المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[خاتمة في أمرين يتعين الاهتمام بهما] - البحر المحيط في أصول الفقه - ط الكتبي - جـ ٢

[بدر الدين الزركشي]

فهرس الكتاب

- ‌[خِطَابُ الْوَضْعِ]

- ‌ السَّبَبِ

- ‌[مَسْأَلَةٌ لِلْأَسْبَابِ أَحْكَامٌ تُضَافُ إلَيْهَا]

- ‌[الْمَانِعُ]

- ‌[أَقْسَامُ الْمَانِعِ]

- ‌[مَسْأَلَة الصِّحَّة وَالْفَسَادِ]

- ‌[الصِّحَّةُ فِي الْعِبَادَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَقَائِقُ الشَّرْعِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَاهِيَّاتِ مِنْ عِبَادَةٍ وَعَقْدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الصِّحَّةُ لَا تَسْتَلْزِمُ الثَّوَابَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثَوَابُ الصَّلَاةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْزَاءُ هُوَ الِاكْتِفَاءُ بِالْفِعْلِ فِي سُقُوطِ الْأَمْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجَائِزُ مَا وَافَقَ الشَّرِيعَةَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يُقَابِلُ الصِّحَّةَ الْبُطْلَانُ]

- ‌[التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الرُّخْصَةُ وَالْعَزِيمَةُ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي مَدْلُولِهِمَا]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي الرُّخْصَة مِنْ أَيِّ الْخِطَابَيْنِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ أَقْسَامِ الرُّخْصَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَدَاءُ وَالْقَضَاءُ وَالْإِعَادَةُ]

- ‌[فَرْعٌ تَأْخِيرُ الْمَأْمُورِ بِهِ هَلْ يَكُونُ قَضَاءً]

- ‌[فَائِدَةٌ الْعِبَادَةُ الَّتِي تَقَعُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَتَكُونُ أَدَاءً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الْبَقَاءِ]

- ‌[التَّكْلِيفُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ حَسَنٌ فِي الْعُقُولِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ هَلْ يَكُونُ مُعْتَبَرًا بِالْأَصْلَحِ]

- ‌ الْمُكَلَّفِ

- ‌[فَرْعٌ تَكْلِيفُ مَنْ أَحُيِيَ بَعْدَ مَوْتِهِ]

- ‌[فُرُوعٌ الِانْشِغَالُ عَنْ الصَّلَاةِ بِلَعِبِ الشِّطْرَنْجِ]

- ‌[تَكْلِيف السَّكْرَان]

- ‌[التَّكْلِيفُ حَالَةَ الْإِكْرَاهِ عَلَى قِسْمَيْنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ بِالْفِعْلِ الَّذِي يَنْتَفِي شَرْطُ وُقُوعِهِ عِنْدَ وَقْتِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَعْدُومُ الَّذِي تَعَلَّقَ الْعِلْمُ بِوُجُودِهِ مَأْمُورٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُكَلَّفِ الْحُرِّيَّةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دُخُولُ الذُّكُورِ فِي الْإِنَاثِ فِي الْخِطَابِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكْلِيفُ الْجِنِّ]

- ‌[الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمُكَلَّفُ بِهِ]

- ‌[جَوَازُ تَكْلِيفِ الْمُحَالِ]

- ‌[وُقُوعُ التَّكَلُّفِ بِالْمُحَالِ]

- ‌[التَّكْلِيفُ بِمَا عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثُبُوتُ الْوُجُوبِ فِي الذِّمَّةِ لَا يُشْتَرَطْ فِيهِ الْإِمْكَانُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ خِطَابُ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْأَوَّلُ اسْتِحَالَةُ مُخَاطَبَةِ الْكَافِرِ بِإِنْشَاءِ فَرْعٍ عَلَى الصِّحَّةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الثَّانِي هَلْ يُخَاطَبُ الْكَافِرُ بِالْفُرُوعِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ اسْتِثْنَاءُ بَعْضِ الصُّوَرِ مِنْ تَكْلِيفُ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الرَّابِعُ سُقُوط حَقّ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ الْكَافِر إذَا أَسْلَمَ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْخَامِسُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي خِطَابِ التَّكْلِيفِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ السَّادِسُ حُصُولُ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ هَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي التَّكْلِيفِ]

- ‌[التَّنْبِيه السَّابِعُ الْإِمْكَانَ الْمُشْتَرِطَ فِي التَّكْلِيفِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ نَاجِزًا]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْحَادِيَ عَشَرَ قُرَبُ الْكُفَّارِ]

- ‌[جُنُونُ الْكَافِرِ قَبْلَ الْبُلُوغِ يَرْفَعُ عَنْهُ الْقَلَمَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ هَلْ يَتَوَجَّهُ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْفِعْلِ أَوْ قَبْلَهَا]

- ‌[تَقَدَّمَ الْأَمْرُ عَلَى وَقْتِ الْمَأْمُورِ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النِّيَابَةُ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِلتَّكْلِيفِ]

- ‌[مَبَاحِثُ الْكِتَابِ] [

- ‌تَعْرِيفُ الْقُرْآنِ]

- ‌[الْإِعْجَازُ فِي قِرَاءَةِ كَلَامِ اللَّهِ]

- ‌[إنْزَالُ الْقُرْآنِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ]

- ‌[الْأَلْفَاظُ غَيْرُ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُحْكَمُ وَالْمُتَشَابِهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وُرُودُ الْمُهْمَلِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا زَائِدَ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دَلَالَةُ الْكَلَامِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ]

- ‌[بَقَاءُ الْمُجْمَلِ فِي الْقُرْآنِ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّصُّ وَالظَّاهِرُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقِرَاءَاتُ السَّبْعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَيْسَتْ الْقِرَاءَاتُ اخْتِيَارِيَّةً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْبَسْمَلَةُ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ]

- ‌[مَبَاحِثُ اللُّغَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُفْرَدَاتُ مَوْضُوعَةٌ]

- ‌[الْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعُ]

- ‌[الْمَوْضُوعُ لَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَضْعُ اللَّفْظِ الْمَشْهُورِ فِي مَعْنًى خَفِيٍّ جِدًّا]

- ‌[مَعْنَى التَّوْقِيفِ]

- ‌[الْأَسْمَاءُ الَّتِي عَلَّمَهَا اللَّهُ آدَمَ]

- ‌[فَائِدَةٌ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَوْقِيفِيَّةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لِسَانُ الْعَرَبِ أَوْسَعُ الْأَلْسِنَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الِاحْتِجَاجُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثُبُوتُ اللُّغَةِ بِالْقِيَاسِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَغْيِيرُ الْأَلْفَاظِ اللُّغَوِيَّةِ]

- ‌[ثُبُوتُ الِاسْمِ الشَّرْعِيِّ بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[الْمُنَاسَبَةُ فِي الْوَضْعِ]

- ‌[تَقْسِيمُ الْأَلْفَاظِ تَقْسِيمُ الدَّلَالَةِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ وَالتَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ]

- ‌[أَقْسَامُ اللَّازِمِ]

- ‌[الْمُلَازَمَةُ الذِّهْنِيَّةُ شَرْطٌ فِي الدَّلَالَةِ الِالْتِزَامِيَّةِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ لَفْظِيَّةٌ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ قَدْ تَنْفَكُّ عَنْ التَّضَمُّنِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ]

- ‌[دَلَالَةُ الِاسْتِدْعَاءِ]

- ‌[انْقِسَامُ الْمُفْرَدِ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ]

- ‌[الْكُلِّيُّ وَالْجُزْئِيُّ]

- ‌[الطَّبِيعِيُّ وَالْمَنْطِقِيُّ وَالْعَقْلِيُّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ الْكُلِّيِّ وَالْكُلِّ]

- ‌[أَقْسَامُ الْكُلِّيِّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَرَضِيِّ اللَّازِمِ وَالذَّاتِيِّ]

- ‌[الْجُزْئِيُّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ عَلَمِ الْجِنْسِ وَعَلَمِ الشَّخْصِ وَاسْمِ الْجِنْس]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِسْبَةِ الْأَسْمَاءِ إلَى الْمُسَمَّيَاتِ]

- ‌[تَقْسِيمُ اللَّفْظِ الْمُرَكَّبِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْكَلَامِ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَعْنَى]

- ‌[خَاتِمَةٌ فِي أَمْرَيْنِ يَتَعَيَّنُ الِاهْتِمَامُ بِهِمَا]

- ‌[مَبَاحِثُ الِاشْتِقَاقِ]

- ‌[حَدّ الِاشْتِقَاق]

- ‌[فَائِدَةُ الِاشْتِقَاق]

- ‌[تَقْسِيم الِاشْتِقَاق]

- ‌[أَرْكَان الِاشْتِقَاق]

- ‌[أَقْسَام الِاشْتِقَاق]

- ‌[مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ فِي اشْتِقَاقِ الْأَفْعَالِ مِنْ الْمَصَادِرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ شَرْطُ صِدْقِ الْمُشْتَقِّ صِدْقُ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاشْتِقَاقُ مِنْ الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالشَّيْءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دَلَالَةُ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَقَّةِ]

- ‌[مَبَاحِثُ التَّرَادُفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ تَرَادُفٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي سَبَبِ التَّرَادُفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّرَادُفُ خِلَافُ الْأَصْلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اللُّغَاتُ مَا عَدَا الْعَرَبِيَّةَ سَوَاءٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَرَادُفُ الْحَدِّ وَالْمَحْدُودِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِتْبَاعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّأْكِيدُ وَاقِعٌ فِي اللُّغَةِ]

- ‌[هَلْ التَّأْكِيدُ حَقِيقَةٌ أَمْ مَجَازٌ]

- ‌[مَسْأَلَةُ التَّأْكِيدُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ]

- ‌[أَقْسَامُ التَّأْكِيدِ]

- ‌[مَبَاحِثُ الْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعِلْمُ بِكَوْنِ اللَّفْظِ مُشْتَرَكًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي حَقِيقَةِ وُقُوعِ الْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُشْتَرَكُ خِلَافُ الْغَالِبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اللَّفْظُ الْمُشْتَرَكُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُشْتَرَكُ لَهُ مَفْهُومَانِ فَصَاعِدًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَجَرُّدُ الْمُشْتَرَكِ مِنْ الْقَرِينَةِ]

- ‌[اقْتِرَانُ الْقَرِينَةِ بِالْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي حُكْمِ الْمُشْتَرَك بِالنِّسْبَةِ إلَى مَعْنَيَيْهِ أَوْ مَعَانِيهِ]

- ‌[تَنْبِيه الْخِلَافَ فِي حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعَانِيهِ]

- ‌[اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اتِّفَاقُ اللَّفْظَيْنِ وَاخْتِلَافُ الْمَعْنَيَيْنِ]

الفصل: ‌[خاتمة في أمرين يتعين الاهتمام بهما]

[خَاتِمَةٌ فِي أَمْرَيْنِ يَتَعَيَّنُ الِاهْتِمَامُ بِهِمَا]

مَبْحَثٌ الِاسْمُ عَيْنُ الْمُسَمَّى أَوْ غَيْرِهِ]

أَحَدُهُمَا: الْكَلَامُ فِي أَنَّ الِاسْمَ هَلْ هُوَ الْمُسَمَّى أَوْ غَيْرُهُ؟ وَقَدْ كَثُرَ خَبْطُ النَّاسِ فِيهَا، وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الْخِلَافَ غَيْرُ مُحَقَّقٍ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ الِاسْمُ هُوَ الْمُسَمَّى لَاحْتَرَقَ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِ النَّارِ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَهُ لَلَزِمَ كَذَا وَكَذَا، وَكُلُّ ذَلِكَ نَاشِئٌ عَنْ عَدَمِ فَهْمِ الْمَسْأَلَةِ.

فَنَقُولُ: إذَا سَمَّيْت شَيْئًا بِاسْمٍ، فَالنَّظَرُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: ذَلِكَ الِاسْمُ وَهُوَ اللَّفْظُ وَمَعْنَاهُ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ، وَمَعْنَاهُ بَعْدَهَا، وَهُوَ الذَّاتُ الَّتِي أُطْلِقَ عَلَيْهَا اللَّفْظُ، وَالذَّاتُ وَاللَّفْظُ مُتَغَايِرَانِ قَطْعًا، وَالنُّحَاةُ إنَّمَا يُطْلِقُونَ الِاسْمَ عَلَى اللَّفْظِ، لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَتَكَلَّمُونَ فِي الْأَلْفَاظِ، وَهُوَ غَيْرُ الْمُسَمَّى قَطْعًا عِنْدَ الْفَرِيقَيْنِ، وَالذَّاتُ هُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْفَرِيقَيْنِ، وَلَيْسَ هُوَ الِاسْمُ قَطْعًا.

وَالْخِلَافُ فِي الْأَمْرِ الثَّالِثِ، وَهُوَ مَعْنَى اللَّفْظِ قَبْلَ التَّلْقِيبِ، فَعَلَى قَوَاعِدِ الْمُتَكَلِّمِينَ يُطْلِقُونَ الِاسْمَ عَلَيْهِ وَيَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّهُ الثَّالِثُ أَوْ لَا فَالْخِلَافُ عِنْدَهُمْ حِينَئِذٍ فِي الِاسْمِ الْمَعْنَوِيِّ هَلْ هُوَ الْمُسَمَّى أَمْ لَا؟ لَا فِي الِاسْمِ اللَّفْظِيِّ، وَأَمَّا النُّحَاةُ فَلَا يُطْلِقُونَ الِاسْمَ عَلَى غَيْرِ اللَّفْظِ، لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَبْحَثُونَ فِي الْأَلْفَاظِ، وَالْمُتَكَلِّمُ لَا يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَمْنَعُ هَذَا الْإِطْلَاقَ، لِأَنَّهُ إطْلَاقُ اسْمِ الْمَدْلُولِ عَلَى الدَّالِّ، وَيُرِيدُ شَيْئًا دَعَاهُ عِلْمُ الْكَلَامِ إلَى تَحْقِيقِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَإِطْلَاقُهُمَا عَلَى الْبَارِي تَعَالَى.

مِثَالُهُ: إذَا قُلْت: عَبْدُ اللَّهِ أَنْفُ النَّاقَةِ، فَالنُّحَاةُ يُرِيدُونَ بِاللَّقَبِ لَفْظَ: أَنْفِ النَّاقَةِ، وَالْمُتَكَلِّمُونَ يُرِيدُونَ مَعْنَاهُ، وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ مِنْ مَدْحٍ أَوْ ذَمٍّ

ص: 307

وَقَوْلُ النُّحَاةِ: إنَّ اللَّقَبَ - وَيَعْنُونَ بِهِ اللَّفْظَ يُشْعِرُ بِضِعَةٍ أَوْ رِفْعَةٍ - لَا يُنَافِيهِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ مُشْعِرٌ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْمَعْنَى، وَالْمَعْنَى فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْمُقْتَضِي لِلضِّعَةِ أَوْ الرِّفْعَةِ، وَذَاتُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي اللَّقَبَ عِنْدَ الْفَرِيقَيْنِ، فَهَذَا تَنْقِيحُ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ الْخِلَافَ خَاصٌّ بِأَسْمَاءِ الْأَعْلَامِ الْمُشْتَقَّةِ لَا فِي كُلِّ اسْمٍ، وَالْمَقْصُودُ إنَّمَا هُوَ الْمَسْأَلَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِأُصُولِ الدِّينِ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ.

وَقَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ: التَّحْقِيقُ أَنَّ الِاسْمَ هُوَ الْمُسَمَّى مِنْ حَيْثُ الْمَدْلُولُ، وَهُوَ غَيْرُ الْمُسَمَّى مِنْ حَيْثُ الدَّلَالَةُ، فَإِنَّ الدَّلَالَةَ تَتَغَيَّرُ وَتَتَبَدَّلُ وَتَتَعَدَّدُ، وَالْمَدْلُولُ يَتَعَدَّدُ وَلَا يَتَبَدَّلُ.

وَقَالَ الشَّيْخُ بَهَاءُ الدِّينِ بْنُ النَّحَّاسِ: قَالَ شَيْخُنَا ابْنُ عَمْرُونٍ: هَذَا الْخِلَافُ لَفْظِيٌّ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا حَاجَةَ لِي إلَى الْخَوْضِ فِي ذَلِكَ، بَلْ أَقُولُ: بَدَلُ الِاسْمِ الْعِبَارَةُ، وَبَدَلُ الْمُسَمَّى الْمُعَبَّرُ عَنْهُ، وَهَذَا لَا نِزَاعَ فِيهِ.

وَقَالَ الشَّيْخُ بَهَاءُ الدِّينِ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ الصَّحِيحُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَاتٍ فَإِنَّا إذَا قُلْنَا: ضَرَبْت زَيْدًا أَوْ أَكْرَمْت، زَيْدًا لَا شَكَّ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِزَيْدٍ لَيْسَ هَذِهِ الْحُرُوفَ بَلْ الْمُسَمَّى، وَإِذَا قُلْنَا: كَتَبْت زَيْدًا، أَوْ مَحَوْت زَيْدًا لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ إلَّا هَذِهِ الْحُرُوفَ لَا الْمُسَمَّى، فَعَرَفْنَا أَنَّ الْخِلَافَ يَرْجِعُ إلَى اخْتِلَافِ عِبَارَاتٍ.

الثَّانِي: أَنَّ إثْبَاتَ الْفِعْلِ هَلْ يَسْتَدْعِي إثْبَاتَ مُطَاوِعِهِ أَمْ لَا؟ مِثَالُهُ:

ص: 308

إذَا قُلْت أَخْرَجْته، فَهَلْ يَسْتَدْعِي ذَلِكَ حُصُولَ الْخُرُوجِ أَوْ لَا يَسْتَدْعِيهِ؟ حَتَّى يَصِحَّ أَنْ تَقُولَ: أَخْرَجْته فَمَا خَرَجَ وَعَلَّمْته فَمَا تَعَلَّمَ، وَبِهَذَا صَرَّحَ فِي الْمَحْصُولِ " فِي الْكَلَامِ عَلَى أَنَّ اللُّغَةَ تَوْقِيفِيَّةٌ، وَيُنْسَبُ إلَى النِّهَايَةِ " لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ حِكَايَةٌ فِيهِ.

وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَوَارِدَ مُخْتَلِفَةٌ وَالِاسْتِعْمَالَانِ وَاقِعَانِ فِي الْعُرْفِ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْمَوَارِدِ.

وَنُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ عَلَاءِ الدِّينِ الْبَاجِيِّ: أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إلَى أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَسْتَدْعِي مُطَاوِعَهُ وَيَقُولُ: لَوْ لَمْ يَصِحَّ عَلَّمْته فَمَا تَعَلَّمَ لَمَا صَحَّ عَلَّمْته فَتَعَلَّمَ. يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ التَّعْلِيمَ لَوْ كَانَ عِلَّةً لِحُصُولِ الْعِلْمِ لَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بِالْفَاءِ، لِأَنَّ الْعِلَّةَ مَعَ مَعْلُولِهَا لَا تَعْقِيبَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ الْمَعْلُولَ يَتَأَخَّرُ لَمْ يَكُنْ فَائِدَةٌ فِي قَوْلِنَا: فَتَعَلَّمَ لِأَنَّ التَّعَلُّمَ فُهِمَ مِنْ قَوْلِنَا: عَلَّمْته، وَهَذَا كَلَامٌ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّا إنْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْعِلَّةَ غَيْرُ سَابِقَةٍ لِلْمَعْلُولِ زَمَنًا فَهِيَ سَابِقَةٌ بِالذَّاتِ إجْمَاعًا، وَذَلِكَ كَافٍ فِي تَعْقِيبِ مَعْلُولِهَا، فَإِنْ قُلْت: أَلَيْسَ يُقَالُ: كَسَرْته فَمَا انْكَسَرَ؟ فَمَا وَجْهُ صِحَّةِ قَوْلِنَا مَعَ ذَلِكَ عَلَّمْته فَمَا تَعَلَّمَ. قُلْت: فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ الْعِلْمَ فِي الْقَلْبِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى يَتَوَقَّفُ عَلَى أُمُورٍ مِنْ الْمُعَلِّمِ وَالْمُتَعَلِّمِ فَكَانَ عَلَّمْته مَوْضُوعًا لِلْجُزْءِ الَّذِي مِنْ الْعِلْمِ فَقَطْ لِعَدَمِ إمْكَانِ فِعْلٍ مِنْ الْمَخْلُوقِ يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ بِخِلَافِ الْكَسْرِ، فَإِنَّهُ أَثَرٌ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِانْكِسَارِ. وَرَجَّحَ بَعْضُ أَذْكِيَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الْفِعْلَ يَسْتَدْعِي حُصُولَ مُطَاوِعِهِ مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي} [الأعراف: 178] فَأَخْبَرَ عَنْ كُلِّ مَنْ هَدَاهُ بِأَنَّهُ اهْتَدَى، وَاهْتَدَى مُطَاوِعُ هَدَى، وَأَنَّهُ حَيْثُ وَجَدْنَاهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ مَجَازٌ، لَكِنْ يَشْهَدُ لِوُجُودِ الْفِعْلِ دُونَ

ص: 309

مُطَاوِعِهِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا} [الإسراء: 59] وَقَوْلُهُ: {وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلا طُغْيَانًا كَبِيرًا} [الإسراء: 60] فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَضَمَّنُ حُصُولَ التَّخْوِيفِ، وَلَمْ يَحْصُلْ لِلْكُفَّارِ خَوْفٌ أَعْنِي الْخَوْفَ النَّافِعَ الَّذِي يَصْرِفُهُمْ إلَى الْإِيمَانِ، فَإِنَّهُ هُوَ الْمُطَاوِعُ لِلتَّخْوِيفِ الْمُرَادِ فِي الْآيَةِ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} [فصلت: 17] فَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْهُدَى هُنَا بِمَعْنَى الدَّعْوَةِ لَا بِمَعْنَى الرَّشَادِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} [فصلت: 17] .

ص: 310