الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى ابن سعد وأبو نعيم عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما، قال: لما وضع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الركن ذهب رجل من أهل نجد ليناول النبي صلى الله عليه وسلم حجرا يشد به الركن فقال العباس: لا. وناول العباس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حجرا فشد به الركن فغضب النجدي وقال: وا عجبا لقوم أهل شرف وعقول وأموال عمدوا إلى رجل أصغرهم سنا وأقلهم مالا فرأسوه عليهم في مكرمتهم وحرزهم كأنهم خدم له! أما واللَّه ليفرقنهم شيعا وليقسمن بينهم حظوظا وجدودا.
فيقال إنه إبليس- زاد غيره: فكاد يثير شرا فيما بينهم ثم سكنوا.
وقال هبيرة بن أبي وهب المخزومي حين جعلت قريش رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حكما:
تشاجرت الأحياء في فصل خطة
…
جرت طيرهم بالنحس من بعد أسعد
تلاقوا لها بالبغض بعد مودة
…
وأوقد نارا بينهم شر موقد
فلما رأينا الأمر قد جد جده
…
ولم يبق شيء غير سل المهند
رضينا وقلنا العدل أول طالع
…
يجيء من البطحاء عن غير موعد
فلم يفجنا إلا الأمين محمد
…
فقلنا رضينا بالأمين محمد
بخير قريش كلها أمر ديمة
…
وفي اليوم مع ما يحدث اللَّه في الغد
فجاء بأمر لم ير الناس مثله
…
أعم وأرضى في العواقب والبدي
أخذنا بأكناف الرداء وكلنا
…
له حصة من رفعه قبضة اليد
فقال ارفعوا حتى إذا ما علت به
…
أكف إليه فسر في خير مسند
وكان رضينا ذاك عنه بعينه
…
وأعظم به من رأى هاد ومهتد
لتلك يد منه علينا عظيمة
…
يروح بها ركب العراق ويغتدي
ولما بنت قريش الكعبة جعلت ارتفاعها من خارجها من أعلاها إلى الأرض ثمانية عشر ذراعا، منها تسعة أذرع زائدة على طولها حين عمرها الخليل صلى الله عليه وسلم واقتصروا من عرضها أذرعا جعلتها في الحجر لقصر النفقة الحلال التي أعدوها لعمارة الكعبة عن إدخال ذلك فيها، ورفعوا بابها ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا، وجعلوا في داخلها ست دعائم في صفين، ثلاث في كل صف من الشق الذي يلي الحجر إلى الشق اليماني وجعلوا في ركنها الشامي من داخلها درجة يصعد منها إلى سطحها وجعلوه مسطحا وجعلوا فيه ميزابا يصب في الحجر.
تنبيهات
الأول: اختلف في سن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حينئذ.
فقيل: كان ابن خمس وثلاثين. وقدمه في «الإشارة» .
وحكى الأزرقي قولا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بنيت الكعبة كان غلاما.
قال الحافظ: ولعل عمدته ما رواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: لما بلغ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الحلم أجمرت امرأة الكعبة شرارة من مجمرها في ثياب الكعبة فاحترقت فذكر القصة.
وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن مجاهد أن ذلك قبل المبعث بخمس عشرة سنة وكذا رواه ابن عبد البر من طريق محمد بن جبير وبه جزم موسى بن عقبة في مغازيه. والذي جزم به ابن إسحاق أن بنيان قريش كان قبل المبعث بخمس سنين. قال الحافظ: وهو أشهر قال: ويمكن الجمع بينهما بأن يكون الحريق تقدم وقته على الشروع في البناء. وقيل: ابن خمس وعشرين، وغلط قائله.
الثاني: في بيان غريب ما سبق.
تجمرها [ (1) ] : بضم المثناة الفوقية وإسكان الجيم وكسر الميم يقال أجمر وجمر لغتان، أي تبخرها.
شرارة: واحدة الشرار وهو ما يتطاير من النار. وكذا واحدة الشرر: شررة. المجمرة:
بفتح الميم الأولى.
دويك: تصغير ديك. مليح: بضم الميم وفتح اللام وبالحاء المهملة.
باقوم بباء موحدة فقاف فواو.
العتلة: الهرواة الغليظة. تنقضت: بمثناة فوقية فنون مفتوحتين فقاف فضاد معجمة.
ساقطة: أي اهتزت.
مرسى السفينة: مكان وقوفها بالبر.
الرضم: الحجارة يجعل بعضها على بعض. تشرق: بمثناة فوقية فشين معجمة فراء مفتوحات فقاف، أي تبرز للشمس.
اخزألت [ (2) ] بخاء معجمة فزاي فهمزة مفتوحة فلام مشددة فتاء تأنيث أي رفعت ذنبها والمخزئل: المرتفع.
كشت [ (3) ] : صوتت. ويقال: الكشيش صوت جلدها.
البغيّ: الفاجرة.
[ (1) ] انظر المصباح المنير 108، ومختار الصحاح 107.
[ (2) ] لسان العرب 2/ 859.
[ (3) ] لسان العرب 4/ 3881.
الشق: هنا- بكسر الشين المعجمة الناحية والجانب. وأصل شق الشيء: نصفه يقال:
هذا شق الشيء وشقته، بمعنى.
الحطيم: سمي بذلك لأن الناس يزدحمون فيه حتى يحطم بعضهم بعضا. وقيل لأن الثياب كانت تجرد فيه عند الطواف.
فرقوا: خافوا.
تحاوزوا: بمثناة فوقية فحاء مهملة فألف فواو فزاي: أي انحازت كل قبيلة إلى جهة.
هلم: كلمة سمي بها فعل. وفيها لغتان فلغة أهل الحجاز لا يثنونها ولا يجمعونها ولا يؤنثونها ولغة غيرهم ضد ذلك. ومعناها: أقبل.
تجزأت: اقتسمت.
لم ترع: بمثناة فوقية فراء مفتوحة: أي لم تفزع، أي الكعبة. فأضمرها لتقدم ذكرها.
ويروى: لم نزغ بفتح النون وكسر الزاي وبالغين المعجمة أي لم نمل عن دينك ولا خرجنا عنه، يقال زاغ عن كذا إذا خرج عنه.
الأسنمة: جمع سنام، وهو أعلى الظهر. وأراد: أن الحجارة دخل بعضها في بعض كما تدخل عظام السنام بعضها في بعض، فشبهها بها. ومن رواه: كالأسنة جمع سنان: الرمح، شبهها بالأسنة في الخضرة.
حففتها: بحاء مهملة ففاءين ثانيهما ساكنة فتاء التكلم أحاطت الملائكة بها.
أخشبا مكة: جبلاها: أبو قبيس وقعيقعان.
السبل: جمع سبيل الطريق.
الغبطة: تمني حصول مثل الخير الذي فيه غيرك.
أجل: كنعم وزنا ومعنى.
الجفنة: كالقصعة، والجمع جفان بالكسر وجفنات بالتحريك.
موضع الركن: أي الحجر الأسود، سمي ركنا لأنه مبني في الركن.
الأحياء: جمع حي.
خطة: بالضم الأمر والقصة.
طيرهم: حظهم وبختهم.
موقد: بكسر القاف.