المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثاني في إسلام خديجة بنت خويلد، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهم، واختلاف الناس فيمن اسلم أولا - سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد - جـ ٢

[الصالحي الشامي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌جماع أبواب صفة جسده الشريف صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في حسنه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهان

- ‌الباب الثاني في صفة لونه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث في صفة رأسه وشعره صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع في صفة جبينه وحاجبيه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس في صفة عينيه صلى الله عليه وسلم وبعض ما فيهما من الآيات

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس في سمعه الشريف صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السابع في صفة انفه الشريف وخديه صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن في صفة فمه صلى الله عليه وسلم وأسنانه وطيب ريقه وبعض الآيات فيه

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب التاسع في صفة لحيته الشريفة وشيبه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في صفة وجهه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الحادي عشر في صفة عنقه صلى الله عليه وسلم وبعد ما بين منكبيه وغلظ كتده

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الثاني عشر في صفة ظهره صلى الله عليه وسلم وما جاء في صفة خاتم النبوة

- ‌فصل اختلف في صفة خاتم النبوة على أقوال كثيرة متقاربة المعنى

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في صفة صدره وبطنه صلى الله عليه وسلم

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الرابع عشر فيما جاء في شق صدره وقلبه الشريفين صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌ذكر أحاديث فيها شق صدره صلى الله عليه وسلم من غير تعيين زمان

- ‌ذكر غريب ما تقدم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس عشر في صفة يديه وإبطيه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس عشر في صفة ساقيه وفخذيه وقدميه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع عشر في ضخامة كراديسه صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن عشر في طوله واعتدال خلقه ورقة بشرته صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب التاسع عشر في عرقه صلى الله عليه وسلم وطيبه

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العشرون في مشيه صلى الله عليه وسلم وأنه لم يكن يرى له ظل

- ‌الباب الحادي والعشرون في الآية في صوته صلى الله عليه وسلم وبلوغه حيث لا يبلغه صوت غيره

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثاني والعشرون في فصاحته صلى الله عليه وسلم

- ‌[معرفته صلى الله عليه وسلم بلهجات العرب]

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث والعشرون في معرفة الذين كانت صفات أجسادهم تقرب من صفات جسده صلى الله عليه وسلم

- ‌جماع أبواب بعض الأمور الكائنة بعد مولده وقبل بعثته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في وفاة أمه آمنة بنت وهب وحضانة أم أيمن له

- ‌تنبيه

- ‌فصل في الكلام على أحاديث النهي عن استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لأبويه

- ‌الباب الثاني في كفالة عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفته بشأنه

- ‌الباب الثالث في استسقاء أهل مكة بجده وهو معهم وسقياهم ببركته

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع فيما حصل له في سنة سبع من مولده

- ‌الباب الخامس في وفاة عبد المطلب ووصيته لأبي طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم وما ظهر في ذلك من الآيات

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السادس في استسقاء أبي طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم وعطش أبي طالب وشكواه ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السابع في سفره صلى الله عليه وسلم مع عمه الزبير بن عبد المطلب إلى اليمن

- ‌الباب الثامن في سفره صلى الله عليه وسلم مع عمة أبي طالب إلى الشام

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع في حفظ الله تعالى إياه في شبابه عما كان عليه أهل الجاهلية واشتهاره بالأخلاق الفاضلة والخصال الحميدة قبل بعثته وتعظيم قومه له صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في شهوده صلى الله عليه وسلم حرب الفجار

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي عشر في شهوده صلى الله عليه وسلم حلف الفضول

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثاني عشر في رعيته صلى الله عليه وسلم الغنم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في سفره صلى الله عليه وسلم مرة ثانية إلى الشام

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع عشر في نكاحه صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس عشر في بنيان قريش الكعبة

- ‌تنبيهات

- ‌جماع أبواب مبعثه صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في بدء عبادة الأصنام والإشراك بالله تعالى

- ‌الباب الثاني في إخبار الأحبار والرهبان والكهان بمبعث حبيب الرحمن صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر خبر زيد بن عمرو بن نفيل

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر قس بن ساعدة

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر العباس عن بعض أحبار اليمن

- ‌خبر أمية عن بعض أحبار الشام

- ‌خبر أبي سفيان عن أمية

- ‌خبر عبد الرحمن بن عوف عن عثكلان الحبر

- ‌خبر عروة بن مسعود الثقفي عن بعض الكهان والكواهن

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر عمرو بن معدي كرب عن بعض الكهان

- ‌خبر ابن الهيبان

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر الحبر من جرهم

- ‌خبر الحبر من أهل بصرى

- ‌خبر رئيس نجران

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثالث في حدوث الرجوم وحجب الشياطين من استراق السمع عند مبعث النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع في بعض ما سمع من الهواتف وتنكس الأصنام

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس في قدر عمر النبي صلى الله عليه وسلم وقت بعثته وتاريخها

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس في ابتدائه صلى الله عليه وسلم بالرؤيا الصادقة وسلام الحجر والشجر عليه، زاده الله فضلا وشرفا لديه

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السابع فيما ذكر أن إسرافيل قرن به قبل جبريل صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن في كيفية بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع في كيفية إنزال الوحي

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في شدة الوحي وثقله

- ‌تنبيهات

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الحادي عشر في أنواع الوحي

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثاني عشر في فترة الوحي وتشريف الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة بعد النبوة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في معنى الوحي والنبيّ والرسول والنبّوة والرسالة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع عشر في مثله ومثل ما بعثه الله تعالى به من الهدى

- ‌تنبيهات في بعض فوائد الحديث

- ‌الباب الخامس عشر في مثله ومثل الأنبياء من قبله

- ‌الباب السادس عشر في الوقت الذي كتب فيه نبينا صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب السابع عشر في إعلام الوحش برسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن عشر في شهادة الرضيع والأبكم برسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌جماع أبواب بعض الأمور الكائنة بعد بعثته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في تعليم جبريل النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثاني في إسلام خديجة بنت خويلد، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهم، واختلاف الناس فيمن اسلم أولا

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثالث في ذكر متقدّمي الإسلام من الصحابة- رضي الله تعالى عنهم- تقدم علي وزيد بن حارثة

- ‌الباب الرابع في قصة إسلام أبي ذرّ وأخيه أنيس- رضي اللَّه تعالى عنهما

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس في سبب دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم واستخفاء المسلمين حال عبادتهم ربّهم تبارك وتعالى

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السادس في أمر الله سبحانه وتعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بإظهار الإسلام

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب السابع في مشي قريش إلى أبي طالب ليكفّ عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن في إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب التاسع في إرسال قريش عتبة بن أبي ربيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عليه أشياء ليكف عنهم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب العاشر في أسئلة المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنواعاً من الآيات وخرق العادات على وجه العناد لا على وجه الهدى والرشاد

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي عشر في امتحانهم إياه بأصياء لا يعرفها إلا نبي

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب الثالث عشر في اعتراف أبي جهل وغيره بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع عشر في تحيّر الوليد بن المغيرة فيما يصف به القرآن والآيات التي أنزلت فيه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس عشر في عدوان المشركين على المستضعفين ممن أسلم بالأذى والفتنة

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السادس عشر في الهجرة الأولى إلى الحبشة وسبب رجوع من هاجر إليها من المسلمين وكانت في شهر رجب سنة خمس من المبعث

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع عشر في إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثامن عشر في دخول بني هاشم وبني المطلب بني عبد مناف الشّعب وكتابة قريش الصحيفة الظالمة

- ‌تنبيهات

- ‌تفسير غريب قصيدة أبي طالب اللامية

- ‌الباب التاسع عشر في رجوع القادمين من الحبشة إليها والهجرة الثانية

- ‌كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي

- ‌تنبيهات

- ‌في معرفة أسماء الذين هاجروا الهجرة الثانية:

- ‌الباء الموحدة

- ‌التاء المثناة

- ‌الجيم

- ‌الحاء المهملة

- ‌الخاء المعجمة

- ‌الراء

- ‌الزاي

- ‌السين المهملة

- ‌الشين المعجمة

- ‌الطاء المهملة

- ‌العين المهملة

- ‌الفاء

- ‌القاف

- ‌الميم

- ‌ الهاء

- ‌النون

- ‌الياء

- ‌الكنى

- ‌النساء

- ‌من ولد بأرض الحبشة

- ‌الباب العشرون في إرادة أبي بكر رضي الله عنه الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الحادي والعشرون في نقض الصحيفة الظالمة

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الثاني والعشرون في إسلام الطّفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثالث والعشرون في قصتي الأراشيّ والزّبيديّ اللذين ابتاع أبو جهل إبلهما

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع والعشرون في وفد النصارى الذين أسلموا

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس والعشرون في سبب نزول أول سورة «عبس»

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع والعشرون في سبب نزول أول سورة الروم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن والعشرون في وفاة أبي طالب ومشي قريش إليه ليكف عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع والعشرون في وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها

- ‌الباب الثلاثون في بعض ما لاقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش بعد موت أبي طالب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي والثلاثون في سفر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف

- ‌تنبيهان

- ‌الباب الثاني والثلاثون في إسلام الجن

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث والثلاثون في عرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه الكريمة على القبائل ليؤووه وينصروه ودعائه الناس إلى التوحيد

- ‌تنبيه [في بيان غريب ما سبق]

- ‌الباب الرابع والثلاثون في خبر بعض المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف كان هلاكهم

- ‌الأول: الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن زهرة

- ‌الثاني: الحارث بن قيس السهمي

- ‌الثالث: الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى

- ‌الرابع: مالك بن الطّلاطلة

- ‌الخامس: العاصي بن وائل السهمي

- ‌السادس: الحكم بن أبي العاصي بن أمية

- ‌السابع: الوليد بن المغيرة:

- ‌الثامن: أبو لهب

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه

- ‌تنبيهات

الفصل: ‌الباب الثاني في إسلام خديجة بنت خويلد، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهم، واختلاف الناس فيمن اسلم أولا

‌الباب الثاني في إسلام خديجة بنت خويلد، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهم، واختلاف الناس فيمن اسلم أولا

قال أبو عمر: اتفقوا على أن خديجة أول من آمن.

وقال أبو الحسن بن الأثير: خديجة أول خلق اللَّه أسلم بإجماع المسلمين، لم يتقدمها رجل ولا امرأة وأقره الذهبي. وقال محمد بن كعب القرظي: أول من أسلم من هذه الأمة برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: خديجة رضي اللَّه تعالى عنها.

رواه البيهقي.

وروى الدولابي عن قتادة والزّهريّ قالا: كانت خديجة أول من آمن باللَّه ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من النساء والرجال.

وحكى الإمام الثعلبي اتفاق العلماء على ذلك، وإنما اختلافهم في أول من أسلم بعدها.

وقال النووي: إنه الصواب عند جماعة من المحققين.

وقال ابن إسحاق: وآمنت به خديجة بنت خويلد وصدّقت بما جاء به من اللَّه. ووازرته على أمره، فكانت أول من آمن باللَّه ورسوله وصدّق بما جاء به، فخفف اللَّه بذلك عن رسوله، لا يسمع بشيء يكرهه من ردّ عليه وتكذيب له فيحزنه ذلك إلا فرج اللَّه عنه بها إذا رجع إليها تثبّته وتخفّف عليه وتصدّقه وتهوّن عليه أمر الناس. يرحمها اللَّه تعالى.

وقال الواقديّ: أجمع أصحابنا أن أول المسلمين استجاب لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خديجة.

قال ابن إسحاق: ثم كان أول ذكر من الناس آمن برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وصدّق بما جاءه من اللَّه علي بن أبي طالب، كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وخديجة يصليّان سرّا ثم أن علي بن أبي طالب جاء بعد ذلك بيوم فوجدهما يصليان

فقال علي: ما هذا يا محمد؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: دين اللَّه الذي اصطفى لنفسه وبعث به رسله فأدعوك إلى اللَّه وحده لا شريك له وإلى عبادته وكفر باللات والعزى. فقال علي: هذا أمر لم أسمع به قبل اليوم، فلست بقاض أمرا حتّى أحدّث به أبا طالب. وكره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يفشى عليه سرّه قبل أن يستعلن أمره، فقال له: يا عليّ إذا لم تسلم فاكتم هذا. فمكث عليّ تلك الليلة، ثم إن اللَّه تبارك وتعالى أوقع في قلب عليّ الإسلام فأصبح غاديا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى جاءه فقال: ماذا عرضت عليّ يا

ص: 300

محمد: فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: تشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له وتكفر باللات والعزى وتبرأ من الأنداد

[ (1) ] .

ففعل علي رضي اللَّه تعالى عنه وأسلم، فمكث عليّ يأتيه على خوف من أبي طالب وكتم إسلامه ولم يظهره.

قال مجاهد: وكان مما أنعم اللَّه على على أنه كان في حجر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام، لما أراد اللَّه به الخير، وذلك أن قريشا أصابتهم أزمة شديدة وكان أبو طالب ذا عيال كثير،

فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للعباس عمه: وكان من أيسر بني هاشم: يا عباس إن أخاك أبا طالب كثير العيال وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة فانطلق فخفّف عنه من عياله فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقالا له: إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه، فقال لهما أبو طالب إذا تركتما لي عقيلا فاصنعا ما شئتما

[ (2) ] .

قال ابن هشام: ويقال: عقيلا وطالبا، فأخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عليّا فضمه إليه، وأخذ العباس جعفرا فضمه إليه، فلم يزل علي مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى بعثه اللَّه نبيّا فأتبعه وصدّقه، ولم يزل جعفر عند العباس حتى أسلم واستغنى عنه.

قال ابن إسحاق: وذكر بعض أهل العلم أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا حضرت الصلاة خرج إلى شعاب مكة وخرج معه علي بن أبي طالب مستخفيا من عمه أبي طالب ومن جميع أعمامه وسائر قومه فيصلّيان الصلاة فإذا أمسيا رجعا فمكثا كذلك ما شاء اللَّه أن يمكثا،

ثم إن أبا طالب عثر عليهما يوما وهما يصليان فقال لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا ابن أخي ما هذا الذي تدين به، قال: أي عم هذا دين اللَّه ودين ملائكته ورسله ودين أبينا إبراهيم- أو كما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعثني اللَّه به رسولا إلى العباد وأنت أي عم أحقّ من بذلت له النصيحة ودعوته إلى الهدى وأحق من أجابني إليه وأعانني عليه. أو كما قال. فقال أبو طالب: أي ابن أخي إني لا أستطيع أن أفارق دين آبائي وما كانوا عليه، ولكن والله لا يخلص إليك شيء تكرهه ما بقيت [ (3) ] .

وذكروا أنه قال لعلي: أي بني ما هذا الدين الذي أنت عليه؟ فقال: يا أبت آمنت برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وصدّقت بما جاء به وصلّيت معه، فزعموا أنه قال له: أما إنه لم يدعك إلا إلى خير فالزمه.

[ (1) ] أخرجه البيهقي في الدلائل 2/ 161.

[ (2) ] أخرجه البيهقي في الدلائل 2/ 162.

[ (3) ] أخرجه الطبري في تاريخه 2/ 313.

ص: 301

وروى الإمام أحمد عن علي رضي اللَّه تعالى عنه قال: ظهر علينا أبو طالب وأنا أصلّي مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: ماذا تصنعان؟ فدعاه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فقال: ما بالذي تقول من بأس، ولكن واللَّه لا تعلوني استي أبدا.

وروى البيهقي عن محمد بن كعب القرظي قال: أول من أسلم من هذه الأمة خديجة وأول رجلين أسلما: أبو بكر وعلي، وأسلم عليّ قبل أبي بكر، وكان علي يكتم إيمانه خوفا من أبيه حتى لقيه أبوه قال: أسلمت؟ قال: نعم. قال: وازر ابن عمّك وانصره.

قال: وكان أبو بكر أول من أظهر الإسلام.

وروى الترمذي واستغربه وابن جرير عن جابر قال: بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وصلى عليّ يوم الثلاثاء.

وروى ابن جرير عن زيد بن أرقم قال: أول من أسلم مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على بن أبي طالب.

قال أبو عمر: وقد روي عن سلمان والمقداد وخبّاب وجابر وأبي سعيد الخدري وزيد ابن أرقم أن علي بن أبي طالب أول من أسلم. وبذلك قال ابن إسحاق والزّهري إلا أنه قال: من الرجال بعد خديجة. وهو قول الجميع في خديجة.

قال ابن إسحاق: ثم أسلم زيد بن حارثة بن شراحيل- بفتح الشين المعجمة والراء فألف فحاء مهملة مكسورة فمثناة تحتية فلام- ابن كعب بن عبد العزى بن امرئ القيس الكلبي مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكان أول ذكر أسلم وصلّى بعد علي بن أبي طالب.

قال ابن إسحاق: ثم أسلم أبو بكر بن أبي قحافة.

روى البيهقي عن ابن إسحاق أن أبا بكر رضي اللَّه تعالى لقي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال:

أحق ما تقول قريش يا محمد من تركك آلهتنا وتسفيهك عقولنا وتكفيرك إيانا؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: بلى إني رسول اللَّه ونبيّه بعثني لأبلّغ رسالته، وأدعوك إلى اللَّه بالحق، فو الله إنه لحقّ فأدعوك يا أبا بكر إلى الله وحده لا شريك له ولا تعبد غيره والموالاة على طاعته. وقرأ عليه القرآن فلم يعزّ ولم ينكر بل أسلم وكفر بالأصنام وخلع الأنداد وأقرّ بحق الإسلام، ثم رجع إلى أهله وقد آمن وصدّق

[ (1) ] .

قال ابن إسحاق: بلغني إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت عنده كبوة وتردّد ونظر إلا أبا بكر ما عكم عنه حين ذكرته له ولا تردّد

[ (2) ] .

[ (1) ] أخرجه البيهقي في الدلائل 2/ 164.

[ (2) ] ذكره ابن كثير في البداية والنهاية 1/ 108، 3/ 27.

ص: 302

الكبوة- بكاف مفتوحة فموحدة ساكنة فواو فتاء تأنيث: قال أبو ذر: يعني تأخّرا وقلة إجابة من قولهم كبا الزّند: إذا لم يور نارا.

ما عكم- بعين مهملة فكاف مفتوحتين: أي ما تلبّث بل أجاب بسرعة.

قال البيهقي: وذلك لما كان يرى من دلائل نبوته ويسمع بشأنه قبل دعوته، فلما دعاه وقد سبق فيه تفكّره ونظره أسلم على الفور.

قال السهيلي رحمه اللَّه تعالى: وكان من أسباب ذلك توفيق اللَّه تعالى إياه فيما ذكروا أنه رأى رؤيا قبل، وذلك أنه رأى القمر نزل إلى مكة ثم رآه قد تفرّق على جميع منازل مكة وبيوتها فدخل في كل بيت شعبة، ثم كان جميعه في حجره. فقصّها على بعض أهل الكتابين فعبّرها له بأن النبي صلى الله عليه وسلم المنتظر قد أظل زمانه، اتّبعه وتكون أسعد الناس به، فلما دعاه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يتوقف.

وروى ابن الجوزي في صفوة الصفوة عن الشعبي قال: قال ابن عباس: أول من صلى أبو بكر وتمثيل بأبيات حسان بن ثابت رضي اللَّه تعالى عنه:

إذا تذكّرت شجوا من أخي ثقة

فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا

خير البريّة أتقاها وأفضلها

بعد النّبيّ وأوفاها بما حملا

والثّاني التّالي المحمود مشهده

وأوّل النّاس منهم صدّق الرّسلا

[ (1) ] .

قال السّهيلي: وقد مدح حسان أبا بكر بما ذكر وسمعه النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكره:

وفيه دليل على أنه أول من أسلم.

وقال إبراهيم النّخعي: أول من أسلم أبو بكر. رواه الإمام أحمد وصححه.

قال ابن كثير: قول النّخعي هو المشهور عند جمهور أهل السّنة.

وقال المحب الطبري تبعا لأبي عمرو بن الصلاح: الأولى التوفيق بين الروايات كلها وتصديقها فيقال: أول من أسلم مطلقا: خديجة. وأول ذكر أسلم علي بن أبي طالب وهو صبي لم يبلغ، وكان مخفيا إسلامه، وأول رجل عربيّ أسلم وأظهر إسلامه أبو بكر بن أبي قحافة، وأول من أسلم من الموالي: زيد. وقال: هذا متّفق عليه لا خلاف فيه، وعليه يحمل قول عليّ وغيره: أول من أسلم من الرجال أبو بكر. أي من الرجال البالغين.

ويؤيده ما

رواه خيثمة في فضائل الصحابة عن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي اللَّه تعالى عنه قال: أن أبا بكر سبقني إلى أربع لم أعتض بشيء منهن: سبقني إلى إفشاء الإسلام،

[ (1) ] انظر الديوان ص 179، 180.

ص: 303