)
ينظر: شرح الألفية لابن الناظم (ص 85)، وسر صناعة الإعراب لابن جني (1/ 224، 225).
(5)
في المذكر والمؤنث للفراء (ص 118): «وقد ينعت العرب الرجل والمرأة فقالوا: رجل ربعة، وامراة ربعة، ورجل ملّة وامرأة ملّة للملول، ويقال: رجل ملولة، وامرأة ملولة، ورجل نظورة قومه، ونظيرة قومه، وكذلك المرأة، ورجل صرورة للذي لم يحج وامرأة صرورة، ورجل فروقة وفرّقة وفاروقة، والمرأة كذلك، ورجل هذرة، وامرأة هذرة، ورجل همزة لمزة، والمرأة كذلك إلخ» . اه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
من أول وهلة أن الفاعل أو ما جرى مجراه مؤنث، كقولك: ظهرت الجنب وكانت الربعة حائضا وثبتت الهمزة وجعلوا لحاقها في اللغة المشهورة لازما إن كان المسند إليه ضميرا متصلا حقيقي التأنيث أو مجازيّه كهند قامت، والدار حسنت، أو كان ظاهرا متصلا حقيقي التأنيث مفردا أو مثنى أو مجموعا جمع تصحيح، كقامت هند، وقعدت
بنتاها، وذهبت عماتها (1).
وأشرت بقولي: (أو مؤول به) إلى نحو أتته كتابي؛ على تأويل كتاب بصحيفة (2)، وأشرت بـ (مخبر عنه) إلى نحو قول الشاعر (3):
1209 -
ألم يك غدرا ما فعلتم بشمعل
…
وقد خاب من كانت سريرته الغدر (4)
فوصل كان بالتاء وهي مسندة إلى الغدر؛ لأن الخبر مؤنث فسري منه التأنيث إلى المخبر عنه؛ لأن كلّا منهما عبارة عن الآخر، ومثله قراءة نافع وأبي عمرو وأبي بكر (5) ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا (6) فألحقت تاء التأنيث بالفعل وهو مسند إلى القول؛ لأن الخبر مؤنث. وأشرت بـ (مضاف إليه مقدر الحذف) - إلى نحو قول الشاعر:
1210 -
مشين كما اهتزّت رماح تسفّهت
…
أعاليها مرّ الرّياح النّواسم (7)
فألحق التاء بتسفهت وهو مسند إلى «مر» لإضافته إلى مؤنث مع استقامة الكلام -
(1) ينظر: شرح الألفية لابن الناظم (ص 85)، وشرح الألفية للمرادي (2/ 9)، وشرح المكودي (ص 72)، وشرح الأشموني (2/ 51)، وأوضح المسالك (1/ 135).
(2)
ينظر: الخصائص (1/ 149)، (2/ 416).
(3)
هو أعش تغلب ويسمى يحيى بن معاوية من بني تغلب، شاعر أموي مشهور، توفي سنة (92 هـ).
ينظر: معجم الأدباء (4/ 207).
(4)
البيت من الطويل وهو في التذييل (2/ 1132)، وشرح التسهيل للمصنف (2/ 111)، والأمالي الشجرية (1/ 129).
والشاهد قوله: «من كانت سريرته الغدر» ؛ حيث أنث الفعل المسند إلى الغدر وهو مذكر، ولكن لما أخبر عنه بمؤنث وهو قوله:«سريرة» سرى التأنيث من الخبر إلى المخبر عنه؛ لأن كلّا منهما عبارة عن الآخر.
(5)
ينظر: الحجة في القراءات السبع لابن خالويه (ص 136)، وإتحاف فضلاء البشر (ص 206) وإملاء ما منّ به الرحمن (1/ 238).
(6)
سورة الأنعام: 23.
(7)
البيت من الطويل وهو لذي الرمة وهو في الكتاب (1/ 52، 56)، والمقتضب (4/ 197)، والخصائص (2/ 417)، والمحتسب (1/ 237)، والتذييل (2/ 1134)، والعيني (3/ 367)، ومعجم مقاييس اللغة (3/ 79)، والأشموني (2/ 248)، واللسان «سفه» ، وديوانه (ص 616) برواية: -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بحذفه فلو لم يستقم الكلام بالحذف لم يجز التأنيث نحو: قام غلام هند.
واحترزت بقولي: ولا تحذف غالبا من قول بعض العرب: قال فلانة، وذهب فلانة حكاهما سيبويه (1)، وعلى هذه اللغة جاء قول لبيد:
1211 -
تمنّى ابنتاي أن يعيش أبوهما
…
وهل أنا إلّا من ربيعة أو مضر (2)
لأن الإسناد إلى المثنى كالإسناد إلى المفرد بلا خلاف، واحترزت أيضا من حذف بعض الشعراء التاء من المسند إلى ضمير المؤنث كقول الشاعر (3):
1212 -
فلا مزنة ودقت ودقها
…
ولا أرض أبقل إبقالها (4)
وكقول الآخر:
1213 -
فإمّا تريني ولي لمّة
…
فإنّ الحوادث أودى بها (5)
-
-
رويدا كما اهتزت
…
والشاهد قوله: «تسفهت مر الرياح» ؛ حيث أنث الفعل؛ لأن الفاعل وهو قوله: «مر» اكتسب التأنيث من المضاف إليه وهو «الرياح» .
(1)
ينظر: الكتاب (2/ 38، 45).
(2)
البيت من الطويل وهو في: شرح المفصل لابن يعيش (8/ 99)، وشرح التسهيل (3/ 111)، والتذييل (2/ 1145)، والخزانة (4/ 424)، والمغني (2/ 569، 670)، وشرح شواهده للسيوطي (2/ 902)، وشذور الذهب (218)، وديوانه (ص 213).
والشاهد قوله: «تمنى ابنتاي» ؛ حيث لم يلحق الفعل تاء التأنيث فيقول: «تمنّت» ، وهذا من غير الغالب والاستشهاد بالبيت مبني على أن «تمنى» فعل ماض وهو يحتمل أن يكون مضارعا حذفت منه إحدى التاءين والأصل:«تتمنى» .
(3)
هو عامر بن جوين الطائي.
(4)
البيت من المتقارب وهو في: التوطئة (ص 95)، والكتاب (2/ 46)، وشرح أبيات الكتاب للسيرافي (1/ 557)، ومعاني القرآن للأخفش (1/ 200)، والمذكر والمؤنث للفراء (ص 81)، ومعاني القرآن للفراء (1/ 127)، ومجاز القرآن لأبي عبيدة (2/ 67)، والتذييل (2/ 1146)، والأمالي الشجرية (1/ 158)، والمحتسب (2/ 112)، والخصائص (2/ 411)، وابن يعيش (5/ 94)، والمقرب (1/ 303)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 86)، وشرح الألفية للمرادي (2/ 11)، والاقتراح للسيوطي (ص 77)، والمغني (2/ 656)، والخزانة (1/ 21)، (3/ 330)،
والعيني (2/ 264)، والتصريح (1/ 278)، والهمع (2/ 171)، والدرر (2/ 224)، والأشموني (2/ 53)، وحاشية يس (2/ 32)، واللسان «ودق، وبقل» ، والمخصص (16/ 80).
والشاهد قوله: «ولا أرض أبقل إبقالها» ، حيث حذفت التاء من الفعل مع أنه مسند لضمير المؤنث وهذه ضرورة.
(5)
البيت من المتقارب وهو للأعشى وهو في: الكتاب (2/ 46)، والأمالي الشجرية (2/ 345)، والتذييل (2/ 1146)، وشرح المفصل لابن يعيش (5/ 95)، (9/ 6، 41)، والخزانة (4/ 578)،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وبعض النحويين يحمل ما ورد من هذا على التأويل بمذكر، فيتأول «أرض» بمكان و «الحوادث» بالحدثان.
وقيدت الضمير بالاتصال احترازا من نحو: ما قام إلا أنت، فإن لحاق التاء في هذا ضعيف (1)، وقيدت الظاهر [2/ 233] الحقيقي التأنيث بالاتصال تنبيها على نحو قول الشاعر:
1214 -
إنّ امرأ غرّه منكنّ واحدة
…
بعدي وبعدك في الدّنيا لمغرور (2)
وليس مخصوصا بالشعر، فإن سيبويه حكى: حضر القاضي امرأة، وقال:«إذا طال الكلام كان الحذف أجمل» (3).
ونبهت بقولي: غير مكسّر، على أن حكم التاء في جمع التصحيح المؤنث كحكمها في مفرده ومثناه؛ فلا يقال: قام الهندات، إلّا على لغة من يقول: قال فلانة؛ لأن لفظ الواحد في جمع التصحيح على الحال التي كان عليها في الإفراد والتثنية، فيتنزل قولك: قامت الهندات منزلة قولك: قامت هند، وهند، وهند، هذا هو الصحيح، وعلى هذا لا يجوز: قامت الزيدون؛ لأنه بمنزلة: قام زيد وزيد وزيد (4)، ولا يستباح: قامت الزيدون بقول الشاعر: -
- والتصريح (1/ 278)، والأشموني (2/ 53)، وديوانه (ص 120)، والعيني (2/ 466)، (4/ 327) والشاهد قوله:«فإن الحوادث أودى بها» ؛ حيث لم يلحق الفعل تاء التأنيث مع أنه مسند لضمير المؤنث وهي ضرورة، وقد روي البيت برواية:
فإما تري لمتي بدلت
…
فإن الحوادث أودى بها
(1)
في شرح الألفيه للمرادي (2/ 9): «فإن كان منفصلا نحو: ما قام إلا أنت، ضعف إثبات التاء» . اه.
(2)
البيت من البسيط لقائل مجهول وهو في الخصائص (2/ 414)، والإنصاف (1/ 174)، وابن يعيش (5/ 53)، والعيني (2/ 476)، وشذور الذهب (ص 223)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 86)، والهمع (2/ 171)، والدرر (1/ 225)، والأشموني (2/ 52).
والشاهد قوله: «غره منكن واحدة» ؛ حيث أسند الفعل إلى اسم ظاهر حقيقي التأنيث ولم يؤنث؛ لوجود الفاصل بين هذا الفعل وفاعله بقوله:
«منكن» .
(3)
الكتاب (2/ 38).
(4)
في التوطئة للشلوبين (ص 93): «والجمع السالم حكمه حكم المفرد والمثنى في مذهب المحققين، نحو:
قامت الهندات، وكذلك: قام الزيدون، ولا تقول: قامت الزيدون ولا قام الهندات، ولا يعترض بنحو قوله:
قالت بنو عامر
…
البيت
لأنه ألحق بالقبائل» اه. وينظر: شرح الألفية للمرادي (3/ 14).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
1215 -
قالت بنو عامر خالوا بني أسد
…
يا بؤس للجهل ضرّار لأقوام (1)
ولا يستباح قام الهندات بقول الآخر:
1216 -
فبكى بناتي شجوهنّ وقلن لي
…
والظّاعنون إليّ ثمّ تصدّعوا (2)
لأن بنين وبنات لم يسلم فيهما نظم الواحد، فجريا مجرى جمع التكسير.
وظاهر قول الجزولي (3) جواز: قامت الزيدون، وقام الهندات؛ لأنه قال قاصدا للتاء: ولا يلزم في الجمع مطلقا (4). قال الشلوبين: يعني بقوله: (مطلقا) سواء أكان جمع تكسير أم جمع سلامة، وسواء أكان جمع مؤنث حقيقي أم غير حقيقي، وسواء أكان جمع مذكر أم جمع مؤنث (جمع تكسير أم جمع سلامة)(5)، ثم قال الشلوبين: ليس كما ذكره المؤلف في مذهب المحققين إلا في جمع التكسير واسم الجمع، وأما جمع المؤنث السالم نحو: قامت الهندات فحكمه حكم المفرد والمثنى، وكذلك حكم جمع المذكر السالم حكم المفرد منه أيضا (6)، قلت: لا عدول عن -
(1) البيت من البسيط وهو للنابغة الذبياني، وهو في: الكتاب (2/ 278)، والمقتضب (4/ 353)، والجمل للزجاجي (ص 187)، والخصائص (3/ 106)، والتوطئة (ص 93)، وأمالي الشجري (2/ 80، 82)، والإنصاف (1/ 186)، وابن يعيش (3/ 68)، (4/ 36)، (5/ 104)، والخزانة (1/ 285، 286)، (2/ 119)، والهمع (1/ 173)، والدرر (1/ 148)، وديوانه (ص 105) طبعة بيروت.
اللغة: خالوا: قاطعوا. والشاهد قوله: «قالت بنو عامر» ؛ حيث أنث الفعل «قالت» وهو مسند إلى ملحق بجمع المذكر السالم وهو «بنو» لإجرائه له مجرى جمع التكسير.
(2)
البيت من الكامل وهو لعبدة بن الطبيب، وقيل: لأبي ذؤيب الهذلي وهو في مجالس العلماء للزجاجي (ص 195)، والخصائص (3/ 295)، والتذييل (2/ 1150) برواية:«وزوجتي» مكان «وقلن لي» .
وينظر أيضا: أوضح المسالك (1/ 138)، والعيني (4/ 472)، وحاشية الخضري (1/ 164)، والتصريح (1/ 280)، والأشموني (2/ 54)، والمفضليات (ص 148)، وديوانه (ص 50)، والتوطئة (ص 94).
ويروي البيت أيضا برواية: «والناظرون» بدل «والظاعنون» في الشطر الثاني.
والشاهد قوله: «فبكى بناتي» ؛ حيث لم يلحق الفعل علامة تأنيث مع أن الفاعل جمع مؤنث سالم، وهذا جائز عند الكوفيين وقد تأوله البصريون.
(3)
انظر هذا النقل الطويل في: شرح التسهيل لابن مالك (3/ 113) وما بعدها.
(4)
ينظر مذهب الجزولي في النحو مع تحقيق كتابه القانون (ص 50)، والمباحث الكاملية (ص 228) ونصه في المقدمة الجزولية:«ولا تلزم مع الجمع مطلقا» .
(5)
في (ب): (جمع تكسير كان أو جمع سلامة).
(6)
ينظر: التوطئة للشلوبين (ص 93 - 95)، والمباحث الكاملية (ص 228).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ما ذهب إليه الشيخ أبو علي الشلوبين في هذه المسألة من أنه لا يجوز: قامت الزيدون ولا قام الهندات إلا على لغة من قال: قال فلانة (1)، وأما قوله تعالى: إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ (2)؛ فمن أجل الفصل بالمفعول مع أن «مؤمنات» صلة للألف واللام، والألف واللام بمعنى اللاتي وهو اسم جمع والفعل مسند إليه فلا يلزم التاء (3)، ولا خلاف في أن المثنى كالواحد، ولذلك جعل قول لبيد:
1217 -
تمنّى ابنتاي .... (4)
مثل: قال فلانة، ولا خلاف أيضا في أن جمع التكسير كالواحد المجازي التأنيث وإن كان واحده حقيقي التأنيث كجوار، وكذلك اسم الجمع كفوج، واسم الجنس كنسوة، ويدخل في اسم الجنس فاعل «نعم»؛ فلذلك يقول: نعم المرأة، من لا يقول: قام المرأة (5).
وقولي: ولحاقها مع الحقيقي المقيد، نبهت به على أن الفصل بين الفعل والفاعل يبيح حذف [2/ 234] التاء (6) مع الفصل بإلا، إلا في الشعر كقول الراجز:
1218 -
ما برئت من ريبة وذمّ
…
في حربنا إلّا بنات العمّ (7)
والصحيح جواز ثبوتها في غير الشعر ولكن على ضعف (8)، ومنه قراءة مالك بن دينار -
(1) ينظر: الكتاب (2/ 38)، والتوطئة (ص 91، 92)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 86).
(2)
سورة الممتحنة: 10.
(3)
ينظر: شرح الألفية للمرادي (2/ 14)، وأوضح المسالك (1/ 138)، والأشموني (2/ 54، 55).
(4)
تقدم ذكره.
(5)
ينظر: الفصول الخمسون (ص 172، 173)، والتصريح (1/ 279)، وشرح ابن عقيل (1/ 164)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 86)، وشرح الألفية للمرادي (2/ 14، 15)، وشذور الذهب (ص 224).
(6)
زاد في (ب) بعد قوله: «حذف التاء» : من فعل ما حقه أن يلازم فعله التاء، وأن الفصل إن كان بغير إلا فلحاق التاء أجود، وإن كان بإلا فإسقاطها أجود وبعض النحويين لا يجيز ثبوت التاء.
(7)
الرجز مجهول القائل، في: التذييل (2/ 1151)، وشذور الذهب (ص 225) والعيني (2/ 471)، والتصريح (1/ 279)، والهمع (2/ 171)، والدرر (2/ 226)، والأشموني (2/ 52)، وأوضح المسالك (1/ 137).
والشاهد قوله: «ما برئت
…
إلا بنات العم»؛ حيث لحقت تاء التأنيث الفعل مع فصله من الفاعل بإلا وهذه ضرورة.
(8)
في المقدمة الجزولية (ص 50): «يجوز حذفها - أي العلامة - إذا أسند الفعل إلى ظاهر المؤنث الحقيقي مطلقا، إلا أن الحذف مع الفصل أسهل بلا فصل» اه. وينظر التوطئة (ص 91، 92).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأبي رجاء الجحدري بخلاف عنه: (فأصبحوا لا ترى إلّا مساكنهم)(1) ذكرها أبو الفتح بن جني (2) وقال: إنها ضعيفة في العربية (3)، وإلى نحو هذا أشرت بقولي: وإن فصل بها فبالعكس؛ أو إن فصل بإلا فالحذف أجود من لحاقها ثم بيّنت أن حكمها مع جمع التكسير ومع جمع المذكر بالألف والتاء حكمها مع الواحد المجازي التأنيث ولا اعتبار بواحده بل يستوي ما واحده مذكر كغلمان وبيوت، وما واحده مؤنث كإماء ودور، وكذا حكمها مع جمع المذكر بالألف والتاء كطلحات، ودريهمات، وحسامات حكمها مع واحده، فعلى هذا لا يلحق في: قام الزيدون، كما لا يلحق في: قام زيد، ولا يحذف في: قامت الهندات، كما لا يحذف في: قامت هند إلا في لغة من قال: قال فلانة، وقد تقدم بسط القول في ذلك (4)، ثم بينت أن البنين والبنات حكم التاء معهما حكمها مع الأبناء والإماء، فيقال: جاء البنون، وجاءت البنون، وجاء البنات، وجاءت البنات، كما يقال: جاء الأبناء، وجاءت الأبناء، وجاء الإماء، وجاءت الإماء؛ لأن نظم الواحد لم يسلم منها فجريا مجرى الجمع المكسر (5)، ثم بينت أن تاء الصفة الفارقة حكمها حكم تاء فعلت في اللزوم وعدمه فكما تلزم تاء: ذهبت جاريتك والشمس طلعت، كذلك تلزم تاء: أذاهبة جاريتاك والشمس طالعة، وكما جاز الوجهان في سمعت أذناك، كذلك يجوز الوجهان في: أسامعة أذناك (6)، ثم بينت أن تاء
المضارعة الدالة على التأنيث حكمها حكم تاء فعلت في جمع ما ذكر، فكما قيل: -
(1) سورة الأحقاف: 25.
(2)
ينظر: المحتسب (2/ 257، 265، 266).
(3)
في المحتسب (2/ 266): «قال أبو الفتح: أما «ترى» بالتاء ورفع «المساكن» فضعيف في العربية، والشعر أولى بجوازه من القرآن وذلك أنه ومن مواضع العموم في التذكير، فكأنه في المعنى لا يرى شيء إلا مساكنهم، وإذا كان المعنى هذا كان التذكير لإرادته هو الكلام فأما «ترى» فإنه على معاملة الظاهر والمساكن مؤنثة فأنث على ذلك» اه.
(4)
وينظر: الهمع (2/ 171).
(5)
ينظر: شرح الألفية لابن الناظم (ص 86)، والتوطئة (ص 94)، وشرح الألفية للمرادي (2/ 14)، والفصول الخمسون لابن معطي (ص 173)، وأوضح المسالك (1/ 137).
(6)
في الكتاب (2/ 36): «فإن بدأت بنعت مؤنث فهو يجري مجرى المذكر إلا أنك تدخل الهاء، وذلك قولك: أذاهبة جاريتاك، وأكريمة نساؤكم؛ فصارت الهاء في الأسماء بمنزلة التاء في الفعل إذا قلت: قالت نساؤكم، وذهبت جاريتاك» اه. وينظر أيضا: (ص 43، 45) من الجزء نفسه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قامت هند والنار اضطرمت؛ بلزوم التاء في اللغة المشهورة، كذلك تقول: تقوم هند والنار تضطرم، وكما جاز للفصل: حضر القاضي امرأة، يجوز للفصل:
يحضر القاضي امرأة وكما ضعفت:
1219 -
ما برئت من ريبة وذمّ
…
في حربنا إلّا بنات العمّ (1)
ضعف: (لا ترى إلّا مساكنهم) وما عومل به.
1220 -
ولا أرض أبقل إبقالها (2)
يعامل بمثله أحد المضارعين في قول ذي الرمة:
1221 -
وهل يرجع التّسليم أو يكشف العمى
…
ثلاث الأثافي والرّسوم البلاقع (3)
لأن أحدهما مسند إلى ثلاث، والآخر مسند إلى ضميره، والراوية فيهما بالياء.
هذا آخر كلام المصنف (4)، وإنه لجدير أن يتمثل بقول القائل:
1222 -
وآخذ اللّفظ فضّة فإذا
…
ما صغته قيل إنّه ذهب
وعلى الناظر أن يعتبر ويتأمل كيف أورد هذا الرجل الموفق الكلام في هذا الفصل [2/ 235] وكيف هو كلام منتظم منسجم مرتبط بعضه ببعض وهو مع ذلك واف بالغرض يفصح عن المقصود، وإن أردت أن تعرف قدر ذلك فانظر إلى كلام من تعرض إلى شرح هذا الكتاب فيظهر لك ما قلته، ثم هاهنا أمور ينبّه عليها:
1 -
منها: أن المغاربة يذكرون في كتبهم أن تأويل المذكر بالمؤنث لا يجوز إلا في قليل من الكلام؛ حتى عدوا من أقبح الضرائر قول القائل: -
(1) تقدم ذكره.
(2)
تقدم ذكره.
(3)
البيت من الطويل وهو في: المقتضب (2/ 174) برواية: «أو يدفع البكا» ، (4/ 144)، والتذييل (2/ 1153)، وجمل الزجاجي (ص 141)، والحلل في شرح أبيات الجمل (ص 170)، وشرح المفصل لابن يعيش، (2/ 122)، والمخصص (17/ 100، 125)، والهمع (2/ 150)، والدرر (2/ 106)، والأشموني (1/ 187)، وديوانه (ص 332).
والشاهد قوله: «وهل يرجع التسليم أو يكشف
…
ثلاث الأثافي»؛ حيث روي الفعلان بالياء مع أن أحدهما مسند إلى ثلاث الأثافي والآخر مسند إلى ضميره، والأثافي مؤنث مجازي التأنيث؛ فتأنيث الفعل الأول جائز والآخر واجب، ولكنه جاء مذكرا للضرورة.
(4)
شرح التسهيل للمصنف (2/ 116).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
1223 -
سائل بني أسد ما هذه الصّوت (1)
على تأويل الصوت بالصيحة قالوا: لأن فيه تحريف اللفظ، ورد الأصل - يعني التذكير - إلى الفرع.
ومثل هذه الصوت قول الآخر (2):
1224 -
أتهجر بيتا بالحجاز تلفّعت
…
به الخوف والأعداء من كلّ جانب (3)
أي: تلفعت به المخافة، فمن هنا كان الشيخ ناقش المصنف في قوله:(أو مؤول به)(4) ولا يتوجه على المصنف مناقشة؛ لأنه لم يدع قلة ذلك ولا كثرته، وإنما قال:
إن الفعل تلحقه التاء إن أسند إلى مؤول بمؤنث، ولا شك أنه إذا أول كان الحكم كذلك، أما كون التأويل إنما يجوز في الشعر أو في قليل من الكلام فذاك شيء آخر.
2 -
ومنها: أن الشيخ قال: ما ذكره المصنف من إلحاق علامة تأنيث الفعل إذا أسند إلى مذكر قد أخبر عنه بمؤنث ليس مذهبا للبصريين، قال: وإنما يجوز ذلك عندهم في الضرورة، والكوفيون يجيزون في سعة الكلام تأنيث اسم كان إذا كان مصدرا مذكرا وكان الخبر مقدما عليه نحو: -
(1) عجز بيت من البسيط وهو لرويشد بن كثير الطائي وصدره:
يأيّها الرّاكب المزجي مطيّته
والبيت في: الخصائص (2/ 416)، والإنصاف (2/ 773)، وابن يعيش (5/ 95)، والخزانة (2/ 167) عرضا، والهمع (2/ 157)، والدرر (2/ 216)، وشرح الحماسة للمرزوقي (ص 166)، واللسان «صوت» ، وشرح الحماسة للتبريزي (1/ 164).
والشاهد قوله: «هذه الصوت» ؛ حيث جاء باسم الإشارة الموضوع للمفردة المؤنثة وأشار به إلى الصوت وهو مفرد مذكر، وذلك على تأويل الصوت بالصيحة.
(2)
لم يعرف.
(3)
البيت من الطويل، وهو في: الخصائص (2/ 415)، وسر صناعة الإعراب (1/ 15)، والتذييل (2/ 1131)، واللسان «خوف» برواية:«أم أنت زائر» مكان «من كل جانب» .
والشاهد قوله: «تلفعت به الخوف» ؛ حيث أنث الفعل المسند إلى «الخوف» ؛ لأنه أوله بمؤنث وهو «المخافة» .
(4)
الذي ناقش به أبو حيان المصنف هنا هو قوله: (أو مؤول به) يريد أو مذكر مؤول بمؤنث مثاله:
فلان لغوب، أتته كتابي فاحتقرها، قيل للعربي الناطق بهذا: كيف تقول: جاءته كتابي؟ فقال:
أو ليس الكتاب بصحيفة؟ فأول المذكر بالمؤنث لما كان بمعناه، وهذا الذي ذكر أنه إذا أول المذكر بمؤنث فإنه يلحق الفعل المسند إليه التاء ولا يجوز إلا في قليل من الكلام. اه. التذييل (2/ 1130).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
1225 -
وقد خاب من كانت سريرته الغدر (1)
فلو قلت: كانت شمسا وجهك أو كانت الغدر سريرتك لم يجز، قال:
فالمصنف لم يقل: يقول البصريون، ولا يقول الكوفيون (2). انتهى.
وبتقدير ثبوت أن الذي ذكره مذهب الفريقين لا يتوجه على المصنف شيء؛ لأنه حكم بالتأنيث عند إسناد الفعل إلى مذكر مخبر عنه بمؤنث، ولا شك أن هذا ثابت، أما كونه هل يجوز في الكلام أو في الشعر؟ فإن المصنف لم
يتعرض إلى شيء من ذلك، ثم كيف نسلم القول لمن يدعي أن ذلك إنما يجوز في الشعر وقد ثبت في القرآن العزيز: ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا (3) ولا تخريج لذلك إلا على الوجه الذي قاله المصنف (4)؟ ثم إن الشيخ لما ذكر هذه المسألة، واستشهد بهذه القراءة قال: وهذا أولى من أن يقال: أنث على معنى المقالة أي: «ثم لم تكن فتنتهم إلا مقالتهم» ؛ لأن القول بذلك يستلزم ارتكاب ما حكم بقلته كما في: جاءته كتابي (5).
3 -
ومنها: أن بعض النحاة زاد على الأقسام التي ذكرها المصنف قسما وهو أنه يجوز التأنيث إذا كان في [2/ 236] المسند إليه علامة تأنيث فيجيز: قامت عنترة، وعلى هذا جاء قول القائل:
1226 -
أبوك خليفة ولدته أخرى (6)
والظاهر أن هذا في غاية القلة والندرة (7)
4 -
ومنها: أن الشيخ قال: قد أطلق النحويون في المؤنث الذي أضيف إليه مذكر، وظاهر هذا الإطلاق أنه يجوز ذلك سواء أكان المضاف إليه ظاهرا أم مضمرا، فعلى إطلاقهم يجوز الأصابع قطعت بعضها؛ لأن المضمر (8) مؤنث، -
(1) تقدم ذكره.
(2)
التذييل (2/ 1134).
(3)
سورة الأنعام: 23.
(4)
ينظر: إملاء ما منّ به الرحمن (1/ 238).
(5)
التذييل (2/ 1132).
(6)
صدر بيت من الوافر لقائل مجهول وعجزه:
وأنت خليفة ذاك الكمال
وهو في التذييل (2/ 1140)، ولم أعثر عليه في غيره.
(7)
ذكر ذلك أبو حيان في التذييل (2/ 1140) منسوبا إلى بعض أصحابه ولم يعيّنه.
(8)
في (ب): (الضمير).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لكن الفراء ومن استجاز قول الشاعر (1):
1227 -
كما شرقت صدر القناة من الدّم (2)
لم يجز أن يقول: شرقت صدرها إذا كنى عنها، وكذلك فالفعل بكل ما كنيت عنه وإنما كان كذلك؛ لأنّ المكنى لا
يفرد مما قبله، فيتوهّم في الأول أنه قد سقط واعتمد على الثاني ظاهرا، ألا ترى أن العرب تقول: لك نصف وربع الدرهم، ولا تقول: لك نصف وربعه (3). قال الشاعر:
1228 -
يا من رأى عارضا يكفكفه
…
بين ذراعي وجبهة الأسد (4)
ومحال أن يقول: بين ذراعي وجبهته، وقال الأعشى:
1229 -
إلّا علالة أو بدا
…
هة سانح نهد الجزاره (5)
-
(1) هو الأعشى.
(2)
عجز بيت من الطويل وصدره:
وتشرق بالقول الذي قد أذعنه
وهو في الكتاب (1/ 52)، والمقتضب (4/ 197، 199)، والخصائص (2/ 417)، وشرح المفصل لابن يعيش (7/ 151)، والمغني (2/ 513)، والعيني (2/ 59)، والأشموني (2/ 248)، وحاشية يس (2/ 31)، وديوانه (ص 94)، واللسان «شرق» ، والمذكر والمؤنث للفراء (ص 115).
والشاهد قوله: «شرقت صدر القناة» ؛ حيث أنث الفعل «شرق» مع أن فاعله مذكر وهو «الصدر» ولكن لما كان المضاف وهو «الصدر» بعض المضاف إليه وهو «القناة» أعطي حكمه.
(3)
اعترض الألوسي في روح للمعاني (7/ 169) على رأي ابن مالك في هذه المسألة فقال في تفسير قوله تعالى: وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ: «الضمير عائد على معمر آخر نظير ما قال ابن مالك في: عندي درهم ونصفه، أي: نصف درهم آخر، ولا يضر في ذلك احتمال أن يكون المراد مثل نصفه؛ لأنه مثال وهو استخدام أو شبيه به وإلى ذلك ذهب الفراء وبعض النحويين ولعله الأظهر» اه.
(4)
البيت من المنسرح وهو للفرزدق وهو في: الكتاب (1/ 180) برواية «أسرّ به» مكان «يكفكفه» ، والخزانة (1/ 369)، وابن يعيش (3/ 20)، والعيني (3/ 451)، وديوانه (ص 215) والمذكر والمؤنث للفراء (ص 15)، ومعاني القرآن للفراء (2/ 322).
والشاهد قوله: «بين ذراعي وجبهة الأسد» ؛ حيث فصل بلفظ «وجبهة» بين المضاف والمضاف إليه ولم يكنّ عن المضاف إليه وهو «الأسد» بالضمير فيقول: «بين ذراعي وجبهته» حتى لا يتوهم أنه أسقط الأول واستغنى بالثاني، والمكنى به وهو الضمير لا يمكن إفراده مما قبله.
(5)
البيت من الكامل وهو في: الكتاب (1/ 179)، (2/ 166)، والمذكر والمؤنث للفراء (ص 116)، ومعاني القرآن للفراء (2/ 331)، والبيان والتبيين للجاحظ (3/ 15)، والخصائص (2/ 407)، وسر -