الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعصاة لآمنوا وأطاعوا لقوله تعالى: "ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض"
(1)
.
وقوله: "ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفًا من فضة"
(2)
لأنه إذا قدر على فعل ما لو فعله بهم لكفروا كذلك هو قادر على أن يفعل بهم ما لو فعله بهم لآمنوا
(3)
.
7 - إرسال الرسل:
لما كان رأي ابن حزم عدم إيجاب شيء على الله تعالى، فلا يوجب عليه أن يفعل بالخلق ما هو الأصلح لهم في الدين والدنيا، كان مذهبه عدم إيجاب إرسال الرسل عليه تعالى.
كما أنه لا يحكم بامتناع إرسال الرسل على الله كما تقول ذلك البراهمة
(4)
. الذين يرون أن إرسال الرسول إلى من يعلم أنه لا يصدقه عبث، فيجب عندهم لهذا نفي بعث الرسول عن الله عز وجل لنفي العبث والعنت عنه.
(1)
سورة الشورى: آية (27).
(2)
سورة الزخرف: آية (33).
(3)
انظر الفصل لابن حزم (3: 165، 168، 170، 174، 182).
(4)
البراهمة هم قبيلة بالهند يقولون إنهم من ولد برهمي ملك من ملوكهم قديم وليست النسبة إلى الخليل عليه السلام لأنهم ينكرون النبوات، ولهم علامة ينفردون بها وهي خيوط ملونة بحمرة وصفرة يتقلدونها وهم يقولون بالتوحيد ونفي النبوات وقد تفرقوا أصنافا فمنهم أصحاب الفكرة والتناسخ، انظر الفصل لابن حزم:(1: 49) والملل والنحل للشهرستاني (3: 95 - 97).
(يقول أبو محمد): "إن مجيء الرسل قبل أن يبعثهم الله تعالى واقع في باب الإِمكان وأما بعد أن بعثهم الله عز وجل ففي حد الوجوب ثم أخبر الصادق عليه السلام عنه تعالى أنه لانبي بعده فقد جدّ الامتناع"
(1)
.
واستدل على الإمكان بالقول "بأنه لما صح أن الله تعالى أخرج العالم كله إلى الوجود بعد أن لم يكن بلا كلفة ولا معاناة ولا طبيعة ولا استعانة ولا مثال سلف ولا علة موجبة ولا حكم سابق قبل الخلق يكون ذلك الحكم لغيره تعالى فقد ثبت أنه لم يفعل إذا لم يشأ وفعل إذا شاء كما شاء فيزيد ما شاء وينقص ما شاء فكل منطوق به مما يتشكك في النفس أو لا يتشكك فهو داخل له تعالى في باب الإمكان. ويقول: إن الممكن واقع في العالم وقوعًا واحدًا ألا ترى أن نبات اللحية للرجال ما بين الثمان عشرة إلى العشرين سنة ممكن وهو في حدود الإثني عشر سنة إلى العامين ممتنع وإن فك الإِشكالات العويصة واستخراج المعاني الغامضة وقول الشعر البديع وصناعة البلاغة الرائقة ممكن لذى الذهن اللطيف والذكاء النافذ وغير ممكن من ذي البلادة الشديدة والغباوة - المفرطة فعلى هذا ما كان ممتنعًا بيننا إذ ليس في بنيتنا ولا في طبيعتنا ولا من عادتنا فهو غير ممتنع على الذي لا بنية له ولا طبيعة له ولا عادة عنده ولا رتبة لازمة لفعله فإذا قد صح هذا فقد صح أنه لا نهاية لا يقوى عليه تعالى فصح أن النبوة ممكنة. وهي بعثة قوم قد خصهم الله تعالى بالفضيلة لا لعلة إلا أنه شاء ذلك، فعلمهم الله تعالى العلم بدون تعلم ولا تنقل في مراتبه ولا
(1)
الفصل لابن حزم (1: 69).