المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تقسيم اللفظ المركب] - البحر المحيط في أصول الفقه - ط الكتبي - جـ ٢

[بدر الدين الزركشي]

فهرس الكتاب

- ‌[خِطَابُ الْوَضْعِ]

- ‌ السَّبَبِ

- ‌[مَسْأَلَةٌ لِلْأَسْبَابِ أَحْكَامٌ تُضَافُ إلَيْهَا]

- ‌[الْمَانِعُ]

- ‌[أَقْسَامُ الْمَانِعِ]

- ‌[مَسْأَلَة الصِّحَّة وَالْفَسَادِ]

- ‌[الصِّحَّةُ فِي الْعِبَادَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَقَائِقُ الشَّرْعِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَاهِيَّاتِ مِنْ عِبَادَةٍ وَعَقْدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الصِّحَّةُ لَا تَسْتَلْزِمُ الثَّوَابَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثَوَابُ الصَّلَاةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْزَاءُ هُوَ الِاكْتِفَاءُ بِالْفِعْلِ فِي سُقُوطِ الْأَمْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجَائِزُ مَا وَافَقَ الشَّرِيعَةَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يُقَابِلُ الصِّحَّةَ الْبُطْلَانُ]

- ‌[التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الرُّخْصَةُ وَالْعَزِيمَةُ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي مَدْلُولِهِمَا]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي الرُّخْصَة مِنْ أَيِّ الْخِطَابَيْنِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ أَقْسَامِ الرُّخْصَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَدَاءُ وَالْقَضَاءُ وَالْإِعَادَةُ]

- ‌[فَرْعٌ تَأْخِيرُ الْمَأْمُورِ بِهِ هَلْ يَكُونُ قَضَاءً]

- ‌[فَائِدَةٌ الْعِبَادَةُ الَّتِي تَقَعُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَتَكُونُ أَدَاءً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الْبَقَاءِ]

- ‌[التَّكْلِيفُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ حَسَنٌ فِي الْعُقُولِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ هَلْ يَكُونُ مُعْتَبَرًا بِالْأَصْلَحِ]

- ‌ الْمُكَلَّفِ

- ‌[فَرْعٌ تَكْلِيفُ مَنْ أَحُيِيَ بَعْدَ مَوْتِهِ]

- ‌[فُرُوعٌ الِانْشِغَالُ عَنْ الصَّلَاةِ بِلَعِبِ الشِّطْرَنْجِ]

- ‌[تَكْلِيف السَّكْرَان]

- ‌[التَّكْلِيفُ حَالَةَ الْإِكْرَاهِ عَلَى قِسْمَيْنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ بِالْفِعْلِ الَّذِي يَنْتَفِي شَرْطُ وُقُوعِهِ عِنْدَ وَقْتِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَعْدُومُ الَّذِي تَعَلَّقَ الْعِلْمُ بِوُجُودِهِ مَأْمُورٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُكَلَّفِ الْحُرِّيَّةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دُخُولُ الذُّكُورِ فِي الْإِنَاثِ فِي الْخِطَابِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكْلِيفُ الْجِنِّ]

- ‌[الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمُكَلَّفُ بِهِ]

- ‌[جَوَازُ تَكْلِيفِ الْمُحَالِ]

- ‌[وُقُوعُ التَّكَلُّفِ بِالْمُحَالِ]

- ‌[التَّكْلِيفُ بِمَا عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثُبُوتُ الْوُجُوبِ فِي الذِّمَّةِ لَا يُشْتَرَطْ فِيهِ الْإِمْكَانُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ خِطَابُ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْأَوَّلُ اسْتِحَالَةُ مُخَاطَبَةِ الْكَافِرِ بِإِنْشَاءِ فَرْعٍ عَلَى الصِّحَّةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الثَّانِي هَلْ يُخَاطَبُ الْكَافِرُ بِالْفُرُوعِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ اسْتِثْنَاءُ بَعْضِ الصُّوَرِ مِنْ تَكْلِيفُ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الرَّابِعُ سُقُوط حَقّ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ الْكَافِر إذَا أَسْلَمَ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْخَامِسُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي خِطَابِ التَّكْلِيفِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ السَّادِسُ حُصُولُ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ هَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي التَّكْلِيفِ]

- ‌[التَّنْبِيه السَّابِعُ الْإِمْكَانَ الْمُشْتَرِطَ فِي التَّكْلِيفِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ نَاجِزًا]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْحَادِيَ عَشَرَ قُرَبُ الْكُفَّارِ]

- ‌[جُنُونُ الْكَافِرِ قَبْلَ الْبُلُوغِ يَرْفَعُ عَنْهُ الْقَلَمَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ هَلْ يَتَوَجَّهُ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْفِعْلِ أَوْ قَبْلَهَا]

- ‌[تَقَدَّمَ الْأَمْرُ عَلَى وَقْتِ الْمَأْمُورِ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النِّيَابَةُ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِلتَّكْلِيفِ]

- ‌[مَبَاحِثُ الْكِتَابِ] [

- ‌تَعْرِيفُ الْقُرْآنِ]

- ‌[الْإِعْجَازُ فِي قِرَاءَةِ كَلَامِ اللَّهِ]

- ‌[إنْزَالُ الْقُرْآنِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ]

- ‌[الْأَلْفَاظُ غَيْرُ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُحْكَمُ وَالْمُتَشَابِهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وُرُودُ الْمُهْمَلِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا زَائِدَ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دَلَالَةُ الْكَلَامِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ]

- ‌[بَقَاءُ الْمُجْمَلِ فِي الْقُرْآنِ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّصُّ وَالظَّاهِرُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقِرَاءَاتُ السَّبْعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَيْسَتْ الْقِرَاءَاتُ اخْتِيَارِيَّةً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْبَسْمَلَةُ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ]

- ‌[مَبَاحِثُ اللُّغَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُفْرَدَاتُ مَوْضُوعَةٌ]

- ‌[الْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعُ]

- ‌[الْمَوْضُوعُ لَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَضْعُ اللَّفْظِ الْمَشْهُورِ فِي مَعْنًى خَفِيٍّ جِدًّا]

- ‌[مَعْنَى التَّوْقِيفِ]

- ‌[الْأَسْمَاءُ الَّتِي عَلَّمَهَا اللَّهُ آدَمَ]

- ‌[فَائِدَةٌ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَوْقِيفِيَّةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لِسَانُ الْعَرَبِ أَوْسَعُ الْأَلْسِنَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الِاحْتِجَاجُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثُبُوتُ اللُّغَةِ بِالْقِيَاسِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَغْيِيرُ الْأَلْفَاظِ اللُّغَوِيَّةِ]

- ‌[ثُبُوتُ الِاسْمِ الشَّرْعِيِّ بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[الْمُنَاسَبَةُ فِي الْوَضْعِ]

- ‌[تَقْسِيمُ الْأَلْفَاظِ تَقْسِيمُ الدَّلَالَةِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ وَالتَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ]

- ‌[أَقْسَامُ اللَّازِمِ]

- ‌[الْمُلَازَمَةُ الذِّهْنِيَّةُ شَرْطٌ فِي الدَّلَالَةِ الِالْتِزَامِيَّةِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ لَفْظِيَّةٌ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ قَدْ تَنْفَكُّ عَنْ التَّضَمُّنِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ]

- ‌[دَلَالَةُ الِاسْتِدْعَاءِ]

- ‌[انْقِسَامُ الْمُفْرَدِ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ]

- ‌[الْكُلِّيُّ وَالْجُزْئِيُّ]

- ‌[الطَّبِيعِيُّ وَالْمَنْطِقِيُّ وَالْعَقْلِيُّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ الْكُلِّيِّ وَالْكُلِّ]

- ‌[أَقْسَامُ الْكُلِّيِّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَرَضِيِّ اللَّازِمِ وَالذَّاتِيِّ]

- ‌[الْجُزْئِيُّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ عَلَمِ الْجِنْسِ وَعَلَمِ الشَّخْصِ وَاسْمِ الْجِنْس]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِسْبَةِ الْأَسْمَاءِ إلَى الْمُسَمَّيَاتِ]

- ‌[تَقْسِيمُ اللَّفْظِ الْمُرَكَّبِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْكَلَامِ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَعْنَى]

- ‌[خَاتِمَةٌ فِي أَمْرَيْنِ يَتَعَيَّنُ الِاهْتِمَامُ بِهِمَا]

- ‌[مَبَاحِثُ الِاشْتِقَاقِ]

- ‌[حَدّ الِاشْتِقَاق]

- ‌[فَائِدَةُ الِاشْتِقَاق]

- ‌[تَقْسِيم الِاشْتِقَاق]

- ‌[أَرْكَان الِاشْتِقَاق]

- ‌[أَقْسَام الِاشْتِقَاق]

- ‌[مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ فِي اشْتِقَاقِ الْأَفْعَالِ مِنْ الْمَصَادِرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ شَرْطُ صِدْقِ الْمُشْتَقِّ صِدْقُ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاشْتِقَاقُ مِنْ الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالشَّيْءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دَلَالَةُ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَقَّةِ]

- ‌[مَبَاحِثُ التَّرَادُفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ تَرَادُفٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي سَبَبِ التَّرَادُفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّرَادُفُ خِلَافُ الْأَصْلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اللُّغَاتُ مَا عَدَا الْعَرَبِيَّةَ سَوَاءٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَرَادُفُ الْحَدِّ وَالْمَحْدُودِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِتْبَاعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّأْكِيدُ وَاقِعٌ فِي اللُّغَةِ]

- ‌[هَلْ التَّأْكِيدُ حَقِيقَةٌ أَمْ مَجَازٌ]

- ‌[مَسْأَلَةُ التَّأْكِيدُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ]

- ‌[أَقْسَامُ التَّأْكِيدِ]

- ‌[مَبَاحِثُ الْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعِلْمُ بِكَوْنِ اللَّفْظِ مُشْتَرَكًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي حَقِيقَةِ وُقُوعِ الْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُشْتَرَكُ خِلَافُ الْغَالِبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اللَّفْظُ الْمُشْتَرَكُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُشْتَرَكُ لَهُ مَفْهُومَانِ فَصَاعِدًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَجَرُّدُ الْمُشْتَرَكِ مِنْ الْقَرِينَةِ]

- ‌[اقْتِرَانُ الْقَرِينَةِ بِالْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي حُكْمِ الْمُشْتَرَك بِالنِّسْبَةِ إلَى مَعْنَيَيْهِ أَوْ مَعَانِيهِ]

- ‌[تَنْبِيه الْخِلَافَ فِي حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعَانِيهِ]

- ‌[اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اتِّفَاقُ اللَّفْظَيْنِ وَاخْتِلَافُ الْمَعْنَيَيْنِ]

الفصل: ‌[تقسيم اللفظ المركب]

[تَقْسِيمُ اللَّفْظِ الْمُرَكَّبِ]

وَهُوَ إمَّا تَامٌّ أَوْ غَيْرُ تَامٍّ، فَأَمَّا التَّامُّ فَهُوَ الَّذِي يَحْسُنُ السُّكُوتُ عَلَيْهِ، وَيُسَمَّى كَلَامًا. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَجُمْلَةٌ، وَالصَّوَابُ: أَنَّ الْجُمْلَةَ أَعَمُّ مِنْ الْكَلَامِ، لِأَنَّ شَرْطَ الْكَلَامِ الْإِفَادَةُ بِخِلَافِ الْجُمْلَةِ، وَلِهَذَا يَقُولُونَ: جُمْلَةُ الشَّرْطِ جُمْلَةُ الْجَوَابِ، وَهُوَ لَيْسَ بِمُفِيدٍ، فَلَيْسَ كَلَامًا.

وَقَالَ: ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: شَرَطَ قَوْمٌ مِنْ النُّحَاةِ أَنْ يَكُونَ مُفِيدًا لِلسَّامِعِ فَائِدَةً غَيْرَ مَعْلُومَةٍ لَهُ. وَالصَّوَابُ: حُصُولُ حَقِيقَةِ الْكَلَامِ بِمُجَرَّدِ الْإِسْنَادِ الَّذِي يَصِحُّ السُّكُوتُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ تَكُونَ الْقَضَايَا الْبَدِيهِيَّةُ كُلُّهَا لَيْسَتْ كَلَامًا، وَهُوَ بَاطِلٌ، لِوُجُوبِ انْتِهَاءِ جَمِيعِ الدَّلَائِلِ إلَيْهَا وَحَكَى ابْنُ فَارِسٍ عَنْ بَعْضِهِمْ: أَنَّ الْمُهْمَلَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ كَلَامٌ، وَخَطَّأَهُ.

قَالَ: وَأَهْلُ اللُّغَةِ لَمْ يَذْكُرُوهُ فِي أَقْسَامِ الْكَلَامِ.

وَحَكَى بَعْضُ شُرَّاحِ اللُّمَعِ " أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ حَكَى فِي كِتَابِهِ الْإِرْشَادِ وَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا فِي أَنَّ الْمُهْمَلَ كَلَامٌ أَوْ لَا؟ قَالَ: وَالْأَشْبَهُ أَنْ يُسَمَّى كَلَامًا مَجَازًا، وَلَا يَتَأَلَّفُ الْكَلَامُ إلَّا مِنْ اسْمَيْنِ، أَوْ اسْمٍ وَفِعْلٍ، إمَّا مَلْفُوظٌ بِهِ كَقَامَ زَيْدٌ أَوْ مُقَدَّرٌ كَ " يَا زَيْدُ "، فَإِنَّ حَرْفَ النِّدَاءِ فِي تَقْدِيرِ الْفِعْلِ، وَهُوَ أَدْعُو زَيْدًا. وَاعْتُرِضَ عَلَى هَذَا بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَاحْتَمَلَ التَّكْذِيبَ وَالتَّصْدِيقَ، وَسَنَذْكُرُ جَوَابُهُ. وَزَادَ بَعْضُهُمْ تَرْكِيبَ الْحُرُوفِ مَعَ مَا هُوَ فِي تَقْدِيرِ الِاسْمِ نَحْوَ، أَمَا

ص: 301

أَنَّك ذَاهِبٌ بِفَتْحِ " أَنَّ "، وَزَعَمَ ابْنُ خَرُوفٍ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ يَا زَيْدُ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي عَلِيٍّ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ " أَنَّ " وَإِنْ كَانَ فِي تَقْدِيرِ مُفْرَدٍ، فَإِنَّ فِي الْكَلَامِ مُسْنَدًا وَمُسْنَدًا إلَيْهِ، وَجَوَّزَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ ائْتِلَافَهُ مِنْ فِعْلٍ وَحَرْفٍ نَحْوَ قَدْ قَامَ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يُفِيدُ لِتَصَوُّرِ ضَمِيرٍ فِي الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ فِي " قَامَ "، فَيَكُونُ الْمَعْنَى قَدْ قَامَ فُلَانٌ. وَاشْتَرَطَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ نَاطِقٍ وَاحِدٍ، فَلَوْ اصْطَلَحَ اثْنَانِ عَلَى أَنْ يَذْكُرَ أَحَدُهُمَا فِعْلًا أَوْ مُبْتَدَأً، وَالْآخَرُ فَاعِلُ ذَلِكَ الْفِعْلِ أَوْ خَبَرُ ذَلِكَ الْمُبْتَدَأِ، فَلَيْسَ بِكَلَامٍ، وَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى فِي الْكَلَامِ عَلَى تَخْصِيصِ الْعَامِّ هَلْ يُغَيِّرُ صِفَتَهُ؟ وَرَدَّ ابْنُ مَالِكٍ ذَلِكَ، وَقَالَ: الْمَجْمُوعُ كَلَامٌ، لِاشْتِمَالِهِ عَلَى حَدِّهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ النَّاطِقِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْكَاتِبِ فِي كَوْنِ الْخَطِّ خَطًّا ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمُتَكَلِّمُونَ فِيهِ فِي مَوَاضِعَ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ هَلْ يُحَدُّ؟ فَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ، وَقَالَ إنَّمَا يُبَيَّنُ بِالتَّفْصِيلِ، لِأَنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْخَبَرِ وَالِاسْتِخْبَارِ، وَلَا عِبَارَةَ تُحِيطُ بِذَلِكَ إلَّا بِتَطْوِيلٍ يُصَانُ الْحَدُّ عَنْهُ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ يُحَدُّ، وَلِلْقَاضِي فِيهِ قَوْلَانِ، وَاسْتَقَرَّ رَأْيُهُ عَلَى أَنَّهُ يُحَدُّ كَالْعَلَمِ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقَالَ الْأَشْعَرِيُّ: مَا أُوجِبَ لِمَحَلِّ كَوْنِهِ مُتَكَلِّمًا، وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ: الْقَوْلُ الْقَائِمُ بِالنَّفْسِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْعِبَارَاتُ، وَزُيِّفَ بِأَنَّ الْكَلَامَ هُوَ الْقَوْلُ فَكَيْفَ يُحَدُّ الشَّيْءُ بِنَفْسِهِ؟ وَقَوْلُهُ: الْقَائِمُ بِالنَّفْسِ مَجَازٌ، فَإِنَّ الْقَائِمَ مِنْ صِفَاتِ الْعُقَلَاءِ، ثُمَّ إنَّ الدَّلَالَةَ لَا تَسْتَقِلُّ بِهَا الْأَلْفَاظُ، بَلْ لَا بُدَّ مَعَهَا مِنْ قَرِينَةٍ.

ص: 302

الثَّانِي: اخْتَلَفُوا وَهَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي اللِّسَانِيِّ أَوْ النَّفْسَانِيِّ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ تَقَدَّمَتْ مَحْكِيَّةً عَنْ الْأَشْعَرِيِّ، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ، وَالْمُخْتَارُ الثَّانِي. وَيَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَتَانِ:

إحْدَاهُمَا: أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا مُبْطِلٌ، فَلَوْ نَظَرَ الْمُصَلِّي فِي مَكْتُوبٍ غَيْرِ قُرْآنٍ وَرَدَّدَ مَا فِيهِ فِي نَفْسِهِ لَمْ تَبْطُلْ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ إنْ طَالَ، حَكَاهُ ابْنُ كَجٍّ عَنْ النَّصِّ.

الثَّانِي: إذَا حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ فَتَكَلَّمَ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَاطِبَ أَحَدًا أَوْ صَلَّى وَسَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ هَلْ يَحْنَثُ؟ قَالَ الْخُوَارِزْمِيُّ فِي الْكَافِي: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:

أَحَدَهُمَا: لَا يَحْنَثُ وَيُحْمَلُ عَلَى الْكَلَامِ الْمُتَعَارَفِ بَيْنَ النَّاسِ. قَالَ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَحْنَثُ، لِأَنَّهُ كَلَامٌ حَقِيقَةً. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يُفَرِّعْ أَئِمَّتُنَا عَلَى الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ وَلَا اعْتَبَرُوهُ بِمُجَرَّدِهِ فِي إثْبَاتِ الْعُقُودِ وَلَا فِي فَسْخِهَا، وَلَمْ يُوقِعُوا الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ بِالنِّيَّةِ، وَإِنْ صَمَّمَ عَلَيْهَا بِقَلْبِهِ لِأَنَّ النِّيَّةَ غَيْرُ الْمَنْوِيِّ، فَلَا يَسْتَلْزِمُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ» وَوَجْهُ اخْتِلَافِ قَوْلِ الْأَصْحَابِ فِيمَا لَوْ حَرَّكَ لِسَانَهُ بِالطَّلَاقِ، وَلَمْ يَرْفَعْ صَوْتَهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ السَّمِيعُ بِنَفْسِهِ، أَنَّ تَحْرِيكَ اللِّسَانِ نُطْقٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يَثْبُتُوا لَهُ حُكْمَ الْكَلَامِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا لَمْ يَجْعَلُوهُ قِرَاءَةً إذَا لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ وَلِأَنَّ الْعُقُودَ الْمُفْتَقِرَةَ إلَى الْإِشْهَادِ تَفْتَقِرُ إلَى سَمَاعِ الشَّاهِدِ وَطَرِيقِ الصَّوْتِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 303