الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[التوسع في الظرف المتصرف]
قال ابن مالك: (ويتوسّع في الظّرف المتصرف فيجعل مفعولا به مجازا ويسوغ حينئذ إضماره غير مقرون بفي والإضافة والإسناد إليه، ويمنع من هذا التّوسّع على الأصحّ تعدّي الفعل إلى ثلاثة).
ــ
لوجب الرفع، فكان يقال:«مع» فصح كلام المصنف بهذا التقدير وانتفى عنه الخطأ الفاحش والحمد لله.
قال ناظر الجيش: قال المصنف رحمه الله تعالى (1): من ضروب المجاز التوسع بإقامة الظرف المتصرف مقام فاعل الحدث الواقع فيه ومقام المفعول الموقع به الحدث، فالأول: كقوله تعالى: اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ (2) وقوله تعالى: إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (3) وكقول الشاعر (4):
1627 -
أقول للحيان وقد صفرت لهم
…
وطابي ويومي ضيّق الحجر معور (5)
والثاني: كقولهم: ولد له ستون عاما (6)، وصيد عليه الليل والنهار (7)، وكقول الشاعر:
1628 -
أمّا النّهار ففي قيد وسلسلة
…
واللّيل في جوف منحوت من السّاج (8)
-
(1) شرح التسهيل للمصنف (2/ 243).
(2)
سورة إبراهيم: 18.
(3)
سورة الإنسان: 10.
(4)
هو تأبط شرّا واسمه ثابت وكنيته أبو زهير بن جابر بن سفيان أحد لصوص العرب.
(5)
البيت من الطويل وهو في: شرح التسهيل للمصنف (2/ 243)، وشرح التسهيل للمرادي، والتذييل (3/ 436)، والمستقصي (2/ 41).
اللغة: لحيان: بطن من هذيل. صفرت: بمعنى خلت. الوطاب: جمع وطب وهو سقاء العسل. ضيق الحجر: كناية عن ضيق المنفذ. المعور: المنكشف العورة.
والشاهد فيه: التوسع في ظرف الزمان وهو «يومي» بإقامته مقام فاعل الحدث الواقع فيه.
(6)
مثل به سيبويه في الكتاب (1/ 176).
(7)
مثّل به سيبويه في الكتاب (1/ 160).
(8)
قيل: إن البيت من الخمسين المجهولة القائل ونسبه المبرد في الكامل إلى رجل من أهل البحرين من اللصوص.
والبيت من البسيط وهو في الكتاب (1/ 161)، والكامل (3/ 420)، والمقتضب (4/ 331)، والمحتسب (2/ 184)، والغرة لابن الدهان (2/ 112)، وشرح التسهيل للمصنف (2/ 243)، والتذييل (3/ 436)، والبحر المحيط (4/ 315)، والإفصاح للفارقي (ص 134).
اللغة: الساج: شجر من شجر الهند. -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يعني نفسه وكان مأسورا فأخبر أن نهاره مقيد وليله مسجون مبالغة ومجازا، ويضاف المصدر إلى الظرف المتوسع فيه على الوجهين، فإضافته إليه على تقدير كونه فاعلا، كقوله تعالى: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا (1) كان الأصل:
ليلكم ونهاركم ماكران، ثم أضيف المصدر إلى المخبر عنه بمعناه مجازا كما يضاف إلى المخبر عنه بمعناه حقيقة، وإضافته إليه على تقديره مفعولا به كقوله تعالى:
لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (2) أي إمضاء أربعة أشهر، وكما أضيف إليه المصدر على تأويل الفاعلية وعلى تأويل المفعولية أضيفت إليه الصفة بلفظ اسم الفاعل ولفظ اسم المفعول، فمن الأول:
1629 -
يا سارق اللّيلة أهل الدّار (3)
ومن الثاني: يا مسروق الليلة أهل الدار، ذكرهما سيبويه، وإذا ثبت أن من كلامهم: التوسع بجعل الظرف المتوسع فاعلا ومفعولا به ومضافا إليه على معنى الفاعلية والمفعولية لزم من ذلك جواز الحكم عليه في حال النصب بأنه مفعول به تجوزا ما لم يمنع من ذلك مانع، وتظهر فائدة ذلك في إضماره مستغنيا عن لفظ «في» فإن الظرف أصله أن يكون مقرونا بلفظها، فاستغني عن لفظها بمعناها مع الظاهر ولزم [2/ 473] الرجوع إلى الأصل مع الضمير؛ لأن الإضمار يرد الشيء إلى أصله، ولذلك لزم من يقول: لد زيد، أن يقول: من لدنه يرد النون، ولزم من يقول: لم تك صديقا، أن يقول: أما الصديق فإن لم تكنه فمن يكنه؟ فيرد النون أيضا، ولزم من يقول: قعدت جبنا:
الجبن قعدت له فيرد اللام، ولا يستغنى مع المضمر بمعناها كما استغني مع الظاهر ولزم من يقول: المال لزيد بكسر اللام أن -
- والشاهد فيه: قوله: (أما النهار
…
والليل) حيث توسع فيهما فوضعا موضع الموقع به الفعل؛ لأن المقيد والمحبوس هو الشخص وليس الليل والنهار.
(1)
سورة سبأ: 33.
(2)
سورة البقرة: 226.
(3)
رجز لم يعلم قائله وهو في: الكتاب (1/ 175، 193)، ومعاني القرآن للفراء (2/ 80)، والمحتسب (1/ 183)، (2/ 295)، وأمالي الشجري (2/ 250)، وابن يعيش (3/ 45، 46)، والتذييل (3/ 433)، وابن القواس (343)، والخزانة (1/ 485)، (2/ 172، 179)، وشرح السيرافي (2/ 778)، والأصول لابن السراج (1/ 235)، (2/ 266)، وشرح المفصل لابن الحاجب (249)، والحجة للفارسي (1/ 14)، والهمع (1/ 203)، والدرر (1/ 172). -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يقول: المال له فيفتح لأن فتحها هو الأصل (1)، فعلى هذا يلزم من أضمر الظرف مقصودا به معنى الظرفية أن يقرنه بفي، كقولك في صمت اليوم: اليوم صمت فيه، فمن قال: صمته علم أنه لم يقصد الظرفية، وإنما قصد جعله مفعولا به توسّعا (2)، فمن ذلك قول الشاعر: -
1630 -
ويوما شهدناه سليما وعامرا
…
قليل سوى الطّعن النّهال نوافله (3)
ومثله: -
1631 -
فإن أنت لم تقدر على أن تهينه
…
فدعه إلى اليوم الّذي أنت قادره (4)
ومثله (5): -
1632 -
يا ربّ يوم لي لا أظلّله
…
أرمض من تحت وأضحى من عله (6)
وهذا التوسع في باب «أعلم» جائز على ظاهر قول [3/ 5] سيبويه، فإنه قال في -
- والشاهد فيه: هو التوسع في ظرف الزمان، فأضيف إليه اسم الفاعل على طريق الفاعلية.
(1)
ينظر: الأشباه والنظائر (1/ 220)، والمسائل العسكرية للفارسي (ص 19، 99) تحقيق د. محمد الشاطر أحمد.
(2)
ينظر: المقتضب (3/ 105)، وشرح المفصل لابن يعيش (2/ 45، 46)، والمطالع السعيدة (331)، والهمع (1/ 203)، والتذييل (3/ 430،
431).
(3)
البيت من بحر الطويل لرجل من بني عامر وهو في: المقتضب (3/ 105) وشرح المفصل (2/ 46) وغير ذلك.
ويستشهد به على: التوسع في الظرف فينصب مفعولا به وسيأتي قريبا.
(4)
البيت من الطويل وقائله ابن حبناء شاعر إسلامي تميمي، وحبناء أمه، وينظر في: التذييل (3/ 433)، وديوان الحماسة (1/ 266).
والشاهد فيه: إضافة (قادر) إلى ضمير اليوم دون وساطة «في» وذلك على سبيل التوسع.
(5)
هو رجز لأبي ثروان وقيل لأبي الهجنجل.
(6)
الرجز في: مجالس ثعلب (2/ 430)، وابن يعيش (4/ 87)، والتذييل (3/ 431)، والمغني (1/ 154)، وشرح شواهده (1/ 448)، منسوبا لأبي الهجنجل، والعيني (4/ 545)، والتصريح (2/ 346)، والأشموني (2/ 271)، (4/ 218)، والهمع (1/ 203)، (2/ 210)، والدرر (1/ 172)، (2/ 235)، والمطالع السعيدة (332)، وحاشية الخضري (2/ 16).
اللغة: أرمض: مضارع رمض الرجل يرمض رمضا أي أصابه حر الرمضاء وهي الحجارة الحامية من حر الشمس. وأضحى: من ضحى يضحى أي برز للشمس فأصابه حرها.
والشاهد فيه: التوسع في ظرف الزمان (يوم) فتعدى الفعل إلى ضميره بدون وساطة «في» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
باب المفعول الذي يتعداه فعله إلى مفعول بعد أن مثل بأرى عبد الله أبا فلان: لو أدخلت في هذا الفعل وبنيته له لتعداه فعله إلى ثلاثة مفعولين، ثم قال: واعلم أن الأفعال إذا انتهت ها هنا فلم تجاوز، تعدت إلى جميع ما يتعدى إليه الفعل الذي لا يتعدى المفعول وذلك قولك: أعطى عبد الله الثوب إعطاء جميلا ونبئت زيدا أبا فلان تنبؤا، وسرق عبد الله الثوب الليلة، لا تجعله ظرفا ولكن تجعله على قولك:
يا مسروق الليلة الثوب (1) هذا نصه، قال ابن خروف في شرحه: أجاز سيبويه نصب الظرف مفعولا به بالمتعدي إلى ثلاثة، وإنما قاسه ولم يقس النقل؛ لأن النقل فيه نصب الفاعل ولا ينصب الفاعل إلا تشبيها بما ثبت أصله في الكلام كما نصب الفاعل في حسن الوجه تشبيها بضارب زيدا، ونصب الظرف على الاتساع ليس فيه تغيير عما كان عليه وجميعه مجاز في متعد لواحد أو أكثر، والنقل كله حقيقة فاقتصر فيه على السماع بخلاف نصب الظرف على الاتساع، فإنه مجاز فلا معنى لمراعاة التعدي وغير التعدي فيه (2)، ومنعه قوم في باب «أعلم» قياسا على النقل.
قال محمد بن مالك (3) غفر الله تعالى له: جواز تعدي ذي ثلاثة إلى ظرف على أنه مفعول به يستلزم مشبها دون
مشبه به؛ لأنه إذا فعل ذلك بما له مفعول واحد أو مفعولان لم يعدم أصلا يحمل عليه بخلاف نصبه بما له ثلاثة؛ فإنه يلزم منه فرع لا أصل له ومشبه دون مشبه به فوجب منعه، ولأن جواز ذلك [2/ 474] في غير باب أعلم مرتب على ما سمع من إقامة الظرف مقام فاعل الحدث الواقع فيه ومقام ما يوقع به في إخبار عنه وإضافة إليه، ولم يسمع من ذلك شيء في باب «أعلم» فلا يحكم فيه بجواز ذلك المجاز لعدم سماع ما يترتب عليه (4). هذا كلام المصنف ولنتبعه بأمور يتعين التنبيه عليها:
1 -
منها: أن قول المصنف: (ويتوسع في الظرف المتصرف) - يشمل ظرف الزمان وظرف المكان، لكنه لم يمثل إلا لظرف الزمان وقد مثل لظرف المكان بقول الشاعر: - -
(1) الكتاب (1/ 43).
(2)
ينظر: التذييل (3/ 438).
(3)
هو المصنف نفسه حيث ذكر ذلك في شرح التسهيل.
(4)
شرح التسهيل للمصنف (2/ 243 - 246).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
1633 -
ومشرب أشربه وشيل
…
لا آجن الطّعم ولا وبيل (1)
فالضمير في أشربه عائد على مشرب وهو مفعل من الشرب أي مكان شرب.
هكذا ذكر الشيخ في هذا البيت (2)، والظاهر أن المراد بمشرب في هذا البيت المصدر وأريد بالمصدر المفعول، فالمراد بمشرب شرب والمراد بشرب المشروب.
وإذا كان كذلك فلا يتم الاستدلال بهذا البيت على الاتساع في ظرف المكان ولا شك في صحة الاتساع في ظرف المكان المتصرف، فمن أمثلة سيبويه: سير عليه فرسخان (3)، لكن نقل الشيخ عن صاحب البسيط أن التوسع في ظرف المكان لا يطرد بخلاف ظرف الزمان، قال: يقال: نحى نحوك وقصد قصدك وأقبل قبلك، قال: رفعوا فدلّ على نصب التوسع، ولا يجوز: ضربت خلفك فيجعله مضروبا وكذلك لا يتوسع فيجعله فاعلا، فتوسع الفاعل والمفعول غير مطرد في المكان، وإنما كان ذلك لأن ظرف الزمان أشد تمكنا منها (4).
2 -
ومنها: أن اشتراط التصرف في الظرف الذي يتوسع فيه ظاهر؛ لأن غير المتصرف لا يسند إليه ولا يضاف إليه.
3 -
ومنها: أنهم شرطوا في جواز التوسع أن يكون العامل في الظرف الذي يتوسع فيه فعلا أو ما يعمل عمله إذا كان من جنس ما ينصب المفعول به (5)، فمثال الفعل قوله: -
(1) الرجز لم يعلم قائله وهو في: التذييل (3/ 432)، والبحر المحيط (6/ 387)، والمطالع السعيدة (ص 332)، والهمع (1/ 203)، والدرر (1/ 172).
والشاهد فيه: هو التوسع في ظرف المكان وهو «مشرب» فتعدى الفعل إلى ضميره غير مقترن بفي.
(2)
ينظر: التذييل (3/ 432).
(3)
ذكر ذلك سيبويه في باب ما يكون فيه المصدر حينا لسعة الكلام والاختصار فقال: ونقول: سير عليه فرسخان يومين، لأنك شغلت الفعل بالفرسخين فصار كقولك: سير عليه بعيرك يومين، وإن شئت قلت: سير عليه فرسخين يومان أيهما رفعته صار الآخر ظرفا، وإن شئت نصبته على الفعل في سعة الكلام لا على الظرف. اه، الكتاب (1/ 223).
(4)
التذييل (3/ 437).
(5)
ينظر: المطالع السعيدة (ص 333) حيث ذكر السيوطي فيه أن للتوسع خمسة شروط منها هذان الشرطان اللذان ذكرهما الشارح كما ذكر السيوطي هذه الشروط في الهمع (1/ 203) أيضا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
1634 -
ويوما شهدناه
…
...
…
البيت (1)
وقول الآخر: -
1635 -
قد أصبحت صحبها السّلام
…
بكبد خالطها سنام
في ساعة يحبّها الطّعام (2)
أي يحب فيها الطعام، والمراد بما يعمل عمل الفعل ما يرفع الفاعل إذا كان من فعل لا يتعدى، وما ينصب المفعول إذا كان من فعل يتعدى، مثال الأول: منطلق، ومثال الثاني: أكل، فيقال: أما الليلة فأنا منطلقها، تريد فأنا منطلق فيها، وأما اليوم فأنا آكله خبزا، تريد فأنا آكل فيه خبزا، فجاز هذا كما يجوز في الفعل إذا قلت: الليلة انطلقتها أي انطلقت فيها، واليوم أكلته خبزا أي أكلت فيه خبزا، ولا يجوز أن يقال: أما اليوم فليته زيدا منطلق، تريد ليت فيه زيدا منطلق، ولا أما الليلة فما أتاها زيد منطلقا، تريد فما فيها زيد منطلقا؛ لأن ما وليت وأخواتها ليس ينصب شيء منها
المفعول في موضع من المواضع، فلذا [2/ 475] لم ينصب ما اتسع فيه من الظروف وجعل بمنزلة المفعول به، وقد نقل عن الأخفش جواز ذلك في ما، والذي صححه الجمهور أن ذلك لا يجوز، وإنما قيدوا العامل عمل الفعل بقولهم: إذا كان من جنس ما ينصب المفعول به؛ ليخرج المجرور والظرف الواقعان (3) موضع الخبر نحو قولك: زيد في الدار يوم الجمعة، وزيد عندك يوم الخميس، فإنهما يرفعان الفاعل كما يرفعه الفعل إلا أنهما ليسا من جنس ما ينصب المفعول به، فلا يجوز نصب يوم الجمعة ويوم الخميس على الاتساع، بل هما منصوبان على الظرف.
والدليل على أنهما ليسا فيما ذكرنا منصوبين على الاتساع أنه لا يجوز أن يأتي في مثل ذلك بضمير منصوب، فلا يجوز أن تقول: أما يوم الجمعة فزيد في الدار -
(1) البيت من بحر الطويل سبق الاستشهاد به قريبا وهو لرجل من بني عامر وهو في: الخزانة (7/ 181)، (8/ 208)، (10/ 174)، ومغني اللبيب (2/ 503)، والمقتضب (3/ 105).
ويستشهد به على: نصب ضمير اليوم تشبيها بالمفعول به اتساعا والمعنى: شهدنا فيه.
(2)
رجز لم يعلم قائله وهو في: معاني القرآن للفراء (1/ 32)، والكامل (1/ 34) والتذييل (3/ 432)، واللسان مادة «حبب» .
والشاهد فيه: التوسع في ظرف الزمان فتعدى الفعل إلى ضميره بدون وساطة «في» .
(3)
ينظر: الأشباه والنظائر (1/ 18)، والهمع (1/ 203).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إياه، تريد فزيد في الدار فيه، ولا أما يوم الخميس فزيد عندك إياه، تريد فزيد عندك فيه، وذلك لأنهما ليسا من جنس ما ينصب المفعول به، لأن العرب لم تنصب بالظرف والمجرور الواقعين موقع الخبر المفعول به في موضع من المواضع كما نصبته بالفعل واسم الفاعل.
4 -
ومنها: أن الضمائر من الزمان والمكان لا تقع خبرا للمبتدأ [3/ 6] منصوبة كما يقع الظرف في شيء من كلام العرب، فتقول: يوم الخميس سفري فيه، ولا تقول: سفري إياه إلا أن تدخل عليه «في» وهذا يدل على أن الضمائر لا تنصب ظروفا؛ لأن كل ما ينتصب ظرفا يجوز وقوعه خبرا إذا كان مما يصح عمل الاستقرار فيه، ذكر ذلك ابن هشام الخضراوي (1) قال: ولم أر أحدا نبّه على هذا، أشار إلى ذلك الشيخ في شرحه (2).
قلت: وما ذكره قد عرف من قول المصنف وقول غيره: إنك إذا قصدت الاتساع في الظرف قلت: يوم الجمعة صمته، وإذا لم تقصد الاتساع فيه يجب أن تقول: يوم الجمعة صمت فيه، فعلم من هذا أنه متى قصدت الظرفية
مدلولا عليها بالضمير، وجب اقتران ذلك الضمير «بفي» ولا يجوز الإتيان به غير مقرون بها، وقد تقدم في كلام المصنف إشارة إلى العلة الموجبة لذلك، ومع ذلك لا يحتاج إلى ما ذكره ابن هشام.
5 -
ومنها: أنه قد فهم من قول المصنف: (ويسوغ حينئذ - أي حين إذ يتوسع فيه - إضماره غير مقرون «بفي» والإضافة والإسناد إليه) أنه لا يضاف إلى الظرف وهو باق على الظرفية، بل إنما يضاف إليه بعد التوسع فيه، وهذا كالمجمع عليه عند النحاة، وعلل الفارسي ذلك بأن قال: إذا قلت: يا سائر اليوم ويا ضارب اليوم لم يكن اسما وخرج بالإضافة إليه عن أن يكون ظرفا؛ لأنه إذا كان ظرفا كانت «في» مرادة ومقدورة معه بدليل ظهورها مع الضمير، قال: فإرادة ذلك فيه تمنع الإضافة إليه (3)، قال ابن هشام الخضراوي: ولا يظهر عندي، يعني تعليل -
(1) ينظر: الأشباه والنظائر (1/ 16، 17).
(2)
ينظر: التذييل (3/ 432).
(3)
الإيضاح للفارسي (178) وينظر أيضا: الإغفال (483 - 485) حيث أشار إلى ذلك، والأشباه والنظائر (1/ 17)، والتذييل (3/ 433).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الفارسي، قال: لأن كل مضاف سوى باب الحسن [2/ 476] الوجه يقدر باللام أو بمن ولم يمنع ذلك من الإضافة، وقولنا: الظرف مقدر «بفي» معناه: يصلح في اللفظ إن كان متمكنا ولا يعني إضمارها لعدم الخفض ولا تضمينها لعدم البناء، وإذا لم تضمر ولم تضمن فتقديرها تقدير معنى كتقدير لام الملك في غلام زيد و «من» للتبيين في ثوب خز، وكذا تقول: هنا في للوعاء، ولا يمنع الإضافة كما لا يمنعها تقدير لام الملك (1). انتهى.
والذي يظهر أن الحق ما قاله الفارسي؛ لأن تقدير الحرف في الإضافة إنما هو تقدير معنوي ليفيد الاختصاص إن كان المقدر اللام، والجنسية إن كان المقدر «من» ، وأما تقدير الحرف مع الظرف فإنه مقدر لفظا مع كونه مقدرا معنى، وإذا كان مقدرا لفظا كان في حكم الملفوظ به، وإذا كان كذلك فلا يجوز الإضافة إلى الظرف وهو باق على الظرفية لما يلزم من الفصل بين المضاف والمضاف إليه، والدليل على أن التقدير في الإضافة يخالف التقدير في باب الظرف أنك لو أتيت بالحرف في الإضافة فقلت: غلام لزيد وثوب من خز تغير معنى الإضافة، أما إذا أتيت بالحرف في نحو: سرت يوم الخميس فقلت: سرت في يوم الخميس فمعنى الظرفية باق، لكن مع وجود «في» لا يطلق على مدخولها ظرف في اصطلاح النحاة؛ لأن الظرف عنده هو المنصوب من أسماء الزمان والمكان على تقدير «في» .
وقد قال ابن أبي الربيع: لو تعدى الفعل إلى المفعول فيه على حسب ما يطلبه لتعدى إليه بحرف الجر، ويجوز ذلك
فيه فتقول: جلست في يوم الجمعة ومشيت في يوم الخميس، ولا يكون حينئذ ظرفا إنما يكون من قبيل ما يصل الفعل إليه بحرف الجر، ولا يسمي النحويون ظرفا إلا ما انتصب بالفعل على معنى «في» مما يكون زمانا أو مكانا وإن كان المعنى واحدا. انتهى.
فقوله: إن المعنى واحد مع قوله: إن النحويين لا يسمون مدخول «في» ظرفا يحقق ما ذكرته ويقوي ما أشرت إليه وجوب ذكر «في» مع ضمير الظرف، وتعليل ذلك بأن الضمائر ترد معها الأشياء إلى أصولها؛ فلولا أن الأصل في الظرف أن تباشره «في» لما صح هذا التعليل، فإن قيل: قد قلتم: إن «في» إذا باشرت -
(1) ينظر التذييل (3/ 434)، والأشباه والنظائر (1/ 17).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الظرف خرج عن الظرفية إلى الاسمية، وتقدم الدليل على ذلك في أول الباب. فإذا حكمتم بأن «في» مقدرة لفظا لزم خروج الظرفية عن الظرفية إلى الاسمية، فالجواب: أن الكلمة إنما تخرج عن الظرفية إذا لفظ معها «بفي» أما تقديرها فلا يلزم منه ما يلزم من النطق بها، ولا شك في ظهور الفرق بين ما هو ملفوظ به وبين ما هو في حكم الملفوظ به (1)، وقد استضعف ابن عصفور قول الفارسي أيضا فقال: هذا الذي استدل به الفارسي هو الذي عول عليه أكثر النحويين، وهو عندي ضعيف لأن العرب تفصل بين المضاف والمضاف إليه بحرف الجر ملفوظ به في باب لا [2/ 477] نحو قولك: لا أبا لك، وإذا لم يعتدوا به فاصلا وهو ملفوظ به فبالأحرى أن لا يعتدوا به فاصلا، وهو مقدر، وليس ما ذكروه من أن المقدر بمنزلة الملفوظ صحيحا، إذ لو كان كذلك لم يصل الفعل إلى نصب الظرف كما لا يصل إليه مع اللفظ «بفي» بل لقائل أن يقول: كما لم يعتدوا بفي المقدرة ولذلك نصبوا، كذلك ينبغي أن لا يعتد بها إذا أضافوا، قال: وإلى ذلك ذهب الجزولي، فإنه أجاز الإضافة مع بقاء الظرفية، ثم قال: والصحيح عندي أنه لا يضاف إلى الظرف إلا بعد الاتساع فيه كما ذهب إليه أبو علي، لكن العلة فيه هو ما ذكره، وهي أن الظرف إذا دخل عليه الخافض خرج عن الظرفية، والسبب في ذلك أي في خروج الظرف بالخفض عن الظرفية إلى الاسمية ما ذكره أبو الحسن في كتابه الكبير من أنهم جعلوا الظرف بمنزلة الحرف الذي ليس باسم [3/ 7] ولا فعل لشبهه به، من حيث كان أكثر الظروف قد أخرج منها الإعراب وأكثرها أيضا لا يثنى ولا يجمع ولا يوصف، قال: فلما كانت كذلك كرهوا أن يدخلوا فيها ما يدخلون في الأسماء (2). انتهى ما ذكره ابن عصفور، ولقائل أن يقول: ما ذكره من الفصل في «لا أبا لك» يجاب عنه من وجهين: -
أحدهما: أن هذا شاذ يحفظ ولا يقاس عليه، وما كان خارجا عن القواعد والقياس لا عبرة به. -
(1) ينظر: شرح المفصل لابن يعيش (2/ 45، 46)، والأشباه والنظائر (1/ 222).
(2)
ينظر: التذييل (3/ 434 - 436)، والأشباه والنظائر (1/ 17) حيث ذكر هذا النص فيهما لابن عصفور.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثانيهما: أن مذهب جماعة من أكابر النحاة أن لا إضافة وأن المجرور بعد اسم «لا» في موضع الصفة ولكن الموصوف شبيه بالمضاف، فعومل معاملته، وقد تقدم الكلام على ذلك في باب «لا» العاملة عمل «إنّ» وأما قوله: إنه لو كان المقدر بمنزلة الملفوظ لم يصل الفعل إلى نصب الظرف كما لا يصل إليه مع التلفظ «بفي» فالجواب عنه: أن الفعل إنما لم يصل إلى النصب مع التلفظ «بفي» لأن المحل قد شغل بعمل «في» عن قبول غير ما شغل به، أما إذا لم يلفظ بها فلا يكون لها عمل؛ إذ لا يجر بحرف مقدر إلا في مواضع مخصوصة ليس هذا منها، وإذا لم يكن لها عمل فأي مانع يمنع من وصول الفعل إلى ما يطلبه، وأما التعليل الذي علل هو به ونقله عن أبي الحسن فلم يتوجه لي على التحقيق فعلى الناظر أن يتأمله، فإن كان صحيحا فهو تعليل آخر يضاف إلى تعليل الفارسي.
6 -
ومنها: أنك عرفت أن المصنف ذكر في الاتساع في الفعل المتعدي إلى ثلاثة - مذهبين، الجواز وقال: إنه ظاهر قول سيبويه، والمنع واختاره هو واستفيد من كلامه أن الاتساع فيما يتعدى إلى اثنين جائز كما هو جائز في غير المتعدي وفي المتعدي إلى واحد، قال ابن عصفور: وهو مذهب الأكثرين وهو مذهب سيبويه أعني جواز الاتساع في الفعل الذي يتعدى إلى اثنين (1)، ثم ذكر أعني ابن [2/ 478] عصفور مذهبا ثالثا وهو أن الاتساع إنما يجوز في غير المتعدي وفي المتعدي إلى واحد خاصة، واختار هو هذا المذهب، قال: وإنما امتنع عند هؤلاء الاتساع في الظرف المنتصب بالفعل المتعدي إلى اثنين؛ لأنه ليس في الأفعال ما يتعدى إلى ثلاثة مفعولين بحق الأصالة، فلحق به الفعل المتعدي إلى اثنين إذا اتسع في الظرف المنتصب به، وذلك أن أعلم وأرى إنما تعديا إلى ثلاثة بالنقل بالهمزة، وأما أنبأ وأخواتها فإنما تعدت بالتضمين، ثم قال: ومما يؤيد هذا المذهب أن الاتساع لا يحفظ في الظروف المنتصبة بالأفعال، إلا إذا كان الفعل الناصب لها غير متعد أو متعد إلى واحد (2). انتهى.
وقال الشيخ: تعدي الفعل إلى الظرف اتساعا غير معتد به ولا يراعى مراعاة -
(1) ينظر: التذييل (3/ 438)، والمطالع السعيدة (333).
(2)
ينظر: الأشباه والنظائر (1/ 18)، والتذييل (3/ 439)، والمطالع السعيدة (ص 233)، والهمع (1/ 203).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تعدّيه إلى المفعول به غير المتسع فيه، ودليل ذلك تعدي ما لا يتعدى إليه، فلولا أنه لا يتعدى به لم يجز في «قام» ونحوه مما لا يقتضي مفعولا به، فلما كان كذلك صحّ الاتساع في الظرف فيما يتعدى إلى ثلاثة، قال: ولم يلتفت سيبويه إلى ما يكون نظيرا له في كلام العرب أصح أم لا، كأنه لا يلزم ذلك ولا يعتدّ بهذا التعدي، وكأنه لم يجعل الظرف مفعولا به، ولم يتوسع فيه إذ ذاك مجاز لا حقيقة، ولولا ذلك لم يجز في قام ونحوه؛ لأن ذلك ممتنع في الحقيقة وإنما جاز لضرب من المجاز، قال: وأما قوله يعني المصنف: لم يسمع من ذلك شيء في باب أعلم، فلا يحكم فيه بجواز ذلك المجاز لعدم سماع ما يترتب عليه؛ فهذا أمر لازم له فيما يتعدى إلى اثنين، وقد جوز هو التوسع فيما يتعدى إلى اثنين ولم يسمع من ذلك شيء فيما يتعدى إلى اثنين؛ فينبغي على ما قررنا أن لا يجوز ذلك، وقد جوز الاتساع فيما يتعدى إلى اثنين فتناقض (1). انتهى.
والذي ذكره الشيخ هو الظاهر، وقد عرفت أن المصنف قال: إن ظاهر قول سيبويه يعطي جواز الاتساع فيما يتعدى إلى ثلاثة، وعرفت كيف قرر ابن خروف ذلك، فعلى ما ذكره الشيخ يتمشى مذهب سيبويه، ويتبين صحة تقرير ابن خروف. فرحمهم الله تعالى أجمعين بمنّه وكرمه.
7 -
ومنها: أن ابن عصفور تعرض إلى ذكر المصدر بالنسبة إلى جواز الاتساع فيه، فقال: الاتساع في المصدر أن ينصب نصب المفعول به، وأعني بذلك أن يعامل معاملة المفعول لا معاملة المصدر، بدليل أنه يجوز أن يؤتى بعده إذ ذاك بالمصدر كما يؤتى به بعد المفعول به، ومن ذلك قول العرب: سير عليه سير شديد، أيما سير فسير شديد كان قبل بناء الفعل للمفعول منصوبا على التشبيه بالمفعول به، بدليل أنهم أتوا بعده باسم منتصب على المصدر [2/ 479] وهو أيما سير (2). انتهى.
ومن أجل هذا ابتدأ الشيخ شرح هذا الموضع كأنه يستدرك على المصنف بأن قال: ظاهر كلامه اختصاص الظرف المتصرف بالتوسع فيه بأن يجعل مفعولا به على التوسع والمجاز ولا يختص ذلك بهذا الظرف، بل يجوز ذلك في المصدر المتصرف -
(1) التذييل (3/ 439).
(2)
ينظر: التذييل (3/ 429)، والأشباه والنظائر (1/ 16)، والمطالع السعيدة (ص 331).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أيضا فينصب مفعولا به على التوسع والمجاز، ولو لم يصح فيه ذلك ما جاز لفعل ما لم يسم فاعله حين قلت: ضرب ضرب شديد؛ لأن بناءه لما لم يسم فاعله فرع عن التوسع فيه بنصبه نصب المفعول به وتقول: الكرم
أكرمته زيدا، ويا ضارب الضرب زيدا (1). هذا كلام الشيخ.
واعلم أن في كون المصدر يتوسع فيه بأن يجعل مفعولا به نظرا، وموجبه أن التوسع مجاز والمجاز لا يرتكب إلا بدليل، وقد وجد في الظرف ما يدل على أنه ينصب مفعولا به على السعة وهو أنهم أوصلوا العامل إلى ضمير الظرف بنفسه [3/ 8] دون «في» فدلّ ذلك على أنهم إنما أوصلوه إلى الضمير بعد إيصالهم إياه إلى الظاهر بنفسه أيضا؛ إذ لو لم يقدر ذلك في الظاهر لم يجئ في مضمره، فثبت نصب الظرف مفعولا به على التوسع بهذا الطريق، وأما المصدر فأي دليل يدلنا على أنه إذا نصب، أما مع عدم ذكر مفعول أو مع ذكر مفعول على أنهم توسعوا فيه فنصبوه مفعولا به، وإذا لم يكن ثمّ دليل على ذلك فندعي أنه منصوب على المصدر، ولو ذكر معه المفعول به؛ إذ لا مانع من ذلك، وما قاله ابن عصفور من أنه يجوز أن يؤتى بعده إذ ذاك بالمصدر ممنوع، وأما استدلاله بقول العرب: سير عليه سير شديد أيما سير إلى آخر ما ذكره فمنازع فيه؛ لأن لمدّع أن يدعي أن أيما سير باق على المصدرية وأنه منصوب على الحال من سير شديد؛ لأن سيرا وإن كان نكرة قد تخصص بالوصف، وكما أن الحال يكون عن المعرفة يكون عن النكرة المخصصة لا فرق بينهما كما هو المعروف عند أهل الصناعة النحوية، وأما ما مثّل به الشيخ وهو: الكرم أكرمته زيدا فلا أعرف ما المانع فيه من أن يكون الضمير منصوبا على المصدر، وكذا: يا ضارب الضرب زيدا أصله:
يا ضاربا الضرب زيدا، فالضرب منصوب على المصدر وأضفنا إليه وهو باق على مصدريته إذ لا مانع من ذلك، وإنما احتجنا إلى إخراج الظرف عن الظرفية حال الإضافة إليه لأجل «في» المقدرة كما تقدم تقريره.
وأما قوله: «إنه لو لم يصح فيه ذلك ما جاز أن يقام مقام المفعول إذا بني الفعل له، وتعليله ذلك بأن بناءه لما لم يسم فاعله فرع عن التوسع فيه بنصبه نصب المفعول به» فغير ظاهر [2/ 480] ولا نسلم أن إقامته مقام المفعول فرع عن نصبه نصب -
(1) التذييل (3/ 328، 329).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المفعول به، بل نقول: إن المصحح لإقامة المصدر مقام الفاعل هو المصحح لوقوعه فاعلا وهو الملابسة التي بينه وبين الفعل، كما أن ذلك واقع في الظرف
وحاصل الأمر: أن المصدر يتوسع فيه بالإسناد إليه ولا يتوسع فيه بأن ينصب مفعولا به ولا بأن يضاف إليه؛ إذ لا داعية تدعو فيه إلى ذلك بخلاف الظرف فإنه يتوسع فيه بالإسناد كالمصدر ويتوسع فيه أيضا بنصبه مفعولا به
والإضافة إليه (1)؛ ولأجل ذلك لم يتعرض المصنف إلى ذكر التوسع في المصدر في هذا الباب حين ذكر التوسع في الظرف، لأن التوسع في الظرف عام في ثلاثة الأمور المذكورة والتوسع في المصدر خاص بأمر واحد، وقد ذكر المصنف ذلك الأمر في باب ما لم يسم فاعله لأنه مكانه فلم يبق لذكره في هذا الباب وجه، وهذا يدل على جلالة قدر المصنف وعلو رتبته وأنه موفق في نظره مهدي إلى طريق الصواب؛ فرحمه الله تعالى وأسكنه غرفات الجنان بمنه وكرمه.
* * *
(1) ينظر: الأمالي الشجرية (2/ 249).