الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسنذكر بعض أدلة هذا الرأي، ثم نعود إلى ما ادعى ابن حزم أنه مانع من تعليل أفعال الله تبارك وتعالى فنجيب عليه إن شاء الله تعالى.
الأدلة على القول بالتعليل:
الدليل الأول:
إخبار الله تعالى في القرآن الكريم أنه فعل كذا لكذا وهذا في القرآن كثير جدًّا من ذلك قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}
(1)
(2)
(3)
.
فإن قيل اللام في هذا كله لام العاقبة كقوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا}
(4)
(5)
. وغير ذلك مما هو في القرآن كثير فإن ما بعد اللام في هذا ليس هو الغاية
(1)
سورة الطلاق: آية (12).
(2)
سورة النساء: آية (165).
(3)
سورة البقرة: آية (143).
(4)
سورة القصص: آية (8).
(5)
سورة الأنعام: آية (113).
المطلوبة، ولكن لما كان الفعل منتهيًا إليه وكان عاقبة الفعل دخلت عليه لام التعليل وهي في الحقيقة لام العاقبة.
قلنا: إن لام العاقبة إنما تجيء في حق من لا يكون عالمًا بعواقب الأمور ومصايرها فيفعل الفعل الذي له عاقبة لا يعلمها كال فرعون.
فأما من هو بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير فلا يتصور منه أن يفعل فعلا له عاقبة لا يعلمها، وإذا علم أن فعله له عاقبة فلا يقصد بفعله ما يعلم أنه لا يكون فإن ذلك تمن وليس بإرادة.
فاللام الواردة في أفعال الله وأحكامه لام الحكمة والغاية المطلوبة
(1)
.
وقد أجاب ابن القيم أيضًا على الاعتراض بجواب آخر، بإمكان حمل ما احتجوا به على أن اللام للعاقبة بحمل ذلك على أنها لام التعليل
(2)
.
وما يلزم نفاة التعليل: أنهم يقولون بان الله تعالى أيد الرسل وأصحبهم بالمعجزات الخارقة للعادة بإحالة الطبائع المخالفة لما بني عليه العالم، وذلك لا يكون إلا من الله تعالى فهو الفاعل لها اتفاقًا وأنها لتصحيح صدق الرسل وصحة ما أتوا به من عند الله تعالى وهذا يخالف قولكم أن الله لا يفعل شيئًا لشيء وهذا باعترافكم أن الله فعل المعجزات لتصديق الرسل وهذا تعليل لأفعال الله تعالى فثبت تناقضكم
(3)
.
(1)
انظر شفاء العليل لابن القيم ص (400 - 402)، ومجموعة فتاوي ابن تيمية (8: 187).
(2)
انظر شفاء العليل لابن القيم ص (402 - 407).
(3)
انظر الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (4: 257).