المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب السابع عشر في إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه - سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد - جـ ٢

[الصالحي الشامي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌جماع أبواب صفة جسده الشريف صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في حسنه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهان

- ‌الباب الثاني في صفة لونه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث في صفة رأسه وشعره صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع في صفة جبينه وحاجبيه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس في صفة عينيه صلى الله عليه وسلم وبعض ما فيهما من الآيات

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس في سمعه الشريف صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السابع في صفة انفه الشريف وخديه صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن في صفة فمه صلى الله عليه وسلم وأسنانه وطيب ريقه وبعض الآيات فيه

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب التاسع في صفة لحيته الشريفة وشيبه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في صفة وجهه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الحادي عشر في صفة عنقه صلى الله عليه وسلم وبعد ما بين منكبيه وغلظ كتده

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الثاني عشر في صفة ظهره صلى الله عليه وسلم وما جاء في صفة خاتم النبوة

- ‌فصل اختلف في صفة خاتم النبوة على أقوال كثيرة متقاربة المعنى

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في صفة صدره وبطنه صلى الله عليه وسلم

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الرابع عشر فيما جاء في شق صدره وقلبه الشريفين صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌ذكر أحاديث فيها شق صدره صلى الله عليه وسلم من غير تعيين زمان

- ‌ذكر غريب ما تقدم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس عشر في صفة يديه وإبطيه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس عشر في صفة ساقيه وفخذيه وقدميه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع عشر في ضخامة كراديسه صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن عشر في طوله واعتدال خلقه ورقة بشرته صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب التاسع عشر في عرقه صلى الله عليه وسلم وطيبه

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العشرون في مشيه صلى الله عليه وسلم وأنه لم يكن يرى له ظل

- ‌الباب الحادي والعشرون في الآية في صوته صلى الله عليه وسلم وبلوغه حيث لا يبلغه صوت غيره

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثاني والعشرون في فصاحته صلى الله عليه وسلم

- ‌[معرفته صلى الله عليه وسلم بلهجات العرب]

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث والعشرون في معرفة الذين كانت صفات أجسادهم تقرب من صفات جسده صلى الله عليه وسلم

- ‌جماع أبواب بعض الأمور الكائنة بعد مولده وقبل بعثته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في وفاة أمه آمنة بنت وهب وحضانة أم أيمن له

- ‌تنبيه

- ‌فصل في الكلام على أحاديث النهي عن استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لأبويه

- ‌الباب الثاني في كفالة عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفته بشأنه

- ‌الباب الثالث في استسقاء أهل مكة بجده وهو معهم وسقياهم ببركته

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع فيما حصل له في سنة سبع من مولده

- ‌الباب الخامس في وفاة عبد المطلب ووصيته لأبي طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم وما ظهر في ذلك من الآيات

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السادس في استسقاء أبي طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم وعطش أبي طالب وشكواه ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السابع في سفره صلى الله عليه وسلم مع عمه الزبير بن عبد المطلب إلى اليمن

- ‌الباب الثامن في سفره صلى الله عليه وسلم مع عمة أبي طالب إلى الشام

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع في حفظ الله تعالى إياه في شبابه عما كان عليه أهل الجاهلية واشتهاره بالأخلاق الفاضلة والخصال الحميدة قبل بعثته وتعظيم قومه له صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في شهوده صلى الله عليه وسلم حرب الفجار

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي عشر في شهوده صلى الله عليه وسلم حلف الفضول

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثاني عشر في رعيته صلى الله عليه وسلم الغنم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في سفره صلى الله عليه وسلم مرة ثانية إلى الشام

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع عشر في نكاحه صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس عشر في بنيان قريش الكعبة

- ‌تنبيهات

- ‌جماع أبواب مبعثه صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في بدء عبادة الأصنام والإشراك بالله تعالى

- ‌الباب الثاني في إخبار الأحبار والرهبان والكهان بمبعث حبيب الرحمن صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر خبر زيد بن عمرو بن نفيل

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر قس بن ساعدة

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر العباس عن بعض أحبار اليمن

- ‌خبر أمية عن بعض أحبار الشام

- ‌خبر أبي سفيان عن أمية

- ‌خبر عبد الرحمن بن عوف عن عثكلان الحبر

- ‌خبر عروة بن مسعود الثقفي عن بعض الكهان والكواهن

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر عمرو بن معدي كرب عن بعض الكهان

- ‌خبر ابن الهيبان

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر الحبر من جرهم

- ‌خبر الحبر من أهل بصرى

- ‌خبر رئيس نجران

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثالث في حدوث الرجوم وحجب الشياطين من استراق السمع عند مبعث النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع في بعض ما سمع من الهواتف وتنكس الأصنام

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس في قدر عمر النبي صلى الله عليه وسلم وقت بعثته وتاريخها

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس في ابتدائه صلى الله عليه وسلم بالرؤيا الصادقة وسلام الحجر والشجر عليه، زاده الله فضلا وشرفا لديه

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السابع فيما ذكر أن إسرافيل قرن به قبل جبريل صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن في كيفية بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع في كيفية إنزال الوحي

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في شدة الوحي وثقله

- ‌تنبيهات

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الحادي عشر في أنواع الوحي

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثاني عشر في فترة الوحي وتشريف الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة بعد النبوة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في معنى الوحي والنبيّ والرسول والنبّوة والرسالة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع عشر في مثله ومثل ما بعثه الله تعالى به من الهدى

- ‌تنبيهات في بعض فوائد الحديث

- ‌الباب الخامس عشر في مثله ومثل الأنبياء من قبله

- ‌الباب السادس عشر في الوقت الذي كتب فيه نبينا صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب السابع عشر في إعلام الوحش برسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن عشر في شهادة الرضيع والأبكم برسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌جماع أبواب بعض الأمور الكائنة بعد بعثته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في تعليم جبريل النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثاني في إسلام خديجة بنت خويلد، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهم، واختلاف الناس فيمن اسلم أولا

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثالث في ذكر متقدّمي الإسلام من الصحابة- رضي الله تعالى عنهم- تقدم علي وزيد بن حارثة

- ‌الباب الرابع في قصة إسلام أبي ذرّ وأخيه أنيس- رضي اللَّه تعالى عنهما

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس في سبب دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم واستخفاء المسلمين حال عبادتهم ربّهم تبارك وتعالى

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السادس في أمر الله سبحانه وتعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بإظهار الإسلام

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب السابع في مشي قريش إلى أبي طالب ليكفّ عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن في إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب التاسع في إرسال قريش عتبة بن أبي ربيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عليه أشياء ليكف عنهم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب العاشر في أسئلة المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنواعاً من الآيات وخرق العادات على وجه العناد لا على وجه الهدى والرشاد

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي عشر في امتحانهم إياه بأصياء لا يعرفها إلا نبي

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب الثالث عشر في اعتراف أبي جهل وغيره بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع عشر في تحيّر الوليد بن المغيرة فيما يصف به القرآن والآيات التي أنزلت فيه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس عشر في عدوان المشركين على المستضعفين ممن أسلم بالأذى والفتنة

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السادس عشر في الهجرة الأولى إلى الحبشة وسبب رجوع من هاجر إليها من المسلمين وكانت في شهر رجب سنة خمس من المبعث

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع عشر في إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثامن عشر في دخول بني هاشم وبني المطلب بني عبد مناف الشّعب وكتابة قريش الصحيفة الظالمة

- ‌تنبيهات

- ‌تفسير غريب قصيدة أبي طالب اللامية

- ‌الباب التاسع عشر في رجوع القادمين من الحبشة إليها والهجرة الثانية

- ‌كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي

- ‌تنبيهات

- ‌في معرفة أسماء الذين هاجروا الهجرة الثانية:

- ‌الباء الموحدة

- ‌التاء المثناة

- ‌الجيم

- ‌الحاء المهملة

- ‌الخاء المعجمة

- ‌الراء

- ‌الزاي

- ‌السين المهملة

- ‌الشين المعجمة

- ‌الطاء المهملة

- ‌العين المهملة

- ‌الفاء

- ‌القاف

- ‌الميم

- ‌ الهاء

- ‌النون

- ‌الياء

- ‌الكنى

- ‌النساء

- ‌من ولد بأرض الحبشة

- ‌الباب العشرون في إرادة أبي بكر رضي الله عنه الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الحادي والعشرون في نقض الصحيفة الظالمة

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الثاني والعشرون في إسلام الطّفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثالث والعشرون في قصتي الأراشيّ والزّبيديّ اللذين ابتاع أبو جهل إبلهما

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع والعشرون في وفد النصارى الذين أسلموا

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس والعشرون في سبب نزول أول سورة «عبس»

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع والعشرون في سبب نزول أول سورة الروم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن والعشرون في وفاة أبي طالب ومشي قريش إليه ليكف عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع والعشرون في وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها

- ‌الباب الثلاثون في بعض ما لاقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش بعد موت أبي طالب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي والثلاثون في سفر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف

- ‌تنبيهان

- ‌الباب الثاني والثلاثون في إسلام الجن

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث والثلاثون في عرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه الكريمة على القبائل ليؤووه وينصروه ودعائه الناس إلى التوحيد

- ‌تنبيه [في بيان غريب ما سبق]

- ‌الباب الرابع والثلاثون في خبر بعض المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف كان هلاكهم

- ‌الأول: الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن زهرة

- ‌الثاني: الحارث بن قيس السهمي

- ‌الثالث: الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى

- ‌الرابع: مالك بن الطّلاطلة

- ‌الخامس: العاصي بن وائل السهمي

- ‌السادس: الحكم بن أبي العاصي بن أمية

- ‌السابع: الوليد بن المغيرة:

- ‌الثامن: أبو لهب

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه

- ‌تنبيهات

الفصل: ‌الباب السابع عشر في إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

‌الباب السابع عشر في إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

قال ابن إسحاق: وكان إسلام عمر عقب الهجرة الأولى إلى الحبشة.

قال في «الزهر» : وكان إسلامه في ذي الحجة سنة ست من المبعث وله ست وعشرون سنة فيما ذكره ابن سعد عن ابن المسيب.

قال ابن الجوزي: سنة خمس. قال أبو نعيم: بعد إسلام حمزة بثلاثة أيام.

قال ابن إسحاق: وكانوا- أي المسلمون- قريبا من أربعين من رجال ونساء وتقدم ذكرهم في الباب الثالث من أبواب المبعث.

وقال ابن المسيّب فيما رواه ابن سعد: كانوا أربعين رجلا وعشر نسوة.

وروى إسحاق بن بشر عن ابن عباس أنهم كانوا يومئذ تسعة وتسعين رجلا وثلاثا وعشرين امرأة ثم إن عمر أسلم.

قال في الزهر: ولعل هذا هو الصواب، فقد كان في الحبشة ثلاثة وثمانون كما ذكر ابن إسحاق.

قلت: ابن إسحاق إنما ذكر ذلك في الذين هاجروا ثانيا وإسلام عمر كان بين الهجرتين كما تقدم عن ابن عباس، فالزيادة على الأربعين حصلت بعد إسلام عمر وإسحاق كذّاب يضع، لا يصادم ما رواه ما ذكره الثقات. واللَّه أعلم.

واختلف في سبب إسلامه كما سأبينه.

واختلف في سبب إسلامه كما سأبينه.

وقد روى قصة إسلامه ابن إسحاق، وابن سعد، وأبو يعلى، والحاكم عن أنس، والبزار والطبراني عن أسلم مولاه عنه، وأبو نعيم عن ابن عمر.

قال أسلم مولاه عنه: أتحبون أن أعلمكم بإسلامي؟ قلنا: نعم قال: كنت أشد الناس على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فجلست يوما مع أبي جهل بن هشام أو شيبة بن ربيعة، فقال أبو جهل: يا معشر قريش إن محمدا قد شتم آلهتكم وسفّه أحلامكم وزعم أن من مضى من آبائكم يتهافتون في النار، إلا ومن قتل محمدا فله عليّ مائة ناقة حمراء وسوداء وألف أوقية من فضة.

قال عمر: فخرجت متقلدا السيف متنكّبا كنانتي أريد النبي صلى الله عليه وسلم، فمررت على عجل وهم يريدون ذبحه فقمت أنظر إليهم فإذا صائح يصيح من جوف العجل: يا لذريح، رجل يصيح، بلسان فصيح، يدعو إلى شهادة أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدا رسول اللَّه. قال عمر:

فقلت في نفسي إن هذا لأمر ما يراد به إلا أنا. قال: ثم مررت بغنم فإذا هاتف يهتف ويقول:

يا أيها الناس ذوو الأجسام

ما أنتم وطائش الأحلام

ص: 370

ومسند الحكم إلى الأصنام

فكلّكم أوره كالكهام

أما ترون ما أرى أمامي

من ساطع يجلو دجى الظلام

قد لاح للنّاظر من تهام

أكرمه الرّحمن من إمام

قد جاء بعد الكفر بالإسلام

والبرّ والصّلات للأرحام

ويزجر النّاس عن الآثام

فبادروا سبقا إلى الإسلام

بلا فتور وبلا إحجام

قال عمر: فقلت واللَّه ما أراه إلا أرادني. ثم مررت بالضّمار فإذا هاتف يهتف من جوفه:

ترك الضمار وكان يعبد مرّة

قبل الصّلاة مع النبي محمد

إن الذي ورث النبوة والهدى

بعد ابن مريم من قريش مهتدي

سيقول من عبد الضّمار ومثله

ليت الضّمار ومثله لم يعبد

فاصبر أبا حفص فإنّك امرؤ

يأتيك عزّ غير عزّ بني عدي

لا تعجلنّ فأنت ناصر دينه

حقّا يقينا بالّلسان وباليد.

قال عمر: فو اللَّه لقد علمت أنه أرادني. فلقيني رجل من قريش.

قال ابن إسحاق: هو نعيم بن عبد الله النحّام وكان قد أسلم وكان يخفي ذلك فرقا من قومه. فقال: أين تذهب يا ابن الخطاب؟ قلت: أريد هذا الصابئ الذي فرّق أمر قريش وسفّه أحلامها وعاب دينها وسبّ آلهتها فأقتله. فقال له نعيم: واللَّه لقد غرّتك نفسك من نفسك يا عمر أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على وجه الأرض وقد قتلت محمدا؟ أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم؟ قال: وأيّ أهل بيتي؟ قال: ختنك وابن عمك سعيد بن زيد بن عمر وأختك فاطمة بنت الخطاب، فقد واللَّه أسلما وتابعا محمدا على دينه فعليك بهما. وإنما فعل ذلك نعيم ليصرف عمر عن أذى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

فرجع عمر عامدا إلى أخته وختنه.

وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أسلم بعض من لا شيء له ضمّ الرجل والرجلين إلى الرجل ينفق عليه، وكان ضمّ رجلين من أصحابه إلى زوج أخت عمر فقرع عمر عليهم الباب وعندهم خبّاب بن الأرت معه صحيفة فيها طه يقرئهما إياها فلما سمعوا حسّ عمر تغيّب خبّاب في مخدع لهم أبو في بعض البيت وأخذت فاطمة بنت الخطاب الصحيفة فجعلتها تحت فخذها وقد سمع حين دنا من البيت قراءة خبّاب عليهما، فلما دخل قال: ما هذه الهينمة التي سمعت؟ قالا له: ما سمعت شيئا. قال: بلى واللَّه لقد أخبرت أنكما تابعتما محمدا على دينه.

ص: 371

وبطش بختنه سعيد بن زيد فقامت إليه أخته بنت الخطاب لتكفّه عن زوجها، فضربها فشجّها فلما فعل ذلك قالت له أخته وختنه: نعم قد أسلمنا وآمنا باللَّه ورسوله فاصنع ما بدا لك.

فلما رأى عمر مات بأخته من الدم ندم على ما صنع فارعوى وقال لأخته أعطيني هذه الصحيفة التي سمعتكم تقرأون آنفا أنظر ما هذا الذي جاء به محمد. وكان عمر كاتبا فلما قال ذلك قالت له أخته: إنا نخشاك عليها. قال: لا تخافي. وحلف لها بآلهته ليردّنها إذا قرأها إليها.

فلما قال ذلك طمعت في إسلامه فقالت: يا أخي أنت نجس على شركك وإنه لا يمسّه إلا الطاهر. فقام عمر فاغتسل فأعطته الصحيفة وفيها طه فقرأها فلما قرأ صدرا منها فقال ما أحسن هذا الكلام وأكرمه.

وفي رواية أنه وجد في الصحيفة: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فذكر من أين اشتق.

ثم رجع إلى نفسه فقرأ سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ حتى بلغ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فقال: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأشهد أن محمدا رسول اللَّه. انتهى.

فلما سمع ذلك خبّاب خرج إليه فقال له يا عمر واللَّه إني لأرجو أن يكون اللَّه تعالى قد خصّك بدعوة نبيه فإني سمعته أمس وهو يقول: اللهم أيّد الإسلام بأبي الحكم بن هشام أو بعمر بن الخطاب فاللَّه اللَّه يا عمر. فذكر الحديث [ (1) ] .

وفي رواية مجاهد عمن روى أن عمر قال: كنت للإسلام مباعدا وكنت صاحب خمر في الجاهلية أصبها وأشربها وكان لنا مجلس يجتمع فيه رجال من قريش بالحزوّرة عند دور آل عمر بن عبد عمران المخزومي، فخرجت ليلة أريد جلسائي أولئك في مجلسهم ذلك فجئتهم فلم أجد فيه منهم أحدا فقلت في نفسي: فلو أني جئت فلانا الخمّار وكان بمكة يبيع الخمر، لعلي أجد عنده خمرا فأشرب منها فخرجت فلم أجده. فقلت في نفسي: فلو أني جئت الكعبة فطفت بها سبعا أو سبعين فجئت المسجد أريد أن أطوف بالكعبة فإذا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قائم يصلي وكان إذا صلى استقبل الشام وجعل الكعبة بينه وبين الشام، فكان مصلّاه بين الركنين الركن الأسود والركن اليماني فقلت حين رأيته: واللَّه لو سمعت لمحمد الليلة حتى أسمع ما يقول. فقلت لئن دنوت منه أستمع لأروّعنه فجئت من قبل الحجر فدخلت تحت ثيابه فجعلت أمشي رويدا رويدا ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قائم يصلّي يقرأ القرآن حتى قمت في قبلته مستقبله ما بيني وبينه إلا ثياب الكعبة، فلما سمعت القرآن رقّ له قلبي فبكيت ودخلني الإسلام، فلم أزل

[ (1) ] أخرجه ابن عدي في الكامل 7/ 2487 وانظر البداية والنهاية 3/ 80.

ص: 372

قائما في مكاني حتى قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلاته وانصرف، فتبعته حتى دخل بين دار عباس ودار ابن أزهر أدركته، فلما سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حسّي عرفني فظن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنما تبعته لأوذيه فنهمني ثم قال: ما جاء بك يا بن الخطاب هذه الساعة؟ قلت: جئت لأومن باللَّه ورسوله وبما جاء من عند اللَّه. قال: فحمد اللَّه تعالى ثم قال: قد هداك اللَّه يا بن الخطاب. ثم مسح صدري ودعا لي بالثبات. ثم انصرفت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

ودخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيته

[ (1) ] .

وفي رواية إن خبّابا لمّا قال لعمر: فاللَّه اللَّه يا عمر. قال له عمر عند ذلك: دلّني يا خبّاب على محمد حتى آتيه فأسلم. فقال خبّاب: هو في بيته عند الصفا معه نفر من أصحابه.

فأخذ عمر سيفه متوشحة ثم عمد إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه فضرب عليهم الباب، فلما سمعوا صوته قام رجل من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فنظر من خلل الباب فرجع وهو فزع فقال:

يا رسول اللَّه هذا عمر بن الخطاب متوشّحا السيف، فقال حمزة بن عبد المطلب: فأذن له فإن كان يريد خيرا بذلناه له وإن كان جاء يريد شرا قتلناه بسيفه. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ائذن له فإن يرد اللَّه به خيرا يهده فأذن له الرجل وفتحوا له، وأخذ رجلان بعضديه حتى دنا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: أرسلوه. فأرسلوه، فنهض إليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى لقيه في الحجرة فأخذ بحجزته أو بمجمع ردائه ثم جبذه جبذة شديدة وقال: ما جاء بك يا بن الخطاب؟ فو اللَّه ما أراك أن تنتهي حتى ينزل اللَّه بك قارعة. فقال: رسول اللَّه جئت لأومن باللَّه وبرسوله وبما جاء من عند اللَّه. فكبّر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تكبيرة عرف أهل البيت من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إن عمر قد أسلم، فكبّروا تكبيرة سمعت بطرق مكة وتفرّقوا من مكانهم وقد عزّوا في أنفسهم حين أسلم عمر مع إسلام حمزة وعرفوا أنهما سيمنعان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وينتصفون بهما من عدوّهم.

وقال عمر حين أسلم.

الحمد للَّه ذي المنّ الّذي وجبت

له علينا أياد كلّها عبر

وقد بدأنا فكذّبنا فقال لنا

صدق الحديث نبيّ عنده الخبر

وقد ظلمت ابنة الخطّاب ثمّ هدى

ربيّ وقالوا جميعا قد صبا عمر

وقد ندمت على ما كان من زللي

بظلمها حين تتلى عندها السّور

لمّا دعت ربّها ذا العرش خالقها

وأنّ أحمد فينا اليوم مشتهر

نبيّ صدق أتى بالحقّ من ثقة

وافي الأمانة ما في وعده خور

[ (1) ]

[ (1) ] انظر البداية والنهاية 3/ 81.

ص: 373

وروى ابن إسحاق عن بعض آل عمر قال: قال عمر لمّا أسلمت تلك الليلة تذكّرت أي أهل مكة أشد لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عداوة حتى آتيه فأخبره أني قد أسلمت. قال: فقلت: أبو جهل.

فأقبلت حين أصبحت حتى ضربت عليه بابه فخرج أبو جهل فقال: مرحبا وأهلا يا بن أختي ما جاء بك؟ قلت: جئت لأخبرك أني قد آمنت باللَّه ورسوله وصدّقت بما جاء به. فضرب الباب في وجهي وقال: قبحّك اللَّه وقبح ما جئت به.

وروى أيضاً بسند صحيح عن ابن عمر قال: لما أسلم عمر قال: أيّ قريش أنقل للحديث؟ قيل له: جميل بن معمر الجمحي. قال: فغدا عليه. قال عبد الله: وغدوت معه أتبع أثره وأنظر ماذا يفعل حتى جاءه فقال له: أعلمت يا جميل أني أسلمت ودخلت في دين محمد؟ قال: فو اللَّه ما راجعه حتى قام يجرّ رداءه وتبعه عمر، واتبعت أبي حتى إذا قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش- وهم في أنديتهم حول الكعبة- ألا إن ابن الخطاب قد صبأ. قال: يقول عمر من خلفه: كذب ولكني أسلمت وشهدت أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدا عبده ورسوله. وثاروا إليه فما برح يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رؤوسهم وطلع فقعد وقاموا على رأسه وهو يقول: افعلوا ما بدا لكم فأحلف باللَّه أن لو كنا ثلاثمائة لقد تركناها أو تتركونها لنا.

فبينا هو على ذلك إذ أقبل شيخ من قريش عليه حلة حبرة وقميص موشّى حتى وقف عليهم فقال: ما شأنكم؟ قالوا: صبأ عمر. قال: فمه، رجل اختار لنفسه أمرا فما تريدون منه؟

أترون بني عدي بن كعب يسلمون لكم صاحبكم؟ هكذا خلّوا عن الرجل. قال: فو اللَّه فكأنما كانوا ثوبا كشط عنه. فقلت لأبي بعد أن هاجر إلى المدينة: يا أبي من الرجل الذي زجر القوم عنك بمكة يوم أسلمت وهم يقاتلونك؟ قال: ذاك أي بنيّ العاصي بن وائل السهمي. ومات مشركا.

وروى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينا عمر في الدار خائفا إذ جاءه العاصي بن وائل السهمي وعليه حلة حبرة وقميص مكفوف بحرير فقال: ما بك؟ قال: زعم قومك أنهم سيقتلونني لأنني أسلمت. قال: لا سبيل إليك أمنت. فخرج العاصي فلقي الناس قد سال بهم الوادي فقال: أين تريدون؟ فقالوا: نريد ابن الخطاب الذي صبأ. قال: لا سبيل إليه. فكرّ الناس وتصدّعوا عنه. [ (1) ]

وروى البخاري عن ابن مسعود قال: ما زلنا أعزّة منذ أسلم عمر.

[ (1) ] انظر الروض الأنف 2/ 100.

ص: 374