الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنبيه
روى أبو حفص بن شاهين [ (1) ] في الناسخ والمنسوخ من طريق أحمد بن يحيى الحضرمي، والمحب الطبري في سيرته من طريق القاضي أبي بكر محمد بن عمر بن محمد بن الأخضر، والدارقطني وابن عساكر كلاهما في غرائب مالك، والخطيب في السابق واللاحق من طريق علي بن أيوب الكعبي، قالوا: حدثنا أبو غزية محمد بن يحيى الزهري، حدثنا عبد الوهاب بن موسى الزهري. قال الحضرمي وابن الأخضر عن عبد الرحمن بن أبي الزناد [ (2) ] . وقال الكعبي عن مالك بن أنس [ (3) ] ، قالا عن هاشم بن عروة [ (4) ] ، عن أبيه، عن عائشة رضي اللَّه تعالى عنها قالت: حج بنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فمر بي على عقبة الحجون وهو باك حزين مغتم فبكيت لبكاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم انه طفق يقول: يا حميراء استمسكي.
فاستندت إلى جنب البعير فمكث عني طويلا ثم عاد إلي وهو فرح مبتسم فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول اللَّه! نزلت من عندي وأنت باك حزين مغتم فبكيت لبكائك ثم إنك عدت إلي وأنت فرح مبتسم فمم ذاك؟ قال: ذهبت لقبر أمي فسألت اللَّه أن يحييها فأحياها فآمنت بي وردها اللَّه [ (5) ] .
[ (1) ] عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين، أبو حفص: واعظ علامة، من أهل بغداد. كان من حفاظ الحديث. له نحو ثلاثمائة مصنف، منها كتاب «السنّة» سماه صاحب التبيان «المسند» وقال: ألف وخمسمائة جزء، و «التفسير» في نحو ثلاثين مجلدا. و «تاريخ أسماء الثقات ممن نقل عنهم العلم» على حروف المعجم، و «معجم الشيوخ» و «الأفراد» و «كشف الممالك» و «ناسخ الحديث ومنسوخه» و «الترغيب» في فضائل الأعمال. [الأعلام 5/ 40] .
[ (2) ] عبد الرحمن بن أبي الزناد، عبد الله بن ذكوان، المدني، مولى قريش، صدوق، تغير حفطه لما قدم بغداد، وكان فقيها، من السابعة، ولي خراج المدينة، فحمد، مات سنة أربع وسبعين، وله أربع وسبعون سنة. [انظر التقريب 1/ 479، 480.]
[ (3) ] مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث الأصبحي أبو عبد الله المدني، أحد أعلام الإسلام، وإمام دار الهجرة. عن نافع والمقبري ونعيم بن عبد الله وابن المنكدر ومحمد بن يحيى بن حبّان وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وأيوب وزيد بن أسلم وخلق، وعنه من شيوخه الزهري ويحيى الأنصاري. قال الشافعي: مالك حجة اللَّه تعالى علي خلقه. قال ابن مهدي: ما رأيت أحدا أتمّ عقلا ولا أشد تقوى من مالك. وقال ابن المديني: له نحو ألف حديث. قال البخاري: أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر ولد مالك سنة ثلاث وتسعين، وحمل به ثلاث.
وتوفى سنة تسع وسبعين ومائة. ودفن بالبقيع [الخلاصة 3/ 3] .
[ (4) ] هشام بن عروة بن الزبير بن العوّام الأسدي أبو المنذر أحد الأعلام. عن أبيه وزوجته فاطمة بنت المنذر وأبي سلمة وخلق. وعنه أيوب وابن جريج وشعبة ومعمر وخلق. قال ابن المديني: له نحو أربعمائة حديث. وقال ابن سعد: ثقة حجة. وقال أبو حاتم: إمام. قال أبو نعيم: توفي سنة خمس وأربعين ومائة، وقيل سنة ست، وتكلم فيه مالك وغيره.
[الخلاصة 3/ 115] .
[ (5) ] قال المزي: كل حديث فيه يا حميراء فهو موضوع إلا حديث عن النسائي قال الزركشي في الإصابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة في أثناء تعديد خصائصها رضي اللَّه تعالى عنها «السابعة والعشرون» جاء في حقها. خذوا شطر دينكم عن الحميراء وسألت شيخنا الحافظ عماد الدين بن كثير رحمه الله عن ذلك فقال: كان شيخنا حافظ الدنيا أبو الحجاج المزي رحمه اللَّه تعالى يقول: كل حديث فيه ذكر الحميراء باطل إلا حديث في الصوم في
تفرد بهذا الحديث أبو غزية وتفرد عنه الكعبي بذكر مالك في إسناده. قال الدارقطني:
هذا كذب على مالك والحمل فيه على أبي غزية والمتهم بوضعه هو أو من حدث به عنه.
وهذا الحديث قد حكم بوضعه الحافظ أبو الفضل بن ناصر والجوزقاني وابن الجوزي والذهبي وأقره الحافظ في اللسان، وحكم بوضعه جماعة سبق ذكرهم في ترجمة عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم. وجعله ابن شاهين ومن تبعه ناسخا لأحاديث النهي عن الاستغفار.
قلت: وهذا غير جيد لأن أحاديث النهي عن الاستغفار لهما بعض طرقها صحيح. رواه مسلم وابن حبان في صحيحيهما وهذا الحديث على تسليم ضعفه لا يكون ناسخا للأحاديث الصحيحة واللَّه تعالى أعلم.
قال أبو الخطاب بن دحية: الحديث في إحياء أبيه وأمه موضوع يرده القرآن والإجماع قال تعالى: وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ [النساء 18] وقال: فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ [البقرة 217] فمن مات وهو كافر لم ينفعه الإيمان بعد الرجعة بل لو آمن عند المعاينة لم ينفعه، فكيف بعد الإعادة؟ وفي التفسير
أنه عليه الصلاة والسلام قال: «ليت شعرى ما فعل أبواي [ (1) ] ؟» .
فنزلت وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ
[البقرة 119] .
قلت: لو اقتصر أبو الخطاب على الحكم بوضع الحديث فقط وسكت عما ذكره لكان جيدا وتأدبا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حق أبويه. وقد تعقبه القرطبي فقال: وفيما ذكره ابن دحية نظر. وذلك أن فضائل النبي صلى الله عليه وسلم وخصائصه لم تزل تتوالى وتتتابع إلى حين مماته فيكون هذا مما فضله تعالى وأكرمه به، وليس إحياؤهما وإيمانهما به ممتنعا عقلا ولا شرعا، فقد ورد في الكتاب العزيز إحياء قتيل بني إسرائيل وإخباره بقاتله وكان عيسى صلى الله عليه وسلم يحيي الموتى وكذلك نبينا صلى الله عليه وسلم أحيا اللَّه تعالى على يديه جماعة من الموتى. وإذا ثبت هذا فما يمتنع من إيمانهما بعد إحيائهما زيادة في كرامته وفضيلته مع ما ورد من الخبر في ذلك ويكون مخصوصا ممن مات كافرا.
وقوله: «فمن مات كافرا»
إلى آخر كلامه مردود بما في الخبر أن اللَّه رد الشمس على نبيه صلى الله عليه وسلم بعد مغيبها حتى صلى علي العصر. ذكره الطحاوي وقال إنه حديث ثابت. فلو لم
[ () ]«سند النسائي» وحديث آخر أخرجه النسائي عن أبي سلمة قال: قالت عائشة: دخل الحبشة المسجد يلعبون فقال لي: يا حميراء أتحبين أن تنظري إليهم وإسناده صحيح [انظر الإجابة 61- 62 المصنوع (211) ] .
[ (1) ] أخرجه الطبري في التفسير 1/ 409 وذكره السيوطي في الدر 1/ 111 وزاد نسبته لوكيع وسفيان بن عيينة وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر.