الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لتلك لمجيئها في القرآن. ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن، ونحن نؤمن بالجميع ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد"
(1)
.
فمذهب ابن قتيبة مؤيد لما ذكرنا من إثبات صورة لله تعالى لائقة به كسائر ما ثبت له من الصفات، فلا تشبه الصور المخلوقة تعالى الله وتقدس أن يشابه شيئًا من خلقه.
3 - المائية
(2)
:
يذهب أبو محمد بن حزم إلى أن لله تبارك وتعالى مائية هي أنيته
(3)
نفسها، إذ نفى المائية نفي للذات والحقيقة، ويجاب السائل عن مائية الله تعالى: بأنه حق واحد أول خالق لا يشبه شيئًا من خلقه لذا كان جواب موسى عليه السلام حين سأله فرعون: "وما رب العالمين قال رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين"
(4)
. جوابًا صحيحًا تامًا، ولا جواب لهذا السؤال حتى في علم الله تعالى غيره، لأن الله تبارك وتعالى حمده عليه وصدقه فيه، ويستحيل أن يصدقه ويحمده على جواب غير
(1)
تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص 221.
(2)
المائية: هي الماهية قلبت الهمزة هاء لئلا يشتبه بالمصدر المأخوذ من لفظ "ما" وماهية الشيء: ما به الشيء هو هو. والماهية من حيث هي هي. لا موجودة ولا معدومة، ولا كلي ولا جزئي، ولا خاص ولا عام. وهي نسبة إلى "ما" أو إلى "ما هو" وهو الأظهر. جعلت الكلمتان كالكلمة الواحدة. انظر التعريفات للجرجاني ص 171. والفصل لابن حزم جـ 2 ص 174. والتفسير الكبير للرازي جـ 24 ص 128.
(3)
أنية الشيء وجوده فقط. والسؤال عنها بهل. انظر الفصل جـ 2 ص 174 وشرح الأصفهانية ص 17. والتعريفات للجرجاني ص 31.
(4)
سورة الشعراء الآيتان (23، 24).
صحيح
(1)
.
هذا المذهب الذي ذهب إليه ابن حزم في ماهية الله تعالى: مذهب صحيح موافق لما ذهب إليه أئمة السنة والجماعة من السلف والخلف
(2)
.
يقول ابن تيمية: "وإذا كان المخلوق المعين، وجوده الذي في الخارج هو نفس ذاته وحقيقته وماهيته التي في الخارج، ليس في الخارج شيئان فالخالق تعالى أولى أن تكون حقيقته هي وجوده الثابت الذي لا يشركه فيه أحد وهو نفس ماهيته التي هي حقيقته الثابتة في نفس الأمر"
(3)
.
فإثبات الماهية لله تعالى إثبات وجود لا إثبات كيفية لأن الكيف بالنسبة لله تعالى وصفاته غير معلوم لأحد فلا يحاط به سبحانه كما قال: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}
(4)
وقال: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}
(5)
أي لا تحيط به
(6)
.
وأما عن قول ابن حزم: "إنه لا جواب لسؤال فرعون إلا ما أجاب به موسى حتى في علم الله تعالى"
(7)
.
فنقول: سؤال فرعون عن الحقيقة، وجواب موسى عليه السلام كان بالفاعلية والمؤثرية.
(1)
انظر الفصل جـ 2 ص 174.
(2)
انظر الرسالة في الجواب عمن يقول إنَّ صفات الرب نسب وإضافات لابن تيمية ضمن جامع الرسائل المجموعة الأولى ص 173. والفرق بين الفرق ص 214. والملل والنحل ص 90، 91.
(3)
درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية جـ 1 ص 293. وانظر نقض المنطق له ص 60. والتوحيد للماتريدي ص 107. والتفسير الكبير للرازي جـ 12 ص 173. وشرح المواقف ص 37.
(4)
سورة طه آية (110).
(5)
سورة الأنعام آية (103).
(6)
انظر حادي الأرواح لابن القيم ص 228 - 230.
(7)
الفصل جـ 2 ص 174.
نفي الجواب لهذا السؤال مطلقًا حتى في علم الله تعالى إلا ما أجاب به موسى عليه السلام ليس على إطلاقه.
أما في علم الله تعالى فهو أعلم بحقيقة نفسه، ولا شك بأن له حقيقة هو أعلم بها لا نعلمها.
وأما فيما بيننا فلا جواب إلا ما أجاب به موسى.
وبيان ذلك زيادة على ما ذكر ابن حزم من تصديق الله تعالى له. أن السؤال "بما" طلب لتعريف حقيقة الشيء، وتعريف حقيقة الشيء إما أن يكون بتلك الحقيقة نفسها، أو بجزء من أجزائها، أو بشيء خارج عنها، أو بما يتركب من الداخل والخارج.
أما تعريف حقيقة الشيء بنفسها فمحال، لأن تعريف الشيء بنفسه لم يفد زيادة على ما هو معلوم فهو تكرار لا تعريف، إذ يلزم أن يكون الشيء معلومًا قبل أن يكون معلومًا وهو محال.
وأما تعريفها بالأمور الداخلة فيها فمستحيل ذلك في حق واجب الوجود لأن التعريف بذلك لا يتم إلا إذا كان المعرف مركبًا من أجزاء ويستحيل أن يكون الله تعالى بحاجة إلى غيره أو إلى شيء خارج عن ذاته، ويستحيل لهذا أيضًا التعريف بالأجزاء بالنسبة لواجب الوجود، لأنه تبارك وتعالى فرد صمد غني عما سواه. ولما بطل التعريف بتلك الأقسام، ثبت أنه لا يمكن تعريف ماهية واجب الوجود إلا بلوازمه وآثاره واللوازم قد تكون خفية وقد تكون جلية، ولا يجوز تعريف الماهية باللوازم الخفية بل لابد من تعريفها باللوازم الجلية وهو ما أجاب به موسى عليه السلام فرعون.
(1)
.
فإن قيل: وهل جواب موسى عليه السلام لفرعون هو ما سأل عنه؟
(1)
انظر التفسير الكبير للرازي جـ 24 ص 128، 129.