المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

كنت أميل إليه قبل الوقوف عليه، والتأويل الأخير أصح من - سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد - جـ ٢

[الصالحي الشامي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌جماع أبواب صفة جسده الشريف صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في حسنه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهان

- ‌الباب الثاني في صفة لونه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث في صفة رأسه وشعره صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع في صفة جبينه وحاجبيه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس في صفة عينيه صلى الله عليه وسلم وبعض ما فيهما من الآيات

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس في سمعه الشريف صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السابع في صفة انفه الشريف وخديه صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن في صفة فمه صلى الله عليه وسلم وأسنانه وطيب ريقه وبعض الآيات فيه

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب التاسع في صفة لحيته الشريفة وشيبه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في صفة وجهه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الحادي عشر في صفة عنقه صلى الله عليه وسلم وبعد ما بين منكبيه وغلظ كتده

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الثاني عشر في صفة ظهره صلى الله عليه وسلم وما جاء في صفة خاتم النبوة

- ‌فصل اختلف في صفة خاتم النبوة على أقوال كثيرة متقاربة المعنى

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في صفة صدره وبطنه صلى الله عليه وسلم

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الرابع عشر فيما جاء في شق صدره وقلبه الشريفين صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌ذكر أحاديث فيها شق صدره صلى الله عليه وسلم من غير تعيين زمان

- ‌ذكر غريب ما تقدم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس عشر في صفة يديه وإبطيه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس عشر في صفة ساقيه وفخذيه وقدميه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع عشر في ضخامة كراديسه صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن عشر في طوله واعتدال خلقه ورقة بشرته صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب التاسع عشر في عرقه صلى الله عليه وسلم وطيبه

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العشرون في مشيه صلى الله عليه وسلم وأنه لم يكن يرى له ظل

- ‌الباب الحادي والعشرون في الآية في صوته صلى الله عليه وسلم وبلوغه حيث لا يبلغه صوت غيره

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثاني والعشرون في فصاحته صلى الله عليه وسلم

- ‌[معرفته صلى الله عليه وسلم بلهجات العرب]

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث والعشرون في معرفة الذين كانت صفات أجسادهم تقرب من صفات جسده صلى الله عليه وسلم

- ‌جماع أبواب بعض الأمور الكائنة بعد مولده وقبل بعثته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في وفاة أمه آمنة بنت وهب وحضانة أم أيمن له

- ‌تنبيه

- ‌فصل في الكلام على أحاديث النهي عن استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لأبويه

- ‌الباب الثاني في كفالة عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفته بشأنه

- ‌الباب الثالث في استسقاء أهل مكة بجده وهو معهم وسقياهم ببركته

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع فيما حصل له في سنة سبع من مولده

- ‌الباب الخامس في وفاة عبد المطلب ووصيته لأبي طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم وما ظهر في ذلك من الآيات

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السادس في استسقاء أبي طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم وعطش أبي طالب وشكواه ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السابع في سفره صلى الله عليه وسلم مع عمه الزبير بن عبد المطلب إلى اليمن

- ‌الباب الثامن في سفره صلى الله عليه وسلم مع عمة أبي طالب إلى الشام

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع في حفظ الله تعالى إياه في شبابه عما كان عليه أهل الجاهلية واشتهاره بالأخلاق الفاضلة والخصال الحميدة قبل بعثته وتعظيم قومه له صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في شهوده صلى الله عليه وسلم حرب الفجار

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي عشر في شهوده صلى الله عليه وسلم حلف الفضول

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثاني عشر في رعيته صلى الله عليه وسلم الغنم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في سفره صلى الله عليه وسلم مرة ثانية إلى الشام

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع عشر في نكاحه صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس عشر في بنيان قريش الكعبة

- ‌تنبيهات

- ‌جماع أبواب مبعثه صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في بدء عبادة الأصنام والإشراك بالله تعالى

- ‌الباب الثاني في إخبار الأحبار والرهبان والكهان بمبعث حبيب الرحمن صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر خبر زيد بن عمرو بن نفيل

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر قس بن ساعدة

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر العباس عن بعض أحبار اليمن

- ‌خبر أمية عن بعض أحبار الشام

- ‌خبر أبي سفيان عن أمية

- ‌خبر عبد الرحمن بن عوف عن عثكلان الحبر

- ‌خبر عروة بن مسعود الثقفي عن بعض الكهان والكواهن

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر عمرو بن معدي كرب عن بعض الكهان

- ‌خبر ابن الهيبان

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر الحبر من جرهم

- ‌خبر الحبر من أهل بصرى

- ‌خبر رئيس نجران

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثالث في حدوث الرجوم وحجب الشياطين من استراق السمع عند مبعث النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع في بعض ما سمع من الهواتف وتنكس الأصنام

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس في قدر عمر النبي صلى الله عليه وسلم وقت بعثته وتاريخها

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس في ابتدائه صلى الله عليه وسلم بالرؤيا الصادقة وسلام الحجر والشجر عليه، زاده الله فضلا وشرفا لديه

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السابع فيما ذكر أن إسرافيل قرن به قبل جبريل صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن في كيفية بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع في كيفية إنزال الوحي

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في شدة الوحي وثقله

- ‌تنبيهات

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الحادي عشر في أنواع الوحي

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثاني عشر في فترة الوحي وتشريف الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة بعد النبوة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في معنى الوحي والنبيّ والرسول والنبّوة والرسالة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع عشر في مثله ومثل ما بعثه الله تعالى به من الهدى

- ‌تنبيهات في بعض فوائد الحديث

- ‌الباب الخامس عشر في مثله ومثل الأنبياء من قبله

- ‌الباب السادس عشر في الوقت الذي كتب فيه نبينا صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب السابع عشر في إعلام الوحش برسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن عشر في شهادة الرضيع والأبكم برسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌جماع أبواب بعض الأمور الكائنة بعد بعثته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في تعليم جبريل النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثاني في إسلام خديجة بنت خويلد، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهم، واختلاف الناس فيمن اسلم أولا

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثالث في ذكر متقدّمي الإسلام من الصحابة- رضي الله تعالى عنهم- تقدم علي وزيد بن حارثة

- ‌الباب الرابع في قصة إسلام أبي ذرّ وأخيه أنيس- رضي اللَّه تعالى عنهما

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس في سبب دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم واستخفاء المسلمين حال عبادتهم ربّهم تبارك وتعالى

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السادس في أمر الله سبحانه وتعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بإظهار الإسلام

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب السابع في مشي قريش إلى أبي طالب ليكفّ عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن في إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب التاسع في إرسال قريش عتبة بن أبي ربيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عليه أشياء ليكف عنهم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب العاشر في أسئلة المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنواعاً من الآيات وخرق العادات على وجه العناد لا على وجه الهدى والرشاد

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي عشر في امتحانهم إياه بأصياء لا يعرفها إلا نبي

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب الثالث عشر في اعتراف أبي جهل وغيره بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع عشر في تحيّر الوليد بن المغيرة فيما يصف به القرآن والآيات التي أنزلت فيه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس عشر في عدوان المشركين على المستضعفين ممن أسلم بالأذى والفتنة

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السادس عشر في الهجرة الأولى إلى الحبشة وسبب رجوع من هاجر إليها من المسلمين وكانت في شهر رجب سنة خمس من المبعث

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع عشر في إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثامن عشر في دخول بني هاشم وبني المطلب بني عبد مناف الشّعب وكتابة قريش الصحيفة الظالمة

- ‌تنبيهات

- ‌تفسير غريب قصيدة أبي طالب اللامية

- ‌الباب التاسع عشر في رجوع القادمين من الحبشة إليها والهجرة الثانية

- ‌كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي

- ‌تنبيهات

- ‌في معرفة أسماء الذين هاجروا الهجرة الثانية:

- ‌الباء الموحدة

- ‌التاء المثناة

- ‌الجيم

- ‌الحاء المهملة

- ‌الخاء المعجمة

- ‌الراء

- ‌الزاي

- ‌السين المهملة

- ‌الشين المعجمة

- ‌الطاء المهملة

- ‌العين المهملة

- ‌الفاء

- ‌القاف

- ‌الميم

- ‌ الهاء

- ‌النون

- ‌الياء

- ‌الكنى

- ‌النساء

- ‌من ولد بأرض الحبشة

- ‌الباب العشرون في إرادة أبي بكر رضي الله عنه الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الحادي والعشرون في نقض الصحيفة الظالمة

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الثاني والعشرون في إسلام الطّفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثالث والعشرون في قصتي الأراشيّ والزّبيديّ اللذين ابتاع أبو جهل إبلهما

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع والعشرون في وفد النصارى الذين أسلموا

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس والعشرون في سبب نزول أول سورة «عبس»

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع والعشرون في سبب نزول أول سورة الروم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن والعشرون في وفاة أبي طالب ومشي قريش إليه ليكف عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع والعشرون في وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها

- ‌الباب الثلاثون في بعض ما لاقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش بعد موت أبي طالب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي والثلاثون في سفر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف

- ‌تنبيهان

- ‌الباب الثاني والثلاثون في إسلام الجن

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث والثلاثون في عرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه الكريمة على القبائل ليؤووه وينصروه ودعائه الناس إلى التوحيد

- ‌تنبيه [في بيان غريب ما سبق]

- ‌الباب الرابع والثلاثون في خبر بعض المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف كان هلاكهم

- ‌الأول: الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن زهرة

- ‌الثاني: الحارث بن قيس السهمي

- ‌الثالث: الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى

- ‌الرابع: مالك بن الطّلاطلة

- ‌الخامس: العاصي بن وائل السهمي

- ‌السادس: الحكم بن أبي العاصي بن أمية

- ‌السابع: الوليد بن المغيرة:

- ‌الثامن: أبو لهب

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه

- ‌تنبيهات

الفصل: كنت أميل إليه قبل الوقوف عليه، والتأويل الأخير أصح من

كنت أميل إليه قبل الوقوف عليه، والتأويل الأخير أصح من الأول لأن قوله: أنزل علي آنفا يدفع كونها نزلت قبل ذلك، بل نقول: نزلت في تلك الحالة وليس الإغفاء إغفاءة نوم بل الحالة التي كانت تعتريه عند الوحي، فقد ذكر العلماء أنه كان يؤخذ عن الدنيا. انتهى.

السابع: مجيء الوحي كدوي النحل.

روى الإمام أحمد والحاكم، عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم «إذا أنزل عليه يسمع عند وجهه كدويّ النحل» [ (1) ] .

الثامن: العلم الذي يلقيه اللَّه تعالى في قلبه وعلى لسانه عند الاجتهاد في الأحكام.

لأنه اتّفق على أنه صلى الله عليه وسلم إذا اجتهد أصاب قطعا وكان معصوما عن الخطأ وهذا خرق للعادة في حقه صلى الله عليه وسلم دون الأمة، وهو يفارق النّفث في الرّوع من حيث حصوله بالاجتهاد والنفث بدونه. قال في إرشاد الساري: ويعكر عليه أن الظاهر من كلام الأصوليين أن اجتهاده صلى الله عليه وسلم والوحي قسمان. انتهى.

هذا ما وقفت عليه من صفات الوحي.

وأما صفة حامله: فمجيء جبريل عليه الصلاة والسلام في صورته التي خلق عليها له ستمائة جناح يتناثر من أجنحته اللؤلؤ والياقوت، وقد وقع ذلك مرتين: مرة في السماء ليلة المعراج، ومرة في الأرض، كما سيأتي بسط ذلك في أبواب المعراج.

ومجيئه في صورة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشّعر.

وفي صورة دحية الكلبي.

ومجيئه في صورة رجل غير دحية.

نزول الوحي على لسان ملك الجبال كما سيأتي بيان ذلك في باب سفره إلى الطائف ونزوله على لسان إسرافيل، كما تقدم بيان ذلك.

‌تنبيهات

الأول: ذكر الإمام الحليمي رحمه اللَّه تعالى أن الوحي كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم على ستة وأربعين نوعا، فذكرها. قال الحافظ: وغالبها من صفة حامل الوحي ومجموعها يدخل فيما ذكر.

الثاني: استشكل تشبيه مجيء الوحي بصلصلة الجرس إذ المحمود لا يشبّه بالمذموم،

[ (1) ] أخرجه أحمد في المسند 1/ 34.

ص: 265

إذ حقيقة التشبيه: إلحاق ناقص بكامل، والمشبّه الوحي وهو محمود، والمشبّه به صوت جرس وهو مذموم، لصحة النّهي عنه والتّنفير من موافقة ما هو عليه والإعلام بأنه لا تصحبهم الملائكة كما أخرجه مسلم، فكيف يشبّه ما فعله الملك بأمر تنفر منه الملائكة؟

والجواب: بأنه لا يلزم في التشبيه تساوي المشبّه بالمشبه به في الصفات كلها، بل ولا في أخسّ وصف له بل يكفي اشتراكهما في صفة ما، فالمقصود هنا بيان الحسّ فذكر ما ألف السامعون سماعه تقريبا لأفهامهم، والحاصل أن الصوت له جهتان: جهة قوة وجهة طنين، فمن جهة القوة وقع التشبيه، ومن جهة الصوت وقع التنفير عنه، وعلّل بكونه مزمار الشيطان.

قيل: ويحتمل أن يكون النهي وقع بعد السؤال.

قال الحافظ: وفيه نظر.

قال ابن بطال: وعلى مثل هذه الصفة تتلقى الملائكة الوحي من اللَّه تعالى، وقال التوربشتي: وهذا الصوت من الوحي تشبيها بما يوحى إلى الملائكة على ما

رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا قضى اللَّه في السماء أمرا ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله، كأنها سلسلة على صفوان، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم. قالوا: الحق وهو العليّ الكبير» .

رواه البخاري وغيره.

قال القاضي: ما جاء من مثل ذلك يجري على ظاهره وكيفية ذلك وصورته مما لا يعلمه إلا اللَّه تعالى أو من أطلعه اللَّه تعالى على شيء من ذلك من ملائكته ورسله، وما يتأوّل هذا ويحيله عن ظاهره إلا ضعيف النظر والإيمان، إذ جاءت به الشريعة ودلائل العقل لا تحيله انتهى.

والصلصلة المذكورة: قيل صوت الملك بالوحي. وقيل صوت حفيف أجنحة الملائكة. قال الخطّابي: يريد أنه صوت متدارك يسمعه ولا يثبته أول ما يسمعه حتى يفهمه بعد.

قوله: خضعانا- بفتحتين، وبضم أوله وسكون ثانيه: مصدر بمعنى خاضعين.

كأنه: أي القول المسموع.

الصّفوان: الحجر الأملس.

الثالث: الحكمة في تقديم الصلصلة أن يقرع سمعه الوحي فلا يبقى فيه مكان لغيره، فلما كان الجرس لا تحصل صلصلته إلا بتدارك وقع التشبيه به دون غيره من الآلات.

الرابع: دلّ

قوله «وهو أشدّه عليّ»

أن الوحي كله شديد ولكن هذه الصفة أشدها، وهو

ص: 266

واضح لأن الفهم من كلام مثل الصلصلة أشكل من الفهم من كلام الرجل بالتخاطب المعهود، والحكمة فيه أن العادة جرت بالمناسبة بين القائل والسامع، وهي هنا إما باتصاف السامع بوصف القائل لغلبة الروحانية وهو النوع الأول، وإما باتصاف القائل بوصف السامع وهو البشرية وهو النوع الثاني، والأول أشد بلا شك.

قال الإمام البلقيني: وسبب ذلك أن الكلام العظيم له مقدّمات تؤذن بتعظيمه للاهتمام به، كما في حديث ابن عباس: كان يعالج من التنزيل شدة.

قال الإمام البلقيني: وسبب ذلك أن الكلم العظيم له مقدّمات تؤذن بتعظيمه للاهتمام به، كما في حديث ابن باس: كان يعالج من التنزيل شدة.

قال: وقال بعضهم: وإنما كان أشدّه عليه ليستجمع قلبه فيكون أوعى لما سمع. انتهى.

الخامس: قيل إنه إنما كان ينزل هكذا إذا نزلت آية وعيد أو تهديد. قال الحافظ: وفيه نظر. والظاهر أنه لا يختص بالقرآن كما في حديث يعلى بن أمية في قصة لابس الجبّة المتضمّخ بالطيب. وفائدة هذه الشدة ما يترتب على المشقة من زيادة الزّلفى.

السادس: عبّر

بقوله: «فيفصم عنيّ وقد وعيت»

بالماضي وفي:

«فيكلّمني فأعي»

بالاستقبال. لأن الوعي حصل في الأول قبل الفصم، وفي الثاني حصل حالة المكالمة وإنه كان في الأول قد تلبس بصفات الملائكة فإذا عاد إلى حالته الجبلّية كان حافظا لما قيل له، فعبّر عنه بالماضي، بخلاف الثاني فإنه على حالته المعهودة.

السابع: قال إمام الحرمين [ (1) ] : تمثّل جبريل رجلا معناه أن اللَّه تعالى أفنى الزائد من خلقه أو أزاله عنه ثم يعيده إليه بعد.

وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام [ (2) ] : فإن قيل إذا أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم في صورة دحية فأين تكون روحه: أفي الجسد الذي يشبّه بجسد دحية؟ أم في الجسد الذي خلق عليه له ستمائة جناح؟ فإن كان في الجسد الأعظم فما الذي أتى إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جبريل، لا

[ (1) ] عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن محمد، العلامة إمام الحرمين، ضياء الدين، أبو المعالي بن الشيخ أبي محمد الجويني مولده في المحرم سنة تسع عشرة وأربعمائة. وتوفى أبوه وله عشرون سنة، فأقعد مكانه للتدريس فكان يدرس ويخرج إلى مدرسة البيهقي حتى حصل أصول الدين وأصول الفقه على أبي القاسم الاسفراييني الإسكاف. ومن تصانيفه «النهاية» جمعها بمكة وحررها بنيسابور و «الأساليب في الخلاف» و «البرهان» في أصول الفقه. الطبقات لابن قاضي شهبة 1/ 255، 256، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 249، ووفيات الأعيان 2/ 341.

[ (2) ][عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن، الشيخ الإمام العلامة، وحيد عصره، سلطان العلماء، عز الدين، أبو محمد، السلمي، الدمشقي ثم المصري](1) . ولد سنة سبع أو ثمان وسبعين وخمسمائة، وتفقه على الشيخ فخر الدين بن عساكر (2) والقاضي جمال الدين بن الحرستاني (3) ، وقرأ الأصول على الآمدي (4) وبرع في المذهب، وفاق فيه الأقران والأضراب، وجمع بين فنون العلم من التفسير، والحديث، والفقه، والأصول، والعربية، واختلاف الناس ومآخذهم، حتى قيل: إنه بلغ رتبة الاجتهاد. قال الشيخ قطب الدين اليونيني: كان مع شدته فيه حسن محاضرة بالنوادر والأشعار. وقال الشريف عز الدين: حدث، ودرس، وأفتى، وصنف، وتولى الحكم بمصر مدة. [انظر الطبقات لابن قاضي شهبة 2/ 109، 110، 111، وطبقات الشافعية للسبكي 5/ 80] .

ص: 267

من جهة روحه ولا من جهة جسده، وإن كانت في الجسد المشبّه بجسد دحية فهل يموت الجسد الذي له ستمائُة جناح كما تموت الأجساد إذا فارقتها الأرواح؟ أم يبقى حيّا خاليا من الروح المتنقلة بالجسد المشبّه بجسد دحية؟

قلت: لا يبعد أن يكون انتقالها من الجسد الأول غير موجب لموته لأن موت الأجساد بمفارقة الأرواح ليس بواجب عقلاً، وإنما هو بعادة مطّردة أجراها اللَّه في أرواح بني آدم، فيبقى ذلك الجسد حيّا لا ينقص، من معارفه وطاعاته شيء، ويكون انتقال روحه إلى الجسد الثاني كانتقال أرواح الشهداء إلى أجواف الطيور الخضر. انتهى.

وقال الشيخ سراج الدين البلقيني في كتابه «الفيض الجاري على صحيح البخاري» :

يجوز أن يكون الآتي هو جبريل بشكله الأول، إلا أنه انضم فصار على قدر هيئة الرجل، وإذا ترك ذلك عاد إلى هيئته، ومثال ذلك القطن إذا جمع بعد أن كان منفوشا، فإنه بالنفش تحصل له صورة كبيرة وذاته لم تتغيّر وهذا على سبيل التقريب.

وقال العلامة علاء الدين القونوي [ (1) ] شارح الحاوي في كتاب «الأعلام بإلمام الأرواح بعد الموت على الأجسام» : قد كان جبريل عليه الصلاة والسلام يتمثّل في صورة دحية وتمثّل لمريم بشرا سويّا، وفي الممكن أن يخص اللَّه بعض عباده في حال الحياة بخاصة لنفسه الملكيّة القدسية وقوة لها يقدر بها على التصّرف في بدن آخر غير بدنها المعهود مع استمرار تصرفها في الأول. وقد قيل في الأبدال: إنهم إنما سمّوا أبدالا لأنهم قد يرحلون إلى مكان ويقيمون في مكانهم شبحا آخر تشبيها بشبحهم الأصلي بدلا عنه، وقد أثبت الصوفية عالما متوسّطا بين عالمي الأجساد والأرواح، وبنوا على ذلك تجسّد الأرواح وظهورها في صور مختلفة من عالم المثال، وقد يستأنس لذلك بقوله تعالى: فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا

فتكون الروح الواحدة كروح جبريل مثلا في وقت واحد مدبّرة لشبحه الأصلي، ولهذا الشبح المثال، وينحلّ بهذا ما قد اشتهر نقله عن بعض الأئمة أنه سأل بعض الأكابر عن جسم جبريل فقال: أين كان يذهب ما قد اشتهر نقله عن بعض الأئمة أنه سأل بعض الأكابر عن جسم جبريل فقال: أين كان يذهب جسمه الأول- الذي يسدّ الأفق بأجنحته لمّا تراءى للنبي صلى الله عليه وسلم في صورته الأصلية- عند إتيانه إليه في صورة دحية؟ وقد تكلف بعضهم الجواب عنه بأنه يجوز أن يقال:

[ (1) ] محمود بن علي بن إسماعيل بن يوسف، العالم، محب الدين أبو الثناء بن الإمام العلامة علاء الدين، التبريزي، القونوي الأصل المصري. ولد بمصر سنة تسع عشرة وسبعمائة، وتوفي والده وهو صغير، فاشتغل، وأخذ عن مشايخ العصر، ودرس وأشغل، وأفتى، وصنف. ذكره رفيقه الإسنوي في طبقاته، وبالغ في المدح له والثناء عليه، فقال: كان صاحب علم وعمل وطريقة لا عوج فيها ولا خلل. كان عالما بالفقه وأصوله، فاضلا في العربية والمعاني والبيان، صالحا، مجتهدا في العبادة والتلاوة، كثير الاشتغال والإشغال محافظا على أوقاته، توفي في ربيع الآخر سنة ثمان وخمسين وسبعمائة. الطبقات لابن قاضي شهبة 3/ 72، 73، وطبقات الشافعية للسبكي 6/ 247. وطبقات الأسنوي

ص: 268

كان يندمج بعضه في بعض إلى أن يصغر حجمه فيصير بقدر صورة دحية، ثم يعود وينبسط إلى أن يصير كهيئته الأولى.

وما ذكره الصوفية أحسن، ويجوز أن يكون جسمه الأول بحاله لم يتغير، وقد أقام اللَّه له شبحا آخر وروحه متصرّفة فيهما جميعا في وقت واحد. انتهى.

وقال العلامة شمس الدين بن القيّم في كتاب الرّوح: للروح شأن غير شأن الأبدان، فتكون في الرفيق الأعلى وهي متصلة ببدن الميت بحيث إذا سلّم المسلّم على صاحبها رد عليه السلام وهي في مكانها هناك، وهذا جبريل رآه النبي صلى الله عليه وسلم وله ستمائة جناح منها جناحان سدّ الأفق، وكان يدنو من النبي صلى الله عليه وسلم حتى يضع ركبتيه على ركبتيه ويديه على فخذيه، وقلوب المؤمنين تتسع للإيمان بأن من الممكن أنه كان يدنو هذا الدنوّ وهو في مستقره من السموات.

وفي الحديث في رؤية جبريل: «فرفعت رأسي فإذا جبريل صافّ قدميه بين السماء والأرض يقول: يا محمد أنت رسول اللَّه وأنا جبريل، فجعلت لا أصرف بصري إلى ناحية إلا رأيته كذلك» .

وإنما يأتي الغلط هنا من قياس الغائب على الشاهد، فيعتقد أن الروح من جنس ما يعهد من الأجسام التي إذا شغلت مكانا لم يمكن أن تكون في غيره. وهذا غلط محض.

وقال الحافظ: إنّ تمثّل الملك رجلا ليس معناه أن ذاته انقلبت رجلا، بل معناه أنه ظهر بتلك الصورة تأنّسا لمن يخاطبه، والظاهر أن القدر الزائد لا يزول ولا يفنى بل يخفى على الرائي فقط. واللَّه أعلم. انتهى.

الثامن: قال الحافظ: ودويّ النحل في حديث عمر لا يعارض صلصلة الجرس لأن سماع الدويّ بالنسبة إلى الحاضرين والصلصلة بالنسبة إلى مقامه صلى الله عليه وسلم.

التاسع: في بيان غريب ما سبق:

روح القدس: جبريل عليه الصلاة والسلام لأنه خلق من محض الطهارة.

نفث في روعي: يعني جبريل أوحى إليّ من النفث بالفم المثلثة، وهو شبيه بالنفخ، وهو أقل من التفل، لأن التّفل لا يكون إلا ومعه شيء من الريق.

الرّوع- بضم الراء: النّفس.

الصلصلة [ (1) ] : صوت الحديد إذا حرّك، يقال صلّ الحديد وصلصل، والصلصلة أشد من الصّليل.

[ (1) ] انظر لسان العرب 4/ 2486.

ص: 269

الجرس: مثال يشبه الجلجل الذي يعلقه الجهّال في رؤوس الدواب.

يفصم عني: بفتح أوله وسكون الفاء وكسر المهملة أي يقلع وينجلي، ويروى بضم أوله من الرباعي وفي رواية بضم أوله وفتح الصاد على البناء للمفعول وأصل الفصم القطع. وقيل بالفاء: القطع بلا إبانة وبالقاف القطع بإبانة، فعبّر بالفصم إشارة إلى أن الملك فارقه ليعود، والجامع بينهما بقاء العلقة.

ص: 270