الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبي طالب، أي كما تقدم قريبا.
ولو كانت هذه الشهادة عنده لأدّاها بعد إسلامه وعلم حال أبي طالب ولم يسأل عنه، والمعتبر حالة الأداء دون التحمّل.
وقال الحافظ: لو كان أبو طالب قال كلمة التوحيد ما نهى اللَّه تعالى نبيه عن الاستغفار له.
وروى عبد الرازق والفريابي والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ [الأنعام 26] نزلت في أبي طالب كان ينهى المشركين أن يؤذوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وينأى عما جاء به.
وروى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة في صحيحه عن علي رضي الله عنه قال: لما مات أبو طالب أتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول اللَّه مات عمّك الضالّ. وفي لفظ إن أبا طالب مات فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اذهب فواره. قال: فلما واريته جئت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
قال اغتسل
[ (1) ] .
وبما ذكر أيضا تبين بطلان ما نقله المسعودي المؤرخ أنه أسلم، لأن مثل ذلك لا يعارض الأحاديث الصحيحة.
تنبيهات
الأول: قال السهيليّ: الحكمة في كون أبي طالب منتعلا بنعلين من نار أن أبا طالب كان مع النبي صلى الله عليه وسلم بجملته إلا أنه كان مثبّتا لقدميه على ملّة عبد المطلب حتى قال عند الموت: هو على ملّة عبد المطلب فسلّط العذاب على قدميه خاصة لتثبيته إياهما على ملة آبائه.
الثاني: قال الحافظ: الآية التي فيها النهي عن الاستغفار نزلت بعد موت أبي طالب بمدة وهي عامة في حقه وحق غيره، ويوضح ذلك ما عند البخاري في كتاب التفسير بلفظ:
فأنزل اللَّه بعد ذلك. إلى آخره.
الثالث: إنما عرض عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الإسلام أن يقول لا إله إلا اللَّه. ولم يقل فيها:
محمد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأن الكلمتين صارتا كالكلمة الواحدة. ويحتمل أن يكون أبو طالب كان يتحقق أنه رسول اللَّه، ولكن كان لا يقرّ بتوحيد اللَّه تعالى ولهذا قال في أبياته النونية:
[ (1) ] أخرجه النسائي 1/ 110 وأحمد في المسند 1 (130 والبيهقي في المسند 1/ 304 وذكره ابن الجوزي في العلل 1/ 180 وابن حبان في المجروحين 1/ 111.
ودعوتني وعلمت أنّك صادق
…
ولقد صدقت وكنت ثمّ أمينا
فاقتصر على أمره له بقول: لا إله إلا اللَّه، فإذا أقر بالتوحيد لم يتوقف عن الشهادة بالرسالة له.
الرابع: من عجيب الاتفاق أن الذين أدركهم الإسلام من أعمام النبي صلى الله عليه وسلم أربعة وهم:
أبو طالب واسمه عبد مناف، وأبو لهب واسمه عبد العزّى بخلاف من أسلم وهما حمزة والعباس رضي الله عنهما.
الخامس: زعم بعض غلاة الرافضة أن أبا طالب أسلم، واستدل بأخبار واهية ردّها الحافظ في الإصابة في القسم الرابع من الكنى.
السادس: قوله: «لعله تنفعه شفاعتي» . ظهر من حديث العباس وقوع هذا الترجّي واستشكل قوله: «تنفعه شفاعتي» بقوله تعالى: فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ [المدثر 48] وأجيب بأنه خصّ ولذلك عدّوه في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: معنى المنفعة في الآية يخالف معنى المنفعة في الحديث، والمراد بها في الآية الإخراج من النار، وفي الحديث المنفعة بالتخفيف وبهذا الجواب جزم القرطبيّ.
وقال البيهقي في البعث: صحت الرواية في شأن أبي طالب فلا معنى للإنكار من حيث صحة الرواية.
ووجهه عندي أن الشفاعة في الكفار إنما امتنعت لوجود الخبر الصادق في أنه لا يشفع فيهم أحد، وهو عامّ في حق كل كافر، فيجوز أن يخص منه من ثبت الخبر بتخصيصه.
قال: وحمله بعض أهل النظر على أن جزاء الكافر من العذاب يقع على كفره وعلى معاصيه، فيجوز أن يضع اللَّه تعالى عن بعض الكفار بعض جزاء معاصيهم تطييبا لقلب الشافع لا ثوابا للكفر، لأن إحسانه صار بموته على الكفر هباء.
وقال القرطبي في المفهم: اختلف في هذه الشفاعة هل هي بلسان قوليّ أو بلسان حاليّ، والأول يشكل بالآية، وجوابه جواز التخصيص. والثاني أن يكون معناه أن أبا طالب لما بالغ في إكرام النبي صلى الله عليه وسلم والذبّ عنه جوزي على ذلك بالتخفيف فأطلق على ذلك شفاعة لكونها بسببه.
ويجاب عنه أيضاً: أن المخفّف عنه لم يجد أمر التخفيف، فكأنه لم ينتفع بذلك.
ويؤيد ذلك ما تقدم من أنه يعتقد أنه ليس في النار أشدّ عذابا منه، وذلك أن القليل من عذاب جهنم لا تطيقه الجبال، فالمعذّب لاشتغاله بما هو فيه يصدق عليه أنه لم يحصل له انتفاع بالتخفيف.
السابع: في بيان غريب ما سبق:
يدين: أي يطيع ويخضع.
يبتزّونا أمرنا: بفتح التحتية فباء موحدة ساكنة فمثناة فوقية مفتوحة فزاي معجمة مشددة مضمومة، يقال ابتزّه يبتزّه أي استلبه وبزّه يبزّه أي سلبه. ومنه: من عزّ بزّ أي من غلب أخذ السّلب.
شحطا [ (1) ] : بشين معجمة فحاء ساكنة فطاء مهملتين: أي بعدا. يقال شحط يشحط شحطا وشحوطا ويقال شحط المزار وأشحطته أبعدته، ومعنى الكلام: ما سألتهم شيئا بعيدا.
عليهم التماسه وتناوله، بل هو أمر قريب.
السّبة بسين مهملة مضمومة فباء موحدة مشددة مفتوحة فتاء تأنيث: العار الذي يسبّ به. ورجل سبّة أي تسبه الناس.
خرعا [ (2) ] : بخاء معجمة فراء فعين مهملتين: وهو الخور والضعف، وتروى بالجيم والزاي وهو الخوف.
وأما واللَّه: قال النووي: في كثير من الأصول أو أكثرها بالألف وغيرها: أم واللَّه بلا ألف، وكلاهما صحيح قال ابن الشجريّ في أماليه:«ما» المزيدة للتوكيد ركّبوها مع همزة الاستفهام واستعملوا مجموعهما على وجهين: أحدهما: أن يراد به معنى حقا في قولهم: أما واللَّه لأفعلن. والآخر: أن تكون افتتاحا للكلام بمنزلة ألا كقولك أما إن زيدا منطلق وأكثر ما تحذف الألف إذا وقع بعدها القسم ليدلّوا على شدة اتصال الثاني بالأول، لأن الكلمة إذا بقيت على حرف لم تقم بنفسها، فعلم بحذف ألف- «ما» افتقارها إلى الاتصال بالهمز.
الضّحضاح: بضادين معجمتين الأولى مفتوحة وحاءين مهملتين الأولى ساكنة، وهو في الأصل ما رق من الماء على وجه الأرض ما يبلغ الكعبين فاستعاره للنار:
المرجل [ (3) ] بكسر الميم وسكون الراء وفتح الجيم: قدر من نحاس، وقيل يطلق على كل قدر يطبخ فيها.
[ (1) ] اللسان 4/ 2207.
[ (2) ] اللسان 2/ 1137، 1138.
[ (3) ] انظر المصباح المنير 221.