الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الأول في حسنه صلى الله عليه وسلم
أعلم رحمني اللَّه وإياك أن اللَّه سبحانه وتعالى أنشأ النفوس مختلفة، فمنها الغاية في جودة الجوهر، ومنها المتوسط، ومنها الكدر. وفي كل مرتبة درجات. فالأنبياء صلى اللَّه عليهم وسلم هم الغاية، خلقت أبدانهم سليمة من العيب فصلحت لحلول النفس الكاملة، ثم يتفاوتون. فكان نبينا صلى الله عليه وسلم أصلح الأنبياء مزاجا وأكملهم بدنا وأصفاهم روحا، وبمعرفة ما نذكره من صفاته صلى الله عليه وسلم وأخلاقه يتبين ذلك إن شاء اللَّه تعالى.
روى الشيخان عن البراء بن عازب رضي اللَّه تعالى عنهما قال: لم أر شيئاً أحسن من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. البراء بفتحتين مخففا.
وقال رجل من الصحابة رضي اللَّه تعالى عنهم: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فإذا هو رجل حسن الجسم.
وقالت أم معبد رضي اللَّه تعالى عنها: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أجمل الناس [وأبهاه] من بعيد وأحلاه وأحسنه من قريب.
رواهما البيهقي.
وقال جابر بن سمرة- بسين مهملة مفتوحة فميم مضمومة فراء- رضي اللَّه تعالى عنه:
رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في ليلة إضحيان وعليه حلة حمراء فجعلت أنظر إليه والقمر فلهو أحسن في عيني من القمر.
رواه الترمذي والنسائي.
وقال البراء رضي اللَّه تعالى عنه: ما رأيت من ذي لمة في حلة حمراء أحسن من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم [ (1) ] .
رواه مسلم وأبو داود.
وقال أبو هريرة رضي اللَّه تعالى عنه: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحسن الناس صفة وأجملها.
رواه أبو الحسن بن الضحاك.
وقال طارق بن عبيد [ (2) ] رضي اللَّه تعالى عنه: أقبلنا ومعنا ظعينة حتى نزلنا قريبا من
[ (1) ] أخرجه مسلم 4/ 1804 كتاب الفضائل (52- 2309)
[ (2) ] طارق بن عبيد بن مسعود الأنصاري. روى محمد بن مروان السدي في تفسيره عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: قال طارق بن عبيد بن مسعود وأبو اليسر ومالك بن الدخشم يوم بدر: يا رسول اللَّه إنك قلت من قتل
المدينة، فأتانا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالت الظعينة: ما رأيت وجها أشبه بالقمر ليلة البدر من وجهه صلى الله عليه وسلم.
رواه إبراهيم الحربي [ (1) ] في غريبه وأبو الحسن بن الضحاك في الشمائل وابن عساكر.
وقال أبو إسحاق الهمداني- وهو بفتح الهاء وسكون الميم ودال مهملة- لامرأة حجت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: شبهيه لي: قالت: كالقمر ليلة البدر ولم أر قبله ولا بعده مثله.
رواه يعقوب بن سفيان.
وقال أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر للربيع بنت معوذ [ (2) ] رضي اللَّه تعالى عنها:
صفي لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قالت: يا بني لو رأيته لقلت الشمس طالعة.
رواه الدرامي ويعقوب.
قال الطيبي رحمه اللَّه تعالى: قولها: «لقلت الشمس طالعة» أي لرأيت شمسا طالعة، جردت من نفسه الشريفة شمسا وهي هي، نحو قولك: لئن لقيته لتلقين أسدا، وإذا نظرت إليه لم تر إلا أسدا.
وقال أبو هريرة رضي اللَّه تعالى عنه: ما رأيت شيئاً قط أحسن من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كأن الشمس تجري. وفي لفظ: تخرج من وجهه.
رواه الإمام أحمد والترمذي وابن حبان وبقي بن مخلد. وسنده على شرط صحيح مسلم [ (3) ] .
قال الطيبي: شبه جريان الشمس في فلكها بجريان الحسن في وجهه صلى الله عليه وسلم. ومنه قول الشاعر:
[ () ] قتيلا فله سلبه وقد قتلنا سبعين. الحديث في نزول قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ وقال ابن منده الذي أسر العباس ومعه أبو اليسر الأنصاري [انظر الإصابة 3/ 282] .
[ (1) ] إبراهيم بن إسحاق بن بشير بن عبد اللَّه البغدادي الحربي، أبو إسحاق: من أعلام المحدثين. أصله من مرو، واشتهر وتوفى ببغداد، ونسبته إلى محلة فيها. كان حافظا للحديث عارفا بالفقه بصيرا بالأحكام، قيما بالأدب، زاهدا، أرسل إليه المعتضد ألف دينار فردها. تفقه على الإمام أحمد، وصنف كتبا كثيرة منها «غريب الحديث» و «إكرام الضيف» ، و «سجود القرآن» و «الهدايا والسنة فيها» و «الحمام وآدابه» و «دلائل النبوة» توفي سنة 285 هـ. [انظر الأعلام 1/ 32] .
[ (2) ] الرّبيّع بضم أوله وكسر التحتانية بنت معوّذ بن الحارث بن رفاعة بن الحارث بن سواد، ويعرف بابن عفراء وهي أمه الأنصارية شهدت الشجرة. لها إحدى وعشرون حديثاً. اتفقا على حديثين، وانفرد (خ) بحديثين. وعنها سليمان بن يسار، وأبو سلمة. وجماعة. [الخلاصة 3/ 381] .
[ (3) ] أخرجه أحمد في المسند 2/ 350.