الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
18 - الرؤية:
يذهب أبو محمد بن حزم إلى أن الله تعالى يراه المسلمون يوم القيامة لقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}
(1)
. ولما روى بسنده عن جرير بن عبد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول - ونظر إلى القمر -: "إنكم سترون ربكم كما ترون هذا لا تضامون
(2)
في رؤيته"
(3)
ولنحو هذا من الأحاديث الواردة في إثبات رؤية المؤمنين لله تعالى يوم القيامة.
ويقول: إن الآية والأحاديث الصحاح المأثورة في رؤية الله تعالى يوم القيامة موجبة القبول لتظاهرها وتباعد ديار الناقلين لها.
ويرى أن هذه الرؤية حقيقة وأنها كرامة للمؤمنين، وليست معرفة القلب لأن معرفة القلب حاصلة في الدنيا لجميع العارفين، بالله تعالى.
ورؤية الله تعالى التي ستحصل للمؤمنين في الآخرة لا تكون في الدنيا.
(1)
سورة القيامة: الآيتان (22، 23).
(2)
يقال تضام القوم انضم بعضهم إلى بعض، والمعنى لا يلحقكم مشقة في رؤيته فلا يقرب بعضكم إلى بعض لترائيه فهي رؤية جلية واضحة انظر في معنى التضام مختار الصحاح ص (384)، القاموس المحيط (4: 342).
(3)
المحلى لابن حزم (1: 43)، وانظر صحيح البخاري (4: 200)، سُنن الترمذي (4: 92)، سنن أبي داود (2: 535).
وليست تلك الرؤية بهذه القوة الموضوعة في العين الآن، والتي لا تقع إلا على الألوان، وإنما هي بقوة موهوبة من الله تعالى يجعلها في أعين من سيراه
(1)
كما جعل من القوة في إذن موسى عليه السلام حتى سمع كلامه.
ويقول بعدم رؤية الكفار لله تعالى يوم القيامة إلا بقلوبهم لقوله تعالى {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}
(2)
.
هذا هو مذهب ابن حزم في رؤية الله ومن يرى الله تبارك وتعالى
(3)
.
هذا المذهب الذي ذهب إليه ابن حزم في رؤية الله تعالى هو المذهب الذي تؤيده الأدلة الصريحة والصحيحة من الكتاب والسنة وهو ما عليه سلف الأمة وأئمتها. فهم يثبتون رؤية الله تعالى يوم القيامة كرامة للمؤمنين وهي أعلى نعيم أهل الجنة عندهم وقد فسروا
(1)
قد خالف ابن حزم رأيه هذا في رسالته الدرة ص (110 ب) ضمن مجموعة رسائل له حيث يقول: "فهو تعالى مرئي بالعين وبجميع الوجه، ولا يجوز أن يخص بذلك بعض الوجه دون بعض". وفي نفس الرسالة ما يدل على تأخرها عن الفصل والذي نص فيه على الرؤية بالعين. انظر ص (102 ب) منها وجـ 3 ص (21) من الفصل. فلا أدري هل رجع ابن حزم عن ذلك الصواب، أو أنه حين قال ذلك في الفصل غفل عن ظاهريته، وكان مستحضرًا لها عند كتابة ذلك في الدرة وفي رده على من قال:"إن خبر الله تعالى عن الرؤية بالوجه" أي ليس بالعين. في الفصل، ما يكفي ردًا عليه في الدرة. وبالله تعالى التوفيق.
(2)
سورة المطففين: آية (15).
(3)
انظر الفضل لابن حزم (3: 2 - 4) المحلى له (1: 43).