الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مسألة يترجح فيها الرفع]
قال ابن مالك: (ولا يمتنع نصب المشتغل عنه بمجرور حقّق فاعليّة ما علّق به خلافا لابن كيسان).
ــ
اسم الإشارة، وأيضا؛ وفلأن الواو إذا كانت جامعة كانت بمعنى «مع»؛ فإذا قلت: زيد ضربت رجلا وأخاه، فكأنك قلت: زيد ضربت رجلا مع أخيه، وليس هذا المعنى بموجود في «الفاء» ، ولا في «ثم» ؛ فلهذا ثبتت الملابسة للمعطوف عليه، إذا كان المعطوف قد عطف بالواو، ولم تثبت له إذا كان المعطوف قد عطف بـ «ثم» ، أو بـ «بالفاء» (1)، ونبه المصنف بقوله:(غير معاد معه العامل) على أنه إذا أعيد العامل امتنع الاشتغال، نحو: زيد رأيت عمرا، ورأيت أخاه؛ وذلك لأن السببي صار من جملة أخرى، وإذا امتنع الاشتغال مع البدل، لكونه في نية تكرار العامل كان امتناعه في هذا أولى، وأشار بقوله:(وكذلك الملابسة بالعطف في غير ذا الباب) إلى أن حكم الملابسة في (غير)(2) هذا الباب بالعطف كحكمها فيه، كقولك: مررت برجل قائم زيد وأخوه، ولا يجوز: مررت برجل [2/ 296] قائم زيد (3) وقائم أخوه؛ لإفادة العامل، كما لم يجز مثل ذلك في هذا الباب (4)، وليس ذلك مقصورا على باب الصفة؛ بل باب الحال وباب الخبر كذلك أيضا فيقال: جاء زيد ضاحكا عمرو وأخوه، وزيد قائم عمرو وأخوه.
قال ناظر الجيش: قال المصنف: ولا يمتنع نصب الاسم في نحو: زيد ظفرت به، إذا كان المراد أن زيدا سبب الظفر، ومنع ذلك ابن كيسان (5)؛ لكون المجرور فاعلا في المعنى (6). انتهى.
واعلم أن الخلاف ليس مقصورا على هذا المثال الذي ذكره ونحوه؛ بل ذلك ملفت إلى أصل مختلف فيه بين النحاة، وهو: هل يشترط في باب الاشتغال أن -
(1) ينظر: شرح الجمل لابن عصفور (1/ 361)، والتصريح (1/ 306)، وشرح الأشموني (2/ 85، 86).
(2)
من الهامش في (ب).
(3)
زاد في (ب) بعد قوله: (قائم زيد): (أو أخوه؛ لأن العاطف غير الواو؛ ولا: مررت برجل قائم زيد وقائم أخوه).
(4)
ينظر: الهمع (2/ 113، 114).
(5)
ينظر: أبو الحسن بن كيسان وآراؤه في النحو واللغة (ص 188)، إعداد علي مزهر البكري.
والتذييل (3/ 47، 48).
(6)
شرح التسهيل لابن مالك (2/ 146).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يكون النصب في الاسم المشتغل عنه، وفي الضمير أو السببي من جهة واحدة، أو لا يشترط ذلك، فيجوز الاشتغال مع اختلاف جهة النصب؟ (1).
قال ابن أبي الربيع: تقول: زيد جلست عنده، وزيد ضربت ضربه؛ بالرفع، واختلف النحويون في النصب؛ فمنهم من أجازه، فقال: أنصبه بفعل وأقدره في:
زيدا ضربت ضربه: ما ثلت زيدا ضربت ضربه، وفي: زيدا جلست عنده: لا صقت زيدا جلست عنده، وما أشبه ذلك، قال: يذكر أن أبا الحسن أجازه.
ومنهم من منع النصب، فقال: لا يجوز النصب في الاسم حتى يكون طريق نصبه، وطريق نصب سببه واحدا، و «زيد» هنا منصوب على أنه مفعول به، وسببه في:
ضربت ضربه؛ منصوب على المصدر، وفي: جلست عنده؛ منصوب على الظرف، فقد اختلفت جهتا النصب؛ وإنما الذي يجوز: زيدا ضربت أخاه: أن الأخ مفعول به، «وزيد» كذلك، وهذا هو الذي كان الأستاذ أبو علي يختاره، وهو عندي الصحيح؛ لأن هذا الباب باب خارج عن القياس؛ فلا يقال منه إلا ما قالته العرب .. انتهى.
وإذا تقرر ذلك، فـ: زيد ظفرت به؛ إذا لم يقصد به الظفر بـ «زيد» ؛ وإنما قصد الظفر بغيره؛ ولكن كان هو السبب من هذا القبيل، لأن «الباء» إذا كانت في «به» للسبب كان مفعولا من أجله، ونصب «زيد» ، إذا نصب إنما هو على أنه مفعول به، فقد اختلفت الجملتان، فلو قصد بهذا الكلام؛ أن زيدا هو المظفور به كان المجرور في موضع المفعول به، ولا خلاف حينئذ في نصب زيد؛ لاتحاد الجهة، وقد ذكر الشيخ هذه المسألة، ونقل فيها الخلاف بين النحاة؛ لكنه نقل أن مذهب سيبويه الجواز، ونقل عن الأستاذ أبي علي أن له قولين: الجواز وعدمه، قال: وقال سيبويه: أعبد الله كنت مثله، أي: أشبهت عبدا وأزيدا لست مثله (2)، أي: أباينت زيدا، قال: فانتصاب الاسم الأول على جهة المفعولية، وانتصاب السببي من جهة [2/ 297] أنه خبر (3). انتهى. -
(1) أجاب السيوطي عن هذا التساؤل، فقال:«واختلف هل شرط الاشتغال أن ينتصب الضمير والسابق من جهة واحدة؟ فقيل: نعم، وعليه الفارسي والسهيلي والشلوبين في أحد قوليه .. وقيل: لا يشترط ذلك وعليه سيبويه، والأخفش، والشلوبين في آخر قوله» اه. الهمع (2/ 114) بتصرف يسير.
(2)
ينظر: الكتاب (1/ 102).
(3)
التذييل (3/ 49).