المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الباب الرابع في بعض ما سمع من الهواتف وتنكس الأصنام روى - سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد - جـ ٢

[الصالحي الشامي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌جماع أبواب صفة جسده الشريف صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في حسنه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهان

- ‌الباب الثاني في صفة لونه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث في صفة رأسه وشعره صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع في صفة جبينه وحاجبيه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس في صفة عينيه صلى الله عليه وسلم وبعض ما فيهما من الآيات

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس في سمعه الشريف صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السابع في صفة انفه الشريف وخديه صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن في صفة فمه صلى الله عليه وسلم وأسنانه وطيب ريقه وبعض الآيات فيه

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب التاسع في صفة لحيته الشريفة وشيبه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في صفة وجهه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الحادي عشر في صفة عنقه صلى الله عليه وسلم وبعد ما بين منكبيه وغلظ كتده

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الثاني عشر في صفة ظهره صلى الله عليه وسلم وما جاء في صفة خاتم النبوة

- ‌فصل اختلف في صفة خاتم النبوة على أقوال كثيرة متقاربة المعنى

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في صفة صدره وبطنه صلى الله عليه وسلم

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الرابع عشر فيما جاء في شق صدره وقلبه الشريفين صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌ذكر أحاديث فيها شق صدره صلى الله عليه وسلم من غير تعيين زمان

- ‌ذكر غريب ما تقدم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس عشر في صفة يديه وإبطيه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس عشر في صفة ساقيه وفخذيه وقدميه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع عشر في ضخامة كراديسه صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن عشر في طوله واعتدال خلقه ورقة بشرته صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب التاسع عشر في عرقه صلى الله عليه وسلم وطيبه

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العشرون في مشيه صلى الله عليه وسلم وأنه لم يكن يرى له ظل

- ‌الباب الحادي والعشرون في الآية في صوته صلى الله عليه وسلم وبلوغه حيث لا يبلغه صوت غيره

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثاني والعشرون في فصاحته صلى الله عليه وسلم

- ‌[معرفته صلى الله عليه وسلم بلهجات العرب]

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث والعشرون في معرفة الذين كانت صفات أجسادهم تقرب من صفات جسده صلى الله عليه وسلم

- ‌جماع أبواب بعض الأمور الكائنة بعد مولده وقبل بعثته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في وفاة أمه آمنة بنت وهب وحضانة أم أيمن له

- ‌تنبيه

- ‌فصل في الكلام على أحاديث النهي عن استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لأبويه

- ‌الباب الثاني في كفالة عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفته بشأنه

- ‌الباب الثالث في استسقاء أهل مكة بجده وهو معهم وسقياهم ببركته

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع فيما حصل له في سنة سبع من مولده

- ‌الباب الخامس في وفاة عبد المطلب ووصيته لأبي طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم وما ظهر في ذلك من الآيات

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السادس في استسقاء أبي طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم وعطش أبي طالب وشكواه ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السابع في سفره صلى الله عليه وسلم مع عمه الزبير بن عبد المطلب إلى اليمن

- ‌الباب الثامن في سفره صلى الله عليه وسلم مع عمة أبي طالب إلى الشام

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع في حفظ الله تعالى إياه في شبابه عما كان عليه أهل الجاهلية واشتهاره بالأخلاق الفاضلة والخصال الحميدة قبل بعثته وتعظيم قومه له صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في شهوده صلى الله عليه وسلم حرب الفجار

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي عشر في شهوده صلى الله عليه وسلم حلف الفضول

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثاني عشر في رعيته صلى الله عليه وسلم الغنم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في سفره صلى الله عليه وسلم مرة ثانية إلى الشام

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع عشر في نكاحه صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس عشر في بنيان قريش الكعبة

- ‌تنبيهات

- ‌جماع أبواب مبعثه صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في بدء عبادة الأصنام والإشراك بالله تعالى

- ‌الباب الثاني في إخبار الأحبار والرهبان والكهان بمبعث حبيب الرحمن صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر خبر زيد بن عمرو بن نفيل

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر قس بن ساعدة

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر العباس عن بعض أحبار اليمن

- ‌خبر أمية عن بعض أحبار الشام

- ‌خبر أبي سفيان عن أمية

- ‌خبر عبد الرحمن بن عوف عن عثكلان الحبر

- ‌خبر عروة بن مسعود الثقفي عن بعض الكهان والكواهن

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر عمرو بن معدي كرب عن بعض الكهان

- ‌خبر ابن الهيبان

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر الحبر من جرهم

- ‌خبر الحبر من أهل بصرى

- ‌خبر رئيس نجران

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثالث في حدوث الرجوم وحجب الشياطين من استراق السمع عند مبعث النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع في بعض ما سمع من الهواتف وتنكس الأصنام

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس في قدر عمر النبي صلى الله عليه وسلم وقت بعثته وتاريخها

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس في ابتدائه صلى الله عليه وسلم بالرؤيا الصادقة وسلام الحجر والشجر عليه، زاده الله فضلا وشرفا لديه

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السابع فيما ذكر أن إسرافيل قرن به قبل جبريل صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن في كيفية بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع في كيفية إنزال الوحي

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في شدة الوحي وثقله

- ‌تنبيهات

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الحادي عشر في أنواع الوحي

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثاني عشر في فترة الوحي وتشريف الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة بعد النبوة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في معنى الوحي والنبيّ والرسول والنبّوة والرسالة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع عشر في مثله ومثل ما بعثه الله تعالى به من الهدى

- ‌تنبيهات في بعض فوائد الحديث

- ‌الباب الخامس عشر في مثله ومثل الأنبياء من قبله

- ‌الباب السادس عشر في الوقت الذي كتب فيه نبينا صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب السابع عشر في إعلام الوحش برسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن عشر في شهادة الرضيع والأبكم برسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌جماع أبواب بعض الأمور الكائنة بعد بعثته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في تعليم جبريل النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثاني في إسلام خديجة بنت خويلد، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهم، واختلاف الناس فيمن اسلم أولا

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثالث في ذكر متقدّمي الإسلام من الصحابة- رضي الله تعالى عنهم- تقدم علي وزيد بن حارثة

- ‌الباب الرابع في قصة إسلام أبي ذرّ وأخيه أنيس- رضي اللَّه تعالى عنهما

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس في سبب دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم واستخفاء المسلمين حال عبادتهم ربّهم تبارك وتعالى

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السادس في أمر الله سبحانه وتعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بإظهار الإسلام

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب السابع في مشي قريش إلى أبي طالب ليكفّ عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن في إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب التاسع في إرسال قريش عتبة بن أبي ربيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عليه أشياء ليكف عنهم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب العاشر في أسئلة المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنواعاً من الآيات وخرق العادات على وجه العناد لا على وجه الهدى والرشاد

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي عشر في امتحانهم إياه بأصياء لا يعرفها إلا نبي

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب الثالث عشر في اعتراف أبي جهل وغيره بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع عشر في تحيّر الوليد بن المغيرة فيما يصف به القرآن والآيات التي أنزلت فيه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس عشر في عدوان المشركين على المستضعفين ممن أسلم بالأذى والفتنة

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السادس عشر في الهجرة الأولى إلى الحبشة وسبب رجوع من هاجر إليها من المسلمين وكانت في شهر رجب سنة خمس من المبعث

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع عشر في إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثامن عشر في دخول بني هاشم وبني المطلب بني عبد مناف الشّعب وكتابة قريش الصحيفة الظالمة

- ‌تنبيهات

- ‌تفسير غريب قصيدة أبي طالب اللامية

- ‌الباب التاسع عشر في رجوع القادمين من الحبشة إليها والهجرة الثانية

- ‌كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي

- ‌تنبيهات

- ‌في معرفة أسماء الذين هاجروا الهجرة الثانية:

- ‌الباء الموحدة

- ‌التاء المثناة

- ‌الجيم

- ‌الحاء المهملة

- ‌الخاء المعجمة

- ‌الراء

- ‌الزاي

- ‌السين المهملة

- ‌الشين المعجمة

- ‌الطاء المهملة

- ‌العين المهملة

- ‌الفاء

- ‌القاف

- ‌الميم

- ‌ الهاء

- ‌النون

- ‌الياء

- ‌الكنى

- ‌النساء

- ‌من ولد بأرض الحبشة

- ‌الباب العشرون في إرادة أبي بكر رضي الله عنه الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الحادي والعشرون في نقض الصحيفة الظالمة

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الثاني والعشرون في إسلام الطّفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثالث والعشرون في قصتي الأراشيّ والزّبيديّ اللذين ابتاع أبو جهل إبلهما

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع والعشرون في وفد النصارى الذين أسلموا

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس والعشرون في سبب نزول أول سورة «عبس»

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع والعشرون في سبب نزول أول سورة الروم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن والعشرون في وفاة أبي طالب ومشي قريش إليه ليكف عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع والعشرون في وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها

- ‌الباب الثلاثون في بعض ما لاقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش بعد موت أبي طالب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي والثلاثون في سفر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف

- ‌تنبيهان

- ‌الباب الثاني والثلاثون في إسلام الجن

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث والثلاثون في عرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه الكريمة على القبائل ليؤووه وينصروه ودعائه الناس إلى التوحيد

- ‌تنبيه [في بيان غريب ما سبق]

- ‌الباب الرابع والثلاثون في خبر بعض المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف كان هلاكهم

- ‌الأول: الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن زهرة

- ‌الثاني: الحارث بن قيس السهمي

- ‌الثالث: الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى

- ‌الرابع: مالك بن الطّلاطلة

- ‌الخامس: العاصي بن وائل السهمي

- ‌السادس: الحكم بن أبي العاصي بن أمية

- ‌السابع: الوليد بن المغيرة:

- ‌الثامن: أبو لهب

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه

- ‌تنبيهات

الفصل: ‌ ‌الباب الرابع في بعض ما سمع من الهواتف وتنكس الأصنام روى

‌الباب الرابع في بعض ما سمع من الهواتف وتنكس الأصنام

روى ابن سعد عن تميم الدري قال: كنت بالشام حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم فخرجت إلى بعض حاجتي فأدركني الليل فقلت: أنا في جوار عظيم هذا الوادي فلما أخذت مضجعي إذا مناد يناديني لا أراه: عذ باللَّه فإن الجن لا تجير أحدا على اللَّه. فقلت: أيم تقول؟ فقال: قد خرج رسول الأميين رسول اللَّه وصلينا خلفه بالحجون وأسلمنا واتبعناه، وذهب كيد الجن ورميت بالشهب فانطلق إلى محمد وأسلم.

فلما أصبحت ذهبت إلى دير أيوب فسألت راهبا وأخبرته الخبر فقال: صدق، نجده يخرج من الحرم ومهاجره الحرم، وهو خير الأنبياء فلا تسبق إليه.

قال تميم: فتكلفت الشخوص حتى جئت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

‌تفسير الغريب

مضجعي: بفتح الجيم، وحكي الكسر.

أيم: قال في النور: وجدته بخط ابن قرقول مضبوطا بفتح الباء وإسكان الميم وأظنه وهما، والصواب بفتح الهمزة وتشديد الياء وإسكانها وهما لغتان. والميم مفتوحة. قال في النهاية: أصله أي ما. أي: أي شيء هو، فخفف الياء وحذف ألف ما.

الحجون: بفتح الحاء وضم الجيم: جبل بمكة.

دير أيوب: قرية بحوران.

تسبق: بضم أوله وفتح الموحدة مبني للمفعول.

الشخوص: بضم الشين والخاء المعجمتين فواو ساكنة فصاد مهملة: يقال شخص من البلد شخوصا إذا ذهب. غيره: أزعجه.

وروى البخاري عن عبد الله بن عمر مختصرا، وابن إسحاق عن عبد الله بن كعب مولى عثمان بن عفان، وابن الجوزي عن محمد بن كعب القرظي، وأبو يعلى، والبيهقي والخرائطي عن سواد بن قارب مطولا قال ابن عمر ومحمد: إن عمر بينما هو جالس في الناس في مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذ أقبل رجل من العرب، قال الخشني: وهو سواد بن قارب.

انتهى. داخل المسجد يريد عمر بن الخطاب، فلما نظر عمر إليه قال: إن الرجل لعلى شركه ما فارقه بعد أو لقد كان كاهنا في الجاهلية. فسلم الرجل ثم جلس فقال له عمر: هل أسلمت؟

قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: فهل كنت كاهنا في الجاهلية؟ فقال له الرجل: سبحان اللَّه يا

ص: 207

أمير المؤمنين! لقد خلت في واستقبلتني بأمر ما أراك قلته لأحد من رعيتك منذ وليت ما وليت.

فقال عمر: اللَّهم غفرا قد كنا في الجاهلية على شر من هذا، نعبد الأصنام والأوثان حتى أكرمنا اللَّه تعالى برسوله وبالإسلام. قال: نعم يا أمير المؤمنين كنت كاهنا في الجاهلية.

قال: فأخبرني ما جاءك به صاحبك.

قال: جاءني قبيل الإسلام بشهر أو شيعه. انتهى.

وقال سواد بن قارب [ (1) ] : بينا أنا ذات ليلة بين النائم واليقظان إذ أتاني رئي فضربني برجله وقال: قم يا سواد بن قارب أتاك رسول من لؤي بن غالب، يدعو إلى اللَّه وإلى عبادته.

فرفعت رأسي وجلست فأدبر وهو يقول:

عجبت للجن وتطلابها

وشدها العيس بأقتابها

تهوي إلى مكة تبغي الهدي

ما صادق الجن ككذابها

فارحل إلى الصفوة من هاشم

ليس قداماها كأدبارها

[ (2) ] قال: فقلت دعني أنام فإني أمسيت ناعسا.

قال: فلما كانت الليلة الثانية أتاني فضربني برجله وقال: قم يا سواد بن قارب فاسمع مقالتي واعقل إن كنت تعقل، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى اللَّه وإلى عبادته ثم أنشأ يقول:

عجبت للجن وأخبارها

ورحلها العيس بأكوارها

تهوي إلى مكة تبغي الهدى

ليس ذوو الشر كأخيارها

فارحل إلى الصفوة من هاشم

ما مؤمنو الجنّ ككفّارها

[ (3) ] .

[ (1) ] سواد بن قارب الدوسي أو السدوسي. قال البخاري وأبو حاتم والبرزنجي والدارقطني. له صحبة. [الإصابة 3/ 148] .

[ (2) ] الأبيات في الروض الأنف 1/ 243.

[ (3) ] الأبيات في السيرة النبوية لابن هشام 1/ 243 وتروى:

عجبت للجن وإبلاسها

وشدها العيس بأحلاسها

تهوى إلى مكانة تبغي الهدي

ما مؤمنو الجن كأنجاسها

وتروى في الروض الأنف 1/ 243 وتروى:

عجبت للجن وإبلاسها

وشدها العيس بأحلاسها

تهوي إلى مكانة تبغي الهدي

ما طاهر الجن كأنجاسها

فارحل إلى الصفوة من هاشم

ليس ذنابا الطير من رأسها

ص: 208

قال: قلت دعني أنام فإني أمسيت ناعسا. فلما كانت الليلة الثالثة أتاني فضربني برجله وقال: قم يا سواد بن قارب فاسمع مقالتي واعقل إن كنت تعقل، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى اللَّه وإلى عبادته ثم أنشأ يقول:

عجبت للجن وتجساسها

وشدها العيس بأحلاسها

تهوي إلى مكة تبغي الهدي

ما خير الجن كأنجاسها

فارحل إلى الصفوة من هاشم

وارم بعينيك إلى رأسها

[ (1) ] فقمت وقلت: وقد امتحن اللَّه قلبي. فرحلت ناقتي ثم أتيت المدينة فإذا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه حوله فدنوت منه فقلت: اسمع مقالتي يا رسول اللَّه. قال: هات.

فأنشأت أقول:

أتاني رئيي بعد هدء ورقدة

ولم يك فيما قد بلوت بكاذب

ثلاث ليال قوله كل ليلة

أتاك رسول اللَّه من لؤي بن غالب

فشمرت عن ذيل الإزار ووسطت

بي الذعلب الوجناء بين السباسب

فأشهد أن اللَّه لا رب غيره

وأنك مأمون على كل غائب

وأنك أدنى المرسلين وسيلة

إلى اللَّه يا ابن الأكرمين الأطايب

فمرنا بما يأتيك من وحي ربنا

وإن كان فيما جاء شيب الذوائب

وكن لي شفيعا حين لا ذو قرابة

بمغن قتيلا عن سواد بن قارب

[ (2) ] قال: ففرح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمقالتي فرحا شديدا حتى رئي الفرح في وجوههم.

قال عبد الله: فقال عمر عند ذلك يحدث الناس: واللَّه إني لعند وثن من أوثان الجاهلية في نفر من قريش يقال لهم آل ذريح قد ذبح لهم رجل من العرب عجلا فنحن ننتظر قسمه ليقسم لنا منه إذ سمعت من جوف العجل صوتا ما سمعت قط أنفذ منه وذلك قبل الإسلام بشهر أو شيعه وهو يقول يا آل ذريح. وفي لفظ. يا جلبح، أمر نجيح، رجل فصيح يقول.

لا إله إلا اللَّه.

[ (1) ] الأبيات في الروض الأنف 1/ 243.

عجبت للحين وتنفارها

وشدها العيس بأكوارها

تهوي إلى كلمة تبغي الهوى

ما مؤمنو الجن ككفارها

فارحل إلى الصفوة من هاشم

ليس قداماها كأدبارها

[ (2) ] الأبيات في الروض الأنف 1/ 244.

ص: 209

وروى هشام بن محمد بن السائب عن عدي بن حاتم [ (1) ] قال: كان لي عسيف من كلب يقال له حابس بن دغنة فبينا أنا ذات يوم إذا به مروع الفؤاد فقال: دونك إبلك. فقلت: ما هاجك؟ فقال بينا أنا بالوادي إذا أنا بشيخ من شعب جبل تجاهي كأن رأسه رخمة فانحدر عما تزل عنه العقاب وهو مترسل غير منزعج حتى استقرت قدماه في الحضيض وأنا أعظم ما أرى فقال.

يا حابس بن دغنة يا حابس

لا تعرضن لفعلك الوساوس

هذا سنا النور بكف قابس

فاجنح إلى النور ولا تعابس

قال: ثم غاب فروحت إبلي وسرحتها إلى غير ذلك الوادي، ثم اضطجعت فإذا راكب قد ركضني فاستيقظت فإذا هو صاحبي وهو يقول:

يا حابس اسمع ما أقول ترشد

ليس ضلول حائز كمهتد

لا تتركن نهج الطريق الأقصد

قد نسخ الدين بدين أحمد

قال: فأغمي علي ثم أفقت.

وروى ابن دريد في الأخبار المنثورة عن ابن الكلبي قال: كان خنافر بن التوأم كاهنا، فنزل واديا مخصبا وكان له رئي في الجاهلية ففقده في الإسلام قال: فبينا أنا ليلة في الوادي إذ هوى علي هوي العقاب قال خنافر: فقلت: شصار؟ قال: اسمع أقل. قلت: قل أسمع. قال: عه تغنم لكل ذي أمد نهاية، وكل ذي ابتداء إلى غاية. قلت: أجل. قال: كل دولة إلى أجل، ثم يتاح لها حول، وقد انتسخت النحل ورجعت إلى حقائقها الملل، إني آنست بالشام نفرا من آل العوام، حكاما على الحكام، يرددون ذا رونق من الكلام، ليس بالشعر المؤلف. ولا السجع المتكلف، فأصغيت فزجرت، فعاودت فظلعت، فقلت: بم تهينمون، وإلام تعتزون، فقالوا خطاب كبار. جاء من عند الملك الجبار، فاسمع يا شصار، لأصدق الأخبار، وأسلك واضح الأخيار، تنج من اوار النار.

فقلت: وما هذا الكلام؟ قالوا: فرقان بين الكفر والإيمان. أتى به رسول الله من مضر، ثم من أهل المدر، ابتعث فظهر. فجاء بقول قد بهر، وأوضح نهجا قد دثر، فيه مواعظ لمن اعتبر.

[ (1) ] عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعيد بن حشرج بن امرئ القيس بن عدي الطّائي الجواد ابن الجواد. وفد في شعبان سنة سبع، قيل: لما وفد نزع له النبي صلى الله عليه وسلم وسادة كانت تحته فألقاها له حتى جلس عليها. ولما ارتدّت العرب ثبت عدي وقومه على الإسلام، وشهد فتح المدائن، وشهد مع على حروبه. وكان أول صدقة قدم بها على أبي بكر صدقة عدي وقومه. وفقئت عينه يوم الجمل. عاش مائة وعشرين سنة. قال ابن سعد: توفي سنة ثمان وستين. [انظر الخلاصة 2/ 223/ 224.]

ص: 210

قلت: ومن هذا المبعوث بالآي الكبر. قال: أحمد خير البشر، فإن آمنت أعطيت الشبر، وإن خالفت أصليت سقر، فآمنت يا خنافر وأقبلت إليك أبادر فجانب كل نجس كافر، وشايع كل مؤمن طاهر، وإلا فهو الفراق. قال: فاحتملت حتى أتيت معاذ بن جبل بصنعاء فبايعته على الإسلام وفى ذلك أقول:

ألم تر أن اللَّه عاد بفضله

وأنقذ من لفح الجحيم خنافرا

دعاني صار للتي لو دفعتها

لأصليت جمراً من لظى الهول جائرا

وروى محمد بن عمر الأسلمي وأبو نعيم وابن عساكر عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه أن قوما من خثعم كانوا عند صنم لهم جلوسا وكانوا يتحاكمون إلى أصنامهم، فبينما هم عند صنمهم إذ سمعوا هاتفا يقول:

يا أيها الناس ذوو الأجسام

ومسندو الحكم إلى الأصنام

أكلكم أوره كالنعام

ألا ترون ما أرى أمامي

من ساطع يجلو دجى الظلام

ذاك نبي سيد الأنام

أعدل في حكم من الأحكام

يصدع بالنور وبالإسلام

من هاشم في ذروة السنام

مستعلن بالبلد الحرام

جاء بهدم الكفر بالإسلام

أكرمه الرحمان من إمام

قال أبو هريرة: فأمسكوا ساعة حتى حفظوا ذلك ثم تفرقوا، فلم يمض بهم ثلاث حتى فجأهم خبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قد ظهر بمكة.

وروى ابن شاهين عن أبي خيثمة عبد الرحمن بن أبي سبرة قال: كان لسعد العشيرة صنم يقال له قراض يعظمونه وكان سادنه رجلا منهم يقال له ابن وقشة قال عبد الرحمن فحدثني ذباب بن الحارث قال: كان لابن وقشة رئي من الجن يخبر بما يكون فأتاه ذات ليلة فأخبره بشيء فنظر إلي فقال: يا ذباب اسمع العجب العجاب، بعث محمد بالكتاب يدعو بمكة فلا يجاب. فقلت له ما هذا؟ قال: لا أدري كذا قيل لي. فلم يكن إلا قليل حتى سمعنا بمخرج النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت وثرت إلى الصنم فكسرته ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت وقلت في ذلك:

تبعت رسول اللَّه إذ جاء بالهدى

وخلفت قراضا بدار هوان

ولما رأيت اللَّه أظهر دينه

أجبت رسول اللَّه حين دعاني

وروى الخرائطي عن سفيان الهذلي قال: خرجنا في عير لنا إلى الشام، فلما كان بين

ص: 211

الزرقاء ومعان وقد عرسنا إذا بفارس يقول وهو بين السماء والأرض: أيها النيام هبوا فليس هذا بحين رقاد، وقد خرج أحمد وطردت الجن كل مطرد. ففزعنا ونحن رفقة حزاورة كلهم قد سمع بهذا، فرجعنا إلى أهلنا فإذا هم يذكرون خروج النبي صلى الله عليه وسلم.

وروى الطبراني وأبو نعيم والبيهقي عن عبد الله العماني أن مازنا الطائي كان بأرض عمان، وكان يسدن الأصنام لأهله، وكان له صنم يقال له بادر. قال مازن: فعترت ذات يوم عتيرة، وهي الذبيحة، فسمعت صوتا من الصنم يقول: يا مازن أقبل إلي أقبل، تسمع ما لا يجهل، هذا نبي مرسل، جاء بحق منزل، فآمن به كي تعدل، عن حر نار تشعل، وقودها بالجندل.

قال مازن: فقلت واللَّه إن هذا لعجب. ثم عترت بعد أيام عتيرة أخرى فسمعت صوتا أبين من الأول وهو يقول:

يا مازن اسمع تسر،

ظهر خير وبطن شر

بعث نبي من مضر،

بدين اللَّه الكبر

فدع نحيتا من حجر،

تسلم من حر سقر

قال مازن: فقلت واللَّه إن لهذا لعجب وإنه لخير يراد بي. وقدم علينا رجل من الحجاز فقلت: ما الخبر وراءك؟ قال: خرج رجل بتهامة يقول لمن أتاه: أجيبوا داعي اللَّه يقال له أحمد.

فقلت: هذا واللَّه نبأ ما سمعت. فرحلت حتى أتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فشرح لي الإسلام فأسلمت وقلت:

كسرت بادر أجذاذا أو كان لنا

ربا نطيف به ضلا بتضلال

بالهاشمي هدانا من ضلالتنا

ولم يكن دينه مني على بال

يا راكبا بلغن عمرا وإخوتها

أني لمن قال ربي بادر قالي

قال مازن: فقلت: يا رسول اللَّه إني امرؤ مولع بالشراب والطرب وشرب الخمر والهلوك من النساء وألحت علينا السنون فأذهبن الأموال وأهزلن الذراري والرجال وليس لي ولد، فادع اللَّه أن يذهب عني ما أجد ويأتيني بالحيا ويهب لي ولدا. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:

«اللهم أبدله بالطرب قراءة القرآن وبالحرام الحلال وأته بالحيا، وهب له ولدا

[ (1) ] . قال مازن:

فأذهب اللَّه عني كل ما كنت أجد، وأخصب عمان وتزوجت أربع حرائر ووهب لي حيان بن

[ (1) ] أخرجه أبو نعيم في الدلائل 1/ 33 والبيهقي في دلائل النبوة 12/ 36 وذكره الهيثمي في الجمع 8/ 248.

ص: 212

مازن وأنشأت أقول:

إليك رسول اللَّه سقت مطيتي

تجوب الفيافي من عمان إلى العرج

لتشفع لي يا خير من وطئ الثرى

فيغفر لي ربي فأرجع بالفلج

إلى معشر خالفت في اللَّه دينهم

فلا رأيهم رأيي ولا شرجهم شرجي

وكنت امرأ بالزغب والخمر مولعا

شبابي حتى آذن الجسم بالنهج

فبدلني بالخمر خوفا وخشية

وبالعهر إحصانا فحصن لي فرجي

فأصبحت همي في الجهاد ونيتي

فلله ما صومي ولله ما حجي

وروى ابن سعد وأبو نعيم عن نفيل بن عمرو الهذلي قال: ذبحت ذبيحة على صنم فسمعت من جوفه: العجب كل العجب، خرج نبي من بني عبد المطلب، يحرم الزنا ويحرم الذبح للأصنام، وحرست السماء ورمينا بالشهب. فتفرقنا فقدمنا مكة فلم نجد من يخبرنا بخروج محمد صلى الله عليه وسلم، حتى لقينا أبا بكر الصديق فقلنا يا أبا بكر خرج بمكة أحد يدعو إلى اللَّه تعالى يقال له أحمد؟ قال: وما ذاك؟ فأخبرته الخبر، قال: نعم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، وهو رسول اللَّه.

وروى أبو سعد النيسابوري في الشرف عن جندل بن نضلة أنه أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: كان لي صاحب من الجن فأتاني فدهمني وقال:

هب فقد لاح سراج الدين

بصادق مهذب أمين

فارحل على ناجية أمون

تمشي على الصحصح والحزون

فانتبهت مذعورا فقلت: ماذا؟ فقال: وساطح الأرض، وفارض الفرض لقد بعث محمد في الطول والعرض، نشأ في الحرمات العظام، وهاجر إلى طيبة الأمينة، فسرت وإذا بهاتف يقول:

يا أيها الراكب المزجي مطيته

نحو الرسول لقد وفقت للرشد

وروى البيهقي وابن عساكر عن ابن عباس أن رجلا قال: يا رسول اللَّه خرجت في الجاهلية أطلب بعيرا لي شرد فهتف لي هاتف في الصبح يقول:

يا أيها الراقد في الليل الأجم

قد بعث اللَّه نبيا في الحرم

من هاشم أهل الوفاء والكرم

يجلو دجنات الدياجي والظلم

فأدرت طرفي فما رأيت له شخصا فقلت:

ص: 213

يا أيها الهاتف في داجي الظلم

أهلا وسهلا بك من طيف ألم

بين هداك اللَّه في لحن الكلم

ماذا الذي تدعو إليه تغتنم

وإذا أنا بنحنحة قائل يقول: ظهر النور وبطل الزور وبعث محمد بالحبور ثم أنشأ يقول:

الحمد للَّه الذي

لم يخلق الخلق عبث

أرسل فينا أحمدا

خير نبي قد بعث

صلى عليه اللَّه ما

حج له ركب وحث

ثم لاح الصباح فوجدت البعير.

وروى أبو سعد النيسابوري في الشرف عن الجعد بن قيس قال: خرجنا أربعة أنفس نريد الحج في الجاهلية، فمررنا بواد من أودية اليمن، فلما أقبل الليل استعذنا بعظيم الوادي وعقلنا رواحلنا فلما هدأ الليل ونام أصحابي إذا هاتف من بعض أرجاء الوادي يقول:

ألا أيها الركب المعرس بلغوا

إذا ما وقفتم بالحطيم وزمزما

محمدا المبعوث منا تحية

تشيعه من حيث سار ويمما

وقولوا له إنا لدينك شيعة

بذلك أوصانا المسيح ابن مريما

وروى أبو نعيم عن خويلد الضمري قال: كنا عند صنم جلوسا إذ سمعنا من جوفه صائحا يصيح: ذهب استراق السمع ورمي بالشهب لنبي بمكة اسمه أحمد ومهاجره إلى يثرب يأمر بالصلاة والصيام والبر وصلة الأرحام فقمنا من عند الصنم فسألنا فقالوا: خرج نبي بمكة اسمه أحمد.

وروى ابن جرير والطبراني وابن أبي الدنيا وأبو نعيم والخرائطي عن العباس بن مرداس السلمي رضي اللَّه تعالى عنه قال: كان أول إسلامي أن أبي لما حضرته الوفاة أوصاني بصنم له يقال له ضمار فجعلته في بيت وجعلت آتيه كل يوم، فلما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم كنت في لقاح لي نصف النهار إذا طلعت علي نعامة بيضاء مثل القطن عليها راكب أبيض عليه ثياب بيض فقال:

يا عباس بن مرداس ألم تر أن السماء كفت حراسها، وأن الحرب جرعت أنفاسها، وأن الخيل وضعت أحلاسها، وأن الذي جاء بالبر والتقى يوم الاثنين في ليلة الثلاثاء صاحب الناقة القصواء.

فخرجت مرعوبا قد راعني ما سمعت وما رأيت، حتى جئت وثنا ضمار وكنا نعبده ونكلم من جوفه، فدخلت فكنست ما حوله ثم تمسحت به وقبلته فإذا صائح من جوف الصنم بالليل وهو يقول:

ص: 214

قل للقبائل من سليم كلها

هلك الأنيس وعاش أهل المسجد

أودى ضمار وكان يعبد مرة

قبل الكتاب إلى النبي محمد

إن الذي ورث النبوة والهدى

بعد ابن مريم من قريش مهتدي

قال: فكتمته الناس فلم أحدث به أحدا فلما رجع الناس من غزوة الأحزاب، فبينا أنا في إبلي بطريق العقيق من ذات عرق راقد سمعت صوتا شديدا فرفعت رأسي فإذا رجل على جناح نعامة وهو يقول: النور الذي وقع يوم الاثنين ليلة الثلاثاء مع صاحب الناقة العضباء في دار بني أخي العنقاء. فأجابه هاتف على شماله أبصره:

بشر الجن وأبلاسها، أن المطي قد وضعت أحلاسها، وكلأت السماء حراسها.

قال: فوثبت مذعورا وعلمت أن محمدا مرسل.

وقدمت على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت وأنشدته شعرا قلته وهو:

لعمرك إني يوم أجعل جاهلا

ضمارا لرب العالمين مشاركا

وتركي رسول اللَّه والأوس حوله

أولئك أنصار له ما أولائكا

كتارك سهل الأرض والحزن يبتغي

ليهلك في كل الأمور المهالكا

فآمنت باللَّه الذي أنا عبده

وخالفت من أمسى يريد المهالكا

ووجهت وجهي نحو مكة قاصدا

أبايع بين الأخشبين المباركا

نبي أتى من بعد عيسى بناطقٍ

من الحق فيه الفضل فيه كذلكا

أمين على الفرقان أول شافع

وأول مبعوث يجيب الملائكا

تلاقي عرى الإيمان بعد انتفاضها

فأحكمها حتى أقام المناسكا

وروى أبو نعيم عن راشد بن عبد ربه قال: كان الصنم الذي يقال له سواع بالمعلاة تدين له هذيل وبنو ظفر من سليم فأرسلت بنو ظفر راشد بن عبد ربه بهدية بني سليم إلى سواع، قال: فأتيته فألفيت مع الفجر إلى صنم قبل سواع فإذا صارخ يصرخ من جوفه: العجب كل العجب، خروج نبي من بني عبد المطلب يحرم الزنا والربا والذبح للأصنام، وحرست السماء ورمينا بالشهب ثم هتف صنم آخر من جوفه: ترك الضمار وكان يعبد، وخرج نبي اسمه أحمد، نبي يصلي الصلاة ويأمر بالزكاة والصيام والصلة للأرحام. ثم هتف من جوف صنم آخر هاتف:

إن الذي ورث النبوة والهدى

بعد ابن مريم من قريش مهتدي

قال راشد: فألفيت عند سواع مع الفجر ثعلبين يلحسان ما حوله ويأكلان ما يهدى إليه

ص: 215

ثم يعرجان عليه ببولهما فعند ذلك يقول راشد:

أرب يبول الثعلبان برأسه

لقد ذل من بالت عليه الثعالب

وذلك عند مخرج النبي صلى الله عليه وسلم.

وروى ابن الجوزي عن بشير الهذلي قال: خرجنا من عيراتنا إلى الشام فلما كنا بين الزرقاء ومعان وقد عرسنا من الليل إذا نحن بفارس يقول: أيها الناس هبوا فليس هذا بحين رقاد، قد خرج أحمد وطرد الجن كل مطرد، ففزعنا ونحن رفقة حزاورة كلهم قد سمع هذا فرجعنا إلى أهلينا فإذا هم يذكرون اختلافا بمكة بين قريش بسبب نبي قد خرج من بني عبد المطلب اسمه أحمد.

وروى الروياني وابن عساكر عن خريم بن فاتك [ (1) ] ، والطبراني وابن عساكر من طريق آخر عنه، قال: بينا أنا في طلب نعم لي إذ جنني الليل بأبرق العذيب فناديت بأعلى صوتي:

أعوذ بعزيز هذا الوادي من شر سفهائه، وإذا هاتف يقول:

ويحك عذ باللَّه ذي الجلال

منزل الحرام والحلال

ووحد اللَّه ولا تبالي

ما كيد ذي الجن من الأهوال

إن تذكر اللَّه على الأميال

وفي سهول الأرض والجبال

قد صار كيد الجن في سفال

إلا التقى وصالح الأعمال

فقلت له:

يا أيها الهاتف ما تقول

أرشد عندك أم تضليل

فقال:

هذا رسول اللَّه ذو الخيرات

جاء بياسين وحاميمات

وسور بعد مفصلات

يأمر بالصلاة والزّكاة

ويزجر الأقوام عن هنات

قد كن في الأنام منكرات

فقلت: من أنت؟

فقال: أنا مالك بن مالك الجني.

وفي رواية الروياني عن عمرو بن أثال قال: بعثني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على جن نجد فانبعثت راحلتي فقلت:

[ (1) ] خريم: بالتصغير، ابن فاتك الأسدي، أبو يحيى، وهو خريم بن الأخرم بن شداد بن عمرو بن فاتك، نسب لجد جده، صحابي، شهد الحديبية، ولم يصح إنه شهد بدرا، مات بالرّقة في خلافة معاوية. [التقريب 1/ 223.]

ص: 216

أرشدني راشد هديت

لا جعت ولا عريت

ولا برحت سيدا مقيتا

قال فاتبعني وهو يقول:

صاحبك اللَّه وسلم نفسكا

وبلغ الأهل وأدى حلكا

آمن به أفلح ربي حقكا

وانصره أعز ربي نصركا

فقلت: لو كان لي من يكفيني إبلي هذه لأتيته حتى أومن به. قال: أنا أكفيكها حتى أؤديها إلى أهلك سالمة. فاعتقلت بعيرا منها ثم أتيت المدينة فوافيت الناس يوم الجمعة وهم في الصلاة فقلت: يقضون الصلاة ثم أدخل، فبينا أنا أنيخ راحلتي إذ خرج إلي أبو ذر. وعند الروياني: أبو بكر الصديق- فقال: ادخل فقد بلغنا إسلامك. قلت: لا أحسن الطهور فعلمني فدخلت المسجد ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر كأنه البدر وهو يقول: «ما من مسلم توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى صلاة يحفظها ويعقلها إلا دخل الجنة» [ (1) ] .

فلما رآني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: ما فعل الشيخ الذي ضمن لك أن يؤدي إبلك إلى أهلك سالمة؟ أما إنه قد أداها إلى أهلك سالمة. قلت: رحمه الله. قال: أجل رحمه اللَّه تعالى

[ (2) ] .

وروى الأموي والفاكهي وأبو نعيم عن ابن عباس وعبد الرحمن بن عوف رضي اللَّه تعالى عنهما قالا: لما ظهر أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قام رجل من الجن على أبي قبيس فقال:

قبح اللَّه رأي كعب بن فهر

ما أرق العقول والأحلام

دينها أنها تعنف فيها

دين آبائها الحماة الكرام

حالف الجن جن بصرى عليكم

ورجال النخيل والآطام

توشك الخيل أن تروها تهادى

تقتل القوم في حرام بهام

هل كريم منكم له نفس حر

ماجد الوالدين والأعمام

ضارب ضربة تكون نكالا

ورواحا من كربة واغتمام

فأصبح هذا الحديث قد شاع بمكة، وأصبح المشركون يتناشدونه بينهم وقالوا:

[ (1) ] أخرجه الطبراني في الكبير 4/ 251 وأبو نعيم في الدلائل 1/ 31 وذكره الهيثمي في المجمع 8/ 252 والمتقي الهندي في الكنز (18980- 37042) .

[ (2) ] أخرجه الطبراني في الكبير 4/ 252 والحاكم في المستدرك 3/ 621 وذكره الهيثمي في المجمع 8/ 251 والمتقي الهندي في الكنز (37041) .

ص: 217