المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثالث والثلاثون في عرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه الكريمة على القبائل ليؤووه وينصروه ودعائه الناس إلى التوحيد - سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد - جـ ٢

[الصالحي الشامي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌جماع أبواب صفة جسده الشريف صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في حسنه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهان

- ‌الباب الثاني في صفة لونه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث في صفة رأسه وشعره صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع في صفة جبينه وحاجبيه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس في صفة عينيه صلى الله عليه وسلم وبعض ما فيهما من الآيات

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس في سمعه الشريف صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السابع في صفة انفه الشريف وخديه صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن في صفة فمه صلى الله عليه وسلم وأسنانه وطيب ريقه وبعض الآيات فيه

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب التاسع في صفة لحيته الشريفة وشيبه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في صفة وجهه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الحادي عشر في صفة عنقه صلى الله عليه وسلم وبعد ما بين منكبيه وغلظ كتده

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الثاني عشر في صفة ظهره صلى الله عليه وسلم وما جاء في صفة خاتم النبوة

- ‌فصل اختلف في صفة خاتم النبوة على أقوال كثيرة متقاربة المعنى

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في صفة صدره وبطنه صلى الله عليه وسلم

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الرابع عشر فيما جاء في شق صدره وقلبه الشريفين صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌ذكر أحاديث فيها شق صدره صلى الله عليه وسلم من غير تعيين زمان

- ‌ذكر غريب ما تقدم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس عشر في صفة يديه وإبطيه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس عشر في صفة ساقيه وفخذيه وقدميه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع عشر في ضخامة كراديسه صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن عشر في طوله واعتدال خلقه ورقة بشرته صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب التاسع عشر في عرقه صلى الله عليه وسلم وطيبه

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العشرون في مشيه صلى الله عليه وسلم وأنه لم يكن يرى له ظل

- ‌الباب الحادي والعشرون في الآية في صوته صلى الله عليه وسلم وبلوغه حيث لا يبلغه صوت غيره

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثاني والعشرون في فصاحته صلى الله عليه وسلم

- ‌[معرفته صلى الله عليه وسلم بلهجات العرب]

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث والعشرون في معرفة الذين كانت صفات أجسادهم تقرب من صفات جسده صلى الله عليه وسلم

- ‌جماع أبواب بعض الأمور الكائنة بعد مولده وقبل بعثته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في وفاة أمه آمنة بنت وهب وحضانة أم أيمن له

- ‌تنبيه

- ‌فصل في الكلام على أحاديث النهي عن استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لأبويه

- ‌الباب الثاني في كفالة عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفته بشأنه

- ‌الباب الثالث في استسقاء أهل مكة بجده وهو معهم وسقياهم ببركته

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع فيما حصل له في سنة سبع من مولده

- ‌الباب الخامس في وفاة عبد المطلب ووصيته لأبي طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم وما ظهر في ذلك من الآيات

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السادس في استسقاء أبي طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم وعطش أبي طالب وشكواه ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السابع في سفره صلى الله عليه وسلم مع عمه الزبير بن عبد المطلب إلى اليمن

- ‌الباب الثامن في سفره صلى الله عليه وسلم مع عمة أبي طالب إلى الشام

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع في حفظ الله تعالى إياه في شبابه عما كان عليه أهل الجاهلية واشتهاره بالأخلاق الفاضلة والخصال الحميدة قبل بعثته وتعظيم قومه له صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في شهوده صلى الله عليه وسلم حرب الفجار

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي عشر في شهوده صلى الله عليه وسلم حلف الفضول

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثاني عشر في رعيته صلى الله عليه وسلم الغنم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في سفره صلى الله عليه وسلم مرة ثانية إلى الشام

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع عشر في نكاحه صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس عشر في بنيان قريش الكعبة

- ‌تنبيهات

- ‌جماع أبواب مبعثه صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في بدء عبادة الأصنام والإشراك بالله تعالى

- ‌الباب الثاني في إخبار الأحبار والرهبان والكهان بمبعث حبيب الرحمن صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر خبر زيد بن عمرو بن نفيل

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر قس بن ساعدة

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر العباس عن بعض أحبار اليمن

- ‌خبر أمية عن بعض أحبار الشام

- ‌خبر أبي سفيان عن أمية

- ‌خبر عبد الرحمن بن عوف عن عثكلان الحبر

- ‌خبر عروة بن مسعود الثقفي عن بعض الكهان والكواهن

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر عمرو بن معدي كرب عن بعض الكهان

- ‌خبر ابن الهيبان

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر الحبر من جرهم

- ‌خبر الحبر من أهل بصرى

- ‌خبر رئيس نجران

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثالث في حدوث الرجوم وحجب الشياطين من استراق السمع عند مبعث النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع في بعض ما سمع من الهواتف وتنكس الأصنام

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس في قدر عمر النبي صلى الله عليه وسلم وقت بعثته وتاريخها

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس في ابتدائه صلى الله عليه وسلم بالرؤيا الصادقة وسلام الحجر والشجر عليه، زاده الله فضلا وشرفا لديه

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السابع فيما ذكر أن إسرافيل قرن به قبل جبريل صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن في كيفية بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع في كيفية إنزال الوحي

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في شدة الوحي وثقله

- ‌تنبيهات

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الحادي عشر في أنواع الوحي

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثاني عشر في فترة الوحي وتشريف الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة بعد النبوة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في معنى الوحي والنبيّ والرسول والنبّوة والرسالة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع عشر في مثله ومثل ما بعثه الله تعالى به من الهدى

- ‌تنبيهات في بعض فوائد الحديث

- ‌الباب الخامس عشر في مثله ومثل الأنبياء من قبله

- ‌الباب السادس عشر في الوقت الذي كتب فيه نبينا صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب السابع عشر في إعلام الوحش برسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن عشر في شهادة الرضيع والأبكم برسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌جماع أبواب بعض الأمور الكائنة بعد بعثته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في تعليم جبريل النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثاني في إسلام خديجة بنت خويلد، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهم، واختلاف الناس فيمن اسلم أولا

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثالث في ذكر متقدّمي الإسلام من الصحابة- رضي الله تعالى عنهم- تقدم علي وزيد بن حارثة

- ‌الباب الرابع في قصة إسلام أبي ذرّ وأخيه أنيس- رضي اللَّه تعالى عنهما

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس في سبب دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم واستخفاء المسلمين حال عبادتهم ربّهم تبارك وتعالى

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السادس في أمر الله سبحانه وتعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بإظهار الإسلام

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب السابع في مشي قريش إلى أبي طالب ليكفّ عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن في إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب التاسع في إرسال قريش عتبة بن أبي ربيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عليه أشياء ليكف عنهم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب العاشر في أسئلة المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنواعاً من الآيات وخرق العادات على وجه العناد لا على وجه الهدى والرشاد

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي عشر في امتحانهم إياه بأصياء لا يعرفها إلا نبي

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب الثالث عشر في اعتراف أبي جهل وغيره بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع عشر في تحيّر الوليد بن المغيرة فيما يصف به القرآن والآيات التي أنزلت فيه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس عشر في عدوان المشركين على المستضعفين ممن أسلم بالأذى والفتنة

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السادس عشر في الهجرة الأولى إلى الحبشة وسبب رجوع من هاجر إليها من المسلمين وكانت في شهر رجب سنة خمس من المبعث

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع عشر في إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثامن عشر في دخول بني هاشم وبني المطلب بني عبد مناف الشّعب وكتابة قريش الصحيفة الظالمة

- ‌تنبيهات

- ‌تفسير غريب قصيدة أبي طالب اللامية

- ‌الباب التاسع عشر في رجوع القادمين من الحبشة إليها والهجرة الثانية

- ‌كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي

- ‌تنبيهات

- ‌في معرفة أسماء الذين هاجروا الهجرة الثانية:

- ‌الباء الموحدة

- ‌التاء المثناة

- ‌الجيم

- ‌الحاء المهملة

- ‌الخاء المعجمة

- ‌الراء

- ‌الزاي

- ‌السين المهملة

- ‌الشين المعجمة

- ‌الطاء المهملة

- ‌العين المهملة

- ‌الفاء

- ‌القاف

- ‌الميم

- ‌ الهاء

- ‌النون

- ‌الياء

- ‌الكنى

- ‌النساء

- ‌من ولد بأرض الحبشة

- ‌الباب العشرون في إرادة أبي بكر رضي الله عنه الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الحادي والعشرون في نقض الصحيفة الظالمة

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الثاني والعشرون في إسلام الطّفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثالث والعشرون في قصتي الأراشيّ والزّبيديّ اللذين ابتاع أبو جهل إبلهما

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع والعشرون في وفد النصارى الذين أسلموا

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس والعشرون في سبب نزول أول سورة «عبس»

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع والعشرون في سبب نزول أول سورة الروم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن والعشرون في وفاة أبي طالب ومشي قريش إليه ليكف عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع والعشرون في وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها

- ‌الباب الثلاثون في بعض ما لاقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش بعد موت أبي طالب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي والثلاثون في سفر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف

- ‌تنبيهان

- ‌الباب الثاني والثلاثون في إسلام الجن

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث والثلاثون في عرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه الكريمة على القبائل ليؤووه وينصروه ودعائه الناس إلى التوحيد

- ‌تنبيه [في بيان غريب ما سبق]

- ‌الباب الرابع والثلاثون في خبر بعض المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف كان هلاكهم

- ‌الأول: الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن زهرة

- ‌الثاني: الحارث بن قيس السهمي

- ‌الثالث: الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى

- ‌الرابع: مالك بن الطّلاطلة

- ‌الخامس: العاصي بن وائل السهمي

- ‌السادس: الحكم بن أبي العاصي بن أمية

- ‌السابع: الوليد بن المغيرة:

- ‌الثامن: أبو لهب

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه

- ‌تنبيهات

الفصل: ‌الباب الثالث والثلاثون في عرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه الكريمة على القبائل ليؤووه وينصروه ودعائه الناس إلى التوحيد

‌الباب الثالث والثلاثون في عرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه الكريمة على القبائل ليؤووه وينصروه ودعائه الناس إلى التوحيد

قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه بالموقف، فيقول: ألا رجل يحملني إلى قومه فإن قريشا منعوني أن أبلغ كلام ربي.

رواه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح

[ (1) ] .

قال محمد بن عمر الأسلمي: مكث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين من أول نبوته مستخفيا ثم أعلن في الرابعة فدعا الناس إلى الإسلام عشر سنين، يوافي الموسم كلّ عام يتبع الحاج في منازلهم بعكاظ ومجنة وذي المجاز يدعوهم إلى أن يمنعوه حتى يبلغ رسالات ربه ولهم الجنة، فلا يجد أحدا ينصره ولا يجيبه حتى أنه سأل عن القبائل ومنازلها قبيلة قبيلة

ويقول: يا أيها الناس قولوا: لا إله إلا اللَّه تفلحوا وتملكوا العرب وتذل لكم العجم وإذا آمنتم كنتم ملوكا في الجنة. وأبو لهب وراءه يقول: لا تطيعوه فإنه صابئ كاذب، فيردون عليه أقبح الرد ويؤذونه ويقولون: قومك بك أعلم

[ (2) ] .

وقال ابن إسحاق: ثم قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مكة أي من الطائف وقومه أشد ما كانوا عليه من خلافه وفراق دينه إلا قليلا مستضعفين ممن آمن به، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه في المواسم إذا كانت، على قبائل العرب يدعوهم إلى اللَّه عز وجل ويخبرهم أنه نبي مرسل ويسألهم أن يصدّقوه ويمنعوه حتى يبيّن عن اللَّه عز وجل ما بعثه به.

وروى ابن إسحاق والبيهقي والإمام أحمد وابنه عبد الله والطبراني برجال ثقات، عن ربيعة بن عباد- بكسر العين المهملة وتخفيف الباء الموحدة- قال: إني لغلام شاب مع أبي بمنى ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقف على القبائل من العرب فيقول: يا بني فلان إني رسول اللَّه إليكم يأمركم أن تعبدوا اللَّه ولا تشركوا به شيئا، وأن تخلعوا ما تعبدون من دونه من هذه الأنداد، وأن تؤمنوا بي وتصدّقوني وتمنعوني حتى أبيّن عن اللَّه عز وجل ما بعثني به. والناس متقصّفون عليه ما رأيت أحدا يقول شيئا وهو لا يسكت. قال: وخلفه رجل أحول وضيء له غديرتان عليه حلّة عدنية فإذا فرغ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من قوله وما دعا إليه قال ذلك الرجل: يا بني فلان إن هذا الرجل إنما يدعوكم إلى أن تسلخوا اللات والعزّى من أعناقكم وحلفاءهم من الجن وبني مالك بن أقيش إلى ما جاء به من البدعة والضلالة، فلا تطيعوه ولا تسمعوا منه. فقلت لأبي: يا

[ (1) ] أخرجه الترمذي (2935) وأبو داود (4734) وابن ماجة (201) والبيهقي في الأسماء والصفات (187) .

[ (2) ] أخرجه أحمد في المسند 3/ 492، 4/ 341 والطبراني في الكبير 5/ 56 والدارقطني 3/ 45 والبيهقي في الدلائل 5/ 380 وابن حبان (1682) والعقيلي في الضعفاء 1/ 106.

ص: 451

أبت من هذا الرجل الذي يردّ عليه ما يقول يتبعه حيث ذهب ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يفرّ منه؟ قال:

هذا عمه عبد العزى بن عبد المطلب أبو لهب

[ (1) ] .

وروى الطبراني عن طارق بن عبد الله قال: إني بسوق ذي المجاز إذ مرّ رجل بي [ (2) ] عليه حلّة من برد أحمر وهو يقول: يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا. ورجل خلفه قد أدمى عرقوبيه وساقيه يقول: يا أيها الناس إنه كذاب فلا تطيعوه. فقلت: من هذا؟ قالوا: غلام بني هاشم الذي يزعم أنه رسول اللَّه وهذا عمه عبد العزى.

وروى الطبراني برجال ثقات من مدرك بن [منيب] رضي الله عنه قال: حججت مع أبي فلما نزلنا منى إذا نحن بجماعة فقلت لأبي: ما هذه الجماعة؟ قال: هذا الصابئ. وإذا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: يا أيها الناس قولوا: لا إله إلا اللَّه تفلحوا.

وروى البخاري في تاريخه والطبراني في الكبير واللفظ له عن مدرك بن منيب- بضم أوله وكسر النون وآخره موحدة- العامريّ عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الجاهلية وهو يقول: يا أيها الناس قولوا: لا إله إلا اللَّه تفلحوا. فمنهم من تفل في وجهه ومنهم من حثا عليه التراب، ومنهم من سبّه، حتى انتصف النهار فأقبلت جارية بعسّ من ماء فغسل وجهه ويديه وقال: يا بنية لا تخشي على أبيك غلبة ولا ذلة. فقلت: من هذه؟ قالوا: زينب بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. وهي جارية وضيئة.

وروى الطبراني برجال ثقات نحوه عن الحارث بن الحارث.

وروى الإمام أحمد والبيهقي عن الأشعث بن سليم عن رجل من كنانة قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بسوق ذي المجاز وهو يقول: يا أيها الناس قولوا: لا إله إلا اللَّه تفلحوا. وإذا رجل خلفه يسفي عليه التراب، وإذا هو أبو جهل، وإذا هو يقول: يا أيها الناس لا يغرّنكم هذا عن دينكم فإنما يريد أن تتركوا عبادة اللات والعزى يتبعه حيث ذهب ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يفرّ منه، وما يلتفت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إليه.

قال الحافظ: عماد الدين بن كثير: المحفوظ: أبو لهب. وقد يكون أبو جهل وهما، ويحتمل أن يكون ذا تارة وذا تارة، وأنهما يتناوبان على أذيّة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

قلت: وهذا هو الظاهر.

وذكر ابن إسحاق عرضه صلى الله عليه وسلم نفسه الكريمة على كندة وكلب وبني عامر بن صعصعة وبني حنيفة. قال: ولم يكن أحد من العرب أقبح ردّا عليه منهم.

[ (1) ] أخرجه الطبري في التاريخ 2/ 348 وأحمد في المسند 3/ 492 والطبراني في الكبير 5/ 58.

[ (2) ] في أشاب.

ص: 452

زاد الواقدي: وعلى بني عبس وغسّان وبني محارب وبني فزارة وبني مرّة وبني سليم وبني نصر بن هوازن وبني ثعلبة بن عكابة- بضم العين المهملة وفتح الباء الموحدة- وبني الحارث بن كعب وبني عذرة وقيس بن الخطيم. وساق أخبارهم.

وروى محمد بن عمر الأسلمي عن عامر بن سلمة الحنفي وكان قد أسلم في آخر عمر النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: نسأل اللَّه لا يحرمنا الجنة، لقد رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جاءنا ثلاثة أعوام بعكاظ ومجنّة وبذي المجاز، يدعونا إلى اللَّه- عز وجل وأن نمنع له ظهره حتى يبلّغ رسالات ربه، ويشرط لنا الجنّة، فما استجبنا له ولا رددنا عليه ردّا جميلا فخشنّا عليه وحلم عنا. قال عامر: فرجعت إلى هجر في أول عام فقال لي هودة بن علي: هل كان في موسمكم هذا خبر؟ قلت: رجل من قريش يطوف على القبائل يدعوهم إلى اللَّه تعالى وحده وأن يمنعوا ظهره حتى يبلّغ رسالة ربه ولهم الجنة. فقال هودة: من أي قريش هو؟ قلت: هو من أوسطهم نسبا من بني عبد المطلب. قال هودة: أهو محمد بن عبد المطلب؟ قلت: هو هو. قال: أما إن أمره سيظهر على ما ها هنا. فقلت: هنا قط من بين البلدان؟ قال: وغير ما ها هنا. ثم وافيت السنة الثانية هجر فقال: ما فعل الرجل؟ فقلت: واللَّه رأيته على حاله في العام الماضي. قال: ثم وافيت في السنة الثالثة وهي آخر ما رأيته وإذا بأمره قد أمر وإذا ذكره كثر في الناس. الحديث.

وروى الحاكم والبيهقي وأبو نعيم وقاسم بن ثابت عن علي رضي الله عنه قال: لما أمر اللَّه عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم إن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه. فذكر الحديث إلى أن قال: ثم دفعنا إلى مجلس آخر عليهم السكينة والوقار، فتقدم أبو بكر فسلّم فقال: من القوم؟

قالوا: من شيبان بن ثعلبة. فالتفت أبو بكر إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقال: بأبي وأمي هؤلاء عزر الناس وفيهم مفروق بن عمرو وهانئ وابن قبيصة والمثنّى بن حارثة والنعمان بن شريك، وكان مفروق قد غلبهم لسانا وجمالا وكانت له غديرتان تسقطان على تربيته، وكان أدنى القوم مجلسا من أبي بكر فقال أبو بكر: كيف العدد فيكم؟ فقال مفروق: إنا لا نزيد على الألف ولن تغلب ألف من قلة. فقال أبو بكر: وكيف المنعة فيكم؟ فقال مفروق: إنا لأشد ما نكون غضبا حين نلقى، وأشد ما نكون لقاء حي نغضب، وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد، والسلاح على اللقاح، والنصر من عند اللَّه يديلنا مرة ويديل علينا أخرى، لعلك أخا قريش؟ فقال أبو بكر: إن كان بلغكم أنه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فها هو ذا. فقال مفروق إلام تدعونا يا أخا قريش؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأني عبد اللَّه ورسوله، وإلى أن تؤووني وتنصروني فإن قريشا قد تظاهرت على اللَّه وكذّبت رسوله واستغنت بالباطل عن الحق وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ.

ص: 453

فقال مفروق وإلام تدعو أيضا يا أخا قريش؟ فو اللَّه ما سمعت كلاما أحسن من هذا.

فتلا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ: أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [الأَنعام 151] .

فقال مفروق: دعوت- واللَّه- إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ولقد أفك قوم كذّبوك وظاهروا عليك.

ثم رد الأمر إلى هانئ بن قبيصة فقال: وهذا هانئ شيخنا وصاحب ديننا.

فقال هانئ: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش وإني أرى تركنا ديننا وإتباعنا دينك لمجلس جلست إلينا لا أول له ولا آخر لذلّ في الرأي وقلة نظر في العاقبة، إن الزلّة مع العجلة وإنا نكره أن نعقد على من وراءنا عقدا ولكن نرجع وترجع وننظر وتنظر.

ثم كأنه أحب أن يشركه المثنّى بن حارثة فقال: وهذا المثنى شيخنا وصاحب حربنا.

فقال المثنّى- وأسلم بعد ذلك- قد سمعت مقالتك يا أخا قريش والجواب فيه جواب هانئ بن قبيصة في تركنا ديننا ومتابعتنا دينك وإنا نزلنا بين صريين: أحدهما اليمامة والآخر السمامة.

فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ما هذان الصريان؟ قال: أنهار كسرى ومياه العرب، فأما ما كان من أنهار كسرى فذنب صاحبه غير مغفور وعذره غير مقبول، وأما ما كان مما يلي مياه العرب فذنب صاحبه مغفور وعذره مقبول، وإنا إنما نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى أن لا نحدث حدثا ولا نؤوي محدثا وإني أرى هذا الأمر الذي تدعونا إليه يا أخا قريش مما تكرهه الملوك، فأن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا.

فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق. وإن دين اللَّه عز وجل لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه، أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم اللَّه تعالى أرضهم وديارهم وأموالهم ويفرشكم نساءهم أتستحبّون اللَّه تعالى وتقدّسونه؟

فقال النعمان: اللهم فلك ذاك.

فتلا عليهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً [الأحزاب 45] .

ص: 454

ثم نهض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

[ (1) ] .

وروى سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي في مغازيه عن أبيه، وأبو نعيم عن عبد الرحمن العامري عن أشياخ من قومه قالوا: أتانا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ونحن بعكاظ فقال: من القوم؟ قلنا: من بني عامر بن صعصعة بنو كعب بن ربيعة؟ فقال: إني رسول اللَّه إليكم وأتيتكم لتمنعوني حتى أبلّغ رسالة ربي ولا أكره أحدا منكم على شيء.

قالوا: لا نؤمن بك وسنمنعك حتى تبلّغ رسالات ربك.

فأتاهم بيحرة بن فراس القشيري فقال: من هذا الرجل الذي أراه عندكم أنكره؟ قالوا:

هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب. قال: فما لكم وله؟ قالوا: زعم أنه رسول اللَّه فطلب إلينا أن نمنعه حتى يبلّغ رسالة ربه. قال: ما رددتم عليه؟ قالوا: بالرّحب والسعة نخرجك إلى بلادنا ونمنعك مما نمنع منه أنفسنا. فقال بيحرة: ما أعلم أحدا من أهل هذه السوق يرجع بشيء أشر من شيء ترجعون به! أتعمدون إلى رهيق قوم طردوه وكذّبوه فتؤووه وتنصروه تنابذوا العرب عن قوس واحدة، قومه أعلم به فبئس الرأي رأيكم. ثم أقبل علي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال:

قم فالحق بقومك فو اللَّه لولا أنك عند قومي لضربت عنقك.

فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى ناقته ليركبها فغمز الخبيث بيحرة شاكلتها فقمصت برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فألقته. وعند بني عامر يومئذ ضباعة بنت عامر بن حوط كانت من النسوة اللاتي أسلمن بمكة جاءت زائرة إلى بني عمها فقالت: يا لعامر ولا عامر لي، أيصنع هذا برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين أظهركم ولا يمنعه أحد منكم؟

فقام ثلاثة نفر من بني عمها إلى بيحرة واثنين أعاناه فأخذ كل رجل منهم رجلا فجلد به الأرض، ثم جلس على صدره ثم علوا وجوههم لطما.

فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: اللهم بارك على هؤلاء والعن هؤلاء. فأسلم الثلاثة الذين نصروه وقتلوا شهداء، وهم غطيف وغطفان ابنا سهل وعروة أو عزرة بن عبد الله، وهلك الآخرون

[ (2) ] .

فلما صدر الناس رجعت بنو عامر إلى شيخ لهم أدركته السّنّ حتى لا يقدر أن يوافي معهم موسمهم، فكانوا إذا رجعوا إليه حدّثوه بما يكون في ذلك في الموسم، فلما قدموا عليه ذلك العام سألهم عما كان في موسمهم فقالوا: جاءنا فتى من قريش ثم أحد بني عبد المطلب يزعم أنه نبي يدعونا إلى أن نمنعه ونقوم معه ونخرج به إلى بلادنا فوضع الشيخ يده على رأسه،

[ (1) ] أخرجه أبو نعيم في الدلائل (237) .

[ (2) ] أخرجه أبو نعيم في الدلائل (100) وابن كثير في البداية والنهاية 3/ 141.

ص: 455

ثم قال: يا بني عامر هل لها من تلاف هل لذنا بها من مطلب! والذي نفسي بيده ما تقوّلها إسماعيليّ قط كاذبا وإنه لحقّ، فأين رأيكم كان عنكم.

وروى أبو نعيم عن خالد بن سعيد عن أبيه عن جده أن بكر بن وائل قدم مكة في الحج فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: ايتهم واعرض عليهم. فأتاهم فعرض عليهم. فقالوا: حتى يجيء شيخنا حارثة. فلما جاء قال: إن بيننا وبين الفرس حربا فإذا فرغنا مما بيننا وبينهم عدنا فنظرنا فيما تقول فلما التقوا بذي قارهم والفرس قال لهم شيخهم: ما اسم الرجل الذي دعاكم إلى ما دعاكم إليه؟ قالوا: محمد. قال: فهو شعاركم. فنصروا على الفرس. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: بي نصروا.

وروى محمد بن عمر الأسلمي عن جهم بن أبي جهم إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقف على بني عامر يدعوهم إلى اللَّه تعالى، فقام رجل منهم فقال له: عجبا لك واللَّه قد أعياك قومك ثم أعياك أحياء العرب كلها حتى تأتينا وتتردّد علينا مرةً بعد مرة؟ واللَّه لأجعلنّك حديثا لأهل الموسم. ونهض إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وكان جالسا فكسر اللَّه ساق الخبيث، فجعل يصيح من رجله وانصرف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

وروى أبو نعيم عن عبد الله بن وابصة العبسي عن أبيه عن جده قال: جاءنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمنى فدعانا فاستجبنا له، وكان معنا ميسرة بن مسروق العبسي فقال لنا:

أحلف باللَّه لو صدّقنا هذا الرجل وحملناه حتى نحلّ به وسط رحالنا لكان الرأي، فأحلف باللَّه ليظهرّن أمره حتى يبلغ كلّ مبلغ فأبى القوم وانصرفوا. فقال لهم ميسرة: ميلوا بنا إلى فدك فإن بها يهود نسألهم عن هذا الرجل. فمالوا إلى يهود فأخرجوا سفرهم فوضعوه ثم درسوا ذكر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم النبي الأمي العربي يركب الحمار ويجتزئ بالكسرة، وليس بالطويل ولا بالقصير ولا بالجعد ولا بالسّبط في عينيه حمرة مشرب اللون. قالوا: فإن كان هو الذي دعاكم فأجيبوه وادخلوا في دينه فإنا نحسده ولا نتبعه ولنا منه في مواطن بلاء عظيم، ولا يبقى أحد من العرب إلا اتبعه أو قتله. فقال ميسرة: يا قوم أن هذا الأمر بيّن فأسلم ميسرة.

وروى أبو نعيم عن ابن رومان وعبد الله بن أبي بكر وغيرهما قالوا: جاء النبي صلى الله عليه وسلم كندة في منازلهم فعرض نفسه عليهم فأبوا. فقال أصغر القوم: يا قوم اسبقوا إلى هذا الرجل قبل أن تسبقوا إليه، فو اللَّه إن أهل الكتاب ليحدثونا إن نبياً يخرج من الحرم قد أظل زمانه فأبوا.

وروى البيهقي عن عاصم بن عمر بن قتادة عن أشياخ من قومه قالوا: قدم سويد بن الصامت أخو بني عمرو بن عوف مكة حاجا أو معتمرا، وكان سويد إنما يسميه قومه الكامل لجلده وشعره وشرفه ونسبه، وهو الذي يقول:

ألا ربّ من تدعو صديقا ولو ترى

مقالته بالغيب ساءك ما يفري

ص: 456