المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(15) القدم والرجل - ابن حزم وموقفه من الإلهيات عرض ونقد

[أحمد بن ناصر الحمد]

فهرس الكتاب

- ‌شكر وتقدير

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأول حياة ابن حزم

- ‌الفصل الأول: التعريف بابن حزم

- ‌1 - أصله وأسرته:

- ‌مناقشة قول سانتشث البرنس:

- ‌مناقشة قول ابن سعيد، وابن حيان:

- ‌2 -‌‌ مولدهونشأته:

- ‌ مولده

- ‌(نشأته)

- ‌3 - بداية تعلمه:

- ‌4 - شيوخه:

- ‌5 - مكانته العلمية:

- ‌6 - تلاميذه:

- ‌7 - مصنفاته:

- ‌8 - وفاته:

- ‌الفصل الثاني: عصر ابن حزم

- ‌تمهيد:

- ‌1 - الأحوال السياسية:

- ‌2 - الأحوال الاجتماعية:

- ‌3 - الأحوال العلمية:

- ‌الباب الثاني الإلهيات

- ‌الفصل الأول وجود الله تعالى

- ‌الطريق الأول:طريق حدوث العالم

- ‌الطريق الثاني:هو طريق الاستدلال بما في الفلك من الآثار وما في المخلوقات من الدقة والإتقان والتوافق والاختلاف

- ‌الفصل الثاني: وحدانية الله

- ‌الفصل الثالث التنزيهات

- ‌1 - الجسمية، والعرضية، والزمانية والمكانية والحركة

- ‌2 - الصورة:

- ‌3 - المائية

- ‌4 - صفات الله تعالى من حيث الإِطلاق العام:

- ‌5 - أسماء الله تعالى:

- ‌الفصل الرابع الصفات

- ‌التمهيد

- ‌1 - الحياة

- ‌2 - العلم

- ‌3 - القدرة والقوة

- ‌مذهب ابن حزم في قدرة الله تعالى يتلخص فيما يلي:

- ‌4 - الإِرداة

- ‌الأدلة العقلية على أن الله متصف بالإِرادة:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌قدم إرادة الله تعالى:

- ‌5 - الكلام

- ‌مسمى الكلام:

- ‌اتصاف الله بالكلام:

- ‌الكلام على القرآن:

- ‌الكلام المتلو والمسموع:

- ‌المكتوب في المصاحف:

- ‌المضاف إلى العباد:

- ‌6 - السمع والبصر

- ‌7 - العز والعزة والكبرياء

- ‌8 - النفس والذات

- ‌(9) الوجه

- ‌الادلة من السنة على إثبات صفة الوجه لله تعالى

- ‌(10) العين والأعين:

- ‌(11) اليد واليدين والأيدي:

- ‌(12) الأصابع

- ‌(13) الجنب

- ‌1)(14)الساق:

- ‌(15) القدم والرجل

- ‌دليل أن استواء الله الوارد بالنص بمعنى العلو:

- ‌(17) النزول:

- ‌ الرد على الشبهة الأولى

- ‌الرد على الشبهة الثانية:

- ‌الرد على الشبهة الثالثة:

- ‌الرد على الشبهة الرابعة:

- ‌الرد على ابن حزم في تأويل النزول:

- ‌18 - الرؤية:

- ‌أولًا: أدلة جواز الرؤية زيادة على ما ذكر ابن حزم:

- ‌(أ) الأدلة النقلية:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني من أدلة النقل على جواز الرؤية:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع على جواز الرؤية:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌الدليل السابع على جواز الرؤية:

- ‌الدليل الثامن:

- ‌(ب) الأدلة العقلية على جواز الرؤية:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌ثانيًا: أدلة وقوع الرؤية

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني على وقوع الرؤية:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الفصل الخامس أفعال الله تعالى

- ‌تمهيد:

- ‌1 - القضاء والقدر:

- ‌مذهب ابن حزم في قضاء الله وقدره:

- ‌2 - خلق أفعال العباد:

- ‌3 - الهدي والتوفيق والإضلال:

- ‌ الهدى والتوفيق

- ‌الأضلال:

- ‌4 - التعديل والتجوير:

- ‌5 - تعليل أفعال الله:

- ‌الأدلة على القول بالتعليل:

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌الوجه الأول:نفى لزوم قدم المعلول لقدم العلة من عدة أوجه

- ‌الوجه الثاني:إبطال دعوى أن من يفعل لعلة ليس مختارًا

- ‌الوجه الثالث:إبطال التسلسل اللازم للعلة إذا كانت محدثة

- ‌الوجه الرابع:تسليم التسلسل في إثبات الحكمة:

- ‌6 - اللطف والأصلح:

- ‌7 - إرسال الرسل:

- ‌دليل ابن حزم على وجوب النبوة إذا وقعت:

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المراجع

الفصل: ‌(15) القدم والرجل

يقول أبو يعلى بعد أن ذكر حديث أبي سعيد الخدري: "ولا يصح تأويل ذلك على الشدة، ولأنه قال: فيتمثل لهم الرب وقد كشف عن ساقه. والشدائد لا تسمى ربا. ولأنه قال "يخرون .. سجدا" .. والسجود لا يكون للشدائد".

(1)

وفي مختصر الصواعق: قوله تعالى {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}

(2)

مطابقا لقوله صلى الله عليه وسلم: "فيكشف عن ساقه" وتنكيره للتعظيم والتفخيم كأنه قال: يكشف عن ساق عظيمة قالوا وحمل الآية على الشدة لا يصح بوجه، فإن لغة القوم أن يقال: كشفت الشدة عن القوم لا كشفت عنها. كقوله تعالى: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ}

(3)

فالعذاب هو المكشوف لا المكشوف عنه. وأيضا فهناك تحدث شدة لا تزول، إلا بدخول الجنة. وهنا لا يدعون إلى السجود، وإنما يدعون إليه أشد ما كانت الشدة"

(4)

مما ذكرنا عن أبي يعلى وابن القيم، نرى استبعادهم لحمل الساق الوارد إثباته لله تعالى على معنى الشدة ويثبتونه صفة لله تعالى على ما يليق بجلاله تعالي وتقدس.

(15) القدم والرجل

يذهب أبو محمد بن حزم إلى أن معنى القدم والرجل - في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن جهنم لا تمتلىء حتى يضع فيها

(1)

المعتمد في أصول الدين (ص 53).

(2)

سورة القلم: آية (42).

(3)

سورة الزخرف: آية (50).

(4)

مختصر الصواعق (المرسلة (1: 23).

ص: 327

قدمه"

(1)

وقوله صلى الله عليه وسلم "حتى يضع فيها رجله"

(2)

- الأمة التي تقدم في علم الله تعالى أنه يملأ بها جهنم، لأنه صلى الله عليه وسلم بين ذلك في حديث آخر صحيح أخبر فيه أنه تعالى بعد يوم القيامة يخلق خلقا يدخلهم الجنة، وأنه تعالى يقول للجنة والنار لكل واحدة منكما ملؤها، فمعنى القدم في الحديث المذكور إنما هو كما قال تعالى {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} ،

(3)

يريد سالف صدق فمعناه الأمة التي تقدم في علمه تعالى أنه يملأ بها جهنم ومعنى رجله نحو ذلك، لأن الرجل الجماعة في اللغة، أي يضع فيها الجماعة التي سبق في علمه تعالى أنه يملأ جهنم بها

(4)

.

مذهب ابن حزم الذي بينا في قدم الله ورجله، موافق لمذهب بشر المريسى،

(5)

في القدم موافقة تامة، حيث يرى بشر أن المقصود بالقدم المذكورة في الحديث: أهل الشقوة الذين سبق في علم الله تعالى أنهم

(1)

انظر صحيح البخاري (3: 137)، (4: 108، 203، 204)، صحيح مسلم (4: 2186 - 2188)، سنن الترمذي (5: 390)، مسند الإِمام أحمد (2: 369، 507)، (3: 13).

(2)

انظر صحيح مسلم (4: 2186، 2187).

(3)

سورة يونس: آية (2).

(4)

انظر الفصل (2: 167).

(5)

هو بشر بن غياث بن أبي كريمة عبد الرحمن المريسي العدوي بالولاء أبو عبد الرحمن، مبتدع ضال، لا ينبغي أن يروى عنه. كان والد بشر المريسي يهوديًا قصابًا تفقه بشر على أبي يوسف فبرع وأتقن علم الكلام، ثم جرد القول بخلق القرآن ولم يدرك الجهم بن صفوان وإنما أخذ مقالته ودعا إليها وهو رأس الطائفة المريسية وهو يقول برأي الجهمية توفي سنة 218. انظر وفيات الأعيان (1: 277، 278)، ميزان الاعتدال (1: 322، 323)، لسان الميزان (2: 29)، الأعلام (2: 55).

ص: 328

صائرون إليها.

(1)

وعدم إثبات القدم صفة لله تعالى هو مذهب المعتزلة عامة

(2)

وبعض الأشاعرة

(3)

.

يقول الآمدي في تأويل الحديث: "يحتمل أن يراد به بعض الأمم المستوجبين النار، وتكون إضافة القدم إلى الجبار تعالى إضافة التمليك. وقد قيل يحتمل أن يكون المراد به قدم بعض الجبارين المستحقين للعذاب الأليم بأن يكون قد ألهم الله النار الاستزادة إلى حين استقرار قدمه فيها".

(4)

فالتأويل الأول الذي ذكره الآمدي هو مذهب المريسي وابن حزم ومن تبعهم.

ونرى عدم صحة هذا القول وأن تأويل القدم والرجل الوارد ذكرهما في الحديث بالجماعة، أو بغير ما يدل عليه اللفظ من الصفة الحقيقية لله تعالى على ما يليق بجلاله وكماله:

(5)

لا يتم حتى مع صحة ورود الرجل والقدم بمعنى الطائفة والجماعة لغة.

(6)

إذ لا يلزم على هذا أن تلازم ذلك المعنى دون غيره مما وضعت له، بل إن حال الكلام الذي ترد فيه هو المحدد للمعنى المقصود من معانيها.

(1)

انظر رد الدارمي على المريسي (ص 66).

(2)

انظر المعتمد في أصول الدين لأبي يعلي (ص 54).

(3)

انظر الشامل في أصول الدين للجويني (ص 562 - 565)، أساس التقديس للرازي (ص 141 - 143)، غاية المرام للآمدى (ص 141).

(4)

غاية المرام للآمدى (ص 141).

(5)

انظر المعتمد لأبي يعلي (ص 54)، شرح المواقف (ص 178، 179)، قلائد المرجان للنابلسي (ص 60/ أ، ب) شرح الواسطية للهراس (ص 98)، الأسئلة والأجوبة الأصولية (ص 215).

(6)

انظر لسان العرب (13: 289).

ص: 329

ثم إن في نص الأحاديث التي ذكر فيها القدم، والرجل ما يبعد حملها على تأويل ابن حزم ونص الأحاديث ما يلي:

(1)

روى مسلم بسنده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تحاجت النار والجنة فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين وقالت الجتة: فما لي لا يدخلنى إلا ضعفاء الناس وسقطهم

(1)

وعجزهم.

(2)

فقال الله للجنة: أنت رحمتى أرحم بك من أشاء من عبادى. وقال للنار: أنتى عذابى أعذب بك من أشاء من عبادى ولكل واحدة منكما ملؤها فأما النار فلا تمتلىء، فيضع قدمه عليها فتقول: قط، قط.

(3)

فهناك تمتلىء، ويزوى بعضها إلى بعض".

(4)

(2)

روى مسلم بسنده عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وساق الحديث كالحديث السابق إلى أن قال:

"فأما النار فلا تمتلىء حتى يضع الله تبارك وتعالى رجله. تقول قط قط قط فهناك تمتلىء، ويزوى بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله من خلقه أحدا. وأما الجنة، فإن الله ينشىء لها خلقا".

(5)

(1)

سقطهم أي ضعفاؤهم والمحتقرون منهم الذين لا يعتد بهم انظر اللسان (9: 189).

(2)

عجزهم. بفتح العين والجيم جمع عاجز أي غير المستطيع لطلب الدنيا والرفعة. انظر القاموس (2: 180).

(3)

قط، قط، بمعنى حسبى أي يكفيني. انظر شرح المواقف (ص 178)، القاموس (2: 380).

(4)

صحيح الإمام مسلم (4: 2186)، وانظر صحيح البخاري (4: 204) مسند الإِمام أحمد (2: 369، 507)، (3: 13)، التوحيد لابن خزيمة (ص 92 - 94)، قلائد المرجان (ص 60/أ).

(5)

صحيح الإِمام مسلم (4: 2186، 2187).

ص: 330

(3)

وروى مسلم بسنده عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد حتى يضع فيها رب العزة تبارك وتعالى قدمه فتقول: قط قط وعزتك ويزوى بعضها إلى بعض".

(1)

(4)

وروى مسلم أيضا بسنده عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

"لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوى بعضها إلى بعض وتقول قط قط بعزتك، وكرمك، ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشىء الله لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة".

(2)

في هذه الأحاديث المصرحة بأن الله تعالى يضع رجله أو قدمه في النار ما يبعد حملها على تأويل ذلك بالأمة أو الجماعة التي سبق في علمه تعالى أنه يملأ جهنم بها، لأن في كل الأحاديث التي ذكرنا:"أنه ينزوي بعفرا النار إلى بعض" أي يقرب بعضها إلى بعض، يقال: انزوى القوم بعضهم إلى بعض إذا تدانوا وتضاموا

(3)

والمعنى في الأحاديث أن النار بعد هذا الفعل من الله تعالى تجمع وتضيق على من فيها فتمتلىء بهم. ولو أن المقصود بوضع القدم أو الرجل الجماعة لقال في تلك الأحاديث يلقى فيها حتى تمتلىء لأن الجماعة تلقى فيها

(1)

صحيح الإِمام مسلم (4: 2187)، وانظر صحيح البخاري (3: 137)، سنن الترمذي (5: 390).

(2)

صحيح الامام مسلم (4: 2188)، وانظر صحيح البخاري (4: 108، 109).

(3)

مختار الصحاح (ص 279)، لسان العرب (19: 83، 84).

ص: 331

القاء. ولم يقل: "يزوى بعضها إلى بعض". وفى معنى الزوى الجمع والتضييق ولا يحتاج إلى هذا مع زيادة فيها غير الموجودين، لأن الله تبارك وتعالى قادر على ملئها من غير تضييق خاصة على هذا القول - خلق أناس لها - لكن مقتضى عدله يخالف هذا فلا يعذب أحدا بغير ذنب. وكما إلى هذه الإشارة في الحديث الثاني مما ذكرنا بقوله:"ولا يظلم الله من خلقه أحدا" ولسعة فضله وسابغ إنعامه سبحانه وتعالى لم يضيق الجنة ليفى لها بوعده، بل خلق لها خلقا. لم يعملوا وأسكنهم فضلها. وفى كل من تضييق النار على من فيها حتى تمتلىء. وخلقه تعالى للجنة خلقا يملؤها وفاء بوعده تعالى لما قال:"لكل واحدةٍ منكما ملؤها" كما في الحديث الأول السابق وقوله تعالى {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}

(1)

فإن قيل: كيف يصح لكم أن تثبتوا لله تعالى قدما حقيقية، ثم تقولون إنه يضعها في لنار إذا طلبت المزيد، والملء كما وعدها، ووضع القدم في النار مستحيل؟

قلنا: أما إثباتنا القدم لله تعالى، فليس ابتداعا من عند أنفسنا ولا نثبت لله تعالى شيئا لم يثبته لنفسه، أو يثبته له أعلم الخلق به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. وقد أثبت القدم لربه كما في الأحاديث السابقة.

وليس في إثبات القدم، أو الرجل نقص في حقه سبحانه فصفاته تليق بجلاله وكماله، وليست على ما نعلم من صفات الخلق فليست بجارحة بل صفة له تليق بعظمته.

وقد عاب الله سبحانه على من يعبد الأصنام بقوله: "ألهم أرجل

(1)

سورة هود: آية (119)، السجدة: آية (13).

ص: 332

يمشون بها"

(1)

فجعل عبادتهم لأصنام ليس لها أرجل محل ذم لهم.

(2)

أما وضعه تعالى قدمه في النار فهذا لا استحالة فيه بالنسبة لله تبارك وتعالى رب كل شىء ومليكه، وقياسكم ذلك على الخلق باستحالة وضع القدم منهم هو عين التشبيه الذي ادعيتم الفرار منه، فوقعتم في أعظمه. فقياسكم الله تعالى على خلقه هو الذي أوقعكم في تعطيله بعد تشبيهه فجمعتم بين محذورين تشبيه الله بخلقه وتعطيله بنفي صفاته اللائقة بجلاله وعظمته.

(3)

ثم إن دعوى استحالة وضع القدم في النار غير صحيحة حتى بالنسبة للمخلوق. فالله سبحانه وتعالى قد خلق للنار خزنة يدخلونها ملائكة غلاظ شداد يقول تبارك وتعالى: {عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} .

(4)

فيخرجون من النار من أمرهم الله بإخراجه وهم غير معذبين بها. يقول تعالى: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30) وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} .

(5)

فإذا كانت جهنم لا تضر الخزنة الذين يدخلونها ويقومون عليها فكيف تضر الذي سخرها لهم تعالى وتقدس

(6)

(1)

سورة الأعراف: آية (195).

(2)

انظر كتاب التوحيد لابن خزيمة (ص 90)، المعتمد في أصول الدين لأبي يعلي (ص 54).

(3)

انظر الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (3: 151).

(4)

سورة التحريم: آية (6).

(5)

سورة المدثر الآيتان (30، 31).

(6)

انظر رد الدارمي على المريسي ص (69).

ص: 333

أما استدلال ابن حزم على مذهبه بما في الحديث، من أن الله تعالى يخلق خلقا يدخلهم الجنة، وأنه تعالى يقول للجنة والنار لكل واحدة منكما ملؤها، فمعنى القدم في الحديث إنما هو كما قال تعالى {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ}

(1)

يريد سالف صدق فمعناه الأمة التي تقدم في علمه تعالى أنه يملأ بها جهنم فليس صحيحا، لأن في الحديث الوعد بالملء للجنة والنار. وأن الله يخلق خلقا يدخلهم الجنة - وليس في الحديث ذلك بالنسبة للنار، وإنما الذي فيه أدن الله يضع قدمه فيها أو عليها، ولو كان يخلق للنار خلقا يعذبهم، كما يخلق للجنة خلقا ينعمهم - لقال صلى الله عليه وسلم في الحديث: إن الله يخلق خلقا يدخلهم الجنة، ويخلق خلقا يدخلهم النار، أو أن الجنة والنار لا تمتلئان حتى يضع الله فيهما قدمه أو رجله. ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فليس هو المقصود.

والذين تدل عليهم الآية "أن لهم قدم صدق" هم غير من يخلقون لملء الجنة، فهم ممن سبقت لهم البشارة وهم الذين آمنوا، ومن يخلق لملء الجنة لم يسبق له إيمان.

وفى معنى قوله تعالى "قدم صدق" قيل إنها الأعمال الصالحة أو الثواب، أو شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم للمؤمنين.

(2)

فإن قيل: إن الله تعالى ذكر أنه يخلق خلقا لملء الجنة، وهذا بين الدلالة. وقال: إنه يضع قدمه على النار فتمتلىء، وهذا غير ظاهر الدلالة فنحمل ما ورد مجملا من ذلك على ما ورد مفصلا.

قلنا: إن قوله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث: "يضع رب العزة فيها قدمه" ظاهر الدلالة لا إجمال فيه، وقد بين المراد صلى الله

(1)

سورة يونس آية (2).

(2)

انظر التفسير الكبير للرازي (17: 7).

ص: 334

عليه وسلم بما لا يدع مجالا للإيهام أو الشك. فنص في الأحاديث على أنه يزوى بعض النار على بعض. وفى بعضها "إنه لا يظلم من خلقه أحدا" فيبعد هذا احتمال أن وضع القدم فيها زيادة سكانها، وأن يدخل فيها أحدا من خلقه من غير ذنب. وليس بعد هذا الإيضاح بيان والله أعلم.

(16)

الاستواء:

يذهب ابن حزم إلى نفي كون الاستواء صفة، لأن الله تعالى لم يسم نفسه مستويا، ولا يصح أن يسمى الله تعالى بما لم يسم به نفسه، لأن هذا إلحاد في أسمائه، ثم إن الأمة مجمعة على أنه لا يدعوا أحد فيقول يا مستوى ارحمني، ولا يسمى ابنه عبد المستوى

(1)

ثم رد على من استدل بقوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}

(2)

على أن الله تعالى في مكان دون مكان، بما رد به على من قال: إن الله في كل مكان. بقوله: إن من هو في مكان فهو شاغل له وما كان في مكان فإنه متناه بتناهي مكانه فهو ذو جهات وهذه صفة الأجسام.

(3)

وقد رد ابن حزم أيضا على من يقول: إن استوى بمعنى استولى

(4)

وعلى من جعله صفة ذات، ومعناه نفى الاعوجاج.

(5)

ثم ارتضى في معنى الاستواء على العرش القول بأنه تعالى: فعل

(1)

انظر الفصل (2: 123، 124).

(2)

سورة طه آية (5).

(3)

انظر الفصل (2: 122، 123).

(4)

انظر الفصل (2: 123).

(5)

انظر الفصل (2: 123، 124).

ص: 335

فعله في العرش، وهو انتهاء خلقه إليه، فليس بعد العرش شيء. ويبين ذلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الجنات وقال:"فاسألوا الله الفردوس الأعلى فإنه وسط الجنة، وأعلى الجنة وفوق ذلك عرش الرحمن"

(1)

فصح أنه ليس وراء العرش خلق، وأنه نهاية جرم المخلوقات الذي ليس خلفه خلاء ولا ملاء.

والاستواء في اللغة يقع على الانتهاء قال الله تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا}

(2)

أي فلما انتهى إلى القوة والخير وقال تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ}

(3)

أي أن خلقه وفعله انتهى إلى السماء بعد أن رتب الأرض على ما هي عليه

(4)

.

لما كان ابن حزم يلتزم الأخذ بالظاهر في مذهبه على زعمه نفى أن يقال إن الله تعالى مستو على عرشه، لأن هذه التسمية لم ترد.

وفسر استواء الله تعالى الوارد بالنص بالانتهاء لصحة ذلك في اللغة على ما ذكر.

ونرى عدم صحة هذا المذهب.

فنقول: إن الله تعالى مستو على عرشه بذاته حقيقة استواء يليق بجلاله وكمال عظمته، لا على معنى القعود والمماسة، ولا على أي

(1)

صحيح البخاري (2: 92)، سنن الترمذي (4: 675).

(2)

سورة القصص آية (14).

(3)

سورة فصلت آية (11).

(4)

انظر الفصل (2: 125).

ص: 336

معنى يوجب حدوثه

(1)

وإنما على معنى الاستقرار، والعلو، والارتفاع، والصعود إلى السماء والبينونة من الخلق

(2)

.

فخلافنا مع ابن حزم ينحصر في نقطتين جوهريتين:

الأولى: إثباتنا أن الله مستو على العرلض خلافا لمذهبه.

الثانية: جعلنا الاستواء على العرش الوارد بالنص بمعنى العلو وليس بمعنى الانتهاء على ما يزعم.

أما ما حكى الإِجماع عليه من عدم جواز دعاء الله تعالى بالمستوى فلا نخالفه في ذلك، لأن لفظ "المستوى" ليس من أسماء الله الحسنى الواردة بالنص. وليس الدعاء كالإخبار. يقول تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}

(3)

فأمر سبحانه بدعائه بهذه الأسماء الحسنى دون غيرها، وإن لم يمتنع الإخبار عنه بغيرها مما هو صحيح المعنى مما دلت عليه تلك الأسماء الحسنى.

يقول ابن تيمية: "ويفرق بين دعائه والإخبار عنه فلا يدعى إلا

(1)

انظر كتاب التوحيد لابن خزيمة ص (101)، الإبانة للأشعري ص (30، 31)، المعتمد في أصول الدين لأبي يعلى ص (54)، شرح أسماء الله الحسنى للقرطبي ص (107/ أ)، الأسئلة والأجوبة الأصولية لابن سلمان ص (159).

(2)

انظر كتاب التوحيد لابن خزيمة ص (101)، الإبانة للأشعري ص (31)، التمهيد لابن عبد البر (7: 131)، الإِكليل في المتشابه والتأويل لابن تيمية ص (52)، شرح العقيدة الأصفهانية له ص (28)، القصيدة النونية لابن القيم ص (67، 68)، شرحها للهراس (1: 211)، شرح الواسطية للهراس ص (73، 74) الأسئلة والأجوبة الأصولية لابن سلمان ص (161).

(3)

سورة الأعراف آية (180).

ص: 337

بالأسماء الحسنى وأما الإخبار عنه فلا يكون باسم سيء لكن قد يكون باسم حسن، أو باسم ليس بسيء وإن لم يحكم بحسنه"

(1)

.

وقد وقع الاتفاق على جواز إطلاق أسماء على الله تعالى وليست من الأسماء الحسنى لكن معناها حق مثل المتكلم والمريد وغيرهما.

(2)

والدليل على قولنا إن الله تعالى مستو على عرشه ما جاء في القرآن الكريم والسنة المطهرة، من ذكر استوائه على العرش.

ومذهب أهل السنة أن الله تعالى إذا أثبت لنفسه اسما أو فعلا أنهم يثبتون له ذلك وما يدل عليه من صفة أو اسم لله يليق بجلاله إذا لم يلزم من إثبات ذلك معنى فاسدا.

يقول ابن القيم: "والرب تعالى يشتق له من أوصافه وأفعاله أسماء، ولا يشتق له من مخلوقاته. وكل اسم من أسمائه فهو مشتق من صفة من صفاته أو فعل قائم به .. فإذا لم يقم به فعل ولا صفة فلا معنى للاسم المجرد، وهو بمنزلة صوت لا يفيد شيئا وهذا غاية الإلحاد".

(3)

وعلى هذا فاشتقاق "مستو" مما أثبت الله تعالى لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من لفظ "استوى" اشتقاق صحيح وقد روى إثبات أن الله تعالى "مستو على عرشه" عن كثير من علماء أهل السنة والجماعة مما يدل على صحة تسمية الله تعالى عندهم بالمستوى على عرشه ووصفه بالاستواء.

يقول ابن خزيمة: "فنحن نؤمن بخبر الله جل وعلا، أن خالقنا

(1)

مجموع فتاوى ابن تيمية (6: 142).

(2)

انظر المقصد الأسنى شرح أسماء الله الحسنى للغزالي ص (185)، شرح العقيدة الأصفهانية لابن تيمية ص (5)، مجموع القتاوى (6: 142).

(3)

شفاء العليل لابن القيم ص (566، 567)، وانظر الملل (1: 94).

ص: 338

مستو على عرشه لا نبدل كلام الله ولا نقول قولا غير الذي قيل لنا"

(1)

.

ويقول أبو الحسن الأشعري: "نقول إن الله عز وجل مستو على عرشه"

(2)

وكرر هذا في مواضع كثيرة من كتابه الإِبانة

(3)

.

ويقول أبو حامد الغرالي: "وأنه مستو على العرش على الوجه الذي قاله"

(4)

.

ويقول ابن تيمية بعد أن ذكر الأقوال في الاستواء: "والقول الفاصل هو ما عليه الأمة الوسط، من أن الله مستو على عرشه استواء يليق بجلاله ويختص به"

(5)

.

تلك بعض نصوص كلام من قال إن الله تعالى "مستو على عرشه" ومنها نعرف عدم صحة دعوى ابن حزم - عدم جواز تسمية الله المستوى - فهؤلاء الذين ذكرنا أقوالهم: "إن الله مستو على عرشه" من أكابر علماء أهل السنة وبما قال هؤلاء يقول كثير من العلماء.

والأدلة التي بنوا عليها قولهم هذا هي:

أولا: ما جاء في القرآن الكريم من ذكر استوائه تعالى على العرش وذلك في سبعة مواضع هي:

قوله تعالى: " {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ

(1)

كتاب التوحيد لابن خزيمة ص (101، 104).

(2)

الإبانة للأشعري ص (30)، وانظر شرح أسماء الله الحسنى للقرطبي ص (107/ أ).

(3)

الإبانة ص (31، 32، 33).

(4)

الأربعين في أصول الدين للغزالي ص (14)، قواعد العقائد له ضمن القصور العوالي له (4: 194).

(5)

العقيدة الحموية الكبرى لابن تيمية ضمن المجموعة الكبرى (1: 439، 440).

ص: 339

أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}

(1)

وقوله: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}

(2)

وقوله: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}

(3)

.

وقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}

(4)

.

وقوله: {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}

(5)

.

وقوله: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}

(6)

.

وقوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}

(7)

.

وفي كل هذه المواضع التي ذكر الله فيها استواءه على العردش ذكر مع ذلك ما يبهر العقول من صفات جلاله وكماله التي هي منها متمدحا بذلك، وهذا ظاهر في كل الآيات ولا ينكره أحد.

وذكو هذا الشنقيطي، وسرد الآيات وما تشتمل عليه من تمدح الرب تعالى بتلك الصفات التي لا تليق إلا به، والاستواء منها وقال

(1)

سورة الأعراف آية (54).

(2)

سورة يونس آية (3).

(3)

سورة الرعد آية (2).

(4)

سورة طه آية (5).

(5)

سورة الفرقان آية (59).

(6)

سورة السجدة آية (4).

(7)

سورة الحديد آية (4).

ص: 340

بعد ذكرها: "فالشاهد أن هذه الصفة التي يظن الجاهلون أنها صفة نقص ويتهجمون على رب السموات والأرض بأنه وصف نفسه صفة نقص ثم يسببون عن هذا أن ينفوها ويؤولوها مع أن الله جل وعلا تمدح بها، وجعلها من صفات، الجلال والكمال مقرونة بما يبهر العقول من صفات الجلال والكمال، هذا يدل على جهل وهوس من ينفي بعض صفات الله جل وعلا بالتأويل"

(1)

ثانيا: مما جاء في السنة المطهرة من ذكر استوائه تعالى على العرش.

ما روى عن قتادة بن النعمان أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لما فرغ الله من خلقه استوى على عرشه"

(2)

.

وروى الإِمام الشافعي في فضل الجمعة بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "أتى جبريل بمرآة بيضاء فيها نكتة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما هذه؟ فقال هذه الجمعة فضلت بها أنت وأمتك فالناس لكم فيها تبع - اليهود والنصارى - ولكم فيها خير، وفيها ساعة لا يوافقها مؤمن يدعو الله بخير إلا استجيب له وهو عندنا يوم المزيد فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا جبريل وما يوم المزيد؟ فقال: إن ربك اتخذ في الفردوس واديا أفيح، فيه كثب المسك فإذا كان يوم الجمعة أنزل الله تبارك وتعالى ما شاء من ملائكته وحوله منابر من نور عليها مقاعد النبيين والصديقين، وحف تلك المنابر بمنابر من ذهب مكللة بالياقوت

(1)

منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات للشنقيطي ص (17).

(2)

العلو للعلي الغفار في صحيح الأخبار وسقيمها للذهبي ص (52) ويقول بعد ذكر هذا الحديث "رواته ثقات رواه أبو بكر الخلال في كتاب السُّنة له" أنظر العلو ص (52).

ص: 341

والزبرجد عليها الشهداء والصديقون، فجلسوا من ورائهم على تلك الكثب فيقول الله عز وجل:"أنا ربكم قد صدقتكم وعدى فسلوني أعطكم" فيقولون: ربنا نسألك رضوانك فيقول الله عز وجل "قد رضيت عنكم ولكم ما تمنيتم ولدي مزيد" فهم يحبون يوم الجمعة لما يعطيهم فيه ربهم من الخير وهو اليوم الذي استوى فيه ربكم تبارك اسمه على العرش وفيه خلق آدم وفيه تقوم الساعة".

(1)

وذكر الذهبي أن هذا الحديث روى من عدة طرق، وإن كان في بعضها ضعف إلا أنه يقوى بعضها بعضا.

(2)

ومحل استدلالنا من الحديث - استواء الله على العرش - ثابت بالنص القطعي الذي لا مجال للشك فيه.

فيما ذكرنا من الآيات والأحاديث ذكر استواء الله على العرش وقد بينا أن مذهب أهل السنة والجماعة أنهم لا يجمدون على إثبات الظواهر دون ما تدل عليه من معاني كابن حزم وأنهم يشتقون لله تعالى من أفعاله أسماء وصفات على ما يليق بجلاله فيثبتون له الاستواء ويقولون إنه مستو على عرشه حقيقة مع نفى كل استواء يوجب حدوثه.

(1)

الأم للإمام محمد بن إدريس الشافعي (1: 208، 209)، وانظر شرح العقيدة الأصفهانية ص (28)، العلو للعلي الغفار للذهبي ص (30)، حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم ص (245، 246)، وجامع البيان في تفسير القرآن للطبري (26: 108)، أحكام القرآن للقرطبي (17: 21، 22)، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (6: 208).

(2)

انظر العلو للعلي الغفار للذهبي ص (30، 31).

ص: 342