المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في الكلام على أحاديث النهي عن استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لأبويه - سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد - جـ ٢

[الصالحي الشامي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌جماع أبواب صفة جسده الشريف صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في حسنه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهان

- ‌الباب الثاني في صفة لونه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث في صفة رأسه وشعره صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع في صفة جبينه وحاجبيه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس في صفة عينيه صلى الله عليه وسلم وبعض ما فيهما من الآيات

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس في سمعه الشريف صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السابع في صفة انفه الشريف وخديه صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن في صفة فمه صلى الله عليه وسلم وأسنانه وطيب ريقه وبعض الآيات فيه

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب التاسع في صفة لحيته الشريفة وشيبه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في صفة وجهه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الحادي عشر في صفة عنقه صلى الله عليه وسلم وبعد ما بين منكبيه وغلظ كتده

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الثاني عشر في صفة ظهره صلى الله عليه وسلم وما جاء في صفة خاتم النبوة

- ‌فصل اختلف في صفة خاتم النبوة على أقوال كثيرة متقاربة المعنى

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في صفة صدره وبطنه صلى الله عليه وسلم

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الرابع عشر فيما جاء في شق صدره وقلبه الشريفين صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌ذكر أحاديث فيها شق صدره صلى الله عليه وسلم من غير تعيين زمان

- ‌ذكر غريب ما تقدم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس عشر في صفة يديه وإبطيه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس عشر في صفة ساقيه وفخذيه وقدميه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع عشر في ضخامة كراديسه صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن عشر في طوله واعتدال خلقه ورقة بشرته صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب التاسع عشر في عرقه صلى الله عليه وسلم وطيبه

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العشرون في مشيه صلى الله عليه وسلم وأنه لم يكن يرى له ظل

- ‌الباب الحادي والعشرون في الآية في صوته صلى الله عليه وسلم وبلوغه حيث لا يبلغه صوت غيره

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثاني والعشرون في فصاحته صلى الله عليه وسلم

- ‌[معرفته صلى الله عليه وسلم بلهجات العرب]

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث والعشرون في معرفة الذين كانت صفات أجسادهم تقرب من صفات جسده صلى الله عليه وسلم

- ‌جماع أبواب بعض الأمور الكائنة بعد مولده وقبل بعثته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في وفاة أمه آمنة بنت وهب وحضانة أم أيمن له

- ‌تنبيه

- ‌فصل في الكلام على أحاديث النهي عن استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لأبويه

- ‌الباب الثاني في كفالة عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفته بشأنه

- ‌الباب الثالث في استسقاء أهل مكة بجده وهو معهم وسقياهم ببركته

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع فيما حصل له في سنة سبع من مولده

- ‌الباب الخامس في وفاة عبد المطلب ووصيته لأبي طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم وما ظهر في ذلك من الآيات

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السادس في استسقاء أبي طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم وعطش أبي طالب وشكواه ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السابع في سفره صلى الله عليه وسلم مع عمه الزبير بن عبد المطلب إلى اليمن

- ‌الباب الثامن في سفره صلى الله عليه وسلم مع عمة أبي طالب إلى الشام

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع في حفظ الله تعالى إياه في شبابه عما كان عليه أهل الجاهلية واشتهاره بالأخلاق الفاضلة والخصال الحميدة قبل بعثته وتعظيم قومه له صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في شهوده صلى الله عليه وسلم حرب الفجار

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي عشر في شهوده صلى الله عليه وسلم حلف الفضول

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثاني عشر في رعيته صلى الله عليه وسلم الغنم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في سفره صلى الله عليه وسلم مرة ثانية إلى الشام

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع عشر في نكاحه صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس عشر في بنيان قريش الكعبة

- ‌تنبيهات

- ‌جماع أبواب مبعثه صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في بدء عبادة الأصنام والإشراك بالله تعالى

- ‌الباب الثاني في إخبار الأحبار والرهبان والكهان بمبعث حبيب الرحمن صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر خبر زيد بن عمرو بن نفيل

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر قس بن ساعدة

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر العباس عن بعض أحبار اليمن

- ‌خبر أمية عن بعض أحبار الشام

- ‌خبر أبي سفيان عن أمية

- ‌خبر عبد الرحمن بن عوف عن عثكلان الحبر

- ‌خبر عروة بن مسعود الثقفي عن بعض الكهان والكواهن

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر عمرو بن معدي كرب عن بعض الكهان

- ‌خبر ابن الهيبان

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر الحبر من جرهم

- ‌خبر الحبر من أهل بصرى

- ‌خبر رئيس نجران

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثالث في حدوث الرجوم وحجب الشياطين من استراق السمع عند مبعث النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع في بعض ما سمع من الهواتف وتنكس الأصنام

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس في قدر عمر النبي صلى الله عليه وسلم وقت بعثته وتاريخها

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس في ابتدائه صلى الله عليه وسلم بالرؤيا الصادقة وسلام الحجر والشجر عليه، زاده الله فضلا وشرفا لديه

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السابع فيما ذكر أن إسرافيل قرن به قبل جبريل صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن في كيفية بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع في كيفية إنزال الوحي

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في شدة الوحي وثقله

- ‌تنبيهات

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الحادي عشر في أنواع الوحي

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثاني عشر في فترة الوحي وتشريف الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة بعد النبوة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في معنى الوحي والنبيّ والرسول والنبّوة والرسالة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع عشر في مثله ومثل ما بعثه الله تعالى به من الهدى

- ‌تنبيهات في بعض فوائد الحديث

- ‌الباب الخامس عشر في مثله ومثل الأنبياء من قبله

- ‌الباب السادس عشر في الوقت الذي كتب فيه نبينا صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب السابع عشر في إعلام الوحش برسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن عشر في شهادة الرضيع والأبكم برسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌جماع أبواب بعض الأمور الكائنة بعد بعثته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في تعليم جبريل النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثاني في إسلام خديجة بنت خويلد، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهم، واختلاف الناس فيمن اسلم أولا

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثالث في ذكر متقدّمي الإسلام من الصحابة- رضي الله تعالى عنهم- تقدم علي وزيد بن حارثة

- ‌الباب الرابع في قصة إسلام أبي ذرّ وأخيه أنيس- رضي اللَّه تعالى عنهما

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس في سبب دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم واستخفاء المسلمين حال عبادتهم ربّهم تبارك وتعالى

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السادس في أمر الله سبحانه وتعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بإظهار الإسلام

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب السابع في مشي قريش إلى أبي طالب ليكفّ عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن في إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب التاسع في إرسال قريش عتبة بن أبي ربيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عليه أشياء ليكف عنهم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب العاشر في أسئلة المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنواعاً من الآيات وخرق العادات على وجه العناد لا على وجه الهدى والرشاد

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي عشر في امتحانهم إياه بأصياء لا يعرفها إلا نبي

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب الثالث عشر في اعتراف أبي جهل وغيره بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع عشر في تحيّر الوليد بن المغيرة فيما يصف به القرآن والآيات التي أنزلت فيه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس عشر في عدوان المشركين على المستضعفين ممن أسلم بالأذى والفتنة

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السادس عشر في الهجرة الأولى إلى الحبشة وسبب رجوع من هاجر إليها من المسلمين وكانت في شهر رجب سنة خمس من المبعث

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع عشر في إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثامن عشر في دخول بني هاشم وبني المطلب بني عبد مناف الشّعب وكتابة قريش الصحيفة الظالمة

- ‌تنبيهات

- ‌تفسير غريب قصيدة أبي طالب اللامية

- ‌الباب التاسع عشر في رجوع القادمين من الحبشة إليها والهجرة الثانية

- ‌كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي

- ‌تنبيهات

- ‌في معرفة أسماء الذين هاجروا الهجرة الثانية:

- ‌الباء الموحدة

- ‌التاء المثناة

- ‌الجيم

- ‌الحاء المهملة

- ‌الخاء المعجمة

- ‌الراء

- ‌الزاي

- ‌السين المهملة

- ‌الشين المعجمة

- ‌الطاء المهملة

- ‌العين المهملة

- ‌الفاء

- ‌القاف

- ‌الميم

- ‌ الهاء

- ‌النون

- ‌الياء

- ‌الكنى

- ‌النساء

- ‌من ولد بأرض الحبشة

- ‌الباب العشرون في إرادة أبي بكر رضي الله عنه الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الحادي والعشرون في نقض الصحيفة الظالمة

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الثاني والعشرون في إسلام الطّفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثالث والعشرون في قصتي الأراشيّ والزّبيديّ اللذين ابتاع أبو جهل إبلهما

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع والعشرون في وفد النصارى الذين أسلموا

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس والعشرون في سبب نزول أول سورة «عبس»

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع والعشرون في سبب نزول أول سورة الروم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن والعشرون في وفاة أبي طالب ومشي قريش إليه ليكف عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع والعشرون في وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها

- ‌الباب الثلاثون في بعض ما لاقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش بعد موت أبي طالب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي والثلاثون في سفر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف

- ‌تنبيهان

- ‌الباب الثاني والثلاثون في إسلام الجن

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث والثلاثون في عرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه الكريمة على القبائل ليؤووه وينصروه ودعائه الناس إلى التوحيد

- ‌تنبيه [في بيان غريب ما سبق]

- ‌الباب الرابع والثلاثون في خبر بعض المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف كان هلاكهم

- ‌الأول: الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن زهرة

- ‌الثاني: الحارث بن قيس السهمي

- ‌الثالث: الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى

- ‌الرابع: مالك بن الطّلاطلة

- ‌الخامس: العاصي بن وائل السهمي

- ‌السادس: الحكم بن أبي العاصي بن أمية

- ‌السابع: الوليد بن المغيرة:

- ‌الثامن: أبو لهب

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه

- ‌تنبيهات

الفصل: ‌فصل في الكلام على أحاديث النهي عن استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لأبويه

يكن رجوع الشمس نافعا وأنه لا يتجدد الوقت لما ردها عليه، فكذلك يكون إحياء أبوي النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قبل اللَّه تعالى إيمان قوم يونس وتوبتهم مع تلبسهم بالعذاب كما هو أحد الأقوال وهو ظاهر القرآن.

وأما الجواب عن الآية فيكون ذلك قبل إيمانهما وكونهما في العذاب. انتهى كلام القرطبي. ونقله الحافظ في شرح الدرر ملخصا له. وأقره.

قال الشيخ رحمه الله: استدلاله على عدم تجدد الوقت بقصة رجوع الشمس في غاية الحسن ولهذا حكم بكون الصلاة أداء وإلا لم يكن لرجوعها فائدة إذ كان يصح قضاء العصر بعد الغروب. قال: وقد ظفرت باستدلال أوضح منه، وهو ما ورد أن أصحاب الكهف يبعثون آخر الزمان ويحجون ويكونون من هذه الأمة تشريفا لهم بذلك.

وورد عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما مرفوعا: أصحاب الكهف أعوان المهدي.

رواه ابن مردويه في التفسير. فقد اعتد بما يفعله أصحاب الكهف بعد حياتهم عن الموت. ولا بدع في أن يكون اللَّه تعالى كتب لأبوي النبي صلى الله عليه وسلم عمرا ثم قبضهما قبل استيفائه ثم أعادهما لاستيفاء تلك اللحظة الباقية وآمنا فيها فيعتد به ويكون تأخير تلك البقية بالمدة الفاصلة بينهما لاستدراك الإيمان، من جملة ما أكرم اللَّه بها نبيه صلى الله عليه وسلم، كما أن تأخير أصحاب الكهف هذه المدة من جملة ما أكرموا به، فيحوزون شرف الدخول في هذه الأمة.

وأما حديث:

«ليت شعرى ما فعل أبواي»

فإنه معضل ضعيف لا تقوم به حجة.

وقال الحافظ ابن سيد الناس في «العيون» بعد أن ذكر أنه روى أن اللَّه تعالى أحيا أبويه فآمنا به قال: وهو مخالف لما

أخرجه أحمد عن أبي رزين العقيلي قال: قلت: يا رسول اللَّه أين أمي؟ قال: أمك في النار. قلت: فأين من مضى من أهلك؟ قال: أما ترضى أن تكون أمك مع أمي.

قال: وذكر بعض أهل العلم في الجمع بين هذه الروايات ما حاصله: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل راقيا في المقامات السنية صاعدا إلى الدرجات العلية إلى أن قبض اللَّه روحه الطاهرة لديه وأزلفه بما خصه به لديه من كرامة القدوم عليه، فمن الجائز أن تكون هذه كرامة حصلت له صلى الله عليه وسلم بعد أن لم تكن وأن يكون الإحياء والإيمان متأخرا عن تلك الأحاديث، فلا تعارض.

انتهى.

‌فصل في الكلام على أحاديث النهي عن استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لأبويه

.

حديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: «ليت شعرى ما فعل أبواي» فنزل إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ فما ذكرهما حتى توفاه اللَّه. ورواه ابن جرير وغيره

ص: 124

عن محمد بن كعب القرظى مرسلا وسنده ضعيف لا تقوم به حجة. وروى أيضا عن داود بن أبي عاصم نحوه وهو معضل وسنده ضعيف لا تقوم به حجة.

ثم إن هذا السبب مردود بوجوه أخرى من جهة الأصول والبلاغة وأسرار البيان، وذلك أن الآيات من قبل هذه الآيات ومن بعدها كلها في اليهود من قوله تعالى يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [البقرة 40] إلى قوله: وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ واختتمت القصة بمثل ما صدرت به وهو قوله يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ الآيتين فتبين أن المراد بأصحاب الجحيم كفار أهل الكتاب وقد ورد ذلك مصرحا به في الأثر. روى عبد بن حميد والفريابي عن مجاهد قال: من أول البقرة أربع آيات في نعت المؤمنين، وآيتان في نعت الكافرين، وثلاث عشرة آية في نعت المنافقين، ومن أربعين آية إلى عشرين ومائة في بني إسرائيل.

ومما يؤيد ذلك أن السورة مدنية وأكثر ما خوطب فيها اليهود، ويرشح ذلك من حيث المناسبة أن الجحيم اسم لما عظم من النار كما هو مقتضى اللغة والآثار، روى ابن جرير عن مالك في الآية قال: الجحيم اسم لما عظم من النار.

وروى ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله تعالى لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ قال:

أولها جهنم ثم لظى ثم الحطمة ثم السعير ثم سقر ثم الجحيم، ثم الهاوية. قال: والجحيم فيها أبو جهل.

إسناده صحيح.

فاللائق بهذه المنزلة من عظم كفره واشتد وزره وعاند عند الدعوة، وبدل وحرف وجحد بعد علم، لا من هو بمظنة التخفيف.

وإذا كان قد صح في أبي طالب أنه أهون أهل النار عذابا لقرابته منه صلى الله عليه وسلم وبره به، مع إدراكه الدعوة وامتناعه من الإجابة وطول عمره، فما ظنك بأبويه اللذين هما أشد منه قربا وآكد منه حبا، وأبسط عذرا وأقصر منه عمرا؟ فمعاذ اللَّه أن يظن بهما أنهما في طبقة الجحيم وأن يشدد عليهما العذاب العظيم هذا لا يفهمه من له أدنى ذوق.

حديث: أنه صلى الله عليه وسلم استغفر لأمه فضرب جبريل في صدره وقال لا تستغفر لمن مات مشركا.

رواه البزار وفي سنده من لا يعرف فلا تقوم به حجة.

وأما ما يروى في سبب نزول قوله تعالى ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ [التوبة: 113] من أن النبي صلى الله عليه وسلم استغفر لأمه فنزلت الآية. فرواه الحاكم عن ابن

ص: 125

مسعود، وابن جرير من طريق عطية العوفي، والطبراني من طريق عكرمة، كلاهما عن ابن عباس وابن مردويه عن بريدة قال: وفيه أن قبرها بمكة.

قال الشيخ رحمه اللَّه تعالى: فأما حديث ابن مسعود وإن صححه الحاكم فقد تعقبه الذهبي في مختصره فقال: في سنده أيوب بن هانئ ضعفه ابن معين. فهذه علة تقدح في صحته. وله علة ثانية وهي مخالفته لما في صحيح البخاري وغيره أن هذه الآية نزلت بمكة عقب موت أبي طالب واستغفار النبي صلى الله عليه وسلم له كما سيأتي في باب موت أبي طالب. وأما حديث ابن عباس فله علتان: مخالفته للحديث الصحيح كما سبق وضعف إسناده. وأما حديث بريدة فله علتان: إحداهما المخالفة في سبب نزول الآية. والثانية: قال ابن سعد بعد تخريجه:

هذا غلط وليس قبرها بمكة وقبرها بالأبواء.

قال الشيخ رحمه اللَّه تعالى: وأصح هذه الطرق أن النبي صلى الله عليه وسلم زار قبر أمه في ألفي مقنع فما رئي أكثر باكيا من ذلك اليوم. رواه الحاكم وصححه عن [بريدة] . وهذا القدر لا علة له، وليس فيه مخالفة لشيء من الأحاديث، ولا نهي عن الاستغفار، وقد يكون البكاء لمجرد الرقة التي تحصل عند زيارة الموتى من غير سبب تعذيب ونحو.

ثم قال الشيخ: وقد ظفرت بأثر يدل على أنها ماتت وهي موحدة. فذكر أثر أم سماعة- بنت أبي رهم عن أمها- السابق ثم قال: فهذا القول من أم النبي صلى الله عليه وسلم صريح في أنها موحدة إذ ذكرت دين إبراهيم وبعث ابنها صلى الله عليه وسلم بالإسلام من عند ذي الجلال والإكرام ونهيه عن عبادة الأصنام وموالاتها مع الأقوام وهل التوحيد شيء غير هذا؟ التوحيد الاعتراف باللَّه وإلهيته وإنه لا شريك له والبراءة من عبادة الأصنام ونحوها. وهذا القدر كاف في التبري من الكفر وصفة ثبوت التوحيد في الجاهلية قبل البعثة. وقد قال العلماء في حديث الذي أمر بنيه عند موته أن يحرقوه ويسحقوه ويذروه في الريح وقوله: «إن قدر اللَّه علي» إن هذه الكلمة لا تنافي الحكم بإيمانه لأنه لم يشك في القدرة ولكن جهل فظن أنه إذا فعل ذلك لا يعاد. ولا يظن بكل من كان في الجاهلية أنه كان كافرا، فقد كان جماعة تحنفوا وتركوا ما كان عليه أهل الشرك وتمسكوا بدين إبراهيم صلى الله عليه وسلم وهو التوحيد، كزيد بن عمرو بن نفيل وقس بن ساعدة وورقة بن نوفل، فكلهم محكوم بإيمانه في الحديث ومشهود له بالجنة، فلا بدع أن تكون أم النبي صلى الله عليه وسلم منهم، كيف وأكثر من تحنف إنما كان سبب تحنفه ما سمعه من أهل الكتاب قرب زمنه صلى الله عليه وسلم من أنه قرب بعث نبي من الحرم صفته كذا، وأم النبي صلى الله عليه وسلم سمعت من ذلك أكثر مما سمعه غيرها، وشاهدت في حمله وولادته من آياته الباهرة ما يحمل على التحنف ضرورة، ورأت النور الذي خرج منها أضاءت له قصور الشام حتى رأتها كما ترى أمهات النبيين صلى اللَّه عليهم

ص: 126

أجمعين وقالت لحليمة حين جاءت به وقد شق صدره وهي مذعورة: أخشيتما عليه الشيطان؟

كلا واللَّه ما للشيطان عليه سبيل وإنه لكائن لابني هذا شأن. في كلمات أخرى من هذا النمط، وقدمت به المدينة عام وفاتها وسمعت كلام اليهود فيه وشهادتهم له بالنبوة ورجعت به فماتت في الطريق. فهذا كله مما يؤيد أنها تحنفت في حياتها.

قال الشيخ رحمه اللَّه تعالى: فإن قلت كيف قررت أنها كانت موحدة في حياتها ومتحنفة وقد صح أنه استأذن ربه في الاستغفار لها فلم يؤذن له.

وقوله في الحديث «أمي مع أمكما»

يؤذن بخلاف ذلك وهبك أجبت عنهما فيما يتعلق بحديث الإحياء بأنهما متقدمان في التاريخ وذاك متأخر فكان ناسخا، فما تقول في هذا؟ فإن الموت على التوحيد ينفي التعذيب البتة؟.

قلت: أما حديث:

«أمي مع أمكما» وإن صححه الحاكم،

فقد تقرر في علوم الحديث أن الحاكم يتساهل في التصحيح. وقال الذهبي بعد قول الحاكم في هذا الحديث: أنه صحيح: قلت: لا واللَّه فإن عثمان بن عمير ضعفه الدارقطنيّ. فبين الذهبي ضعف الحديث وحلف عليه يمينا. وعلى تقدير أن يكون صحيحا فأحسن ما يقرر به الجواب أن يقال: إن قوله «أمي مع أمكما» صدر قبل أن يوحى إليه أنها من أهل الجنة، كما

قال صلى الله عليه وسلم: «لا أدري تبعا كان نبيا أم لا» [ (1) ] رواه الحاكم وابن شاهين من حديث أبي هريرة.

وقال صلى الله عليه وسلم بعد أن أوحى إليه في شأنه: «لا تسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم» [ (2) ] رواه ابن شاهين في نسخه من حديث سهل ابن سعد وابن عباس.

وكأنه صلى الله عليه وسلم أولا لم يوح إليه في شأنها شيء ولم يبلغه الذي قالته عند موتها ولا تذكره فإنه كان إذ ذاك ابن خمس سنين، فأطلق القول بأنها مع أمهما جريا على قاعدة أهل الجاهلية، ثم أوحى إليه في أمرها بعد ذلك.

ويؤيد ذلك أن في آخر الحديث نفسه

«ما سألتهما ربي»

فهذا يدل على إنه لم يكن بعد وقعت بينه وبين ربه مراجعة في أمرها ثم وقع بعد ذلك. وأما عدم الإذن في الاستغفار فلا يلزم منه الكفر بدليل أنه صلى الله عليه وسلم كان ممنوعا في أول الإسلام من الصلاة على من عليه دين لم يترك وفاء ومن الاستغفار له وهو من المسلمين، وعلل ذلك بأن استغفاره مجاب على الفور، فمن استغفر له وصل عقب دعائه إلى منزله الكريم في الجنة والمديون محبوس عن مقامه حتى يقضى دينه كما ورد في الحديث «نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى» فقد تكون أمّ

[ (1) ] ذكره ابن كثير في البداية والنهاية 2/ 103.

[ (2) ] أخرجه أحمد في المسند 5/ 340 والطبراني في الكبير 6/ 250 وذكره ابن كثير في البداية والنهاية 2/ 166 والسيوطي في الدر 6/ 31 والهيثمي في المجمع 8/ 76.

ص: 127

النبي صلى الله عليه وسلم مع كونها متحنفة كانت محبوسة في البرزخ عن الجنة لأمور أخرى غير الكفر اقتضت أن لا يؤذن له في الاستغفار إذ ذاك بسببها إلى أن أذن اللَّه تعالى فيه بعد ذلك.

ويحتمل أن يجاب عن الحديثين بأنها كانت موحدة غير أنها لم يبلغها شأن البعث والنشور وذلك أصل كبير، فأحياها اللَّه تعالى له حتى آمنت بالبعث وبجميع ما في شريعته ولذلك تأخر إحياؤها إلى حجة الوداع حتى تمت الشريعة ونزل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة 3] فأحييت حتى آمنت بجميع ما أنزل وهذا معنى نفيس بليغ. وبسط الشيخ رحمه اللَّه تعالى الكلام على ذلك في كتابيه «الدرر الكامنة في إسلام السيدة آمنة» وفي «مسالك الحنفا في والدي المصطفى» والذي ذكرته خلاصتهما وفيه مناقشات ليس المقام لائقا لذكرها.

وتقدم في ترجمة عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم ما فيه مقنع.

وقد وقعت على فتوى بخط بعض علماء المغاربة بسط فيها الكلام على هذا المقام ورجح ما مشى عليه الشيخ، ومن جملة ما ذكره: أن المتكلم في هذا المقام على ثلاثة أقسام:

قسم يوجب تكفير قائله وزندقته وليس فيه إلا القتل دون تلعثم، وهو حيث يتكلم بمثل هذا الكلام المؤذي في أبويه صلى الله عليه وسلم قاصدا لأذيته وتعييره والإزراء به والتجسر على جهته العزيزة بما يصادم تعظيمه وتوقيره.

وقسم ليس على المتكلم به وصم وهو حيث يدعوه داع ضروري إلى الكلام به، كما إذا تكلم على الحديث مفسرا له ومقررا، ونحو ذلك مما يدعو إلى الكلام به من الدواعي الشرعية.

وقسم يحرم علينا التكلم فيه ولا يبلغ بالتكلم به إلى القتل، وهو حيث لا يدعوه داع شرعي إلى الكلام به فهذا يؤدب على حسب حاله ويشدد في أدبه إن علم منه الجرأة وعدم التحفظ في اللسان، ويعزل عن الوظائف الشرعية. واستدل بعزل عمر بن عبد العزيز عامله.

وسبق ذلك في ترجمة عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم قال: ولا ينبغي لعاقل إنكار ذلك. أي حديث إحياء أبويه صلى الله عليه وسلم فكرامته صلى الله عليه وسلم على مولاه أعظم من ذلك، ولا يتشاغل في هذا المقام بكونه صحيحا، فقد قال العلماء: أحاديث الترغيب والترهيب لا يشترط فيها الصحة، فما بالك بهذا المقام؟ ولا مانع من صحته إن شاء اللَّه تعالى وذلك هو الذي يغلب على ظن كل محب للجناب الشريف صلى الله عليه وسلم.

ص: 128