المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَأَبِي عُبَيْدٍ وَقُطْرُبٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ فِي الْكَلَامِ مُشْتَقًّا وَغَيْرَ مُشْتَقٍّ، - البحر المحيط في أصول الفقه - ط الكتبي - جـ ٢

[بدر الدين الزركشي]

فهرس الكتاب

- ‌[خِطَابُ الْوَضْعِ]

- ‌ السَّبَبِ

- ‌[مَسْأَلَةٌ لِلْأَسْبَابِ أَحْكَامٌ تُضَافُ إلَيْهَا]

- ‌[الْمَانِعُ]

- ‌[أَقْسَامُ الْمَانِعِ]

- ‌[مَسْأَلَة الصِّحَّة وَالْفَسَادِ]

- ‌[الصِّحَّةُ فِي الْعِبَادَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَقَائِقُ الشَّرْعِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَاهِيَّاتِ مِنْ عِبَادَةٍ وَعَقْدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الصِّحَّةُ لَا تَسْتَلْزِمُ الثَّوَابَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثَوَابُ الصَّلَاةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْزَاءُ هُوَ الِاكْتِفَاءُ بِالْفِعْلِ فِي سُقُوطِ الْأَمْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجَائِزُ مَا وَافَقَ الشَّرِيعَةَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يُقَابِلُ الصِّحَّةَ الْبُطْلَانُ]

- ‌[التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الرُّخْصَةُ وَالْعَزِيمَةُ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي مَدْلُولِهِمَا]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي الرُّخْصَة مِنْ أَيِّ الْخِطَابَيْنِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ أَقْسَامِ الرُّخْصَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَدَاءُ وَالْقَضَاءُ وَالْإِعَادَةُ]

- ‌[فَرْعٌ تَأْخِيرُ الْمَأْمُورِ بِهِ هَلْ يَكُونُ قَضَاءً]

- ‌[فَائِدَةٌ الْعِبَادَةُ الَّتِي تَقَعُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَتَكُونُ أَدَاءً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الْبَقَاءِ]

- ‌[التَّكْلِيفُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ حَسَنٌ فِي الْعُقُولِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ هَلْ يَكُونُ مُعْتَبَرًا بِالْأَصْلَحِ]

- ‌ الْمُكَلَّفِ

- ‌[فَرْعٌ تَكْلِيفُ مَنْ أَحُيِيَ بَعْدَ مَوْتِهِ]

- ‌[فُرُوعٌ الِانْشِغَالُ عَنْ الصَّلَاةِ بِلَعِبِ الشِّطْرَنْجِ]

- ‌[تَكْلِيف السَّكْرَان]

- ‌[التَّكْلِيفُ حَالَةَ الْإِكْرَاهِ عَلَى قِسْمَيْنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ بِالْفِعْلِ الَّذِي يَنْتَفِي شَرْطُ وُقُوعِهِ عِنْدَ وَقْتِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَعْدُومُ الَّذِي تَعَلَّقَ الْعِلْمُ بِوُجُودِهِ مَأْمُورٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُكَلَّفِ الْحُرِّيَّةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دُخُولُ الذُّكُورِ فِي الْإِنَاثِ فِي الْخِطَابِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكْلِيفُ الْجِنِّ]

- ‌[الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمُكَلَّفُ بِهِ]

- ‌[جَوَازُ تَكْلِيفِ الْمُحَالِ]

- ‌[وُقُوعُ التَّكَلُّفِ بِالْمُحَالِ]

- ‌[التَّكْلِيفُ بِمَا عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثُبُوتُ الْوُجُوبِ فِي الذِّمَّةِ لَا يُشْتَرَطْ فِيهِ الْإِمْكَانُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ خِطَابُ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْأَوَّلُ اسْتِحَالَةُ مُخَاطَبَةِ الْكَافِرِ بِإِنْشَاءِ فَرْعٍ عَلَى الصِّحَّةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الثَّانِي هَلْ يُخَاطَبُ الْكَافِرُ بِالْفُرُوعِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ اسْتِثْنَاءُ بَعْضِ الصُّوَرِ مِنْ تَكْلِيفُ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الرَّابِعُ سُقُوط حَقّ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ الْكَافِر إذَا أَسْلَمَ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْخَامِسُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي خِطَابِ التَّكْلِيفِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ السَّادِسُ حُصُولُ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ هَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي التَّكْلِيفِ]

- ‌[التَّنْبِيه السَّابِعُ الْإِمْكَانَ الْمُشْتَرِطَ فِي التَّكْلِيفِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ نَاجِزًا]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْحَادِيَ عَشَرَ قُرَبُ الْكُفَّارِ]

- ‌[جُنُونُ الْكَافِرِ قَبْلَ الْبُلُوغِ يَرْفَعُ عَنْهُ الْقَلَمَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ هَلْ يَتَوَجَّهُ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْفِعْلِ أَوْ قَبْلَهَا]

- ‌[تَقَدَّمَ الْأَمْرُ عَلَى وَقْتِ الْمَأْمُورِ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النِّيَابَةُ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِلتَّكْلِيفِ]

- ‌[مَبَاحِثُ الْكِتَابِ] [

- ‌تَعْرِيفُ الْقُرْآنِ]

- ‌[الْإِعْجَازُ فِي قِرَاءَةِ كَلَامِ اللَّهِ]

- ‌[إنْزَالُ الْقُرْآنِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ]

- ‌[الْأَلْفَاظُ غَيْرُ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُحْكَمُ وَالْمُتَشَابِهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وُرُودُ الْمُهْمَلِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا زَائِدَ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دَلَالَةُ الْكَلَامِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ]

- ‌[بَقَاءُ الْمُجْمَلِ فِي الْقُرْآنِ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّصُّ وَالظَّاهِرُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقِرَاءَاتُ السَّبْعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَيْسَتْ الْقِرَاءَاتُ اخْتِيَارِيَّةً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْبَسْمَلَةُ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ]

- ‌[مَبَاحِثُ اللُّغَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُفْرَدَاتُ مَوْضُوعَةٌ]

- ‌[الْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعُ]

- ‌[الْمَوْضُوعُ لَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَضْعُ اللَّفْظِ الْمَشْهُورِ فِي مَعْنًى خَفِيٍّ جِدًّا]

- ‌[مَعْنَى التَّوْقِيفِ]

- ‌[الْأَسْمَاءُ الَّتِي عَلَّمَهَا اللَّهُ آدَمَ]

- ‌[فَائِدَةٌ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَوْقِيفِيَّةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لِسَانُ الْعَرَبِ أَوْسَعُ الْأَلْسِنَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الِاحْتِجَاجُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثُبُوتُ اللُّغَةِ بِالْقِيَاسِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَغْيِيرُ الْأَلْفَاظِ اللُّغَوِيَّةِ]

- ‌[ثُبُوتُ الِاسْمِ الشَّرْعِيِّ بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[الْمُنَاسَبَةُ فِي الْوَضْعِ]

- ‌[تَقْسِيمُ الْأَلْفَاظِ تَقْسِيمُ الدَّلَالَةِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ وَالتَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ]

- ‌[أَقْسَامُ اللَّازِمِ]

- ‌[الْمُلَازَمَةُ الذِّهْنِيَّةُ شَرْطٌ فِي الدَّلَالَةِ الِالْتِزَامِيَّةِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ لَفْظِيَّةٌ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ قَدْ تَنْفَكُّ عَنْ التَّضَمُّنِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ]

- ‌[دَلَالَةُ الِاسْتِدْعَاءِ]

- ‌[انْقِسَامُ الْمُفْرَدِ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ]

- ‌[الْكُلِّيُّ وَالْجُزْئِيُّ]

- ‌[الطَّبِيعِيُّ وَالْمَنْطِقِيُّ وَالْعَقْلِيُّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ الْكُلِّيِّ وَالْكُلِّ]

- ‌[أَقْسَامُ الْكُلِّيِّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَرَضِيِّ اللَّازِمِ وَالذَّاتِيِّ]

- ‌[الْجُزْئِيُّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ عَلَمِ الْجِنْسِ وَعَلَمِ الشَّخْصِ وَاسْمِ الْجِنْس]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِسْبَةِ الْأَسْمَاءِ إلَى الْمُسَمَّيَاتِ]

- ‌[تَقْسِيمُ اللَّفْظِ الْمُرَكَّبِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْكَلَامِ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَعْنَى]

- ‌[خَاتِمَةٌ فِي أَمْرَيْنِ يَتَعَيَّنُ الِاهْتِمَامُ بِهِمَا]

- ‌[مَبَاحِثُ الِاشْتِقَاقِ]

- ‌[حَدّ الِاشْتِقَاق]

- ‌[فَائِدَةُ الِاشْتِقَاق]

- ‌[تَقْسِيم الِاشْتِقَاق]

- ‌[أَرْكَان الِاشْتِقَاق]

- ‌[أَقْسَام الِاشْتِقَاق]

- ‌[مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ فِي اشْتِقَاقِ الْأَفْعَالِ مِنْ الْمَصَادِرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ شَرْطُ صِدْقِ الْمُشْتَقِّ صِدْقُ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاشْتِقَاقُ مِنْ الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالشَّيْءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دَلَالَةُ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَقَّةِ]

- ‌[مَبَاحِثُ التَّرَادُفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ تَرَادُفٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي سَبَبِ التَّرَادُفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّرَادُفُ خِلَافُ الْأَصْلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اللُّغَاتُ مَا عَدَا الْعَرَبِيَّةَ سَوَاءٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَرَادُفُ الْحَدِّ وَالْمَحْدُودِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِتْبَاعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّأْكِيدُ وَاقِعٌ فِي اللُّغَةِ]

- ‌[هَلْ التَّأْكِيدُ حَقِيقَةٌ أَمْ مَجَازٌ]

- ‌[مَسْأَلَةُ التَّأْكِيدُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ]

- ‌[أَقْسَامُ التَّأْكِيدِ]

- ‌[مَبَاحِثُ الْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعِلْمُ بِكَوْنِ اللَّفْظِ مُشْتَرَكًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي حَقِيقَةِ وُقُوعِ الْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُشْتَرَكُ خِلَافُ الْغَالِبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اللَّفْظُ الْمُشْتَرَكُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُشْتَرَكُ لَهُ مَفْهُومَانِ فَصَاعِدًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَجَرُّدُ الْمُشْتَرَكِ مِنْ الْقَرِينَةِ]

- ‌[اقْتِرَانُ الْقَرِينَةِ بِالْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي حُكْمِ الْمُشْتَرَك بِالنِّسْبَةِ إلَى مَعْنَيَيْهِ أَوْ مَعَانِيهِ]

- ‌[تَنْبِيه الْخِلَافَ فِي حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعَانِيهِ]

- ‌[اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اتِّفَاقُ اللَّفْظَيْنِ وَاخْتِلَافُ الْمَعْنَيَيْنِ]

الفصل: وَأَبِي عُبَيْدٍ وَقُطْرُبٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ فِي الْكَلَامِ مُشْتَقًّا وَغَيْرَ مُشْتَقٍّ،

وَأَبِي عُبَيْدٍ وَقُطْرُبٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ فِي الْكَلَامِ مُشْتَقًّا وَغَيْرَ مُشْتَقٍّ، وَهُوَ الْمُرْتَجِلُ.

قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ: لَوْ جَمَدَتْ الْمَصَادِرُ وَارْتَفَعَ الِاشْتِقَاقُ مِنْ كُلِّ كَلَامٍ لَمْ تُوجَدْ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ، وَلَا فِعْلٌ لِفَاعِلٍ، وَلَوْلَا الِاشْتِقَاقُ لَاحْتِيجَ فِي مَوْضِعِ الْجُزْءِ مِنْ الْكَلِمَةِ إلَى كَلَامٍ كَثِيرٍ، أَلَا تَرَى كَيْفَ تَدُلُّ " التَّاءُ " فِي تَضْرِبُ عَلَى مَعْنَى الْمُخَاطَبَةِ وَالِاسْتِقْبَالِ، وَالْيَاءُ فِي يَضْرِبُ عَلَى مَعْنَى الْغَيْبَةِ وَالِاسْتِقْبَالِ؟ وَكَذَا بَاقِي حُرُوفِ الْمُضَارَعَةِ، وَلَوْ جُعِلَ لِكُلِّ مَعْنًى لَفْظٌ يَتَبَيَّنُ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ يُرْجَعُ إلَيْهِ لَانْتَشَرَ الْكَلَامُ وَبَعُدَ الْإِفْهَامُ وَنَقَصَتْ الْقُوَّةُ.

[حَدّ الِاشْتِقَاق]

الثَّانِي فِي حَدِّهِ:

قَالَ الرُّمَّانِيُّ: هُوَ اقْتِطَاعُ فَرْعٍ مِنْ أَصْلٍ يَدُورُ فِي تَصَارِيفِ الْأَصْلِ قَالَ ابْنُ الْخَشَّابِ. وَهَذَا الْحَدُّ صَحِيحٌ وَهُوَ عَامٌّ لِكُلِّ اشْتِقَاقٍ صِنَاعِيٍّ وَغَيْرِ صِنَاعِيٍّ.

ص: 313

وَقَالَ الرُّمَّانِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: هُوَ الْإِنْشَاءُ عَنْ الْأَصْلِ فَرْعًا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَيْضًا مَا يَكُونُ مِنْهُ النَّحْتُ وَالتَّغْيِيرُ لِإِخْرَاجِ الْأَصْلِ بِالتَّأَمُّلِ كَأَنَّك تَشُقُّ الشَّيْءَ لِيَخْرُجَ مِنْهُ الْأَصْلُ، وَكَأَنَّ الْأَصْلَ مَدْفُونٌ فِيهِ، فَأَنْتَ تَشُقُّهُ لِتُخْرِجَهُ مِنْهُ.

قَالَ ابْنُ الْخَشَّابِ وَظَاهِرُهُ: أَنَّك اسْتَخْرَجْت الْأَصْلَ مِنْ الْفَرْعِ، وَإِنَّمَا الْحَقُّ أَنَّهُ رَدُّ الْفَرْعِ إلَى أَصْلِهِ بِمَعْنَى جَمْعِهِمَا، وَهُوَ خَاصٌّ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ بِالْأَصْلِ.

وَقَالَ الْمَيْدَانِيُّ: أَنْ تَجِدَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ تَنَاسُبًا فِي الْمَعْنَى وَالتَّرْكِيبِ، فَتَرُدَّ أَحَدَهُمَا إلَى الْآخَرِ.

وَقَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ: أَنْ يَنْتَظِمَ مِنْ الصِّفَتَيْنِ فَصَاعِدًا مَعْنًى وَاحِدٌ، وَهُوَ غَيْرُ مَانِعٍ فَإِنَّ الضَّارِبَ وَالْمَضْرُوبَ قَدْ انْتَظَمَا فِي مَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ الضَّرْبُ مَعَ أَنَّهُ لَا اشْتِقَاقَ فِيهِمَا، وَكَذَلِكَ يَنْتَظِمُ الْأَفْعَالُ كُلُّهَا فِي مَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ مَعْنَى الْمَصْدَرِ مَعَ أَنَّ بَعْضَهَا لَيْسَ مُشْتَقًّا مِنْ بَعْضٍ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الِاشْتِقَاقَ يَكُونُ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي يَنْتَظِمُهَا، وَهُوَ الضَّرْبُ مَثَلًا. وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ الِاشْتِقَاقَ يُحَدُّ تَارَةً بِاعْتِبَارِ الْعِلْمِ، وَتَارَةً بِاعْتِبَارِ الْعَمَلِ. فَفِي الْأَوَّلِ إذَا أَرَدْت تَقْرِيرَ أَنَّ الْكَلِمَةَ مِمَّ اشْتَقْت؟ فَإِنَّك تَرُدُّهَا إلَى آخَرَ لِتَعْرِفَ أَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ، وَالثَّانِي إذَا أَرَدْت أَنْ تَشْتَقَّ الْكَلِمَةَ مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّك تَأْخُذُهَا مِنْهُ، فَقَدْ جَعَلْتهَا مُشْتَقَّةً مِنْهُ، فَالتَّفَاوُتُ إنَّمَا يَحْصُلُ مِنْ الرَّدِّ وَالْأَخْذِ، فَهَذَا قَبْلَ الِاشْتِقَاقِ، وَالْأَوَّلُ بَعْدَهُ.

ص: 314

وَالْمُخْتَارُ عَلَى الْأَوَّلِ: أَنَّهُ رَدُّ لَفْظٍ إلَى آخَرَ أَبْسَطُ مَعْنًى مِنْهُ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا لِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى وَالْحُرُوفِ الْأَصْلِيَّةِ كَضَارِبٍ وَضَرَبَ مِنْ ضَرْبٍ، فَحَكَمْنَا بِاشْتِقَاقِ ضَرَبَ وَضَارِبٍ لِأَنَّ ضَرْبًا أَبْسَطُ مِنْهُ، وَالْبَسِيطُ قَبْلَ الْمُرَكَّبِ فَشَمِلَ اللَّفْظُ الْأَسْمَاءَ وَالْأَفْعَالَ عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ وَالْحُرُوفِ.

قَالَ ابْنِ جِنِّي: الِاشْتِقَاقُ كَمَا يَقَعُ فِي الْأَسْمَاءِ يَقَعُ فِي الْحُرُوفِ، فَإِنَّ " نَعَمْ " حَرْفُ جَوَابٍ. وَأَرَى أَنَّ نَعَمْ، وَالنِّعَمَ، وَالنَّعْمَاءَ، وَالنَّعِيمَ مُشْتَقَّةٌ مِنْهُ وَكَذَلِكَ أَنْعَمَ صَبَاحًا، لِأَنَّ الْجَوَابَ بِهِ مَحْبُوبٌ لِلْقُلُوبِ، وَكَذَلِكَ سَوَّفْت مِنْ " سَوْفَ " الَّذِي هُوَ حَرْفُ تَنْفِيسٍ، وَلَوْلَيْت إذَا قُلْت لَهُ: لَوْلَا، وَلَيْلَيْت إذَا قُلْت لَهُ: لَا لَا، ثُمَّ قَدْ يَكُونُ الْمَعْنَى الْمُشْتَقُّ حَقِيقَةً، كَضَارِبٍ مِنْ الضَّرْبِ، وَقَدْ يَكُونُ مَجَازًا عَلَى جِهَةِ الِاتِّسَاعِ نَحْوَ ضَرَبَ فِي الْغَنِيمَةِ وَغَيْرِهَا بِسَهْمٍ أَيْ أَخَذَ، وَضَارِبٍ لِفُلَانٍ بِمَالِهِ، وَمَالِ فُلَانٍ ضَرَبْت أَيْ: نِيلَ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا إذَا اقْتَسَمُوا غَنِيمَةً أَوْ غَيْرَهَا ضَرَبُوا عَلَيْهَا بِسِهَامِ الْقُرْعَةِ وَهِيَ الْأَقْلَامُ، ثُمَّ اضْطَرَدَ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَنْ أَخَذَ نَصِيبًا مِنْ شَيْءٍ قَدْ ضَرَبَ فِيهِ بِسَهْمٍ، وَالْمُضَارَبَةُ بِالْمَالِ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ السَّفَرُ، لِأَنَّ الْمُضَارِبَ يُسَافِرُ عَالِمًا لِيَطْلُبَ الرِّبْحَ، ثُمَّ اطَّرَدَ ذَلِكَ فِي كُلِّ مُسَافِرٍ وَإِنْ لَمْ يُضَارِبْ. وَخَرَجَ بِاشْتِرَاطِ الْمُنَاسَبَةِ مَا لَا يُنَاسِبُهُ أَصْلًا، وَبِالْحُرُوفِ عَمَّا لَا يُوَافِقُهُ فِي الْحُرُوفِ، بَلْ فِي الْمَعْنَى كَمَنْعٍ وَحَبْسٍ فَلَا يُقَالُ: إنَّ أَحَدَهُمَا مُشْتَقٌّ مِنْ الْآخَرِ، وَبِالْأَصْلِيَّةِ التَّنَاسُبُ فِي الزِّيَادَةِ كَدَخَلَ، فَإِنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الدُّخُولِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُوَافِقٍ مَصْدَرَهُ فِي الْوَاوِ، لِأَنَّهَا زَائِدَةٌ، وَالْمُنَاسَبَةُ فِي الْمَعْنَى مَا يُوَافِقُ فِي اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى، كَضَرَبَ بِمَعْنَى سَافَرَ، لَا يَكُونُ مُشْتَقًّا مِنْ الضَّرْبِ بِمَعْنَى الْقَتْلِ.

ص: 315