الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمفعول لأجله مراد للفاعل ومحبوب له، والمراد المحبوب تارة يكون مرادًا لنفسه وتارة يكون مرادًا لغيره، والمراد لغيره لابد أن ينتهي إلى المراد لنفسه قطعًا للتسلسل.
والله سبحانه يخلق لحكمة وتلك الحكمة لحكمة حتى ينتهى الأمر إلى حكمة لا حكمة فوقها.
يقول ابن القيم: "إن التسلسل إما أن يكون ممكنًا أو ممتنعًا، فإن كان ممكنًا بطل استدلالكم. وإن كان ممتنعًا أمكن أن يقال في دفعه تنتهي المرادات إلى مراد لنفسه لا لغيره، وينقطع التسلسل"
(1)
.
ومما يلزم المانعين لتسلسل الحوادث في الماضى والنافين للحكمة، أن يقال لهم: إنكم تقولون بإحداث الله تعالى لسائر المفعولات بعد ان لم تكن، وليس من فرق بينكم وبين من يقول بالتعليل إذ القول في حدوث الحكمة كالقول في حدوث المفعول المستعقب للحكمة فما لزم هذا لزم ذاك
(2)
.
الوجه الرابع:
تسليم التسلسل في إثبات الحكمة:
يقول ابن القيم: "إن الرب تبارك وتعالى إذا خلق شيئًا فلا بد من وجود لوازمه، ولابد من عدم أضداده، فوجود الملزوم بدون لازمة
(1)
شفاء العليل: ص (448)، وانظر ص (444).
(2)
انظر رسالة الإرادة والأمر ضمن المجموعة الكبرى لابن تيمية (1: 386، 387).
محال، ووجود الضد مع ضده ممتنع، والمحال الممتنع ليس بشيء.
ولا يتصور العقل وجوده في الخارج. وإذا كان هذا التسلسل الجائز من لوازم خلقه وحكمته لم يكن في القول محذور. بل كان المحذور في نفيه"
(1)
.
ويمكن أن يقال: إذا قيل إن خلق المخلوقات لعلة محدثة يوجب كون العلة لعلة وهكذا .. وهذا باطل.
إن التسلسل نوعان، ممتنع، وجائز، فأي النوعين هو اللازم؟ فإن عنيتم التسلسل الممتنع منع اللزوم، وإن عنيتم الجائز منع انتفاء اللازم.
فالتسلسل في الآثار المستقبلة ممكن بل واجب، وفي الآثار الماضية فيه قولان للناس.
أما التسلسل المحال فهو التسلسل في العلل والفاعلين وهذا باتفاق العقلاء وهو كون الفاعل لابد له من فاعل قبله وكذلك ما قبله إلى غير نهاية، وأما أن يكون الفاعل الواحد القديم الأبدي لم يزل يفعل ولا يزال فهذا غير ممتنع.
والحكمة التي لأجلها يفعل الفعل تكون حاصلة بعده فإذا كان بعدها حكمة أخرى فغاية ذلك أنه يلزم حوادث لا نهاية لها وهذا جائز بل واجب باتفاق المسلمين
(2)
.
(1)
شفاء العليل ص (448).
(2)
انظر منهاج السنة لابن تيمية (1: 36، 121) ورسالة الإرادة والأمر ضمن المجموعة الكبرى لابن تيمية (1: 387، 388) ومجموعة الفتاوي (8: 380، 381) وكتاب النبوات له ص (1، 92) وشفاء العليل لابن القيم ص (444، 445).