الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالتَّجْنِيسِ وَالْمُطَابِقَةِ.
[مَسْأَلَةٌ التَّرَادُفُ خِلَافُ الْأَصْلِ]
التَّرَادُفُ خِلَافُ الْأَصْلِ فَإِذَا دَارَ اللَّفْظُ بَيْنَ كَوْنِهِ مُتَرَادِفًا أَوْ مُتَبَايِنًا فَحَمْلُهُ عَلَى الْمُتَبَايِنِ أَوْلَى، لِأَنَّ الْقَصْدَ الْإِفْهَامُ فَمَتَى حَصَلَ بِالْوَاحِدِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى الْأَكْثَرِ، لِئَلَّا يَلْزَمَ تَعْرِيفُ الْمُعَرَّفِ، وَلِأَنَّهُ يُوجِبُ الْمَشَقَّةَ فِي حِفْظِ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ فِي " الْمَحْصُولِ " حَكَى خِلَافًا فِي أَنَّ الْمُتَرَادِفَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّرَادُفِ، وَذَكَرَ الْحُجَّةَ السَّابِقَةَ لِكُلٍّ مِنْ الْمَقَالَيْنِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ لِاتِّحَادِهِمَا.
وَالْحَقُّ: أَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ فِي لُغَةٍ وَاحِدَةٍ، لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يَكُونَ بِإِزَاءِ مَعْنًى وَاحِدٍ لَفْظٌ وَاحِدٌ، وَاقْتَضَى كَلَامُ " الْمَحْصُولِ " وُجُودَ خِلَافٍ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أُرِيدَ بِالْأَصْلِ الْغَالِبُ فَلَا يَفْسُدُ بِهِ الْخِلَافُ، وَإِذَا أُرِيدَ بِهِ الْقِيَاسُ فَيُمْكِنُ قَوْلُهُ فِي التَّرَادُفِ مِنْ وَاضِعٍ وَاحِدٍ لَا مِنْ وَاضِعَيْنِ.
مَسْأَلَةٌ إطْلَاقُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَرَادِفَيْنِ عَلَى الْآخَرِ
الْمُتَرَادِفَانِ يَصِحُّ إطْلَاقُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَكَانَ الْآخَرِ، لِأَنَّهُ لَازِمٌ لِمَعْنَى الْمُتَرَادِفَيْنِ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي حَالِ التَّرْكِيبِ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي " الْمُنْتَهَى " وَالْبَيْضَاوِيُّ أَيْ: إذَا صَحَّ النُّطْقُ بِأَحَدِهِمَا فِي تَرْكِيبٍ يَلْزَمُ أَنْ يَصِحَّ النُّطْقُ فِيهِ بِالْآخَرِ، اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ " الْمَحْصُولِ "، يَجِبُ صِحَّةُ إقَامَتِهِ مَقَامَهُ وَفِيهِ ثَلَاثُ مَذَاهِبَ: أَصَحُّهَا: عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ اللُّزُومُ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّرْكِيبِ إنَّمَا هُوَ الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ، فَإِذَا صَحَّ النُّطْقُ مَعَ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ وَجَبَ بِالضَّرُورَةِ أَنْ يَصِحَّ مَعَ اللَّفْظِ الْآخَرِ.
قَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيَّ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ فِي أَوَّلِ النَّظَرِ، وَعَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ التَّرْكِيبَ مِنْ عَوَارِضِ الْمَعَانِي دُونَ الْأَلْفَاظِ، فَإِذَا صَحَّ تَأَلُّفُ الْمَعْنَى مَعَ الْمَعْنَى فَلَا نَظَرَ إلَى التَّعْبِيرِ عَنْهُ بِأَيِّ لَفْظَةٍ كَانَتْ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ: أَنَّهُ إذَا لَمْ يَصِحَّ التَّأْلِيفُ لَا يَجُوزُ، كَمَا فِي صَلَّى وَدَعَا، فَإِنَّ أَئِمَّةَ اللُّغَةِ قَالُوا: إنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ
مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَقُمْ أَحَدُ الْمُتَرَادِفَيْنِ مَقَامَ الْآخَرِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: صَلَّى عَلَيْهِ فَتَرَكَّبَ " صَلَّى " مَعَ لَفْظَةِ " عَلَى " فِي طَلَبِ الْخَيْرِ لِلْمَدْعُوِّ لَهُ، وَلَوْ رَكَّبْتهَا مَعَ " دَعَا " فَقُلْت: دَعَا عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ، وَانْعَكَسَ الْمَعْنَى لِلشَّرِّ. قَالَهُ الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْ صَلَّى وَدَعَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَ مَعَانٍ، وَالصَّلَاةُ مِنْ اللَّهِ لَيْسَتْ بِالدُّعَاءِ بَلْ هِيَ الْمَغْفِرَةُ، فَمَعْنَى صَلَّى اللَّهُ عَلَى زَيْدٍ غَفَرَ لَهُ، غَيْرَ أَنَّ التَّعَدِّيَةَ مُخْتَلِفَةٌ، فَأَتَى فِي الصَّلَاةِ بِعَلَى مُبَالَغَةً فِي اسْتِعْلَاءِ الْفِعْلِ عَلَى الْمَفْعُولِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ وَاخْتَارَهُ فِي " الْحَاصِلِ " وَ " التَّحْصِيلِ "، وَقَالَ فِي " الْمَحْصُولِ ": إنَّهُ الْحَقُّ، لِأَنَّ صِحَّةَ الضَّمِّ قَدْ تَكُونُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ يَصِحُّ قَوْلُك: خَرَجْت مِنْ الدَّارِ، مَعَ أَنَّك لَوْ أَبْدَلْت لَفْظَةَ " مِنْ " وَحْدَهَا بِمُرَادِفِهَا بِالْفَارِسِيَّةِ لَمْ يَجُزْ.
قَالَ: وَإِذَا قُلْنَا ذَلِكَ فِي لُغَتَيْنِ لَمْ يَمْتَنِعْ وُقُوعُ مِثْلِهِ فِي اللُّغَةِ الْوَاحِدَةِ.
وَالثَّالِثُ: التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ لُغَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَصِحُّ وَإِلَّا فَلَا، وَاخْتَارَهُ الْبَيْضَاوِيُّ وَالْهِنْدِيُّ، وَقَالَ: هَذَا الْقَوْلُ وَإِنْ لَمْ يُلْفَ صَرِيحًا لَكِنْ يُلْفَى ضِمْنًا فِي كَلَامِهِمْ.
وَقَالَ النَّقْشَوَانِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّ اللُّغَةَ الْوَاحِدَةَ فِيهَا تَفْصِيلٌ، فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْصُودُ إلَّا مُجَرَّدَ الْفَهْمِ قَامَ أَحَدُ الْمُتَرَادِفَيْنِ مَقَامَ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ قَافِيَةَ الْقَصِيدَةِ وَرَوِيَّ الشِّعْرِ وَأَنْوَاعَ الْجِنَاسِ فَلَا يَقُومُ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مَوْجُودًا فِي الْبُرِّ دُونَ الْقَمْحِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ فِي " الْمَحْصُولِ " نَصَبَ الْخِلَافَ فِي وُجُوبِ إقَامَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا
مَقَامَ الْآخَرِ.
قَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ: وَمُرَادُهُ بِالْوُجُوبِ اللُّزُومُ، بِمَعْنَى أَنَّ مِنْ لَوَازِمِ صِحَّةِ انْضِمَامِ الْمَعَانِي صِحَّةُ انْضِمَامِ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَيْهَا، وَاخْتَارَ أَنَّ جَوَازَ تَبْدِيلِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ غَيْرُ لَازِمٍ، وَعَلَى هَذَا فَمَنْ نَقَلَ عَنْ الْإِمَامِ اخْتِيَارَ الْمَنْعِ مُطْلَقًا لَيْسَ بِجَيِّدٍ، وَكَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي " الْمُنْتَهَى " يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْجَوَازِ حَيْثُ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَعْنَى، فَإِنْ تَغَيَّرَ بِهِ فَلَا يَجُوزُ قَطْعًا، وَلَا شَكَّ فِيهِ، وَكَلَامُهُ فِي " الْمُخْتَصَرِ " صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي تَبْدِيلِ بَعْضِ الْأَلْفَاظِ الْمُرَكَّبَةِ دُونَ الْبَعْضِ، وَلِهَذَا مَثَّلَ بِ " خداي أَكْبَرُ ".
قَالَ: وَأُجِيبَ، بِالْفَرْقِ بِاخْتِلَاطِ اللُّغَتَيْنِ، فَأَرْشَدَ إلَى أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ قَاصِرَةٌ عَلَى تَرْجَمَةِ بَعْضِ الْمُرَكَّبِ لَا كُلِّهِ أَمَّا تَبْدِيلُ أَلْفَاظِ الْمُتَكَلِّمِ كُلِّهَا أَلْفَاظًا مِنْ غَيْرِ لُغَتِهِ فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ، وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ فِي بَابِ الْأَخْبَارِ فَلْيُتَفَطَّنْ لَهُ.
فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يَتَّجِهُ جَوَازُ تَبْدِيلِ الْجَمِيعِ بِالْإِجْمَاعِ وَالْمَنْعِ عَلَى قَوْلٍ إذَا بَدَّلَ الْبَعْضَ؟ .
قُلْت: لِأَنَّ تَبْدِيلَ الْبَعْضِ جَمْعٌ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ، فَرُبَّمَا خَلَطَ عَلَى السَّامِعِ، فَيُخِلُّ بِالْفَهْمِ بِخِلَافِ تَبْدِيلِ الْجَمِيعِ.
وَأَوْضَحَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمَسْأَلَةَ فَقَالَ: أَحَدُ الْمُتَرَادِفَيْنِ إمَّا أَنْ يُسْتَعْمَلَ مُفْرَدًا أَوْ مُرَكَّبًا. الْحَالَةُ الْأُولَى: الْإِفْرَادُ وَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي قِيَامِ أَحَدِ الْمُتَرَادِفَيْنِ مِنْهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ؟
قُلْت: مِنْهُمْ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي " الْمُنْتَهَى ". اهـ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُفْرَدَ ذُو التَّرَادُفِ لَهُ أَحْوَالٌ:
الْأَوَّلُ: أَنْ يَقْصِدَ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ عِنْدَ تَعْدَادِ الْمُفْرَدَاتِ حَيْثُ لَا إعْرَابَ وَلَا بِنَاءَ كَقَوْلِهِ: أَسَدٌ، عَيْنٌ، حِنْطَةٌ، فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي النُّطْقِ بِأَيِّ اللَّفْظَيْنِ شَاءَ بِلَا إشْكَالٍ مِنْ لَيْثٍ أَوْ مُقْلَةٍ أَوْ بُرٍّ.
الثَّانِي: أَنْ يَتَكَلَّمَ زَيْدٌ بِالْمُفْرَدِ، فَيُرِيدُ أَنْ يَحْكِيَهُ فَيَقُولُ: قَالَ زَيْدٌ: أَسَدٌ، وَيَكُونُ إنَّمَا قَالَ: لَيْثٌ. الثَّالِثُ: أَنْ يَأْمُرَك زَيْدٌ بِأَنْ تَقُولَ: لَيْثٌ، فَتَقُولُ: أَسَدٌ فَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ مِنْ قِسْمِ الْمُفْرَدِ، وَلِلنِّزَاعِ فِيهَا مَجَالٌ عِنْدَ تَعَيُّنِ حِكَايَةِ اللَّفْظِ لَا. سِيَّمَا إنْ مَنَعْنَا النَّقْلَ بِالْمَعْنَى، وَيَحْتَمِلُ الْجَوَازُ بِمُرَادِفِهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَعَلَّهُ خَاصٌّ بِحِكَايَةِ كَلَامِهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَذَلِكَ فِي صُورَةِ الْأَمْرِ يَحْتَمِلُ الِامْتِثَالَ بِالْمُرَادِفِ وَإِلَّا قُلْت: قَدْ صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا إذَا قَالَ الْقَاضِي لَهُ: قُلْ: بِاَللَّهِ، فَقَالَ: بِالرَّحْمَنِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ نُكُولًا وَفِي الْمُكْرَهِ لَوْ قَالَ لَهُ: قُلْ أَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَ: بَائِنٌ، إنَّهُ يَكُونُ اخْتِيَارًا، وَحِينَئِذٍ فَإِطْلَاقُ الْإِجْمَاعِ عَلَى الْمُفْرَدِ مَمْنُوعٌ.
الْمُرَكَّبُ
وَأَمَّا الْمُرَكَّبُ فَلَهُ أَحْوَالٌ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَقْصِدَ الْمُتَكَلِّمُ النُّطْقَ فَيَنْطِقُ كَيْفَ يَشَاءُ، وَلَيْسَ، ذَلِكَ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ حِكَايَةً وَيُبَدِّلُ بِأَلْفَاظِ الْمُتَكَلِّمِ كُلِّهَا أَلْفَاظًا مِنْ غَيْرِ لُغَتِهِ فَهُوَ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي بَابِ الْأَخْبَارِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يُبَدِّلَ كُلَّهَا بِأَلْفَاظٍ مُتَرَادِفَةٍ مِنْ لُغَتِهَا مِثْلَ أَنْ يُقَالَ: حَضَرَ الْأَسَدُ. فَيُقَالُ: قَالَ زَيْدٌ: جَاءَ اللَّيْثُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مَحَلَّ النِّزَاعِ، لِأَنَّ صَاحِبَ " الْمَحْصُولِ " مِمَّنْ اخْتَارَ أَنَّهُ لَا يُقَامُ أَحَدُ الْمُتَرَادِفَيْنِ مَقَامَ الْآخَرِ مَعَ جَزْمِهِ بِجَوَازِ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى بِغَيْرِ الْمُتَرَادِفِ فَضْلًا عَنْ الْمُتَرَادِفِ.
الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ فِي امْتِثَالِ الْأَمْرِ، كَأَنْ يَقُولَ زَيْدٌ: قُلْ: جَاءَ الْأَسَدُ، فَيَقُولُ: حَضَرَ اللَّيْثُ، أَوْ يُعَبِّرُ عَنْهُ بِالْعَجَمِيَّةِ، فَيَحْتَمِلُ الْمَنْعُ، لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَقْصُودَ اللَّفْظُ، وَيَحْتَمِلُ الْجَوَازُ إلَّا حَيْثُ تَعَبَّدْنَا بِاللَّفْظِ، كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَغَيْرِهَا.
الْخَامِسُ: أَنْ يُبَدِّلَ بَعْضَ أَلْفَاظِ الْمُرَكَّبِ دُونَ بَعْضٍ كَأَنْ يَقُولَ حَضَرَ الْأَسَدُ مَكَانَ حَضَرَ اللَّيْثُ وَكَذَلِكَ " خداي أَكْبَرُ " فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، فَهَذَا مَوْضِعُ النِّزَاعِ. هَذَا كَلَامُ الْأُصُولِيِّينَ.
وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ جَوَازُ إقَامَةِ كُلٍّ مِنْ الْمُتَرَادِفَيْنِ مُخْتَلِفَيْ اللُّغَةِ مَقَامَ الْآخَرِ فِيمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَلْفَاظُ كَعُقُودِ الْبِيَاعَاتِ وَغَيْرِهَا، وَأَمَّا مَا وَقَعَ النَّظَرُ فِي أَنَّ التَّعَبُّدَ هَلْ وَقَعَ بِلَفْظَةٍ؟ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، لِأَنَّ الْمَانِعَ إذْ ذَاكَ مِنْ إقَامَةِ أَحَدِ الْمُتَرَادِفَيْنِ مُخْتَلِفَيْ اللُّغَةِ مَقَامَ الْآخَرِ لَيْسَ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ، بَلْ لِمَا وَقَعَ مِنْ التَّعَبُّدِ بِجَوْهَرِ لَفْظِهِ كَالْخِلَافِ فِي أَنَّ لَفْظ النِّكَاحِ هَلْ يَنْعَقِدُ بِالْعَجَمِيَّةِ وَأَنْظَارِهِ؟ وَجَعَلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " النِّهَايَةِ " فِي بَابِ النِّكَاحِ لِلْأَلْفَاظِ سِتَّ مَرَاتِبَ:
الْأَوَّلُ: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فَلَفْظُهُ مُتَعَيِّنٌ.
الثَّانِي: مَا تَعَبَّدْنَا بِلَفْظِهِ وَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ الْأَكْبَرُ مَعْنَاهُ كَالتَّكْبِيرِ وَالتَّشَهُّدِ.