الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلف النبي صلى الله عليه وسلم يحاكيه ويلمض فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فقال كذلك كن. فرجع إلى أهله فلبط به مغشيّا عليه شهرا ثم أفاق حين أفاق وهو كما يحاكي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
وهذا المبهم الظاهر أنه الحكم.
السابع: الوليد بن المغيرة:
قال البلاذري فمرّ الوليد برجل يقال له حرّاث- بفتح الحاء وتشديد الراء المهملتين- ابن عامر بن خزاعة، وهو الثّبت- وبعضهم يقول حرّاب بالحاء المهملة والباء الموحدة- وهو يريش نبلا له ويصلحها فوطئ على سهم منها فخدشته خدشا يسيرا، ويقال علق بإزاره فخدش ساقه خدشا خفيفا فأهوى إليه جبريل فانتفض الخدش وضربته الأكلة في رجله أو ساقه فمات.
الثامن: أبو لهب
،
وكان من أشد الناس عداوة للنبي صلى الله عليه وسلم.
قال البلاذريّ: وكان يطرح القذر والنتن على باب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فرآه حمزة بن عبد المطلب وقد طرح من ذلك شيئاً فأخذه وطرحه على رأسه، فجعل أبو لهب ينفض رأسه ويقول: صابئ أحمق. فأقصر عما كان يفعل، لكنه كان يدسّ من يفعله.
قال:
وروى ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كنت بين شرّ جارين، بين أبي لهب وعقبة بن أبي معيط، إن كانا ليأتيان بالفروث فيطرحانها على بابي.
قالت: وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: يا بني عبد مناف أيّ جوار هذا؟ ثم يميطه عن بابه.
قالوا: وبعث أبو لهب ابنه عتبة بشيء يؤذي به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسمعه يقرأ وَالنَّجْمِ إِذا هَوى [النجم: 1] فقال: أنا كافر برب النجم. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: سلط اللَّه عليك كلبا من كلابه، فخرج في تجارة فجاء الأسد وهو بين أصحابه نائم بحوران من أرض الشام فجعل يهمس ويشمّ حتى انتهى إليه فمضغه مضغة أتت عليه، فجعل يقول وهو بآخر رمق: ألم أقل لكم إن محمدا أصدق الناس؟! ثم مات.
قلت: صوابه عتيبة بالتصغير كما سيأتي بسط ذلك في أبواب إجابة دعواته.
ومات أبو لهب بداء يعرف- بالعدسة، كانت العرب تتشاءم به وتفرّ ممن ظهر به، فلما أصاب أبا لهب تركه أهله حتى مات ومكث مدة لا يدفن حتى خافوا العار فحفروا له حفرة فرموه فيها. كما سيأتي بيان ذلك.
وكانت امرأته أم جميل ابنة حرب تؤذي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كثيرا وهي حمالة الحطب، وإنما سماها اللَّه تعالى بذلك لأنها كانت تحمل الشوك فتطرحه بالليل على طريق
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حيث يمرّ هو وأصحابه لتعقرهم بذلك، فبينا هي ذات يوم تحمل حزمة أعيت فقعدت على حجر تستريح أتاها ملك فجذبها من خلفها بالحبل الذي في عنقها فخنقها به.
وروى الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما نزلت وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ صعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على الصفا فجعل ينادي: يا بني فهر، يا بني عدي لبطون من قريش، حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا ينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ قالوا: نعم ما جربنا عليك إلا صدقا قال: فإن لكم نذير بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: تبّا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا
[ (1) ] ! فانزل اللَّه تعالى: بسم اللَّه الرحمن الرحيم تَبَّتْ خسرت. والتباب: الخسران المفضي إلى الهلاك يَدا أَبِي لَهَبٍ جملته وعبر عنها باليدين مجازا لأن أكثر الأفعال تداول بهما، وكني بأبي لهب لحسنه وجماله وإنما كناه لأنه كان مشتهرا بكنيته دون اسمه وقيل لأن اسمه عبد العزى فلا يناسب في القرآن عبديّة شخص إلى غير اللَّه تعالى وهذه الجملة دعاء وَتَبَّ خسر هو، وهذه خبر كقولهم أهلكه اللَّه وقد أهلكه.
ولمّا خوّفه النبي صلى الله عليه وسلم بالعذاب قال: إن كان ما يقول ابن أخي حقا فإني أفتدي منه بمالي وولدي فأنزل ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ وكسبه: أي ولده وأغنى بمعنى يغني سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ أي تلهّب وتوقد فهي مآل تكنيته وَامْرَأَتُهُ: عطف على ضمير يصلى سوّغه الفصل بالمفعول وصفته وهي أم جميل حَمَّالَةَ بالرفع الْحَطَبِ الشوك والسعدان تلقيه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم فِي جِيدِها عنقها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ أي ليف وهذه الجملة حال من حمالة الحطب الذي هو نعت المرأته أو خبر مبتدأ مقدر.
ولهذا مزيد بيان- في المعجزات.
وذكر البلاذري ممن كان يؤذي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أبو الأصداء وكان يقول لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إنما يعلمك أهل الكتاب أساطيرهم ويقول الناس هو معلّم مجنون فدعا عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فإنه لعلى جبل إذ اجتمعت عليه الأروى فنطحته حتى قتلته.
وذكر ابن إسحاق فيهم: أمية بن خلف الجمحي.
قال ابن إسحاق: وكان إذا رأى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم همزه ولمزه فأنزل اللَّه سبحانه وتعالى:
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الَّذِي جَمَعَ مالًا وَعَدَّدَهُ.
[ (1) ] أخرجه البخاري 4/ 609 (4971) .
قال ابن هشام: الهمزة: الذي يشتم الرّجل علانية ويكسر عينه عليه ويغمز به وجعه همزات. واللّمزة: الذي يعيب الناس سرّا ويؤذيهم.
النضر بن الحارث.
قال ابن إسحاق: ابن كلدة بن علقمة.
قال الخشنيّ: والصواب علقمة بن كلدة.
كان إذا جلس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مجلسا فدعا فيه إلى اللَّه وتلا عليهم القرآن وحذّر قريشا ما أصاب الأمم الماضية خلفه في مجلسه إذا قام فحدّثهم عن ملوك الفرس، ثم يقول: واللَّه ما محمد بأحسن حديثا منّي، وما أحاديثه إلا أساطير الأولين اكتتبها كما اكتتبتها فأنزل اللَّه:
وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أكاذيبهم، جمع أسطورة بالضم اكْتَتَبَها انتسخها من القوم بغيره فَهِيَ تُمْلى تقرأ عَلَيْهِ ليحفظها بُكْرَةً وَأَصِيلًا غدوة وعشيا.
قال تعالى ردا عليهم: قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ الغيب فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً للمؤمنين رَحِيماً بهم.
قال ابن إسحاق: وجلس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوما فيما بلغني مع الوليد بن المغيرة في المسجد فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم وفي المجلس غير واحد من رجال قريش فتكلم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فعرض له النّضر فكلّمه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى أفحمه ثم تلا عليه وعليهم: إِنَّكُمْ يا أهل مكة وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أي غيره من الأوثان حَصَبُ جَهَنَّمَ وقودها أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ داخلون فيها لَوْ كانَ هؤُلاءِ الأوثان آلِهَةً كما زعمتم ما وَرَدُوها دخلوها وَكُلٌّ من العابدين والمعبودين فِيها خالِدُونَ لا خلاص لهم منها لَهُمْ للعابدين فِيها زَفِيرٌ صياح وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ [الأنبياء 98: 100] ثم قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأقبل عبد الله بن الزّبعرى- بزاي فباء موحدة مكسورتين فعين مهملة ساكنة فراء فألف مقصورة- وأسلم بعد ذلك، حتى جلس إليهم فقال الوليد بن المغيرة لعبد الله بن الزبعرى واللَّه ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب آنفا وما قعد وقد زعم محمد أنّا وما نعبد من- آلهتنا هذه حصب جهنم. فقال عبد الله: أما والله ولو وجدته لخصمته فسلوا محمدا أكلّ ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده؟ فنحن نعبد الملائكة واليهود تعبد عزيرا والنصارى تعبد عيسى ابن مريم. فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله ورأوا أنه قد احتجّ وخاصم.
فذكر ذلك لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: كل من أحب أن يعبد من دون اللَّه فهو مع من عبده، إنهم إنما يعبدون الشياطين ومن أمرتهم بعبادته.
فانزل اللَّه تعالى: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا المنزلة الْحُسْنى وهي السعادة أو