المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[المبحث الأول في مدلولهما] - البحر المحيط في أصول الفقه - ط الكتبي - جـ ٢

[بدر الدين الزركشي]

فهرس الكتاب

- ‌[خِطَابُ الْوَضْعِ]

- ‌ السَّبَبِ

- ‌[مَسْأَلَةٌ لِلْأَسْبَابِ أَحْكَامٌ تُضَافُ إلَيْهَا]

- ‌[الْمَانِعُ]

- ‌[أَقْسَامُ الْمَانِعِ]

- ‌[مَسْأَلَة الصِّحَّة وَالْفَسَادِ]

- ‌[الصِّحَّةُ فِي الْعِبَادَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَقَائِقُ الشَّرْعِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَاهِيَّاتِ مِنْ عِبَادَةٍ وَعَقْدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الصِّحَّةُ لَا تَسْتَلْزِمُ الثَّوَابَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثَوَابُ الصَّلَاةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْزَاءُ هُوَ الِاكْتِفَاءُ بِالْفِعْلِ فِي سُقُوطِ الْأَمْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجَائِزُ مَا وَافَقَ الشَّرِيعَةَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يُقَابِلُ الصِّحَّةَ الْبُطْلَانُ]

- ‌[التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الرُّخْصَةُ وَالْعَزِيمَةُ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي مَدْلُولِهِمَا]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي الرُّخْصَة مِنْ أَيِّ الْخِطَابَيْنِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ أَقْسَامِ الرُّخْصَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَدَاءُ وَالْقَضَاءُ وَالْإِعَادَةُ]

- ‌[فَرْعٌ تَأْخِيرُ الْمَأْمُورِ بِهِ هَلْ يَكُونُ قَضَاءً]

- ‌[فَائِدَةٌ الْعِبَادَةُ الَّتِي تَقَعُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَتَكُونُ أَدَاءً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الْبَقَاءِ]

- ‌[التَّكْلِيفُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ حَسَنٌ فِي الْعُقُولِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ هَلْ يَكُونُ مُعْتَبَرًا بِالْأَصْلَحِ]

- ‌ الْمُكَلَّفِ

- ‌[فَرْعٌ تَكْلِيفُ مَنْ أَحُيِيَ بَعْدَ مَوْتِهِ]

- ‌[فُرُوعٌ الِانْشِغَالُ عَنْ الصَّلَاةِ بِلَعِبِ الشِّطْرَنْجِ]

- ‌[تَكْلِيف السَّكْرَان]

- ‌[التَّكْلِيفُ حَالَةَ الْإِكْرَاهِ عَلَى قِسْمَيْنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ بِالْفِعْلِ الَّذِي يَنْتَفِي شَرْطُ وُقُوعِهِ عِنْدَ وَقْتِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَعْدُومُ الَّذِي تَعَلَّقَ الْعِلْمُ بِوُجُودِهِ مَأْمُورٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُكَلَّفِ الْحُرِّيَّةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دُخُولُ الذُّكُورِ فِي الْإِنَاثِ فِي الْخِطَابِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكْلِيفُ الْجِنِّ]

- ‌[الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمُكَلَّفُ بِهِ]

- ‌[جَوَازُ تَكْلِيفِ الْمُحَالِ]

- ‌[وُقُوعُ التَّكَلُّفِ بِالْمُحَالِ]

- ‌[التَّكْلِيفُ بِمَا عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثُبُوتُ الْوُجُوبِ فِي الذِّمَّةِ لَا يُشْتَرَطْ فِيهِ الْإِمْكَانُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ خِطَابُ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْأَوَّلُ اسْتِحَالَةُ مُخَاطَبَةِ الْكَافِرِ بِإِنْشَاءِ فَرْعٍ عَلَى الصِّحَّةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الثَّانِي هَلْ يُخَاطَبُ الْكَافِرُ بِالْفُرُوعِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ اسْتِثْنَاءُ بَعْضِ الصُّوَرِ مِنْ تَكْلِيفُ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الرَّابِعُ سُقُوط حَقّ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ الْكَافِر إذَا أَسْلَمَ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْخَامِسُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي خِطَابِ التَّكْلِيفِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ السَّادِسُ حُصُولُ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ هَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي التَّكْلِيفِ]

- ‌[التَّنْبِيه السَّابِعُ الْإِمْكَانَ الْمُشْتَرِطَ فِي التَّكْلِيفِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ نَاجِزًا]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْحَادِيَ عَشَرَ قُرَبُ الْكُفَّارِ]

- ‌[جُنُونُ الْكَافِرِ قَبْلَ الْبُلُوغِ يَرْفَعُ عَنْهُ الْقَلَمَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ هَلْ يَتَوَجَّهُ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْفِعْلِ أَوْ قَبْلَهَا]

- ‌[تَقَدَّمَ الْأَمْرُ عَلَى وَقْتِ الْمَأْمُورِ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النِّيَابَةُ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِلتَّكْلِيفِ]

- ‌[مَبَاحِثُ الْكِتَابِ] [

- ‌تَعْرِيفُ الْقُرْآنِ]

- ‌[الْإِعْجَازُ فِي قِرَاءَةِ كَلَامِ اللَّهِ]

- ‌[إنْزَالُ الْقُرْآنِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ]

- ‌[الْأَلْفَاظُ غَيْرُ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُحْكَمُ وَالْمُتَشَابِهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وُرُودُ الْمُهْمَلِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا زَائِدَ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دَلَالَةُ الْكَلَامِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ]

- ‌[بَقَاءُ الْمُجْمَلِ فِي الْقُرْآنِ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّصُّ وَالظَّاهِرُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقِرَاءَاتُ السَّبْعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَيْسَتْ الْقِرَاءَاتُ اخْتِيَارِيَّةً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْبَسْمَلَةُ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ]

- ‌[مَبَاحِثُ اللُّغَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُفْرَدَاتُ مَوْضُوعَةٌ]

- ‌[الْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعُ]

- ‌[الْمَوْضُوعُ لَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَضْعُ اللَّفْظِ الْمَشْهُورِ فِي مَعْنًى خَفِيٍّ جِدًّا]

- ‌[مَعْنَى التَّوْقِيفِ]

- ‌[الْأَسْمَاءُ الَّتِي عَلَّمَهَا اللَّهُ آدَمَ]

- ‌[فَائِدَةٌ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَوْقِيفِيَّةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لِسَانُ الْعَرَبِ أَوْسَعُ الْأَلْسِنَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الِاحْتِجَاجُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثُبُوتُ اللُّغَةِ بِالْقِيَاسِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَغْيِيرُ الْأَلْفَاظِ اللُّغَوِيَّةِ]

- ‌[ثُبُوتُ الِاسْمِ الشَّرْعِيِّ بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[الْمُنَاسَبَةُ فِي الْوَضْعِ]

- ‌[تَقْسِيمُ الْأَلْفَاظِ تَقْسِيمُ الدَّلَالَةِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ وَالتَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ]

- ‌[أَقْسَامُ اللَّازِمِ]

- ‌[الْمُلَازَمَةُ الذِّهْنِيَّةُ شَرْطٌ فِي الدَّلَالَةِ الِالْتِزَامِيَّةِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ لَفْظِيَّةٌ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ قَدْ تَنْفَكُّ عَنْ التَّضَمُّنِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ]

- ‌[دَلَالَةُ الِاسْتِدْعَاءِ]

- ‌[انْقِسَامُ الْمُفْرَدِ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ]

- ‌[الْكُلِّيُّ وَالْجُزْئِيُّ]

- ‌[الطَّبِيعِيُّ وَالْمَنْطِقِيُّ وَالْعَقْلِيُّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ الْكُلِّيِّ وَالْكُلِّ]

- ‌[أَقْسَامُ الْكُلِّيِّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَرَضِيِّ اللَّازِمِ وَالذَّاتِيِّ]

- ‌[الْجُزْئِيُّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ عَلَمِ الْجِنْسِ وَعَلَمِ الشَّخْصِ وَاسْمِ الْجِنْس]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِسْبَةِ الْأَسْمَاءِ إلَى الْمُسَمَّيَاتِ]

- ‌[تَقْسِيمُ اللَّفْظِ الْمُرَكَّبِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْكَلَامِ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَعْنَى]

- ‌[خَاتِمَةٌ فِي أَمْرَيْنِ يَتَعَيَّنُ الِاهْتِمَامُ بِهِمَا]

- ‌[مَبَاحِثُ الِاشْتِقَاقِ]

- ‌[حَدّ الِاشْتِقَاق]

- ‌[فَائِدَةُ الِاشْتِقَاق]

- ‌[تَقْسِيم الِاشْتِقَاق]

- ‌[أَرْكَان الِاشْتِقَاق]

- ‌[أَقْسَام الِاشْتِقَاق]

- ‌[مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ فِي اشْتِقَاقِ الْأَفْعَالِ مِنْ الْمَصَادِرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ شَرْطُ صِدْقِ الْمُشْتَقِّ صِدْقُ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاشْتِقَاقُ مِنْ الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالشَّيْءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دَلَالَةُ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَقَّةِ]

- ‌[مَبَاحِثُ التَّرَادُفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ تَرَادُفٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي سَبَبِ التَّرَادُفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّرَادُفُ خِلَافُ الْأَصْلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اللُّغَاتُ مَا عَدَا الْعَرَبِيَّةَ سَوَاءٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَرَادُفُ الْحَدِّ وَالْمَحْدُودِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِتْبَاعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّأْكِيدُ وَاقِعٌ فِي اللُّغَةِ]

- ‌[هَلْ التَّأْكِيدُ حَقِيقَةٌ أَمْ مَجَازٌ]

- ‌[مَسْأَلَةُ التَّأْكِيدُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ]

- ‌[أَقْسَامُ التَّأْكِيدِ]

- ‌[مَبَاحِثُ الْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعِلْمُ بِكَوْنِ اللَّفْظِ مُشْتَرَكًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي حَقِيقَةِ وُقُوعِ الْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُشْتَرَكُ خِلَافُ الْغَالِبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اللَّفْظُ الْمُشْتَرَكُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُشْتَرَكُ لَهُ مَفْهُومَانِ فَصَاعِدًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَجَرُّدُ الْمُشْتَرَكِ مِنْ الْقَرِينَةِ]

- ‌[اقْتِرَانُ الْقَرِينَةِ بِالْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي حُكْمِ الْمُشْتَرَك بِالنِّسْبَةِ إلَى مَعْنَيَيْهِ أَوْ مَعَانِيهِ]

- ‌[تَنْبِيه الْخِلَافَ فِي حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعَانِيهِ]

- ‌[اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اتِّفَاقُ اللَّفْظَيْنِ وَاخْتِلَافُ الْمَعْنَيَيْنِ]

الفصل: ‌[المبحث الأول في مدلولهما]

وَالْمُنَاقَضَةُ وَالْفُحْشُ وَالْغَلَطُ، قَالَ: وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ خَارِجَةٌ عَنْ الْأُصُولِ فَمَنْ صَارَ إلَيْهَا فَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَالْخَامِسُ يُسَمَّى الْخَطَأُ، فَعَلَيْهِ تَدُورُ الْمُنَاظَرَاتُ، وَإِلَيْهِ يُقْصَدُ بِالْمُطَالَبَاتِ.

قَالَ: فَالْإِحَالَةُ: مَا دَفَعَهُ الْحِسُّ، وَالْمُنَاقَضَةُ: مَا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالِاخْتِلَافِ، وَالْفُحْشُ: مَا يَسْتَقْبِحُهُ الْعَقْلُ، وَالْغَلَطُ: مَا طَرَحَهُ الْمُسْلِمُونَ، وَالْخَطَأُ: كُلُّ مُتَلَبِّسٍ قَامَ فَسَادُهُ دَلِيلٌ.

وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ: حَدُّ الْمُحَالِ كُلُّ جُمْلَةٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا غَرَضٌ وَلَا فَائِدَةٌ قَالَ: وَإِنَّمَا يُطْلِقُهُ أَهْلُ الشَّرِيعَةِ عَلَى فِعْلٍ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ شَرْطٍ أَوْ وَصْفٍ يَنْضَمُّ إلَيْهِ حَتَّى يَعْتَدَّ بِهِ فَإِذَا فَعَلَهُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الشَّرْطِ يُقَالُ: هَذَا فِعْلٌ مُحَالٌ فَيُقَالُ: الصَّلَاةُ بِلَا طَهَارَةٍ مُحَالٌ، وَالْبَيْعُ بِلَا ثَمَنٍ مُحَالٌ، وَالصَّوْمُ بِاللَّيْلِ مُحَالٌ. انْتَهَى.

[مَسْأَلَةٌ الرُّخْصَةُ وَالْعَزِيمَةُ]

[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي مَدْلُولِهِمَا]

الْحُكْمُ يُوصَفُ بِالْعَزِيمَةِ وَالرُّخْصَةِ وَفِيهِمَا مَبَاحِثُ:

[الْمَبْحَثُ] الْأَوَّلُ

فِي مَدْلُولِهِمَا. الْعَزِيمَةُ

أَمَّا الْعَزِيمَةُ فَهِيَ لُغَةً: الْقَصْدُ الْمُؤَكَّدُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: 115]

ص: 29

وَشَرْعًا: عِبَارَةٌ عَنْ الْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ السَّالِمِ مُوجِبُهُ عَنْ الْمُعَارِضِ، كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مِنْ الْعِبَادَاتِ، وَمَشْرُوعِيَّةِ الْبَيْعِ وَغَيْرِهَا مِنْ التَّكَالِيفِ.

قِيلَ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْإِبَاحَةَ حَيْثُ لَا يَقُومُ دَلِيلُ الْمَنْعِ عَزِيمَةٌ، وَهُوَ لَا يُطَابِقُ الْوَضْعَ اللُّغَوِيَّ، وَلَا الِاصْطِلَاحَ الْفِقْهِيَّ، فَإِنَّهُ فِي اللُّغَةِ يَدُلُّ عَلَى التَّأْكِيدِ وَالْجَزْمِ كَمَا يُقَالُ عَزَمْت عَلَيْك بِكَذَا وَكَذَا، وَلِهَذَا يُقَابِلُونَهُ بِمَا فِيهِ تَرْخِيصٌ، وَالْإِبَاحَةُ بِمُجَرَّدِهَا لَيْسَ فِيهَا هَذَا الْمَعْنَى.

وَفِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ وَالْآمِدِيَّ مَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَهَا بِالْوَاجِبَاتِ فَإِنَّهُمَا قَالَا: مَا لَزِمَ الْعِبَادَ بِإِلْزَامِ اللَّهِ تَعَالَى. أَيْ بِإِيجَابِهِ.

وَلَيْسَ كَمَا قَالَا، فَإِنَّهَا تُذْكَرُ فِي مُقَابَلَةِ الرُّخْصَةِ، وَالرُّخْصَةُ تَكُونُ فِي الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ، فَكَذَلِكَ مَا يُقَابِلُهَا، وَمِثَالُ دُخُولِ الْإِبَاحَةِ فِيهَا قَوْلُهُمْ:" ص " مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، وَدُخُولُ الْحَرَامِ تَحْرِيمُ الْمَيْتَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَخْمَصَةِ هُوَ عَزِيمَةٌ، لِأَنَّ حُكْمَهَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ خَلَا عَنْ الْمُعَارِضِ، فَإِذَا وُجِدَتْ الْمَخْمَصَةُ حَصَلَ الْمُعَارِضُ لِدَلِيلِ التَّحْرِيمِ، وَهُوَ رَاجِحٌ عَلَيْهِ حِفْظًا لِلنَّفْسِ، فَجَازَ الْأَكْلُ.

قَالَ أَصْحَابُنَا: تَرْكُ الصَّلَاةِ فِي حَقِّ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ عَزِيمَةٌ.

ص: 30

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَإِنَّمَا كَانَ عَزِيمَةً لِكَوْنِهَا مُكَلِّفَةً بِتَرْكِهَا، وَمُقْتَضَى الدَّلِيلِ أَنَّ مَنْ كُلِّفَ بِتَرْكِ شَيْءٍ لَمْ يُكَلَّفْ بِفِعْلِهِ فِي حَالِ تَكْلِيفِهِ بِتَرْكِهِ، وَأَمَّا الْقَضَاءُ فَإِنَّمَا يَجِبُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ، وَلَمْ يَرِدْ.

الرُّخْصَةُ

وَأَمَّا الرُّخْصَةُ فَهِيَ لُغَةً: الْيُسْرُ وَالسُّهُولَةُ، وَمِنْهُ رَخُصَ السِّعْرُ إذَا تَرَاجَعَ وَسَهُلَ الشِّرَاءُ، وَفِيهَا لُغَاتٌ ثَلَاثٌ: رُخُصَةٌ بِضَمِّ الرَّاءِ وَالْخَاءِ، وَرُخْصَةٌ بِإِسْكَانِ الْخَاءِ، فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُخَفَّفَةً مِنْ الْأُولَى، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ أَصْلًا بِنَفْسِهَا، وَالثَّالِثَةُ: خُرْصَةٌ بِتَقْدِيمِ الْخَاءِ حَكَاهَا الْفَارَابِيُّ، وَالظَّاهِرُ: أَنَّهَا مَقْلُوبَةٌ مِنْ الْأُولَى، وَقَدْ اُشْتُهِرَ عَلَى أَلْسُنِ النَّاسِ فَتْحُ الْخَاءِ وَلَا يَشْهَدُ لَهُ سَمَاعٌ وَلَا قِيَاسٌ، لِأَنَّ " فُعَّلَةٌ " تَكُونُ لِلْفَاعِلِ كَهُمَزَةٍ وَلُمَزَةٍ وَضُحَكَةٌ، وَلِلْمَفْعُولِ كَلُقَطَةٍ، فَقِيَاسُهُ إنْ ثَبَتَ هُنَا: أَنْ يَكُونَ اسْمًا لِلْكَثِيرِ الرَّخِيصِ عَلَى غَيْرِهِ إذَا فَشَا الرُّخْصُ فِيهِ.

وَقَالَ الْآمِدِيُّ فِي الْإِحْكَامِ ": الرُّخْصَةُ بِفَتْحِ الْخَاءِ: الْأَخْذُ بِالرُّخْصَةِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْأَخْذِ الْمَصْدَرَ، وَيُحْتَمَلُ أَرَادَ اسْمَ الْفَاعِلِ، وَالْقِيَاسُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْمَنْقُولُ.

وَأَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ: فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ، فَقَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيَّ: مَا جَازَ فِعْلُهُ مَعَ قِيَامِ الْمُقْتَضِي لِلْمَنْعِ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الرُّخْصَةَ هِيَ الْحُكْمُ، وَأَنَّهَا

ص: 31

قَدْ تَكُونُ بِجَوَازِ التَّرْكِ، وَأَنَّ التَّكَالِيفَ كُلَّهَا كَذَلِكَ، لِأَنَّهَا عَلَى خِلَافِ التَّخْفِيفِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ، كَذَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ التَّكَالِيفَ كُلَّهَا بَعْضُ مَا هُوَ يَسْتَحِقُّ عَلَى الْعَبْدِ لِلَّهِ تَعَالَى فَهُوَ مَاشٍ عَلَى الْأَصْلِ. وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: طَلَبُ الْفِعْلِ السَّالِمِ عَنْ الْمَانِعِ الْمُشْتَهِرِ، وَاحْتُرِزَ بِالْمُشْتَهِرِ عَنْ نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَى نَفْسِهِ الْعُقُودَ الْمُخَالِفَةَ لِلْقِيَاسِ كَالسَّلَمِ وَالْمُسَابَقَةِ.

وَقَالَ الْهِنْدِيُّ: مَا جَازَ فِعْلُهُ أَوْ تَرْكُهُ مَعَ قِيَامِ الْمَانِعِ مِنْهُ، وَيَرِدُ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِمَّا تَقَدَّمَ.

وَقِيلَ: مَا لَزِمَ الْعِبَادَ بِإِيجَابِهِ تَعَالَى وَفِيهِ نَظَرٌ.

وَقِيلَ: مَا خَرَجَ عَنْ الْوَضْعِ الْأَصْلِيِّ لِعَارِضٍ.

وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الْمَشْرُوعُ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ الْمُحَرَّمِ لَوْلَا الْعُذْرُ، وَيَرِدُ عَلَيْهِ التَّعَبُّدُ بِالتَّحْرِيمِ.

وَقِيلَ: اسْتِبَاحَةُ الْمَحْظُورِ مَعَ قِيَامِ الْمُحَرَّمِ، فَإِنْ أُرِيدَ إبَاحَةُ الْمَحْظُورِ مَعَ قِيَامِ الْمُحَرَّمِ بِلَا حُرْمَةٍ فَهُوَ قَوْلٌ بِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ، وَإِنْ أُرِيدَ إبَاحَةُ الْمَحْظُورِ مَعَ قِيَامِ الْحُرْمَةِ، فَهُوَ قَوْلٌ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْمُتَضَادَّيْنِ، وَكِلَاهُمَا فَاسِدٌ.

وَقِيلَ: الْحُكْمُ مَعَ الْمُعَارِضِ أَيْ مَعَ قِيَامِ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى الْمَنْعِ.

وَقِيلَ: الْحُكْمُ الثَّابِتُ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ لِعُذْرٍ مَعَ كَوْنِهِ حَرَامًا فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَعْذُورِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْفُقَهَاءِ مَا ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ أَيْ الشَّرْعِيِّ، لَا الْقِيَاسِ الْعَقْلِيِّ الْمَصْلَحِيِّ، لِأَنَّهُ إنَّمَا عَدَلَ بِهِ عَنْ نَظَائِرِهِ لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ. هَذَا فِي جَانِبِ الْفِعْلِ، وَفِي جَانِبِ التَّرْكِ أَنْ يُوسِعَ لِلْمُكَلَّفِ تَرْكُهُ

ص: 32