المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الثامن: أبو لهب - سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد - جـ ٢

[الصالحي الشامي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌جماع أبواب صفة جسده الشريف صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في حسنه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهان

- ‌الباب الثاني في صفة لونه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث في صفة رأسه وشعره صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع في صفة جبينه وحاجبيه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس في صفة عينيه صلى الله عليه وسلم وبعض ما فيهما من الآيات

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس في سمعه الشريف صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السابع في صفة انفه الشريف وخديه صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن في صفة فمه صلى الله عليه وسلم وأسنانه وطيب ريقه وبعض الآيات فيه

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب التاسع في صفة لحيته الشريفة وشيبه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في صفة وجهه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الحادي عشر في صفة عنقه صلى الله عليه وسلم وبعد ما بين منكبيه وغلظ كتده

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الثاني عشر في صفة ظهره صلى الله عليه وسلم وما جاء في صفة خاتم النبوة

- ‌فصل اختلف في صفة خاتم النبوة على أقوال كثيرة متقاربة المعنى

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في صفة صدره وبطنه صلى الله عليه وسلم

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الرابع عشر فيما جاء في شق صدره وقلبه الشريفين صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌ذكر أحاديث فيها شق صدره صلى الله عليه وسلم من غير تعيين زمان

- ‌ذكر غريب ما تقدم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس عشر في صفة يديه وإبطيه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس عشر في صفة ساقيه وفخذيه وقدميه صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع عشر في ضخامة كراديسه صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن عشر في طوله واعتدال خلقه ورقة بشرته صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب التاسع عشر في عرقه صلى الله عليه وسلم وطيبه

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العشرون في مشيه صلى الله عليه وسلم وأنه لم يكن يرى له ظل

- ‌الباب الحادي والعشرون في الآية في صوته صلى الله عليه وسلم وبلوغه حيث لا يبلغه صوت غيره

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثاني والعشرون في فصاحته صلى الله عليه وسلم

- ‌[معرفته صلى الله عليه وسلم بلهجات العرب]

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث والعشرون في معرفة الذين كانت صفات أجسادهم تقرب من صفات جسده صلى الله عليه وسلم

- ‌جماع أبواب بعض الأمور الكائنة بعد مولده وقبل بعثته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في وفاة أمه آمنة بنت وهب وحضانة أم أيمن له

- ‌تنبيه

- ‌فصل في الكلام على أحاديث النهي عن استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لأبويه

- ‌الباب الثاني في كفالة عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفته بشأنه

- ‌الباب الثالث في استسقاء أهل مكة بجده وهو معهم وسقياهم ببركته

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع فيما حصل له في سنة سبع من مولده

- ‌الباب الخامس في وفاة عبد المطلب ووصيته لأبي طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم وما ظهر في ذلك من الآيات

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السادس في استسقاء أبي طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم وعطش أبي طالب وشكواه ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السابع في سفره صلى الله عليه وسلم مع عمه الزبير بن عبد المطلب إلى اليمن

- ‌الباب الثامن في سفره صلى الله عليه وسلم مع عمة أبي طالب إلى الشام

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع في حفظ الله تعالى إياه في شبابه عما كان عليه أهل الجاهلية واشتهاره بالأخلاق الفاضلة والخصال الحميدة قبل بعثته وتعظيم قومه له صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في شهوده صلى الله عليه وسلم حرب الفجار

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي عشر في شهوده صلى الله عليه وسلم حلف الفضول

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثاني عشر في رعيته صلى الله عليه وسلم الغنم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في سفره صلى الله عليه وسلم مرة ثانية إلى الشام

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع عشر في نكاحه صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس عشر في بنيان قريش الكعبة

- ‌تنبيهات

- ‌جماع أبواب مبعثه صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في بدء عبادة الأصنام والإشراك بالله تعالى

- ‌الباب الثاني في إخبار الأحبار والرهبان والكهان بمبعث حبيب الرحمن صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر خبر زيد بن عمرو بن نفيل

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر قس بن ساعدة

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر العباس عن بعض أحبار اليمن

- ‌خبر أمية عن بعض أحبار الشام

- ‌خبر أبي سفيان عن أمية

- ‌خبر عبد الرحمن بن عوف عن عثكلان الحبر

- ‌خبر عروة بن مسعود الثقفي عن بعض الكهان والكواهن

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر عمرو بن معدي كرب عن بعض الكهان

- ‌خبر ابن الهيبان

- ‌تفسير الغريب

- ‌خبر الحبر من جرهم

- ‌خبر الحبر من أهل بصرى

- ‌خبر رئيس نجران

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثالث في حدوث الرجوم وحجب الشياطين من استراق السمع عند مبعث النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع في بعض ما سمع من الهواتف وتنكس الأصنام

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس في قدر عمر النبي صلى الله عليه وسلم وقت بعثته وتاريخها

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السادس في ابتدائه صلى الله عليه وسلم بالرؤيا الصادقة وسلام الحجر والشجر عليه، زاده الله فضلا وشرفا لديه

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السابع فيما ذكر أن إسرافيل قرن به قبل جبريل صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن في كيفية بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع في كيفية إنزال الوحي

- ‌تنبيهات

- ‌الباب العاشر في شدة الوحي وثقله

- ‌تنبيهات

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الحادي عشر في أنواع الوحي

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثاني عشر في فترة الوحي وتشريف الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة بعد النبوة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث عشر في معنى الوحي والنبيّ والرسول والنبّوة والرسالة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الرابع عشر في مثله ومثل ما بعثه الله تعالى به من الهدى

- ‌تنبيهات في بعض فوائد الحديث

- ‌الباب الخامس عشر في مثله ومثل الأنبياء من قبله

- ‌الباب السادس عشر في الوقت الذي كتب فيه نبينا صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب السابع عشر في إعلام الوحش برسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثامن عشر في شهادة الرضيع والأبكم برسالته صلى الله عليه وسلم

- ‌جماع أبواب بعض الأمور الكائنة بعد بعثته صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الأول في تعليم جبريل النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثاني في إسلام خديجة بنت خويلد، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهم، واختلاف الناس فيمن اسلم أولا

- ‌تنبيه: في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثالث في ذكر متقدّمي الإسلام من الصحابة- رضي الله تعالى عنهم- تقدم علي وزيد بن حارثة

- ‌الباب الرابع في قصة إسلام أبي ذرّ وأخيه أنيس- رضي اللَّه تعالى عنهما

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الخامس في سبب دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم واستخفاء المسلمين حال عبادتهم ربّهم تبارك وتعالى

- ‌تنبيهان

- ‌الباب السادس في أمر الله سبحانه وتعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بإظهار الإسلام

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب السابع في مشي قريش إلى أبي طالب ليكفّ عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن في إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب التاسع في إرسال قريش عتبة بن أبي ربيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عليه أشياء ليكف عنهم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب العاشر في أسئلة المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنواعاً من الآيات وخرق العادات على وجه العناد لا على وجه الهدى والرشاد

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي عشر في امتحانهم إياه بأصياء لا يعرفها إلا نبي

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق:

- ‌الباب الثالث عشر في اعتراف أبي جهل وغيره بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع عشر في تحيّر الوليد بن المغيرة فيما يصف به القرآن والآيات التي أنزلت فيه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس عشر في عدوان المشركين على المستضعفين ممن أسلم بالأذى والفتنة

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب السادس عشر في الهجرة الأولى إلى الحبشة وسبب رجوع من هاجر إليها من المسلمين وكانت في شهر رجب سنة خمس من المبعث

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع عشر في إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الثامن عشر في دخول بني هاشم وبني المطلب بني عبد مناف الشّعب وكتابة قريش الصحيفة الظالمة

- ‌تنبيهات

- ‌تفسير غريب قصيدة أبي طالب اللامية

- ‌الباب التاسع عشر في رجوع القادمين من الحبشة إليها والهجرة الثانية

- ‌كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي

- ‌تنبيهات

- ‌في معرفة أسماء الذين هاجروا الهجرة الثانية:

- ‌الباء الموحدة

- ‌التاء المثناة

- ‌الجيم

- ‌الحاء المهملة

- ‌الخاء المعجمة

- ‌الراء

- ‌الزاي

- ‌السين المهملة

- ‌الشين المعجمة

- ‌الطاء المهملة

- ‌العين المهملة

- ‌الفاء

- ‌القاف

- ‌الميم

- ‌ الهاء

- ‌النون

- ‌الياء

- ‌الكنى

- ‌النساء

- ‌من ولد بأرض الحبشة

- ‌الباب العشرون في إرادة أبي بكر رضي الله عنه الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة

- ‌تنبيه في بيان غريب ما سبق

- ‌الباب الحادي والعشرون في نقض الصحيفة الظالمة

- ‌[تفسير الغريب]

- ‌الباب الثاني والعشرون في إسلام الطّفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثالث والعشرون في قصتي الأراشيّ والزّبيديّ اللذين ابتاع أبو جهل إبلهما

- ‌تفسير الغريب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الرابع والعشرون في وفد النصارى الذين أسلموا

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الخامس والعشرون في سبب نزول أول سورة «عبس»

- ‌تنبيهات

- ‌الباب السابع والعشرون في سبب نزول أول سورة الروم

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الثامن والعشرون في وفاة أبي طالب ومشي قريش إليه ليكف عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تنبيهات

- ‌الباب التاسع والعشرون في وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها

- ‌الباب الثلاثون في بعض ما لاقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش بعد موت أبي طالب

- ‌تفسير الغريب

- ‌الباب الحادي والثلاثون في سفر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف

- ‌تنبيهان

- ‌الباب الثاني والثلاثون في إسلام الجن

- ‌تنبيهات

- ‌الباب الثالث والثلاثون في عرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه الكريمة على القبائل ليؤووه وينصروه ودعائه الناس إلى التوحيد

- ‌تنبيه [في بيان غريب ما سبق]

- ‌الباب الرابع والثلاثون في خبر بعض المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف كان هلاكهم

- ‌الأول: الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن زهرة

- ‌الثاني: الحارث بن قيس السهمي

- ‌الثالث: الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى

- ‌الرابع: مالك بن الطّلاطلة

- ‌الخامس: العاصي بن وائل السهمي

- ‌السادس: الحكم بن أبي العاصي بن أمية

- ‌السابع: الوليد بن المغيرة:

- ‌الثامن: أبو لهب

- ‌تنبيه

- ‌تنبيه

- ‌تنبيهات

الفصل: ‌الثامن: أبو لهب

خلف النبي صلى الله عليه وسلم يحاكيه ويلمض فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فقال كذلك كن. فرجع إلى أهله فلبط به مغشيّا عليه شهرا ثم أفاق حين أفاق وهو كما يحاكي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

وهذا المبهم الظاهر أنه الحكم.

‌السابع: الوليد بن المغيرة:

قال البلاذري فمرّ الوليد برجل يقال له حرّاث- بفتح الحاء وتشديد الراء المهملتين- ابن عامر بن خزاعة، وهو الثّبت- وبعضهم يقول حرّاب بالحاء المهملة والباء الموحدة- وهو يريش نبلا له ويصلحها فوطئ على سهم منها فخدشته خدشا يسيرا، ويقال علق بإزاره فخدش ساقه خدشا خفيفا فأهوى إليه جبريل فانتفض الخدش وضربته الأكلة في رجله أو ساقه فمات.

‌الثامن: أبو لهب

،

وكان من أشد الناس عداوة للنبي صلى الله عليه وسلم.

قال البلاذريّ: وكان يطرح القذر والنتن على باب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فرآه حمزة بن عبد المطلب وقد طرح من ذلك شيئاً فأخذه وطرحه على رأسه، فجعل أبو لهب ينفض رأسه ويقول: صابئ أحمق. فأقصر عما كان يفعل، لكنه كان يدسّ من يفعله.

قال:

وروى ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كنت بين شرّ جارين، بين أبي لهب وعقبة بن أبي معيط، إن كانا ليأتيان بالفروث فيطرحانها على بابي.

قالت: وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: يا بني عبد مناف أيّ جوار هذا؟ ثم يميطه عن بابه.

قالوا: وبعث أبو لهب ابنه عتبة بشيء يؤذي به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسمعه يقرأ وَالنَّجْمِ إِذا هَوى [النجم: 1] فقال: أنا كافر برب النجم. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: سلط اللَّه عليك كلبا من كلابه، فخرج في تجارة فجاء الأسد وهو بين أصحابه نائم بحوران من أرض الشام فجعل يهمس ويشمّ حتى انتهى إليه فمضغه مضغة أتت عليه، فجعل يقول وهو بآخر رمق: ألم أقل لكم إن محمدا أصدق الناس؟! ثم مات.

قلت: صوابه عتيبة بالتصغير كما سيأتي بسط ذلك في أبواب إجابة دعواته.

ومات أبو لهب بداء يعرف- بالعدسة، كانت العرب تتشاءم به وتفرّ ممن ظهر به، فلما أصاب أبا لهب تركه أهله حتى مات ومكث مدة لا يدفن حتى خافوا العار فحفروا له حفرة فرموه فيها. كما سيأتي بيان ذلك.

وكانت امرأته أم جميل ابنة حرب تؤذي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كثيرا وهي حمالة الحطب، وإنما سماها اللَّه تعالى بذلك لأنها كانت تحمل الشوك فتطرحه بالليل على طريق

ص: 463

رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حيث يمرّ هو وأصحابه لتعقرهم بذلك، فبينا هي ذات يوم تحمل حزمة أعيت فقعدت على حجر تستريح أتاها ملك فجذبها من خلفها بالحبل الذي في عنقها فخنقها به.

وروى الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما نزلت وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ صعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على الصفا فجعل ينادي: يا بني فهر، يا بني عدي لبطون من قريش، حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا ينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ قالوا: نعم ما جربنا عليك إلا صدقا قال: فإن لكم نذير بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: تبّا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا

[ (1) ] ! فانزل اللَّه تعالى: بسم اللَّه الرحمن الرحيم تَبَّتْ خسرت. والتباب: الخسران المفضي إلى الهلاك يَدا أَبِي لَهَبٍ جملته وعبر عنها باليدين مجازا لأن أكثر الأفعال تداول بهما، وكني بأبي لهب لحسنه وجماله وإنما كناه لأنه كان مشتهرا بكنيته دون اسمه وقيل لأن اسمه عبد العزى فلا يناسب في القرآن عبديّة شخص إلى غير اللَّه تعالى وهذه الجملة دعاء وَتَبَّ خسر هو، وهذه خبر كقولهم أهلكه اللَّه وقد أهلكه.

ولمّا خوّفه النبي صلى الله عليه وسلم بالعذاب قال: إن كان ما يقول ابن أخي حقا فإني أفتدي منه بمالي وولدي فأنزل ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ وكسبه: أي ولده وأغنى بمعنى يغني سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ أي تلهّب وتوقد فهي مآل تكنيته وَامْرَأَتُهُ: عطف على ضمير يصلى سوّغه الفصل بالمفعول وصفته وهي أم جميل حَمَّالَةَ بالرفع الْحَطَبِ الشوك والسعدان تلقيه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم فِي جِيدِها عنقها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ أي ليف وهذه الجملة حال من حمالة الحطب الذي هو نعت المرأته أو خبر مبتدأ مقدر.

ولهذا مزيد بيان- في المعجزات.

وذكر البلاذري ممن كان يؤذي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أبو الأصداء وكان يقول لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إنما يعلمك أهل الكتاب أساطيرهم ويقول الناس هو معلّم مجنون فدعا عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فإنه لعلى جبل إذ اجتمعت عليه الأروى فنطحته حتى قتلته.

وذكر ابن إسحاق فيهم: أمية بن خلف الجمحي.

قال ابن إسحاق: وكان إذا رأى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم همزه ولمزه فأنزل اللَّه سبحانه وتعالى:

وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الَّذِي جَمَعَ مالًا وَعَدَّدَهُ.

[ (1) ] أخرجه البخاري 4/ 609 (4971) .

ص: 464

قال ابن هشام: الهمزة: الذي يشتم الرّجل علانية ويكسر عينه عليه ويغمز به وجعه همزات. واللّمزة: الذي يعيب الناس سرّا ويؤذيهم.

النضر بن الحارث.

قال ابن إسحاق: ابن كلدة بن علقمة.

قال الخشنيّ: والصواب علقمة بن كلدة.

كان إذا جلس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مجلسا فدعا فيه إلى اللَّه وتلا عليهم القرآن وحذّر قريشا ما أصاب الأمم الماضية خلفه في مجلسه إذا قام فحدّثهم عن ملوك الفرس، ثم يقول: واللَّه ما محمد بأحسن حديثا منّي، وما أحاديثه إلا أساطير الأولين اكتتبها كما اكتتبتها فأنزل اللَّه:

وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أكاذيبهم، جمع أسطورة بالضم اكْتَتَبَها انتسخها من القوم بغيره فَهِيَ تُمْلى تقرأ عَلَيْهِ ليحفظها بُكْرَةً وَأَصِيلًا غدوة وعشيا.

قال تعالى ردا عليهم: قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ الغيب فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً للمؤمنين رَحِيماً بهم.

قال ابن إسحاق: وجلس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوما فيما بلغني مع الوليد بن المغيرة في المسجد فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم وفي المجلس غير واحد من رجال قريش فتكلم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فعرض له النّضر فكلّمه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى أفحمه ثم تلا عليه وعليهم: إِنَّكُمْ يا أهل مكة وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أي غيره من الأوثان حَصَبُ جَهَنَّمَ وقودها أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ داخلون فيها لَوْ كانَ هؤُلاءِ الأوثان آلِهَةً كما زعمتم ما وَرَدُوها دخلوها وَكُلٌّ من العابدين والمعبودين فِيها خالِدُونَ لا خلاص لهم منها لَهُمْ للعابدين فِيها زَفِيرٌ صياح وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ [الأنبياء 98: 100] ثم قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأقبل عبد الله بن الزّبعرى- بزاي فباء موحدة مكسورتين فعين مهملة ساكنة فراء فألف مقصورة- وأسلم بعد ذلك، حتى جلس إليهم فقال الوليد بن المغيرة لعبد الله بن الزبعرى واللَّه ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب آنفا وما قعد وقد زعم محمد أنّا وما نعبد من- آلهتنا هذه حصب جهنم. فقال عبد الله: أما والله ولو وجدته لخصمته فسلوا محمدا أكلّ ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده؟ فنحن نعبد الملائكة واليهود تعبد عزيرا والنصارى تعبد عيسى ابن مريم. فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله ورأوا أنه قد احتجّ وخاصم.

فذكر ذلك لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: كل من أحب أن يعبد من دون اللَّه فهو مع من عبده، إنهم إنما يعبدون الشياطين ومن أمرتهم بعبادته.

فانزل اللَّه تعالى: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا المنزلة الْحُسْنى وهي السعادة أو

ص: 465