المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثامن في سفره صلى الله عليه وسلم مع عمة أبي طالب إلى الشام - سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد - جـ ٢

[الصالحي الشامي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌جماع أبواب صفة جسده الشريف صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في حسنه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهان

- ‌الباب الثاني في صفة لونه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث في صفة رأسه وشعره صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع في صفة جبينه وحاجبيه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس في صفة عينيه صلى الله عليه وسلم وبعض ما فيهما من الآيات

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس في سمعه الشريف صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السابع في صفة انفه الشريف وخديه صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن في صفة فمه صلى الله عليه وسلم وأسنانه وطيب ريقه وبعض الآيات فيه

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب التاسع في صفة لحيته الشريفة وشيبه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في صفة وجهه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الحادي عشر في صفة عنقه صلى الله عليه وسلم وبعد ما بين منكبيه وغلظ كتده

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الثاني عشر في صفة ظهره صلى الله عليه وسلم وما جاء في صفة خاتم النبوة

- ‌فصل اختلف في صفة خاتم النبوة على أقوال كثيرة متقاربة المعنى

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في صفة صدره وبطنه صلى الله عليه وسلم

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الرابع عشر فيما جاء في شق صدره وقلبه الشريفين صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌ذكر أحاديث فيها شق صدره صلى الله عليه وسلم من غير تعيين زمان

- ‌ذكر غريب ما تقدم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس عشر في صفة يديه وإبطيه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس عشر في صفة ساقيه وفخذيه وقدميه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع عشر في ضخامة كراديسه صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن عشر في طوله واعتدال خلقه ورقة بشرته صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب التاسع عشر في عرقه صلى الله عليه وسلم وطيبه

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العشرون في مشيه صلى الله عليه وسلم وأنه لم يكن يرى له ظل

- ‌الباب الحادي والعشرون في الآية في صوته صلى الله عليه وسلم وبلوغه حيث لا يبلغه صوت غيره

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثاني والعشرون في فصاحته صلى الله عليه وسلم

- ‌[معرفته صلى الله عليه وسلم بلهجات العرب]

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث والعشرون في معرفة الذين كانت صفات أجسادهم تقرب من صفات جسده صلى الله عليه وسلم

- ‌جماع أبواب بعض الأمور الكائنة بعد مولده وقبل بعثته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في وفاة أمه آمنة بنت وهب وحضانة أم أيمن له

- ‌تنبيه

- ‌فصل في الكلام على أحاديث النهي عن استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لأبويه

- ‌الباب الثاني في كفالة عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفته بشأنه

- ‌الباب الثالث في استسقاء أهل مكة بجده وهو معهم وسقياهم ببركته

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع فيما حصل له في سنة سبع من مولده

- ‌الباب الخامس في وفاة عبد المطلب ووصيته لأبي طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم وما ظهر في ذلك من الآيات

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السادس في استسقاء أبي طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم وعطش أبي طالب وشكواه ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السابع في سفره صلى الله عليه وسلم مع عمه الزبير بن عبد المطلب إلى اليمن

- ‌الباب الثامن في سفره صلى الله عليه وسلم مع عمة أبي طالب إلى الشام

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع في حفظ الله تعالى إياه في شبابه عما كان عليه أهل الجاهلية واشتهاره بالأخلاق الفاضلة والخصال الحميدة قبل بعثته وتعظيم قومه له صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في شهوده صلى الله عليه وسلم حرب الفجار

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي عشر في شهوده صلى الله عليه وسلم حلف الفضول

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثاني عشر في رعيته صلى الله عليه وسلم الغنم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في سفره صلى الله عليه وسلم مرة ثانية إلى الشام

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع عشر في نكاحه صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس عشر في بنيان قريش الكعبة

- ‌تنبيهات

- ‌جماع أبواب مبعثه صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في بدء عبادة الأصنام والإشراك بالله تعالى

- ‌الباب الثاني في إخبار الأحبار والرهبان والكهان بمبعث حبيب الرحمن صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر خبر زيد بن عمرو بن نفيل

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر قس بن ساعدة

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر العباس عن بعض أحبار اليمن

- ‌خبر أمية عن بعض أحبار الشام

- ‌خبر أبي سفيان عن أمية

- ‌خبر عبد الرحمن بن عوف عن عثكلان الحبر

- ‌خبر عروة بن مسعود الثقفي عن بعض الكهان والكواهن

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر عمرو بن معدي كرب عن بعض الكهان

- ‌خبر ابن الهيبان

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر الحبر من جرهم

- ‌خبر الحبر من أهل بصرى

- ‌خبر رئيس نجران

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثالث في حدوث الرجوم وحجب الشياطين من استراق السمع عند مبعث النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع في بعض ما سمع من الهواتف وتنكس الأصنام

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس في قدر عمر النبي صلى الله عليه وسلم وقت بعثته وتاريخها

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس في ابتدائه صلى الله عليه وسلم بالرؤيا الصادقة وسلام الحجر والشجر عليه، زاده الله فضلا وشرفا لديه

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السابع فيما ذكر أن إسرافيل قرن به قبل جبريل صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن في كيفية بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع في كيفية إنزال الوحي

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في شدة الوحي وثقله

- ‌تنبيهات

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الحادي عشر في أنواع الوحي

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثاني عشر في فترة الوحي وتشريف الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة بعد النبوة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في معنى الوحي والنبيّ والرسول والنبّوة والرسالة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع عشر في مثله ومثل ما بعثه الله تعالى به من الهدى

- ‌تنبيهات في بعض فوائد الحديث

- ‌الباب الخامس عشر في مثله ومثل الأنبياء من قبله

- ‌الباب السادس عشر في الوقت الذي كتب فيه نبينا صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب السابع عشر في إعلام الوحش برسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن عشر في شهادة الرضيع والأبكم برسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌جماع أبواب بعض الأمور الكائنة بعد بعثته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في تعليم جبريل النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثاني في إسلام خديجة بنت خويلد، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهم، واختلاف الناس فيمن اسلم أولا

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثالث في ذكر متقدّمي الإسلام من الصحابة- رضي الله تعالى عنهم- تقدم علي وزيد بن حارثة

- ‌الباب الرابع في قصة إسلام أبي ذرّ وأخيه أنيس- رضي اللَّه تعالى عنهما

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس في سبب دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم واستخفاء المسلمين حال عبادتهم ربّهم تبارك وتعالى

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السادس في أمر الله سبحانه وتعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بإظهار الإسلام

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب السابع في مشي قريش إلى أبي طالب ليكفّ عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن في إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب التاسع في إرسال قريش عتبة بن أبي ربيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عليه أشياء ليكف عنهم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب العاشر في أسئلة المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنواعاً من الآيات وخرق العادات على وجه العناد لا على وجه الهدى والرشاد

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي عشر في امتحانهم إياه بأصياء لا يعرفها إلا نبي

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب الثالث عشر في اعتراف أبي جهل وغيره بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع عشر في تحيّر الوليد بن المغيرة فيما يصف به القرآن والآيات التي أنزلت فيه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس عشر في عدوان المشركين على المستضعفين ممن أسلم بالأذى والفتنة

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السادس عشر في الهجرة الأولى إلى الحبشة وسبب رجوع من هاجر إليها من المسلمين وكانت في شهر رجب سنة خمس من المبعث

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع عشر في إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثامن عشر في دخول بني هاشم وبني المطلب بني عبد مناف الشّعب وكتابة قريش الصحيفة الظالمة

- ‌تنبيهات

- ‌تفسير غريب قصيدة أبي طالب اللامية

- ‌الباب التاسع عشر في رجوع القادمين من الحبشة إليها والهجرة الثانية

- ‌كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي

- ‌تنبيهات

- ‌في معرفة أسماء الذين هاجروا الهجرة الثانية:

- ‌الباء الموحدة

- ‌التاء المثناة

- ‌الجيم

- ‌الحاء المهملة

- ‌الخاء المعجمة

- ‌الراء

- ‌الزاي

- ‌السين المهملة

- ‌الشين المعجمة

- ‌الطاء المهملة

- ‌العين المهملة

- ‌الفاء

- ‌القاف

- ‌الميم

- ‌ الهاء

- ‌النون

- ‌الياء

- ‌الكنى

- ‌النساء

- ‌من ولد بأرض الحبشة

- ‌الباب العشرون في إرادة أبي بكر رضي الله عنه الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الحادي والعشرون في نقض الصحيفة الظالمة

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الثاني والعشرون في إسلام الطّفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثالث والعشرون في قصتي الأراشيّ والزّبيديّ اللذين ابتاع أبو جهل إبلهما

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع والعشرون في وفد النصارى الذين أسلموا

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس والعشرون في سبب نزول أول سورة «عبس»

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع والعشرون في سبب نزول أول سورة الروم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن والعشرون في وفاة أبي طالب ومشي قريش إليه ليكف عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع والعشرون في وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها

- ‌الباب الثلاثون في بعض ما لاقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش بعد موت أبي طالب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي والثلاثون في سفر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف

- ‌تنبيهان

- ‌الباب الثاني والثلاثون في إسلام الجن

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث والثلاثون في عرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه الكريمة على القبائل ليؤووه وينصروه ودعائه الناس إلى التوحيد

- ‌تنبيه [في بيان غريب ما سبق]

- ‌الباب الرابع والثلاثون في خبر بعض المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف كان هلاكهم

- ‌الأول: الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن زهرة

- ‌الثاني: الحارث بن قيس السهمي

- ‌الثالث: الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى

- ‌الرابع: مالك بن الطّلاطلة

- ‌الخامس: العاصي بن وائل السهمي

- ‌السادس: الحكم بن أبي العاصي بن أمية

- ‌السابع: الوليد بن المغيرة:

- ‌الثامن: أبو لهب

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه

- ‌تنبيهات

الفصل: ‌الباب الثامن في سفره صلى الله عليه وسلم مع عمة أبي طالب إلى الشام

‌الباب الثامن في سفره صلى الله عليه وسلم مع عمة أبي طالب إلى الشام

روى ابن سعد وابن عساكر عن داود بن الحصين [ (1) ]- بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين- أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان ابن اثنتي عشرة سنة. قال البلاذري: وهو الثبت.

وروى أبو نعيم عن علي بن أبي طالب رضي اللَّه تعالى عنه وابن سعد وابن عساكر عن عبد الله بن محمد بن عقيل وابن سعد عن عبد الرحمن بن أبزى، والبزار والترمذي وحسنه عن أبي موسى الأشعري، وابن سعد عن داود بن الحصين، وأبو نعيم عن محمد بن عمر الأسلمي، والبيهقي عن محمد بن إسحاق قالوا: إن أبا طالب أراد المسير في ركب إلى الشام فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أي عم إلى من تخلّفني ها هنا؟ وصب به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فرق له أبو طالب فلما سارا أردفه خلفه فخرج به فنزلوا على صاحب دير فقال صاحب الدير: ما هذا الغلام منك؟ قال: ابني. قال: ما هو بابنك وما ينبغي أن يكون له أب حي. قال: ولم؟ قال: لأن وجهه وجه نبي وعينه عين نبي. قال: وما النبي؟ قال: الذي يوحى إليه من السماء فينبئ أهل الأرض.

قال اللَّه أجل مما تقول. قال فاتق عليه اليهود.

ثم خرج حتى نزل براهب أيضاً صاحب دير فقال: ما هذا الغلام منك؟ قال: ابني قال:

ما هو بابنك وما ينبغي أن يكون له أب حي. قال: ولم؟ قال: لأن وجهه وجه نبي وعينه عين نبي. قال: سبحان اللَّه! أجل مما تقول.

وقال أبو طالب للنبي صلى الله عليه وسلم: يا ابن أخي ألا تسمع ما يقولون؟ قال: أي عم لا تنكر للَّه قدرة.

خبر بحيرا فلما نزل الركب بصرى وبها راهب يقال له بحيرا في صومعة له قال ابن إسحاق: وكان أعلم أهل النصرانية. فلما نزلوا ذلك العام ببحيرا وكانوا كثيرا ما يمرون به قبل ذلك لا يكلمهم ولا يعرض لهم، حتى إذا كان ذلك العام نزلوا قريبا من صومعته فرأى وهو في صومعته رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في ركب حين أقبلوا وغمامة تظله من بين القوم ثم أقبلوا فنزلوا في ظل شجرة قريبا منه فنظر إلى الغمامة حين أظلت الشجرة وتهصرت أغصان الشجرة على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين استظل تحتها، فلما رأى بحيرا ذلك نزل من صومعته وجعل يتخللهم حتى جاء فأخذ بيد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقال: هذا سيد العالمين هذا يبعثه اللَّه رحمة للعالمين. فقال له أشياخ من قريش: وما علمك؟ قال: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يمر بشجر ولا حجر إلا خر ساجدا ولا

[ (1) ] داود بن الحصين، الأموي مولاهم، أبو سليمان المدني، ثقة، إلا في عكرمة، ورمي برأي الخوارج، من السادسة، مات سنة خمس وثلاثين. [التقريب 1/ 231] .

ص: 140

يسجدان إلا لنبي وإني أعرفه بخاتم النبوة في أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة. ثم رجع وأمر بطعام كثير فصنع ثم أرسل إليهم فقال: إني صنعت لكم طعاما يا معشر قريش وإني أحب أن تحضروا كلكم صغيركم وكبيركم وحركم وعبدكم. فقال رجل: يا بحيرا إن لك اليوم لشأناً ما كنت تصنع هذا فيما مضى وقد كنا نمر بك كثيرا فيما شأنك؟ فقال بحيرا: صدقت قد كان ما تقول، ولكنكم ضيف وقد أحببت أن أكرمكم وأصنع لكم طعاما تأكلون منه. فاجتمعوا إليه، فلما أتاهم به وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم راح مع من يرعى الإبل. وفي رواية: فتخلف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من بين القوم لحداثة سنه في رحال القوم، فلما نظر بحيرا لم ير الصفة التي يعرف ويجد عنده، فقال: يا معشر قريش لا يتخلف أحد منكم عن طعامي هذا قالوا: ما تخلف عنك أحد يأتيك إلا غلام هو أحدث القوم سنا تخلف في رحالنا. فقال: لا تفعلوا ادعوه فليحضر هذا الطعام. فقام الحارث بن عبد المطلب فأتى به، فلما أقبل وعليه غمامة تظله فقالوا: انظروا إليه عليه غمامة تظله. فلما دنا من القوم وجدهم سبقوه إلى فيء الشجرة فلما جلس مال فيء الشجرة عليه، فقال: انظروا ما فيء الشجرة عليه هذا نبي هذه الأمة الذي يرسله اللَّه إلى الناس كافة.

وفي «الزهر» نقلا عن محمد بن عمر الأسلمي إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما فارق تلك الشجرة التي كان جالسا تحتها وقام انفلقت من أصلها حين فارقها وجعل يلحظه لحظا شديدا ينظر إلى أشياء من بدنه قد كان يجدها عنده في صفته وقال لقومه: هذه الحمرة التي في عينيه تأتي وتذهب أولا تفارقه؟ قالوا: ما رأيناها فارقته قط. فأقبل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا غلام أسألك باللات والعزى إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه. وإنما قال له بحيرا ذلك لأنه سمع قومه يحلفون بهما فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا تسألني باللات والعزى فواللَّه ما أبغضت بغضهما شيئاً. فقال له بحيرا: فباللَّه إلا ما أخبرتني عما أسألك. فقال: سلني عما بدا لك. فجعل يسأله عن أشياء عن حال نومه ويقظته وجعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخبره فوافق ذلك ما عند بحيرا من صفته، ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضعه من صفته عنده فلما فرغ منه أقبل على عمه أبي طالب فقال: ما هذا الغلام منك؟ قال: ابني. فقال بحيرا: ما هو بابنك وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون له أب حي. قال: فإنه ابن أخي. قال: فما فعل أبوه؟ قال: مات وأمه حامل به. قال: صدقت ارجع بابن أخيك إلى بلدك واحذر عليه اليهود فواللَّه لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شراً فإنه كائن لابن أخيك شأن. فأسرع به إلى بلاده ولا تذهب به إلى الروم فإن الروم إذا رأوه عرفوه بالصفة فيقتلونه

[ (1) ] .

[ (1) ] أخرجه ابن سعد 1/ 1/ 100.

ص: 141

والتفت عنه بحيرا فإذا هو بسبعة نفر قد أقبلوا من الروم فاستقبلهم فقال: ما جاء بكم؟

قالوا: جئنا إلى هذا النبي الذي هو خارج في هذا الشهر فلم يبق طريق إلا بعث إليه ناس وإنا قد أخبرنا خبره بطريقك هذا. قال: أفرأيتم أمرا أراد اللَّه أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده؟

قالوا: لا فبايعوه وأقاموا معه. فأتى قريشا فقال: أنشدكم با اللَّه أيكم وليه قالوا: أبو طالب. فلم يزل يناشده حتى رده أبو طالب وأرسل معه رجلا وزودهم الراهب من الكعك والزيت.

وقال: أبو طالب في هذه السّفرة قصائد منها ما ذكره ابن إسحاق وأبو هفان في ديوان شعر أبي طالب:

إن ابن آمنة الأمين محمدا

عندي بمثل منازل الأولاد

لما تعلق بالزمام رحمته

والعيس قد قلصن بالأزواد

فارفض من عيني دمع ذارف

مثل الجمان مفرق الأفراد

راعيت منه قرابة موصولة

وحفظت فيه وصية الأجداد

وأمرته بالسير بين عمومة

بيض الوجوه مصالت أنجاد

ساروا لأبعد طية معلومة

فلقد تباعد طية المرتاد

حتى إذا ما القوم بصرى عاينوا

لاقوا على شرك من المرصاد

حبرا فأخبرهم حديثاً صادقا

عنه ورد معاشر الحساد

قوما يهودا قد رأوا ما قد رأى

ظل الغمامة ثاغري الأكباد

ساروا لفتك محمد فنهاهم

عنه وأجهد أحسن الإجهاد

فثنى زبيراء بحير فانثنى

في القوم بعد تجادل وتعاد

ونهى دريسا فانتهى لما نهي

عن قول حبر ناطق بسداد

ومنها:

بكى حزنا لما رآني محمد

كأن لا يراني راجعا لمعاد

فبت يجافيني تهلل دمعه

وعبرته عن مضجعي ووسادي

فقلت له قرب قتودك وارتحل

لا تخش مني جفوة ببلاد

وحل زمام العيس وارحل بنا معا

على عزمة من أمرنا ورشاد

رح رائحا في الرائحين مشيعا

لذي رحم والقرم غير بعاد

فرحنا مع القوم التي راح ركبها

يؤمون من غورين أرض إياد

ص: 142

فما رجعوا حتى رأوا من محمد

أحاديث تجلو رين كل فؤاد

وحتى رأوا أحبار كل مدينة

سجودا له من عصبة وفراد

زبيرا وتماما وقد كان شاهدا

دريس فهموا كلهم بفساد

فقال لهم قولا بحيرا فأيقنوا

به بعد تكذيب وطول بعاد

كما قال للركب الذين تهودوا

وجاهدهم في اللَّه حق جهاد

وقال ولم يترك له النصح رده

فإن له أرصاد كل مضاد

فإني أخاف الحاسدين وإنه

لفي الكتب مكتوب بأي مداد

ومنها:

ألم ترني من بعد هم هممته

بفرقة حر الوالدين كرام

بأحمد لما أن شددت مطيتي

برحلي وقد ودعته بسلام

بكى حزنا والعيس قد فصلت بنا

وأمسك بالكفين فضل زمام

ذكرت أباه ثم رقرقت عبرة

بحورا من العينين ذات سجام

فقلت تروح راشدا في عمومة

مواسين في البأساء غير لئام

فرحنا مع العير الّتي راح أهلها

شام الهوى والأصل غير شام

فلما هبطنا أرض بصرى تشرفوا

لنا فوق دور ينظرون جسام

فجاء بحيرا عند ذلك حاشدا

لنا بشراب طيب وطعام

فقال اجمعوا أصحابكم لطعامنا

فقلنا جمعنا القوم غير غلام

يتيما فقال ادعوه إنَّ طعامنا

كثير عليه القوم غير حرام

فلما رآه مقبلا نحو داره

توقيه حر الشمس ظل غمام

حنى رأسه شبه السجود وضمه

إلى نحره والصدر أي ضمام

وأقبل ركب يطلبون الذي رأى

بحيرا من الأعلام وسط خيام

فثار إليهم خشية لغرامهم

وكانوا ذوي مكر معا وغرام

دريس وتمام وقد كان فيهم

زبير وكل القوم غير نيام

فجاءوا وقد هموا بقتل محمد

فردهم عنه بحسن خصام

بتأويله التوراة حتى تفرقوا

فقال لهم ما أنتم بطغام

ص: 143