الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أهو هو؟ قال نعم. فأخذاني فاستقبلاني بوجوه لم أرها لخلق قط وأرواح لم أرها من خلق قط، وثياب لم أرها على أحد قط، فأقبلا إلي يمشيان حتى أخذ كل واحد منهما بعضدي لا أجد لأخذهما مسا. فقال أحدهما لصاحبه: أضجعه. فأضجعاني بلا قصر ولا هصر وفي لفظ:
فقلباني لحلاوة القفا ثم شقا بطني. وفي لفظ فقال أحدهما لصاحبه: افلق صدره. فخوى أحدهما إلى صدري ففلقه فيما أرى بلا دم ولا وجع فكان أحدهما يختلف بالماء في طست من ذهب والآخر يغسل جوفي فقال أحدهما لصاحبه: افلق صدره فإذا صدري فيما أرى مفلوقا لا أجد له وجعا. ثم قال: شق قلبه فشق قلبي فقال: أخرج الغل والحسد منه. فأخرج شبه العلقة فنبذ به. ثم قال: أدخل الرأفة والرحمة في قلبه. فأدخل شيئاً كهيئة الفضة. ثم أخرج ذرورا كان معه فذره عليه ثم نقر إبهامي ثم قال: اغد واسلم. فرجعت بما لم أغد به من رحمتي للصغير ورأفتي للكبير [ (1) ] .
تفسير الغريب
الحجج: بكسر الحاء وفتح الجيم الأولى السنون.
الأرواح: جمع ريح بمعنى الرائحة وهي عرض يدرك بحاسة الشم وهي مؤنثة يقال ريح [ (2) ] ذكيُة.
بلا قصر: قصرت الثوب أي أرخيته بلا استرخاء. ولا هصر: قال في النهاية: هصر ظهره أي ثناه إلى الأرض. وأصل الهصر أن تأخذ برأس العود فتثنيه إليك وتعطفه.
حلاوة القفا: يأتي بيانه في بيان غريب المرة الثالثة.
خوى أحدهما إلى صدري: أي مال إليه.
ذرورا: بفتح الذال المعجمة.
المرة الثالثة: عند المبعث.
روى أبو داود الطيالسي والحارث بن أبي أسامة في مسنديهما، والبيهقي وأبو نعيم كلاهما في الدلائل، عن عائشة رضي اللَّه تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم نذر أن يعتكف شهرا هو وخديجة. فوافق ذلك شهر رمضان فخرج ذات ليلة فسمع: السلام عليك. قال: فظننت أنها فجاءة الجن، فجئت مسرعا حتى دخلت على خديجة فقالت: ما شأنك؟ فأخبرتها فقالت:
أبشر فإن السلام خير. ثم خرجت مرة أخرى فإذا أنا بجبريل على الشمس له جناح بالمشرق
[ (1) ] ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 226، وعزاه لعبد الله وقال ورجاله ثقات وثقه ابن حبان.
[ (2) ] في أ: رائحة.
وجناح بالمغرب فهلت منه فجئت مسرعا فإذا هو بيني وبين الباب فكلمني حتى أنست منه ثم وعدني موعدا فجئت له فأبطأ علي فأردت أن أرجع فإذا أنا به وبميكائيل قد سد الأفق فهبط جبريل وبقي ميكائيل بين السماء والأرض، فأخذني جبريل فألقاني لحلاوة القفا ثم شق عن قلبي فاستخرجه ثم استخرج منه ما شاء اللَّه أن يستخرج ثم غسله في طست من ماء زمزم ثم أعاده مكانه ثم لأمه ثم أكفأني كما يكفأ الإناء ثم ختم في ظهري حتى وجدت مس الخاتم في قلبي. وذكر الحديث [ (1) ] .
تفسير الغريب فُجاءة الجن بالضم والمد، وفي لغة بوزن تمرة: بغتة.
هلت منه: خفت وزنا ومعنى.
الأفق. بضم الهمزة والفاء: الناحية والجمع آفاق.
حلاوة القفا: بتثليث الحاء المهملة وحلاواه. فإن ضممت قصرت وهي وسط القفا.
أكفأني: قلبني.
المرة الرابعة: ليلة الإسراء.
روى مسلم والبرقاني بفتح الباء الموحدة وسكون الراء وبالقاف والنون، وغيرهما عن أنس رضي اللَّه تعالى عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أتيت وأنا في أهلي فانطلق بي إلى زمزم فشرح صدري، ثم أتيت بطست من ذهب ممتلئا حكمة وإيمانا فحشي بهما صدري. قال أنس والنبي صلى الله عليه وسلم يرينا صدره. فعرج بي الملك إلى سماء الدنيا.
وذكر حديث المعراج [ (2) ] .
وروى الإمام أحمد والشيخان عن مالك بن صعصعة [ (3) ] رضي اللَّه تعالى عنه إن النبي صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به قال: بينما أنا في الحطيم وربما قال قتادة: في الحجر.
مضطجعا إذ أتاني آت فجعل يقول لصاحبه: الأوسط من الثلاثة. فأتاني فشق ما بين هذه إلى هذه. يعني من ثغرة نحره إلى شعرته. فاستخرج قلبي. فأتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا وحكمة فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد. ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار.
ورواه البخاري من طريق شريك عن أنس رضي اللَّه تعالى عنه
[ (4) ] واللَّه أعلم.
[ (1) ] أخرجه أبو نعيم في الدلائل (171) .
[ (2) ] أخرجه مسلم 1/ 145 (259- 162) .
[ (3) ] مالك بن صعصعة بن وهب بن عديّ بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي الأنصاري النجاري. له خمسة أحاديث، اتفقا على حديث المعراج (5) . وعنه أنس. [الخلاصة 3/ 5] .
[ (4) ] أخرجه البخاري 6/ 348 (3207) ومسلم في الموضع السابق.