المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[مَسْأَلَةٌ تَرَادُفُ الْحَدِّ وَالْمَحْدُودِ] قِيلَ: الْحَدُّ وَالْمَحْدُودُ مُتَرَادِفَانِ وَالصَّحِيحُ: تَغَايُرُهُمَا، لِأَنَّ - البحر المحيط في أصول الفقه - ط الكتبي - جـ ٢

[بدر الدين الزركشي]

فهرس الكتاب

- ‌[خِطَابُ الْوَضْعِ]

- ‌ السَّبَبِ

- ‌[مَسْأَلَةٌ لِلْأَسْبَابِ أَحْكَامٌ تُضَافُ إلَيْهَا]

- ‌[الْمَانِعُ]

- ‌[أَقْسَامُ الْمَانِعِ]

- ‌[مَسْأَلَة الصِّحَّة وَالْفَسَادِ]

- ‌[الصِّحَّةُ فِي الْعِبَادَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَقَائِقُ الشَّرْعِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَاهِيَّاتِ مِنْ عِبَادَةٍ وَعَقْدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الصِّحَّةُ لَا تَسْتَلْزِمُ الثَّوَابَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثَوَابُ الصَّلَاةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْزَاءُ هُوَ الِاكْتِفَاءُ بِالْفِعْلِ فِي سُقُوطِ الْأَمْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجَائِزُ مَا وَافَقَ الشَّرِيعَةَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يُقَابِلُ الصِّحَّةَ الْبُطْلَانُ]

- ‌[التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الرُّخْصَةُ وَالْعَزِيمَةُ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي مَدْلُولِهِمَا]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي الرُّخْصَة مِنْ أَيِّ الْخِطَابَيْنِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ أَقْسَامِ الرُّخْصَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَدَاءُ وَالْقَضَاءُ وَالْإِعَادَةُ]

- ‌[فَرْعٌ تَأْخِيرُ الْمَأْمُورِ بِهِ هَلْ يَكُونُ قَضَاءً]

- ‌[فَائِدَةٌ الْعِبَادَةُ الَّتِي تَقَعُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَتَكُونُ أَدَاءً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الْبَقَاءِ]

- ‌[التَّكْلِيفُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ حَسَنٌ فِي الْعُقُولِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ هَلْ يَكُونُ مُعْتَبَرًا بِالْأَصْلَحِ]

- ‌ الْمُكَلَّفِ

- ‌[فَرْعٌ تَكْلِيفُ مَنْ أَحُيِيَ بَعْدَ مَوْتِهِ]

- ‌[فُرُوعٌ الِانْشِغَالُ عَنْ الصَّلَاةِ بِلَعِبِ الشِّطْرَنْجِ]

- ‌[تَكْلِيف السَّكْرَان]

- ‌[التَّكْلِيفُ حَالَةَ الْإِكْرَاهِ عَلَى قِسْمَيْنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ بِالْفِعْلِ الَّذِي يَنْتَفِي شَرْطُ وُقُوعِهِ عِنْدَ وَقْتِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَعْدُومُ الَّذِي تَعَلَّقَ الْعِلْمُ بِوُجُودِهِ مَأْمُورٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُكَلَّفِ الْحُرِّيَّةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دُخُولُ الذُّكُورِ فِي الْإِنَاثِ فِي الْخِطَابِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكْلِيفُ الْجِنِّ]

- ‌[الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمُكَلَّفُ بِهِ]

- ‌[جَوَازُ تَكْلِيفِ الْمُحَالِ]

- ‌[وُقُوعُ التَّكَلُّفِ بِالْمُحَالِ]

- ‌[التَّكْلِيفُ بِمَا عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثُبُوتُ الْوُجُوبِ فِي الذِّمَّةِ لَا يُشْتَرَطْ فِيهِ الْإِمْكَانُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ خِطَابُ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْأَوَّلُ اسْتِحَالَةُ مُخَاطَبَةِ الْكَافِرِ بِإِنْشَاءِ فَرْعٍ عَلَى الصِّحَّةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الثَّانِي هَلْ يُخَاطَبُ الْكَافِرُ بِالْفُرُوعِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ اسْتِثْنَاءُ بَعْضِ الصُّوَرِ مِنْ تَكْلِيفُ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الرَّابِعُ سُقُوط حَقّ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ الْكَافِر إذَا أَسْلَمَ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْخَامِسُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي خِطَابِ التَّكْلِيفِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ السَّادِسُ حُصُولُ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ هَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي التَّكْلِيفِ]

- ‌[التَّنْبِيه السَّابِعُ الْإِمْكَانَ الْمُشْتَرِطَ فِي التَّكْلِيفِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ نَاجِزًا]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْحَادِيَ عَشَرَ قُرَبُ الْكُفَّارِ]

- ‌[جُنُونُ الْكَافِرِ قَبْلَ الْبُلُوغِ يَرْفَعُ عَنْهُ الْقَلَمَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ هَلْ يَتَوَجَّهُ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْفِعْلِ أَوْ قَبْلَهَا]

- ‌[تَقَدَّمَ الْأَمْرُ عَلَى وَقْتِ الْمَأْمُورِ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النِّيَابَةُ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِلتَّكْلِيفِ]

- ‌[مَبَاحِثُ الْكِتَابِ] [

- ‌تَعْرِيفُ الْقُرْآنِ]

- ‌[الْإِعْجَازُ فِي قِرَاءَةِ كَلَامِ اللَّهِ]

- ‌[إنْزَالُ الْقُرْآنِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ]

- ‌[الْأَلْفَاظُ غَيْرُ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُحْكَمُ وَالْمُتَشَابِهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وُرُودُ الْمُهْمَلِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا زَائِدَ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دَلَالَةُ الْكَلَامِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ]

- ‌[بَقَاءُ الْمُجْمَلِ فِي الْقُرْآنِ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّصُّ وَالظَّاهِرُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقِرَاءَاتُ السَّبْعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَيْسَتْ الْقِرَاءَاتُ اخْتِيَارِيَّةً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْبَسْمَلَةُ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ]

- ‌[مَبَاحِثُ اللُّغَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُفْرَدَاتُ مَوْضُوعَةٌ]

- ‌[الْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعُ]

- ‌[الْمَوْضُوعُ لَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَضْعُ اللَّفْظِ الْمَشْهُورِ فِي مَعْنًى خَفِيٍّ جِدًّا]

- ‌[مَعْنَى التَّوْقِيفِ]

- ‌[الْأَسْمَاءُ الَّتِي عَلَّمَهَا اللَّهُ آدَمَ]

- ‌[فَائِدَةٌ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَوْقِيفِيَّةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لِسَانُ الْعَرَبِ أَوْسَعُ الْأَلْسِنَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الِاحْتِجَاجُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثُبُوتُ اللُّغَةِ بِالْقِيَاسِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَغْيِيرُ الْأَلْفَاظِ اللُّغَوِيَّةِ]

- ‌[ثُبُوتُ الِاسْمِ الشَّرْعِيِّ بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[الْمُنَاسَبَةُ فِي الْوَضْعِ]

- ‌[تَقْسِيمُ الْأَلْفَاظِ تَقْسِيمُ الدَّلَالَةِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ وَالتَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ]

- ‌[أَقْسَامُ اللَّازِمِ]

- ‌[الْمُلَازَمَةُ الذِّهْنِيَّةُ شَرْطٌ فِي الدَّلَالَةِ الِالْتِزَامِيَّةِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ لَفْظِيَّةٌ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ قَدْ تَنْفَكُّ عَنْ التَّضَمُّنِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ]

- ‌[دَلَالَةُ الِاسْتِدْعَاءِ]

- ‌[انْقِسَامُ الْمُفْرَدِ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ]

- ‌[الْكُلِّيُّ وَالْجُزْئِيُّ]

- ‌[الطَّبِيعِيُّ وَالْمَنْطِقِيُّ وَالْعَقْلِيُّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ الْكُلِّيِّ وَالْكُلِّ]

- ‌[أَقْسَامُ الْكُلِّيِّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَرَضِيِّ اللَّازِمِ وَالذَّاتِيِّ]

- ‌[الْجُزْئِيُّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ عَلَمِ الْجِنْسِ وَعَلَمِ الشَّخْصِ وَاسْمِ الْجِنْس]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِسْبَةِ الْأَسْمَاءِ إلَى الْمُسَمَّيَاتِ]

- ‌[تَقْسِيمُ اللَّفْظِ الْمُرَكَّبِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْكَلَامِ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَعْنَى]

- ‌[خَاتِمَةٌ فِي أَمْرَيْنِ يَتَعَيَّنُ الِاهْتِمَامُ بِهِمَا]

- ‌[مَبَاحِثُ الِاشْتِقَاقِ]

- ‌[حَدّ الِاشْتِقَاق]

- ‌[فَائِدَةُ الِاشْتِقَاق]

- ‌[تَقْسِيم الِاشْتِقَاق]

- ‌[أَرْكَان الِاشْتِقَاق]

- ‌[أَقْسَام الِاشْتِقَاق]

- ‌[مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ فِي اشْتِقَاقِ الْأَفْعَالِ مِنْ الْمَصَادِرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ شَرْطُ صِدْقِ الْمُشْتَقِّ صِدْقُ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاشْتِقَاقُ مِنْ الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالشَّيْءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دَلَالَةُ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَقَّةِ]

- ‌[مَبَاحِثُ التَّرَادُفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ تَرَادُفٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي سَبَبِ التَّرَادُفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّرَادُفُ خِلَافُ الْأَصْلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اللُّغَاتُ مَا عَدَا الْعَرَبِيَّةَ سَوَاءٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَرَادُفُ الْحَدِّ وَالْمَحْدُودِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِتْبَاعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّأْكِيدُ وَاقِعٌ فِي اللُّغَةِ]

- ‌[هَلْ التَّأْكِيدُ حَقِيقَةٌ أَمْ مَجَازٌ]

- ‌[مَسْأَلَةُ التَّأْكِيدُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ]

- ‌[أَقْسَامُ التَّأْكِيدِ]

- ‌[مَبَاحِثُ الْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعِلْمُ بِكَوْنِ اللَّفْظِ مُشْتَرَكًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي حَقِيقَةِ وُقُوعِ الْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُشْتَرَكُ خِلَافُ الْغَالِبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اللَّفْظُ الْمُشْتَرَكُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُشْتَرَكُ لَهُ مَفْهُومَانِ فَصَاعِدًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَجَرُّدُ الْمُشْتَرَكِ مِنْ الْقَرِينَةِ]

- ‌[اقْتِرَانُ الْقَرِينَةِ بِالْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي حُكْمِ الْمُشْتَرَك بِالنِّسْبَةِ إلَى مَعْنَيَيْهِ أَوْ مَعَانِيهِ]

- ‌[تَنْبِيه الْخِلَافَ فِي حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعَانِيهِ]

- ‌[اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اتِّفَاقُ اللَّفْظَيْنِ وَاخْتِلَافُ الْمَعْنَيَيْنِ]

الفصل: ‌ ‌[مَسْأَلَةٌ تَرَادُفُ الْحَدِّ وَالْمَحْدُودِ] قِيلَ: الْحَدُّ وَالْمَحْدُودُ مُتَرَادِفَانِ وَالصَّحِيحُ: تَغَايُرُهُمَا، لِأَنَّ

[مَسْأَلَةٌ تَرَادُفُ الْحَدِّ وَالْمَحْدُودِ]

قِيلَ: الْحَدُّ وَالْمَحْدُودُ مُتَرَادِفَانِ وَالصَّحِيحُ: تَغَايُرُهُمَا، لِأَنَّ الْمَحْدُودَ يَدُلُّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ، وَالْحَدُّ يَدُلُّ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ دَلَالَتِهِ عَلَى أَجْزَائِهَا، فَالِاعْتِبَارَانِ مُخْتَلِفَانِ.

وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: الْحَدُّ غَيْرُ الْمَحْدُودِ إنْ أُرِيدَ بِهِ اللَّفْظُ، وَنَفْسُهُ إنْ أُرِيدَ بِهِ الْمَعْنَى، فَلَفْظُ الْحَيَوَانِ النَّاطِقِ الَّذِي وَقَعَ الْحَدُّ بِهِ هُوَ الْإِنْسَانُ قَطْعًا، وَمَدْلُولُ هَذَا اللَّفْظِ هُوَ غَيْرُ الْإِنْسَانِ.

وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ الْحَدَّ وَالْمَحْدُودَ إنْ لَمْ يَتَّحِدَا فِي الذَّاتِ كَذَبَ الْحَدُّ وَلَمْ يَكُنْ حَدًّا، وَإِنْ اتَّحَدَا صَدَقَ الْحَدُّ، وَلَيْسَ هُوَ الْمَحْدُودَ، لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ النَّحْوِيِّينَ: يَجِبُ اتِّحَادُ الْخَبَرِ بِالْمُبْتَدَأِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ خَبَرًا، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ هُوَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ كَلَامًا أَلْبَتَّةَ، فَإِنَّ قَوْلَك: زَيْدٌ زَيْدٌ إذَا لَمْ يُقَدَّرْ زَيْدٌ الثَّانِي بِمَعْنًى يَزِيدُ عَلَى الْأَوَّلِ كَانَ مُهْمَلًا، وَالْفَائِدَةُ فِي الْخَبَرِ مَعَ الِاتِّحَادِ تَنْزِيلُ الْكُلِّيِّ عَلَى الْجُزْئِيِّ، فَإِنَّ " هَذَا " اسْمُ إشَارَةٍ، فَيُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مُشَارٍ إلَيْهِ، سَوَاءٌ زَيْدٌ وَغَيْرُهُ فَلَمَّا حَمَلْنَاهُ عَلَى زَيْدٍ جَاءَتْ الْفَائِدَةُ.

[مَسْأَلَةٌ الْإِتْبَاعُ]

مِنْ كَلَامِهِمْ الْإِتْبَاعُ وَهُوَ أَنْ تَتْبَعَ الْكَلِمَةُ الْكَلِمَةَ عَلَى وَزْنِهَا أَوْ رَوِيِّهَا إتْبَاعًا وَتَوْكِيدًا.

ص: 367

قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: وَقَدْ شَارَكَ الْعَجَمُ الْعَرَبَ فِي هَذَا، وَهُوَ يُشْبِهُ أَسْمَاءَ الْمُتَرَادِفِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا اسْمَانِ وُضِعَا لِمُسَمًّى وَاحِدٍ، وَيُشْبِهُ أَسْمَاءَ التَّوْكِيدِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تُفِيدُ تَقْوِيَةَ الْأَوَّلِ غَيْرَ أَنَّ التَّابِعَ وَحْدَهُ لَا يُفِيدُ، بَلْ شَرْطُ إفَادَتِهِ تَقَدُّمُ الْمَتْبُوعِ عَلَيْهِ، وَصَنَّفَ فِيهِ ابْنُ خَالَوَيْهِ كِتَابًا سَمَّاهُ " الْإِتْبَاعَ وَالْأَلْبَابَ " وَأَبُو الطَّيِّبِ عَبْدُ الْوَاحِدِ اللُّغَوِيُّ أَيْضًا، وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ فَارِسٍ وَغَيْرُهُمْ.

قِيلَ: إنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ وَالصَّحِيحُ: الْمَنْعُ، لِأَنَّ التَّابِعَ لَا يَدُلُّ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَتْبُوعُ إلَّا بِتَبَعِيَّةِ الْأَوَّلِ، وَإِذَا قُطِعَ عَنْهُ لَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ أَصْلًا. بِخِلَافِ الْمُتَرَادِفِ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدُلُّ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْآخَرُ وَحْدَهُ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: قُلْت لِأَبِي الْمَكَارِمِ: مَا قَوْلُكُمْ فِي جَامِعٍ تَابِعٍ؟ قَالَ: إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ نَتِدُ بِهِ كَلَامَنَا أَيْ: نُؤَكِّدُ بِهِ.

قَالَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ: وَلَمْ يَسْمَعْ الْإِتْبَاعَ فِي أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةٍ، وَهِيَ قَوْلُهُمْ: كَثِيرٌ بَتِيرٌ عَمِيرٌ بَرِيرٌ بَجِيرٌ بَدِيرٌ، وَقِيلَ: مُجِيرٌ بِالْمِيمِ، فَأَمَّا الِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ فَكَثِيرٌ. قَالُوا: حَسَنٌ بَسَنٌ مَسَنٌ، وَجَارَ بَارَ حَارَ.

وَسَمَّى أَبُو الطَّيِّبِ كِتَابَهُ " بِالْإِتْبَاعِ وَالتَّوْكِيدِ " قَالَ: وَإِنَّمَا قَرَنَّا الْإِتْبَاعَ بِالتَّوْكِيدِ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ إتْبَاعٍ تَوْكِيدًا، وَكُلُّ تَوْكِيدٍ إتْبَاعًا فِي الْمَعْنَى، لِأَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ اخْتَلَفُوا فِيهِمَا، فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُمَا وَاحِدًا، وَأَجَازَ أَكْثَرُهُمْ الْفَرْقَ، فَجَعَلُوا الْإِتْبَاعَ مَا لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْوَاوُ نَحْوَ قَوْلِهِمْ: عَطْشَانُ

ص: 368

نَطْشَانُ، وَشَيْطَانُ لَيْطَانُ، وَالتَّوْكِيدُ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ الْوَاوُ نَحْوَ قَوْلِهِمْ: هُوَ فِي حَلٍّ وَبَلٍّ، وَأَخَذَ فِي كُلِّ حَسَنٍ وَسَنٍ.

قَالَ: وَنَحْنُ نَذْهَبُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ إلَى أَنَّ إتْبَاعَ مَا لَا يَخْتَصُّ بِمَعْنًى يُمْكِنُ إفْرَادُهُ، وَالتَّوْكِيدُ مَا اخْتَصَّ بِمَعْنًى وَجَازَ إفْرَادُهُ بِهِ، وَيَدُلُّ لِهَذَا قَوْلُهُمْ: هَذَا جَائِعٌ فَائِعٌ، فَهُوَ عِنْدَهُمْ إتْبَاعٌ، ثُمَّ يَقُولُونَ فِي الدُّعَاءِ عَلَى الْإِنْسَانِ جُوعًا وَبُوعًا، فَيُدْخِلُونَ الْوَاوَ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ إتْبَاعٌ، إذْ كَانَ مُحَالًا أَنْ تَكُونَ الْكَلِمَةُ مَرَّةً إتْبَاعًا وَمَرَّةً غَيْرَ إتْبَاعٍ، فَقَدْ وَضَحَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ لَيْسَ بِالْوَاوِ. اهـ.

وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ التَّابِعَ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى زِنَةِ الْمَتْبُوعِ بِخِلَافِ التَّوْكِيدِ. قَالَهُ الْآمِدِيُّ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ الِاسْتِقْرَاءِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ إلَّا كَذَلِكَ.

قَالَ الْآمِدِيُّ: التَّابِعُ قَدْ لَا يُفِيدُ مَعْنًى أَصْلًا، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: سَأَلْت أَبَا حَاتِمٍ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: بَسَنٌ فِي قَوْلِهِمْ: حَسَنٌ بَسَنٌ، فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ التَّابِعَ يُفِيدُ التَّقْوِيَةَ، فَإِنَّ الْعَرَبَ لَمْ تَضَعْهُ عَبَثًا.

فَإِنْ قُلْت: فَصَارَ كَالتَّأْكِيدِ، لِأَنَّهُ أَيْضًا إنَّمَا يُفِيدُ التَّقْوِيَةَ قُلْت: التَّأْكِيدُ يُفِيدُ مَعَ التَّقْوِيَةِ نَفْيَ احْتِمَالِ الْمَجَازِ.

وَقَالَ ابْنُ الدَّهَّانِ النَّحْوِيُّ فِي " الْغُرَّةِ ": اُخْتُلِفَ فِي الْإِتْبَاعِ

ص: 369

فَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إلَى أَنَّهُ فِي حُكْمِ التَّأْكِيدِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مَبْنِيٍّ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ بِنَفْسِهِ كَأَكْتَعَ وَأَبْصَعَ مَعَ أَجْمَعَ، فَكَمَا لَا يَنْطِقُ بِأَكْتَعَ بِغَيْرِ أَجْمَعَ، فَكَذَا هَذِهِ الْأَلْفَاظُ مَعَ مَا قَبْلَهَا، وَلِهَذَا الْمَعْنَى كَرَّرْت بَعْضَ حُرُوفِهَا فِي مِثْلِ حَسَنٌ بَسَنٌ، كَمَا قِيلَ: فِي أَكْتَعَ وَأَبْصَعَ مَعَ أَجْمَعَ.

وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ التَّأْكِيدَ غَيْرُ الْإِتْبَاعِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَرْقِ فَقِيلَ: الْإِتْبَاعُ مَا لَمْ يَحْسُنْ فِيهِ وَاوُ الْعَطْفِ كَقَوْلِك: حَسَنٌ بَسَنٌ، وَالتَّأْكِيدُ يَحْسُنُ، فِيهِ نَحْوُ حِلَّ وَبِلَّ، وَقِيلَ الْإِتْبَاعُ يَكُونُ لِلْكَلِمَةِ، وَلَا مَعْنَى لَهَا غَيْرَ التَّبَعِيَّةِ. فَلَا يَجُوزُ عَلَى هَذَا أَنْ يُسَمَّى تَابِعٌ تَابِعًا.

قُلْت: وَقِيلَ: التَّأْكِيدُ يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى فِي الْجُمْلَةِ، وَهُوَ تَقْوِيَةُ مَدْلُولِ اللَّفْظِ السَّابِقِ كَيْفَ كَانَ، وَالتَّابِعُ إنَّمَا يُذْكَرُ بَعْدَ الِاسْمِ الْأَوَّلِ.

وَقَالَ الْآمِدِيُّ: إنَّ التَّابِعَ لَمْ يُوضَعْ لِمُسَمًّى فِي نَفْسِهِ، وَيَشْهَدُ لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ الدَّهَّانِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ عَنْ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ مِنْ قَوْلِهِمْ: هُوَ شَيْءٌ نَتِدُ بِهِ كَلَامَنَا، أَيْ: نُقَوِّيهِ، وَلَا مَعْنَى لِلتَّأْكِيدِ إلَّا هَذَا.

وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ فِي كِتَابِ " فَائِتِ الْجَمْهَرَةِ ": سَمِعْت الْمُبَرِّدَ وَثَعْلَبًا يَقُولَانِ: الْإِتْبَاعُ لَا يَكُونُ بِحَرْفِ النَّسَقِ، إنَّمَا الْإِتْبَاعُ أَنْ يَقُولَ: حِلٌّ بَلْ وَشَيْطَانُ لَيْطَانُ فَأَمَّا قَوْلُ الْعَبَّاسِ:

ص: 370