المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الحادي والثلاثون في سفر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف - سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد - جـ ٢

[الصالحي الشامي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌جماع أبواب صفة جسده الشريف صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في حسنه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهان

- ‌الباب الثاني في صفة لونه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث في صفة رأسه وشعره صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع في صفة جبينه وحاجبيه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس في صفة عينيه صلى الله عليه وسلم وبعض ما فيهما من الآيات

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس في سمعه الشريف صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السابع في صفة انفه الشريف وخديه صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن في صفة فمه صلى الله عليه وسلم وأسنانه وطيب ريقه وبعض الآيات فيه

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب التاسع في صفة لحيته الشريفة وشيبه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في صفة وجهه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الحادي عشر في صفة عنقه صلى الله عليه وسلم وبعد ما بين منكبيه وغلظ كتده

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الثاني عشر في صفة ظهره صلى الله عليه وسلم وما جاء في صفة خاتم النبوة

- ‌فصل اختلف في صفة خاتم النبوة على أقوال كثيرة متقاربة المعنى

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في صفة صدره وبطنه صلى الله عليه وسلم

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الرابع عشر فيما جاء في شق صدره وقلبه الشريفين صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌ذكر أحاديث فيها شق صدره صلى الله عليه وسلم من غير تعيين زمان

- ‌ذكر غريب ما تقدم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس عشر في صفة يديه وإبطيه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس عشر في صفة ساقيه وفخذيه وقدميه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع عشر في ضخامة كراديسه صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن عشر في طوله واعتدال خلقه ورقة بشرته صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب التاسع عشر في عرقه صلى الله عليه وسلم وطيبه

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العشرون في مشيه صلى الله عليه وسلم وأنه لم يكن يرى له ظل

- ‌الباب الحادي والعشرون في الآية في صوته صلى الله عليه وسلم وبلوغه حيث لا يبلغه صوت غيره

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثاني والعشرون في فصاحته صلى الله عليه وسلم

- ‌[معرفته صلى الله عليه وسلم بلهجات العرب]

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث والعشرون في معرفة الذين كانت صفات أجسادهم تقرب من صفات جسده صلى الله عليه وسلم

- ‌جماع أبواب بعض الأمور الكائنة بعد مولده وقبل بعثته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في وفاة أمه آمنة بنت وهب وحضانة أم أيمن له

- ‌تنبيه

- ‌فصل في الكلام على أحاديث النهي عن استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لأبويه

- ‌الباب الثاني في كفالة عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفته بشأنه

- ‌الباب الثالث في استسقاء أهل مكة بجده وهو معهم وسقياهم ببركته

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع فيما حصل له في سنة سبع من مولده

- ‌الباب الخامس في وفاة عبد المطلب ووصيته لأبي طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم وما ظهر في ذلك من الآيات

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السادس في استسقاء أبي طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم وعطش أبي طالب وشكواه ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السابع في سفره صلى الله عليه وسلم مع عمه الزبير بن عبد المطلب إلى اليمن

- ‌الباب الثامن في سفره صلى الله عليه وسلم مع عمة أبي طالب إلى الشام

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع في حفظ الله تعالى إياه في شبابه عما كان عليه أهل الجاهلية واشتهاره بالأخلاق الفاضلة والخصال الحميدة قبل بعثته وتعظيم قومه له صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في شهوده صلى الله عليه وسلم حرب الفجار

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي عشر في شهوده صلى الله عليه وسلم حلف الفضول

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثاني عشر في رعيته صلى الله عليه وسلم الغنم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في سفره صلى الله عليه وسلم مرة ثانية إلى الشام

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع عشر في نكاحه صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس عشر في بنيان قريش الكعبة

- ‌تنبيهات

- ‌جماع أبواب مبعثه صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في بدء عبادة الأصنام والإشراك بالله تعالى

- ‌الباب الثاني في إخبار الأحبار والرهبان والكهان بمبعث حبيب الرحمن صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر خبر زيد بن عمرو بن نفيل

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر قس بن ساعدة

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر العباس عن بعض أحبار اليمن

- ‌خبر أمية عن بعض أحبار الشام

- ‌خبر أبي سفيان عن أمية

- ‌خبر عبد الرحمن بن عوف عن عثكلان الحبر

- ‌خبر عروة بن مسعود الثقفي عن بعض الكهان والكواهن

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر عمرو بن معدي كرب عن بعض الكهان

- ‌خبر ابن الهيبان

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر الحبر من جرهم

- ‌خبر الحبر من أهل بصرى

- ‌خبر رئيس نجران

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثالث في حدوث الرجوم وحجب الشياطين من استراق السمع عند مبعث النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع في بعض ما سمع من الهواتف وتنكس الأصنام

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس في قدر عمر النبي صلى الله عليه وسلم وقت بعثته وتاريخها

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس في ابتدائه صلى الله عليه وسلم بالرؤيا الصادقة وسلام الحجر والشجر عليه، زاده الله فضلا وشرفا لديه

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السابع فيما ذكر أن إسرافيل قرن به قبل جبريل صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن في كيفية بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع في كيفية إنزال الوحي

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في شدة الوحي وثقله

- ‌تنبيهات

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الحادي عشر في أنواع الوحي

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثاني عشر في فترة الوحي وتشريف الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة بعد النبوة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في معنى الوحي والنبيّ والرسول والنبّوة والرسالة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع عشر في مثله ومثل ما بعثه الله تعالى به من الهدى

- ‌تنبيهات في بعض فوائد الحديث

- ‌الباب الخامس عشر في مثله ومثل الأنبياء من قبله

- ‌الباب السادس عشر في الوقت الذي كتب فيه نبينا صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب السابع عشر في إعلام الوحش برسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن عشر في شهادة الرضيع والأبكم برسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌جماع أبواب بعض الأمور الكائنة بعد بعثته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في تعليم جبريل النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثاني في إسلام خديجة بنت خويلد، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهم، واختلاف الناس فيمن اسلم أولا

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثالث في ذكر متقدّمي الإسلام من الصحابة- رضي الله تعالى عنهم- تقدم علي وزيد بن حارثة

- ‌الباب الرابع في قصة إسلام أبي ذرّ وأخيه أنيس- رضي اللَّه تعالى عنهما

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس في سبب دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم واستخفاء المسلمين حال عبادتهم ربّهم تبارك وتعالى

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السادس في أمر الله سبحانه وتعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بإظهار الإسلام

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب السابع في مشي قريش إلى أبي طالب ليكفّ عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن في إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب التاسع في إرسال قريش عتبة بن أبي ربيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عليه أشياء ليكف عنهم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب العاشر في أسئلة المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنواعاً من الآيات وخرق العادات على وجه العناد لا على وجه الهدى والرشاد

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي عشر في امتحانهم إياه بأصياء لا يعرفها إلا نبي

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب الثالث عشر في اعتراف أبي جهل وغيره بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع عشر في تحيّر الوليد بن المغيرة فيما يصف به القرآن والآيات التي أنزلت فيه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس عشر في عدوان المشركين على المستضعفين ممن أسلم بالأذى والفتنة

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السادس عشر في الهجرة الأولى إلى الحبشة وسبب رجوع من هاجر إليها من المسلمين وكانت في شهر رجب سنة خمس من المبعث

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع عشر في إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثامن عشر في دخول بني هاشم وبني المطلب بني عبد مناف الشّعب وكتابة قريش الصحيفة الظالمة

- ‌تنبيهات

- ‌تفسير غريب قصيدة أبي طالب اللامية

- ‌الباب التاسع عشر في رجوع القادمين من الحبشة إليها والهجرة الثانية

- ‌كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي

- ‌تنبيهات

- ‌في معرفة أسماء الذين هاجروا الهجرة الثانية:

- ‌الباء الموحدة

- ‌التاء المثناة

- ‌الجيم

- ‌الحاء المهملة

- ‌الخاء المعجمة

- ‌الراء

- ‌الزاي

- ‌السين المهملة

- ‌الشين المعجمة

- ‌الطاء المهملة

- ‌العين المهملة

- ‌الفاء

- ‌القاف

- ‌الميم

- ‌ الهاء

- ‌النون

- ‌الياء

- ‌الكنى

- ‌النساء

- ‌من ولد بأرض الحبشة

- ‌الباب العشرون في إرادة أبي بكر رضي الله عنه الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الحادي والعشرون في نقض الصحيفة الظالمة

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الثاني والعشرون في إسلام الطّفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثالث والعشرون في قصتي الأراشيّ والزّبيديّ اللذين ابتاع أبو جهل إبلهما

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع والعشرون في وفد النصارى الذين أسلموا

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس والعشرون في سبب نزول أول سورة «عبس»

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع والعشرون في سبب نزول أول سورة الروم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن والعشرون في وفاة أبي طالب ومشي قريش إليه ليكف عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع والعشرون في وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها

- ‌الباب الثلاثون في بعض ما لاقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش بعد موت أبي طالب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي والثلاثون في سفر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف

- ‌تنبيهان

- ‌الباب الثاني والثلاثون في إسلام الجن

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث والثلاثون في عرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه الكريمة على القبائل ليؤووه وينصروه ودعائه الناس إلى التوحيد

- ‌تنبيه [في بيان غريب ما سبق]

- ‌الباب الرابع والثلاثون في خبر بعض المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف كان هلاكهم

- ‌الأول: الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن زهرة

- ‌الثاني: الحارث بن قيس السهمي

- ‌الثالث: الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى

- ‌الرابع: مالك بن الطّلاطلة

- ‌الخامس: العاصي بن وائل السهمي

- ‌السادس: الحكم بن أبي العاصي بن أمية

- ‌السابع: الوليد بن المغيرة:

- ‌الثامن: أبو لهب

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه

- ‌تنبيهات

الفصل: ‌الباب الحادي والثلاثون في سفر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف

‌الباب الحادي والثلاثون في سفر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف

قال موسى بن عقبة وابن إسحاق وغيرهما: ولما هلك أبو طالب ونالت قريش من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما لم تكن تنال منه في حياته خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى الطائف وحده ماشيا.

وفي حديث جبير بن مطعم عند ابن سعد: إن زيد بن حارثة كان معه، في ليال من شوال سنة عشر يلتمس النصر من ثقيف والمنعة بهم من قومه، ورجا أن يقبلوا منه ما جاءهم به من اللَّه تعالى.

فلما انتهى إلى الطائف عمد إلى نفر من ثقيف هم يومئذ سادة ثقيف وأشرافهم وهم إخوة ثلاثة عبد ياليل ومسعود وحبيب بنو عمرو بن عمير بن عوف، وعند أحدهم امرأة من قريش من بني جمح، وهي صفية بنت معمر بن حبيب بن قدامة بن جمح، وهي أم صفوان بن أمية.

فجلس إليهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وكلمهم بما جاء به من نصرته على الإسلام والقيام على من خالفه من قومه.

فقال له أحدهم: هو يمرط ثياب الكعبة إن كان اللَّه أرسلك!.

وقال الآخر: أما وجد اللَّه أحد يرسله غيرك.

وقال الثالث: واللَّه لا أكلّمك أبدا، لئن كنت رسول من اللَّه كما تقول لأنت أعظم خطرا من أن أردّ عليك الكلام، ولئن كنت تكذب على اللَّه ما ينبغي لي أن أكلمك.

فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من عندهم وقد يئس من خير ثقيف.

وقد قال لهم: إذ فعلتم فاكتموا عليّ. وكره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يبلغ قومه.

فأقام بالطائف عشرة أيام وقيل شهرا لا يدع أحدا من أشرافهم إلا جاء إليه وكلّمه، فلم يجيبوه وخافوا على أحداثهم منه فقالوا: يا محمد اخرج من بلدنا. وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبّونه ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس.

قال ابن عقبة: وقفوا له صفّين على طريقه، فلما مر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين الصفين جعل لا يرفع رجليه ولا يضعهما إلا رضخوهما بالحجارة حتى أدموا رجليه.

زاد سليمان التيمي: أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أذلقته الحجارة يقعد إلى الأرض فيأخذون بعضديه ويقيمونه فإذا مشى رجموه بالحجارة وهم يضحكون.

قال ابن سعد: وزيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى لقد شجّ في رأسه شجاجا.

قال ابن عقبة: فخلص منهم ورجلاه تسيلان دما فعمد إلى حائط من حوائطهم فاستظل في ظل حبلة منه وهو مكروب موجع وإذا في الحائط عتبة وشيبة ابنا ربيعة فلما رآهما كره

ص: 438

مكانهما لما يعلم من عداوتهما للَّه ورسوله صلى الله عليه وسلم، فلما اطمأن في ظل الجبلة قال ما سيأتي.

وروى الطبراني برجال ثقات عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما انصرف عنهم أتى ظلّ شجرة فصلى ركعتين ثم قال: «اللهم إني أشكوا إليك ضعف قوّتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهّمني أو إلى عدوّ ملكته أمري إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبال ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو تحلّ علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك» .

فلما رآه ابنا ربيعة وما لقي تحركت له رحمهما فدعوا غلاما لهما يقال له عداس فقالا له: خذ له هذا القطف من هذا العنب فضعه في هذا الطبق ثم اذهب به إلى ذلك الرجل فقل له يأكل منه. ففعل عدّاس ثم أقبل به حتى وضعه بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم قال له: كل. فلما وضع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يده قال بسم اللَّه. ثم أكل فنظر عدّاس في وجهه ثم قال: واللَّه إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد. فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ومن أيّ البلاد أنت يا عدّاس وما دينك؟ قال: نصراني وأنا من أهل نينوى. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من قرية الرجل الصالح يونس ابن متّى. قال له عدّاس: وما يدريك ما يونس بن متى؟ واللَّه لقد خرجت منها- يعني من أهل نينوى- وما فيها عشرة يعرفون ما يونس بن متّى فمن أين عرفت أنت يونس بن متى وأنت أمّي وفي أمّة أمّيّة. قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ذاك أخي كان نبيا وأنا نبي. فأكبّ عدّاس على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقبل رأسه ويديه وقدميه فقال ابنا ربيعة أحدهما لصاحبه: أمّا غلامك فقد أفسده عليك. فلما جاءهما عدّاس قالا له: ويلك! ما لك تقبّل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه؟

قال: يا سيدي ما في الأرض خير من هذا الرجل، لقد أعلمني بأمر لا يعلمه إلا نبي. قال:

ويحك يا عدّاس لا يصرفنك عن دينك فإن دينك خير من دينه.

وقال عدّاس لسيديه لما أرادا الخروج إلى بدر وأمراه بالخروج معهما فقال لهما: قتال ذلك الرجل الذي رأيت في حائطكما تريدان؟ فو اللَّه ما تقوم له الجبال. فقالا: ويحك يا عدّاس قد سحرك بلسانه.

فانصرف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عنهم وهو محزون لم يستجب له رجل واحد ولا امرأة.

وقال خالد العدواني: إنه أبصر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سوق ثقيف وهو قائم على قوس أو عصا حين أتاهم يبتغي عندهم النصر فسمعته يقول: وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ حتى ختمها قال فوعيتها في الجاهلية وأنا مشرك ثم قرأتها في الإسلام.

قال فدعتني ثقيف فقالوا ماذا سمعت من هذا الرجل فقرأتها عليهم. فقال من معهم من

ص: 439

قريش: نحن أعلم بصاحبنا ولو كنا نعلم ما يقوله حقا لاتبعناه.

رواه الإمام أحمد [ (1) ] والبخاري في تاريخه.

وقالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشدّ عليك من يوم أحد؟ فقال: لقد لقيت من قومك وكان أشدّ ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال لم يجبني إلى ما أردت أحد، فانطلقت على وجهي وأنا مهموم فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلّتني فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني وقال: إن اللَّه تعالى قد سمع قول قومك لك وما ردّوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال فتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال فسلّم عليّ ثم قال: يا محمد إن اللَّه قد سمع قول قومك وأنا ملك الجبال قد بعثني اللَّه عز وجل لتأمرني بما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج اللَّه عز وجل من أصلابهم من يعبد اللَّه عز وجل ولا يشرك به شيئا.

رواه الإمام أحمد والشيخان

[ (2) ] .

وقال عكرمة: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «جاءني جبريل فقال يا محمد إن ربك يقرئك السلام وهذا ملك الجبال قد أرسله وأمره ألّا يفعل شيئا إلا بأمرك. فقال له ملك الجبال: إن شئت رمهت عليهم الجبال، وإن شئت خسفت بهم الأرض فقال: يا ملك الجبال: فإني آنى بهم لعلهم أن يخرج منهم ذرية يقولون لا إله إلا اللَّه. فقال ملك الجبال: أنت كما سمّاك ربك رؤوف رحيم» .

رواه ابن أبي حاتم مرسلا.

وذكر الأموي وابن هشام أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما انصرف عن أهل الطائف ولم يجيبوه إلى ما دعاهم إليه من تصديقه ونصرته أقام بنخلة أياما وأراد الرجوع إلى مكة فقال له زيد بن حارثة: كيف تدخل عليهم وهم قد أخرجوك؟ فقال: يا زيد إن اللَّه جاعل لما ترى فرجا ومخرجا وإن اللَّه مظهر دينه وناصر نبيه. ثم انتهى إلى حراء وبعث عبد الله بن أريقط إلى الأخنس بن شريق- وأسلم بعد ذلك فيما يقال- ليجيره فقال: أنا حليف والحليف لا يجير على الصّريح. فبعث إلى سهيل بن عمرو- وأسلم بعد ذلك- فقال: إن بني عامر بن لؤي لا تجير على بني كعب. فبعث إلى المطعم بن عدي- ومات كافرا- فأجابه إلى ذلك وقال: نعم قل له فليأت. فرجع إليه فأخبره فدخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فبات عنده تلك الليلة، فلما أصبح

[ (1) ] أخرجه أحمد في المسند 4/ 335.

[ (2) ] أخرجه البخاري 4/ 237 كتاب بدء الخلق (3231) ومسلم 3/ 1420 (111- 1795) .

ص: 440