الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ببرزخ في الحياة يلقي إليه فيه وحيه المشتمل على كثير من الأسرار، وقد يقع لكثير من الصلحاء عند الغيبة بالنوم أو غيره اطلاع على كثير من الأسرار، وذلك مستمد من المقام النبوي، ويشهد له
قول النبي صلى الله عليه وسلم: «رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة»
[ (1) ] .
انتهى.
وثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي اللَّه تعالى عنها: لما نزلت آية الحجاب وأن سودة خرجت بعد ذلك إلى المناصع ليلا فقال عمر: قد عرفناك يا سودة، فرجعت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسألته وهو جالس يتعشّى والعرق في يده، فأوحى اللَّه تعالى إليه والعرق في يده ثم رفع رأسه فقال: إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن.
قال ابن كثير: فدل هذا على أنه لم يكن عند الوحي يغيب عنه إحساسه بالكلية بدليل أنه جالس لم يسقط ولم يسقط العرق من يده. انتهى.
[تفسير الغريب]
المناصع- بفتح الميم وكسر الصاد المهملة: صعيد أفيح خارج المدينة.
العرق [ (2) ]- بعين مهملة مفتوحة فراء ساكنة فقاف: العظم الذي عليه اللحم والقطعة من اللحم. وسيأتي الكلام عليه في أبواب مناماته صلى الله عليه وسلم.
الثالث: قال ابن كثير: تحريكه صلى الله عليه وسلم لسانه عند إلقاء الوحي إليه كان في الابتداء كان صلى الله عليه وسلم من شدة حرصه على أخذه من الملك ما يوحيه إليه عن اللَّه تعالى يساويه في التلاوة، فأمره اللَّه تعالى أن أنصت لذلك حتى يفرغ من الوحي، ولهذا قال: وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً [ (2) ][طه 114] .
وقال الحافظ: اختلف في سبب تحريكه صلى الله عليه وسلم لسانه وشفتيه. ففي رواية: يخشى أن يتفلّت منه. وفي لفظ: خشية أن ينسى أوله قبل أن يفرغ من آخره فيشتد عليه، وفي رواية أنه كان إذا نزل عليه جعل يتكلم من حبّه إياه.
قال الحافظ: وظاهر الرواية الثانية أن السبب في المبادرة حصول المشقة التي يجدها عند النزول، فكان يتعجل ما يأخذه لتزول المشقة سريعا. وظاهر الثالثة أنه كان يتكلم بما يلقي اللَّه منه أولا فأولا، من شدة حبه إياه فأمر أن يتأنّى إلى أن ينقضي النزول.
قال الحافظ: ولا بعد في تعدد السبب.
[ (1) ] أخرجه البخاري 9/ 39 ومسلم 4/ 1773 (6- 2263) .
[ (2) ] انظر لسان العرب 4/ 2906.
الرابع: في بيان غريب ما سبق:
ترضّ فخذي: تدقه وتكسره.
الجران- بجيم مكسورة فراء: باطن العنق ومعناه: أنها تفعل ذلك لشدة الوحي وثقله.
يسرّى- بضم أوله وتشديد الراء المفتوحة والقصر: أي يكشف ذلك عنه ويزول.
ترغو- بغين معجمة: تصيح.
تفتل يديها: تديرهما من ثقل ما عليها.
تنقصم: تنكسر وتندق.
موتدة يديها- بضم الميم من الوتيد. قال الشيخ في مختصر النهاية: ووتيد الأرض:
صوت شدة الوطء على الأرض يسمع كالدويّ من بعد.
الجمان- بجيم مضمومة فميم مفتوحة: اللؤلؤ، شبّهت قطرات عرقه بالجمان لتشابهها في الصّفاء والحسن.
كرب لذلك- بضم الكاف وكسر الراء: أي أصابه الكرب أي الشدة فهو مكروب، والذي كربه كارب.
التربّد- بالراء ودال مهملة في آخره: كمودة في اللون وهي غبرة في سواد.
الغطّ- بغين معجمة وطاء مهملة مشددة، والغطيط: صوت يخرج من نفس النائم وهو ترديده حيث لا يجد مساغا.
يفصم عنه: بفتح أوله وسكون الفاء وكسر المهملة: أي يقلع وينجلي. ويروى بضم أوله من الرباعي وفي رواية بضم أوله وفتح الصاد مبنيّا للمفعول، وأصل القصم القطع، وقيل الفصم بالفاء: القطع بلا إبانة. وبالقاف: القطع بإبانة فعبر بالفصم إشارة إلى أن الملك فارقه ليعود، والجامع بينهما بقاء العلقة.
يتفصّد عرقا: أي يجري منه كما يجري الدم من الفصاد.
الصّلاصل: بفتح المهملة الأولى وكسر الثانية: جمع صلصلة بفتح المهملتين بينهما لام ساكنة، وهي صوت وقع الأشياء الصّلبة اليابسة بعضها على بعض، ثم أطلق على صوت له طنين.
وقذ- بواو مضمومة فقاف مكسورة فذال معجمة مفتوحة: يقال وقذه النّعاس: إذا غلب عليه.
الجعرانة- بكسر الجيم وسكون العين المهملة ونقل ابن المديني عن أهل العراق كسر العين وشدّ الراء. وقال الشافعي والخطابي: المحدّثون يخطئون في تشديدها وقد أولع أصحاب الحديث به، والصواب الأول: موضع على سبعة أميال من مكة إلى جهة الطائف.
متضمّخ: متلطخ.
البرحاء- بباء موحدة مضمومة فراء مفتوحة فحاء مهملة فألف ممدودة: شدة الحمى، وقيل شدة الكرب، وقيل شدة الحر.
السّبل- بفتح السين المهملة والموحّدة داء في العين شبه غشاوة كأنها نسج العنكبوت.
المعالجةُ: محاولة الشيء بمشقة إن كان العلاج ناشئا من تحريك الشفتين، أي مبدأ العلاج منه، وما موصولة، وأطلقت على من يعقل مجازا.
هكذا قرّره الكرماني. قال الحافظ: وفيه نظر، لأن الشدة حاصلة له قبل التحريك، والصواب ما قاله ثابت السّرقسطي أن المراد كان كثيرا ما يفعل ذلك، وورود «ممّا» في هذا كثير، ومنه حديث الرؤيا:«وكان ممّا يقول لأصحابه: من رأى منكم رؤيا» [ (1) ] .
قال الحافظ: ويؤيده رواية البخاري في التفسير عن عائشة ولفظها: «كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا نزل جبريل بالوحي فكان ممّا يحرك شفتيه» [ (2) ] فأتى بهذا اللفظ مجردا عن تقدّم العلاج الذي قدّره الكرماني فظهر ما قاله ثابت.
ووجه ما قاله غيره: أن «من» إذا وقع بعدها «ما» كانت بمعنى ربما، وهي تطلق على الكثير كما تطلق على القليل. وفي كلام سيبويه مواضع من هذا، منها قوله: اعلم أنهم مما يحذفون كذا. ومنه حديث البراء: كنا إذا صلّينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم مما يحب أن يكون عن يمينه.
[ (1) ] أخرجه أحمد في المسند 2/ 146.
[ (2) ] أخرجه البخاري 8/ 549 (4928) .