الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الرابع:
إنكار الله سبحانه على من زعم أنه لم يخلق الخلق لغاية ولا لحكمة قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا}
(1)
(2)
والحق هو الحكم والغايات المحمودة التي لأجلها خلق الله ذلك كله.
وقد أثنى الله تعالى على عباده المؤمنين حيث نزهوه عن إيجاد الخلق لا لشيء ولا لغاية فقال تعالى: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ}
(3)
وأخبر أن هذا ظن أعدائه لاظن أوليائه فقال: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا}
(4)
.
وفي الآيات دلالة ظاهرة على أن الله خلق المخلوقات غير عابث ولا لاعب بل لغرض هو الحق وهو الحكم والغايات التي لأجلها خلق الموجودات
(5)
.
الدليل الخامس:
جواب الله تعالى للملائكة: بقوله: " {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} حين قال لهم: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ
(1)
سورة المؤمنون: آية (115).
(2)
سورة الدخان: الآيتان (38، 39).
(3)
سورة آل عمران: آية (191).
(4)
سوره ص: آية (27).
(5)
انظر شفاء العليل ص (416، 417).
فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ}
(1)
.
يقول ابن القيم: "لو كان فعله مجردًا عن الحكم والغايات والمصالح لكان الملائكة أعلم به إن سألوا هذا السؤال، ولم يصح جوابهم بتفرده بعلم ما لا يعلمونه من الحكم والمصالح التي في خلق هذه الخليقة.
ولهذا كان سؤالهم إنما وقع عن وجه الحكمة، لم يكن اعتراضًا على الرب تعالى، ولو قدر أنه على وجه الاعتراض فهو دليل على علمهم أنه لا يفعل شيئًا إلا لحكمة، فلما رأوا أن خلق هذه الخليقة مناف للحكمة في الظاهر سألوه عن ذلك.
ومن هذا قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}
(2)
فأجابهم بأن حكمته وعلمه يأبى أن يضع رسالاته في غير محلها وعند غير أهلها، ولو كان الأمر راجعًا إلى محض المشيئة لم يكن في هذا جواب. بل كان الجواب أن أفعاله لا تعلل وهو يرجح مثلًا على مثل بغير مرجح والأمر عائد إلى مجرد القدرة كما يقوله المنكرون"
(3)
.
وذكر الله تعالى في القرآن أنه أعلم في مواضع كثيرة ومختلفة مخبرًا بها أنه فعل ما فعل عالمًا بكل ما سيكون عليه المفعول.
وعلى هذا فلا يكون فعله للأشياء إلا لغرض وغاية هو أعلم بها.
(1)
سورة البقرة: آية (30).
(2)
سورة الأنعام: آية (124).
(3)
شفاء العليل ص (427).