الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحبهما الله: الحلم والأناءة، فقال: أخلقين تخلقت بهما؟ أم خلقين جبلت عليهما؟ فقال: بل خلقين جبلت عليهما. فقال: الحمد لله الذي جبلني على ما يحب"
(1)
.
في الحديث بيان أن تلك الصفتين في أشج عبد القيس مما جبله الله عليهما فليستا من فعله
(2)
.
ويمكن الاستدلال بالحديث على نفي الجبر ووقوع الإختيار في أفعال الإنسان. لأن تلك الصفتين اللتين جبل عليهما أشج عبد القيس قد يأتي بما يخالفهما وليس هناك ما يمنعه فليس مجبرًا عليهما.
3 - الهدي والتوفيق والإضلال:
في بيان هدى الله تعالى للعبد وإضلاله له.
يقرر أبو محمد بن حزم هذا ببيان أن الله تعالى خلق نفس الإِنسان
(1)
انظر سُنن أبي داود (4: 357) وروى الحديث عن محمد بن عيسى الطباع، عن مطر بن عبد الرحمن الأعنق عن أُم أبان بنت الوازع بن زارع عن جدها زارع وكان في وفد عبد القيس، ومحمد بن عيسى وثقه النسائي وابن حبان وقد روى عنه البخاري انظر التهذيب لابن حجر (9: 392 - 394). ومطر قال عنه أبو حاتم محله الصدق وذكره ابن حبان في الثقات. انظر التهذيب لابن حجر (10: 169). وأما أم أبان فذكرها الذهبي في ميزان الاعتدال (4: 486، 611) وابن حجر في التهذيب (12: 458) ولم يذكروا فيها جرحًا ولم يذكروا لها تعديلا. والحديث رواه أيضًا ابن ماجه في سُننه (2: 1401) والإمام أحمد في مسنده (4: 206).
(2)
انظر مجموع فتاوى ابن تيمية (8: 462). ورسالة الإرادة والأمر له ضمن المجموعة الكبرى (1: 344، 345).
مميزة عاقلة عارفة بالأشياء على ما هي عليه فهمة بما تخاطب به. وجعلها مأمورة منهية فعالة منعمة معذبة ملتذة آلمة حساسة، وخلق فيها قوتين متعاديتين متضادتين في التأثير وهما التمييز والهوى كل واحدة منهما تريد الغلبة على آثار النفس.
فالتمييز هو الذي خص به نفس الإنسان والجن والملائكة دون الحيوان الذي لا يكلف، والذي ليس ناطقًا.
والهوى هو الذي يشاركها فيه نفوس الجن والحيوان الذي ليس ناطقا من حب اللذات والغلبة، فالملائكة ليس عندها هذه القوة، لذلك لم يقع منها معصية أصلًا بوجه من الوجوه.
فإذا عصم الله النفس غلب التمييز بقوة من عنده. هي له مدد وعون فجرت أفعال النفس على ما رتب الله عز وجل في تمييزها من فعل الطاعات، وهذا هو الذي يسمى العقل.
وإذا خذل جل وعز النفس أمد الهوى بقوة هي الإضلال فجرت أفعال النفس على ما رتب الله عز وجل في هواها من الشهوات وحب الغلبة والحرص والبغي والحسد وسائر الأخلاق الرذلة والمعاصي وقد قامت البراهين على أن النفس مخلوقة وكذلك جميع قواها المنتجة عن قوتيها الأولتين التمييز والهوى كل ذلك مخلوق مركب في النفس مرتب على ما هي عليه، فإذا قد صح أن كل ذلك خلق الله تعالى فلا مغلب لبعض ذلك على بعض إلا خالق الكل وحده لاشريك له يقول صلى الله عليه و "كل ميسر لما خلق له"
(1)
فبين عليه السلام
(1)
انظر صحيح البخاري (3: 155)، و (4: 101، 217) وصحيح مسلم (4: 2040، 2041)، وسنن أبي داود (4: 223) وسنن الترمذي (4: 445) وسُنن ابن ماجه (1: 30، 31) و (2: 725)، ومسند أحمد (1: 6) و (4: 427، 431).