الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اتصاف الله بالكلام:
الكلام صفة كمال، لأن من يتكلم أكمل ممن لا يتكلم، كما أن من يعلم ويقدر أكمل ممن ليس كذلك، ومن يتكلم بمشيئة وقدرة أكمل ممن يكون الكلام لازمًا لذاته، ليس له عليه قدرة، ولا له فيه مشيئة، والكمال إنما يكون بالصفات القائمة بالموصوف لا بالأمور المباينة له، ومن لم يزل موصوفًا بصفات الكمال أكمل ممن حدثت له بعد أن لم يكن متصفًا بها ولو كان حدوثها ممكنًا فكيف إذا كان ممتنعًا فتبين أن الرب لم يزل ولا يزال موصوفًا بصفات الكمال منعوتًا بنعوت الجلال ومن أجلّها صفة الكلام
(1)
. فالله تعالى متكلم
(2)
حقيقة بكلام هو صفة من صفاته اللازمة لذاته.
يدل على هذا ما في القرآن الكريم من الإخبار عن ذلك بقوله تعالى: {قَالَ اللَّهُ} وقوله: "يقول الله" في مواضع كثيرة جدًّا، وقوله:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}
(3)
وقوله: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ
(1)
انظر كتاب مذهب السلف القويم في تحقيق مسألة كلام الله ضمن الرسائل والمسائل لابن تيمية (3: 44، 45). وشرح الأصفهانية له ص (73). وشرح الطحاوية ص (108).
(2)
انظر الرد على الزنادقه والجهمية لأحمد بن حنبل ص (36) وذكر محنة الإمام أحمد لحنبل بن إسحاق ص (49). واعتقاد أهل السُّنة والجماعة لعدي بن مسافر ص (16). وقواعد العقائد للغزالي ضمن القصور العوالي (4: 151). وموافقة صحيح المنقول لابن تيمية (2: 40، 41). وشرح الأصفهانية له ص (30، 31). وشرح حديث النزول ص (156). وشرح قصيدة ابن القيم النونية للهراس (1: 112، 113).
(3)
سورة النساء: آية (164).
رَبُّهُ}
(1)
والتكليم هو المشافهة، وقوله:{وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ}
(2)
، وما في القرآن من ذكر مناداته ومناجاته بقوله تعالى:{فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22)}
(3)
. وذكر سبحانه نداءه لموسى عليه السلام في عدة مواضع من كتابه منها قوله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا}
(4)
والنداء لا يكون إلا صوتًا مسموعًا حادثًا بكلام والكلام لا يكون إلا حروفًا.
ومما يدل على كلام الله أيضًا في القرآن ما ذكر من إنباء الله - وقصصه كقوله تعالى: {قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ}
(5)
وقوله: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ}
(6)
. وما فيه من دكر حديثه كقوله: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا}
(7)
وقوله: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ}
(8)
. وغير ذلك مما يدل على أن الله سبحانه متكلم وأن القرآن كلامه.
ثم إنه سبحانه يتكلم بصوت لا مثل له والصوت الذي ينادي به عباده يوم القيامة، والصوت الذي سمعه منه موسى عليه السلام هو
(1)
سورة الأعراف: آية (143).
(2)
سورة الشورى: آية (14).
(3)
سورة الأعراف: آية (22).
(4)
سورة مريم: آية (52).
(5)
سورة التوبة: آية (94).
(6)
سورة يوسف: آية (3).
(7)
سورة النساء: آية (87).
(8)
سورة الزمر: آية (23).