المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في الأعذار المسقطة للتكليف] - البحر المحيط في أصول الفقه - ط الكتبي - جـ ٢

[بدر الدين الزركشي]

فهرس الكتاب

- ‌[خِطَابُ الْوَضْعِ]

- ‌ السَّبَبِ

- ‌[مَسْأَلَةٌ لِلْأَسْبَابِ أَحْكَامٌ تُضَافُ إلَيْهَا]

- ‌[الْمَانِعُ]

- ‌[أَقْسَامُ الْمَانِعِ]

- ‌[مَسْأَلَة الصِّحَّة وَالْفَسَادِ]

- ‌[الصِّحَّةُ فِي الْعِبَادَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَقَائِقُ الشَّرْعِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَاهِيَّاتِ مِنْ عِبَادَةٍ وَعَقْدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الصِّحَّةُ لَا تَسْتَلْزِمُ الثَّوَابَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثَوَابُ الصَّلَاةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْزَاءُ هُوَ الِاكْتِفَاءُ بِالْفِعْلِ فِي سُقُوطِ الْأَمْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجَائِزُ مَا وَافَقَ الشَّرِيعَةَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يُقَابِلُ الصِّحَّةَ الْبُطْلَانُ]

- ‌[التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الرُّخْصَةُ وَالْعَزِيمَةُ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي مَدْلُولِهِمَا]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي الرُّخْصَة مِنْ أَيِّ الْخِطَابَيْنِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ أَقْسَامِ الرُّخْصَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَدَاءُ وَالْقَضَاءُ وَالْإِعَادَةُ]

- ‌[فَرْعٌ تَأْخِيرُ الْمَأْمُورِ بِهِ هَلْ يَكُونُ قَضَاءً]

- ‌[فَائِدَةٌ الْعِبَادَةُ الَّتِي تَقَعُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَتَكُونُ أَدَاءً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الْبَقَاءِ]

- ‌[التَّكْلِيفُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ حَسَنٌ فِي الْعُقُولِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ هَلْ يَكُونُ مُعْتَبَرًا بِالْأَصْلَحِ]

- ‌ الْمُكَلَّفِ

- ‌[فَرْعٌ تَكْلِيفُ مَنْ أَحُيِيَ بَعْدَ مَوْتِهِ]

- ‌[فُرُوعٌ الِانْشِغَالُ عَنْ الصَّلَاةِ بِلَعِبِ الشِّطْرَنْجِ]

- ‌[تَكْلِيف السَّكْرَان]

- ‌[التَّكْلِيفُ حَالَةَ الْإِكْرَاهِ عَلَى قِسْمَيْنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ بِالْفِعْلِ الَّذِي يَنْتَفِي شَرْطُ وُقُوعِهِ عِنْدَ وَقْتِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَعْدُومُ الَّذِي تَعَلَّقَ الْعِلْمُ بِوُجُودِهِ مَأْمُورٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُكَلَّفِ الْحُرِّيَّةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دُخُولُ الذُّكُورِ فِي الْإِنَاثِ فِي الْخِطَابِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكْلِيفُ الْجِنِّ]

- ‌[الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمُكَلَّفُ بِهِ]

- ‌[جَوَازُ تَكْلِيفِ الْمُحَالِ]

- ‌[وُقُوعُ التَّكَلُّفِ بِالْمُحَالِ]

- ‌[التَّكْلِيفُ بِمَا عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثُبُوتُ الْوُجُوبِ فِي الذِّمَّةِ لَا يُشْتَرَطْ فِيهِ الْإِمْكَانُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ خِطَابُ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْأَوَّلُ اسْتِحَالَةُ مُخَاطَبَةِ الْكَافِرِ بِإِنْشَاءِ فَرْعٍ عَلَى الصِّحَّةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الثَّانِي هَلْ يُخَاطَبُ الْكَافِرُ بِالْفُرُوعِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ اسْتِثْنَاءُ بَعْضِ الصُّوَرِ مِنْ تَكْلِيفُ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الرَّابِعُ سُقُوط حَقّ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ الْكَافِر إذَا أَسْلَمَ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْخَامِسُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي خِطَابِ التَّكْلِيفِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ السَّادِسُ حُصُولُ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ هَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي التَّكْلِيفِ]

- ‌[التَّنْبِيه السَّابِعُ الْإِمْكَانَ الْمُشْتَرِطَ فِي التَّكْلِيفِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ نَاجِزًا]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْحَادِيَ عَشَرَ قُرَبُ الْكُفَّارِ]

- ‌[جُنُونُ الْكَافِرِ قَبْلَ الْبُلُوغِ يَرْفَعُ عَنْهُ الْقَلَمَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ هَلْ يَتَوَجَّهُ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْفِعْلِ أَوْ قَبْلَهَا]

- ‌[تَقَدَّمَ الْأَمْرُ عَلَى وَقْتِ الْمَأْمُورِ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النِّيَابَةُ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِلتَّكْلِيفِ]

- ‌[مَبَاحِثُ الْكِتَابِ] [

- ‌تَعْرِيفُ الْقُرْآنِ]

- ‌[الْإِعْجَازُ فِي قِرَاءَةِ كَلَامِ اللَّهِ]

- ‌[إنْزَالُ الْقُرْآنِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ]

- ‌[الْأَلْفَاظُ غَيْرُ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُحْكَمُ وَالْمُتَشَابِهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وُرُودُ الْمُهْمَلِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا زَائِدَ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دَلَالَةُ الْكَلَامِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ]

- ‌[بَقَاءُ الْمُجْمَلِ فِي الْقُرْآنِ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّصُّ وَالظَّاهِرُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقِرَاءَاتُ السَّبْعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَيْسَتْ الْقِرَاءَاتُ اخْتِيَارِيَّةً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْبَسْمَلَةُ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ]

- ‌[مَبَاحِثُ اللُّغَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُفْرَدَاتُ مَوْضُوعَةٌ]

- ‌[الْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعُ]

- ‌[الْمَوْضُوعُ لَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَضْعُ اللَّفْظِ الْمَشْهُورِ فِي مَعْنًى خَفِيٍّ جِدًّا]

- ‌[مَعْنَى التَّوْقِيفِ]

- ‌[الْأَسْمَاءُ الَّتِي عَلَّمَهَا اللَّهُ آدَمَ]

- ‌[فَائِدَةٌ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَوْقِيفِيَّةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لِسَانُ الْعَرَبِ أَوْسَعُ الْأَلْسِنَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الِاحْتِجَاجُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثُبُوتُ اللُّغَةِ بِالْقِيَاسِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَغْيِيرُ الْأَلْفَاظِ اللُّغَوِيَّةِ]

- ‌[ثُبُوتُ الِاسْمِ الشَّرْعِيِّ بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[الْمُنَاسَبَةُ فِي الْوَضْعِ]

- ‌[تَقْسِيمُ الْأَلْفَاظِ تَقْسِيمُ الدَّلَالَةِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ وَالتَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ]

- ‌[أَقْسَامُ اللَّازِمِ]

- ‌[الْمُلَازَمَةُ الذِّهْنِيَّةُ شَرْطٌ فِي الدَّلَالَةِ الِالْتِزَامِيَّةِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ لَفْظِيَّةٌ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ قَدْ تَنْفَكُّ عَنْ التَّضَمُّنِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ]

- ‌[دَلَالَةُ الِاسْتِدْعَاءِ]

- ‌[انْقِسَامُ الْمُفْرَدِ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ]

- ‌[الْكُلِّيُّ وَالْجُزْئِيُّ]

- ‌[الطَّبِيعِيُّ وَالْمَنْطِقِيُّ وَالْعَقْلِيُّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ الْكُلِّيِّ وَالْكُلِّ]

- ‌[أَقْسَامُ الْكُلِّيِّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَرَضِيِّ اللَّازِمِ وَالذَّاتِيِّ]

- ‌[الْجُزْئِيُّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ عَلَمِ الْجِنْسِ وَعَلَمِ الشَّخْصِ وَاسْمِ الْجِنْس]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِسْبَةِ الْأَسْمَاءِ إلَى الْمُسَمَّيَاتِ]

- ‌[تَقْسِيمُ اللَّفْظِ الْمُرَكَّبِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْكَلَامِ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَعْنَى]

- ‌[خَاتِمَةٌ فِي أَمْرَيْنِ يَتَعَيَّنُ الِاهْتِمَامُ بِهِمَا]

- ‌[مَبَاحِثُ الِاشْتِقَاقِ]

- ‌[حَدّ الِاشْتِقَاق]

- ‌[فَائِدَةُ الِاشْتِقَاق]

- ‌[تَقْسِيم الِاشْتِقَاق]

- ‌[أَرْكَان الِاشْتِقَاق]

- ‌[أَقْسَام الِاشْتِقَاق]

- ‌[مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ فِي اشْتِقَاقِ الْأَفْعَالِ مِنْ الْمَصَادِرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ شَرْطُ صِدْقِ الْمُشْتَقِّ صِدْقُ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاشْتِقَاقُ مِنْ الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالشَّيْءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دَلَالَةُ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَقَّةِ]

- ‌[مَبَاحِثُ التَّرَادُفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ تَرَادُفٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي سَبَبِ التَّرَادُفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّرَادُفُ خِلَافُ الْأَصْلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اللُّغَاتُ مَا عَدَا الْعَرَبِيَّةَ سَوَاءٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَرَادُفُ الْحَدِّ وَالْمَحْدُودِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِتْبَاعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّأْكِيدُ وَاقِعٌ فِي اللُّغَةِ]

- ‌[هَلْ التَّأْكِيدُ حَقِيقَةٌ أَمْ مَجَازٌ]

- ‌[مَسْأَلَةُ التَّأْكِيدُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ]

- ‌[أَقْسَامُ التَّأْكِيدِ]

- ‌[مَبَاحِثُ الْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعِلْمُ بِكَوْنِ اللَّفْظِ مُشْتَرَكًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي حَقِيقَةِ وُقُوعِ الْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُشْتَرَكُ خِلَافُ الْغَالِبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اللَّفْظُ الْمُشْتَرَكُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُشْتَرَكُ لَهُ مَفْهُومَانِ فَصَاعِدًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَجَرُّدُ الْمُشْتَرَكِ مِنْ الْقَرِينَةِ]

- ‌[اقْتِرَانُ الْقَرِينَةِ بِالْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي حُكْمِ الْمُشْتَرَك بِالنِّسْبَةِ إلَى مَعْنَيَيْهِ أَوْ مَعَانِيهِ]

- ‌[تَنْبِيه الْخِلَافَ فِي حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعَانِيهِ]

- ‌[اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اتِّفَاقُ اللَّفْظَيْنِ وَاخْتِلَافُ الْمَعْنَيَيْنِ]

الفصل: ‌[فصل في الأعذار المسقطة للتكليف]

[فَصْلٌ فِي الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِلتَّكْلِيفِ]

فِي الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِلتَّكْلِيفِ السَّفَرُ

فَمِنْهَا: السَّفَرُ مُسْقِطٌ لِشَطْرِ الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ وَمُسَوِّغٌ لِإِخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِهَا، إذْ جَوَّزَ لَهُ الشَّرْعُ التَّأْخِيرَ بِنِسْبَةِ الْجَمْعِ تَرْخِيصًا، ثُمَّ مِنْهُ مَا ثَبَتَ لِمُطْلَقِ السَّفَرِ وَإِنْ قَصُرَ. وَعَدَّهَا الْغَزَالِيُّ أَرْبَعَةً: النَّفَلُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ، وَتَرْكُ الْجُمُعَةِ، وَالتَّيَمُّمُ، وَأَكْلُ الْمَيْتَةِ، وَقَدْ يُنَازَعُ فِي هَذَيْنِ فَإِنَّهُمَا لَا يَخْتَصَّانِ بِالسَّفَرِ.

وَمِنْهُ مَا يَخْتَصُّ بِالطَّوِيلِ. وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الْقَصْرُ، وَالْفِطْرُ، وَالْجَمْعُ، وَالْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.

الِاضْطِرَارُ

وَمِنْهَا: الِاضْطِرَارُ لِاسْتِبْقَاءِ الْمُهْجَةِ، رَخَّصَ لَهُ الشَّرْعُ بِتَنَاوُلِ الْمَيْتَةِ بَلْ أَوْجَبَهُ، لِأَنَّهَا إنَّمَا حُرِّمَتْ لِأَنَّ تَنَاوُلَهَا يُخِلُّ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَذَلِكَ لَا يُقَاوِمُ اسْتِبْقَاءَ الْمُهْجَةِ. الْجَهْلُ

وَمِنْهَا: الْجَهْلُ، وَلِهَذَا لَمْ يَجِبْ الْحَدُّ عَلَى مَنْ جَهِلَ تَحْرِيمَ الزِّنَا وَالْخَمْرِ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ، وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِجَهْلِهِ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ، وَلَا تَبْطُلُ

ص: 171

فَوْرِيَّةُ الْخِيَارِ بِجَهْلِهِ ثُبُوتَهُ، وَلَا يَكْفُرُ مُنْكِرُ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ الْخَفِيِّ كَتَوْرِيثِ بِنْتِ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ، السُّدُسَ.

وَفِي " تَعْلِيقِ " الْقَاضِي الْحُسَيْنِ فِي الْكَلَامِ عَلَى خَيْطِ الْخَيَّاطِ كُلُّ مَسْأَلَةٍ تَدِقُّ وَتَغْمُضُ مَعْرِفَتُهَا هَلْ يُعْذَرُ فِيهَا الْعَامِّيُّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَشَرَطَ الشَّافِعِيُّ فِي تَعْصِيَتِهِ الْبَيْعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ الْعِلْمَ بِالنَّهْيِ وَعَذَرَهُ بِالْجَهْلِ، وَكَذَا فِي النَّجْشِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّافِعِيُّ. خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ: إنَّهُ لَمْ يَشْرِطْهُ.

وَالصَّوَابُ: أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ فِي جَمِيعِ الْمَنَاهِي، وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيّ «آكِلُ الرِّبَا وَمُوَكِّلُهُ وَكَاتِبُهُ إذَا عَلِمُوا بِذَلِكَ مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . [الْخَطَأُ]

وَمِنْهَا: الْخَطَأُ بِأَنْ يَصْدُرَ مِنْهُ الْفِعْلُ بِغَيْرِ قَصْدٍ، وَلِهَذَا لَا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ لَكِنْ حَكَى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ حَرَامٌ، وَأَنْ لَا إثْمَ فِيهِ. حَكَاهُ عَنْهُ صَاحِبُ " الْبَيَانِ " فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَنَحْوِهِ حَتَّى لَا يُوصَفَ لَا بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ.

ص: 172

الْحَيْضُ]

وَمِنْهَا: الْحَيْضُ مُسْقِطٌ لِلصَّلَاةِ وَكَذَا الصَّوْمُ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ قَضَاؤُهُ بِأَمْرِ جَدِيدٍ. [الْمَرَضُ]

وَمِنْهَا: الْمَرَضُ مُسْقِطٌ لِلْقِيَامِ فِي الْفَرْضِ وَمُسَوِّغٌ لِإِخْرَاجِ الصَّوْمِ عَنْ وَقْتِهِ، وَيَلْتَحِقُ بِهِ دَائِمُ الْحَدَثِ كَالْمُسْتَحَاضَةِ، وَالسَّلَسُ مُسْقِطٌ لِحُكْمِ الطَّهَارَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ. [الرِّقُّ]

وَمِنْهَا: الرِّقُّ يُسْقِطُ الْجُمُعَةَ، وَكَذَلِكَ الْجَمَاعَةُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ قَطْعًا.

[الْإِكْرَاهُ]

وَمِنْهَا: الْإِكْرَاهُ الْمُبِيحُ لَهُ التَّلَفُّظُ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ، وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الِاسْتِسْلَامِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْقَتْلِ وَالزِّنَا.

وَفِي " الْمَبْسُوطِ " لِلْحَنَفِيَّةِ الْإِكْرَاهُ أَثَرُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي إلْغَاءِ عِبَارَتِهِ كَتَأْثِيرِ الصِّبَا وَالْجُنُونِ. وَعِنْدَنَا تَأْثِيرُهُ فِي سَلْبِ الرِّضَا، لَا فِي إهْدَارِ عِبَارَتِهِ، حَتَّى كَأَنَّ مُتَصَرِّفَاتِهِ مُنْعَقِدَةٌ، وَلَكِنْ مَا يُعْتَمَدُ لُزُومُهُ الرِّضَا كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِمَا لَا يَلْزَمُ، وَمَا لَا يَعْتَمِدُ الرِّضَا يَلْزَمُ كَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقُ، وَالْعَتَاقُ.

ص: 173

قَالَ السَّرَخْسِيُّ: قَدْ اسْتَكْثَرَ مُحَمَّدٌ رحمه الله الِاسْتِدْلَالَ بِالْآثَارِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْإِكْرَاهِ، وَهَذَا لَا يُزِيلُ الْخِطَابَ حَتَّى يَتَنَوَّعَ أَفْعَالُهُ إلَى مُبَاحٍ وَوَاجِبٍ وَحَرَامٍ. فَالْوَاجِبُ شُرْبُ الْخَمْرِ وَأَكْلُ الْمَيْتَةِ وَتَارَةً قَتْلُ النَّفْسِ وَالزِّنَا، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْخِطَابِ.

قَالَ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ: وَجُمْلَةُ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْإِنْسَانِ النَّظَرُ أَوَّلًا، ثُمَّ الْمَعْرِفَةُ ثَانِيًا، ثُمَّ الْعِبَادَاتُ. فَالشَّافِعِيُّ يَقُولُ: الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ سَاقِطَةٌ عَنْ الصَّبِيِّ دُونَ الْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ، وَالْعِبَادَاتُ الْمَالِيَّةُ إذَا أُخِذَتْ مِنْ مَالِهِ، فَلَا نَقُولُ: يَسْتَحِقُّ بِهَا ثَوَابَ مَنْ يُمْتَحَنُ بِتَنْقِيصِ الْمِلْكِ، وَمَرَاغِمِ الشَّيْطَانِ الَّذِي يَعِدُ الْفَقْرَ، وَلَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ نَظَرًا لِلْفُقَرَاءِ لَا نَظَرًا لِلصَّبِيِّ الْمُؤَدِّي. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِنَا: إنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْهُ بِاعْتِبَارِ الْمُوَاسَاةِ لَا بِاعْتِبَارِ الْعِبَادَةِ. فَعَلَى هَذَا لَيْسَ عَلَى الصَّبِيِّ عِبَادَةٌ مَالِيَّةٌ وَلَا بَدَنِيَّةٌ، وَإِنَّمَا الْمَأْخُوذُ مِنْ مَالِهِ نَفَقَةُ أُخُوَّةِ الدِّينِ.

ثُمَّ لَا يَلْزَمُ قَضَاءُ الْعِبَادَاتِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، لِعِلْمِ الشَّرْعِ بِأَنَّ ذَلِكَ يَجُرُّ حَرَجًا عَظِيمًا مِنْ حَيْثُ إنَّ الصَّبِيَّ عَامٌّ فِي أَصْلِ الْفِطْرَةِ، وَقَدْ صَحَّ قَطْعًا مُدَّةٌ مَدِيدَةٌ. وَالْجُنُونُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُسْقِطُ الْقَضَاءَ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِدَوَامِهِ، وَلَا أَنَّهُ عَامٌّ فَلَيْسَ مُلْتَحِقًا بِالصَّبِيِّ مَعَ الْفَرْقِ الْقَاطِعِ. وَلَكِنْ لِأَنَّ أَصْلَهُ مُسْقِطٌ لِلْقَضَاءِ وَمَقَادِيرُهُ مُلْحِقَةٌ بِأَصْلِهِ. وَأَبُو حَنِيفَةَ يُلْحِقُ تَفَاصِيلَهُ بِأَصْلٍ آخَرَ: وَهُوَ الْإِغْمَاءُ، وَنَظَرُ الشَّافِعِيِّ أَوْلَى. وَيَتَّصِلُ بِذَلِكَ أَنَّ عَقْلَهُ وَتَمْيِيزَهُ يَقْتَضِي تَصْحِيحَ عِبَارَتِهِ إلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: فَسَدَتْ عِبَارَتُهُ فِيمَا صَارَ بِوَلِيٍّ عَلَيْهِ فِيهَا، وَأَمَّا مَا لَمْ يَصِرْ مُوَلَّى عَلَيْهِ فِيهَا فَفَاسِدٌ فِيمَا يَضُرُّهُ، صَحِيحٌ فِيمَا يَنْفَعُهُ،

ص: 174

حَتَّى لَوْ قَالَ: أَنَا جَائِعٌ يُسْمَعُ مِنْهُ وَيُطْعَمُ وَأَبُو حَنِيفَةَ فَصَّلَ فَقَالَ: وَالْأَعْذَارُ الْمُسْقِطَةُ لِلْوُجُوبِ بَعْدَ الْبُلُوغِ تِسْعَةٌ: جُنُونٌ وَنَوْمٌ وَإِغْمَاءٌ وَنِسْيَانٌ وَخَطَأٌ وَإِكْرَاهٌ وَجَهْلٌ بِأَسْبَابِ الْوُجُوبِ وَحَيْضٌ وَرِقٌّ.

فَالْجُنُونُ رَآهُ أَبُو حَنِيفَةَ شَبِيهًا بِالصَّبِيِّ فِي عَدَمِ الْعَقْلِ بِالْجُنُونِ مِنْ أَصْلِهِ، وَالصَّبِيُّ فِي كَمَالِهِ، وَأَلْحَقَهُ بِهِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، وَالصِّبَا يَمْنَعُ وُجُوبَ حُقُوقِ اللَّهِ كُلِّهَا مَالِيِّهَا وَبَدَنِيِّهَا، وَعِنْدَنَا لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ.

وَالسَّفَهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْعِبَادَاتِ إجْمَاعًا وَفِي الطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ بِالدَّمِ، وَيُؤَثِّرُ فِي التَّصَرُّفَاتِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ.

وَالنَّوْمُ وَالْإِغْمَاءُ يَمْنَعَانِ اسْتِكْمَالَ الْعَقْلِ، فَلَمْ نَعْتَبِرْ النَّوْمَ لِشَيْءٍ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِلْعِبَادَةِ، وَفِي الْعِبَادَةِ كَلَامٌ.

وَالسُّكْرُ وَإِنْ شَابَهَ الْإِغْمَاءَ فِي الصُّورَةِ وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ مَقْصُودًا لِلْعُقَلَاءِ صَارَ السَّكْرَانُ كَالصَّاحِي وَمَا يَقْتَضِي النِّسْيَانَ وَالْإِكْرَاهَ وَالرِّقَّ عُذْرٌ يُسْتَقْصَى فِي الْفِقْهِ.

وَالْكُفْرُ لَيْسَ مُسْقِطًا لِلْخِطَابِ عِنْدَنَا وَلَكِنَّ الشَّرْعَ رَخَّصَ مَعَ وُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ بِإِسْقَاطِ الْقَضَاءِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَرَخَّصَ بِإِسْقَاطِ ضَمَانِ الْمُتْلِفَاتِ، وَرَخَّصَ تَصْحِيحُ أَنْكِحَتِهِمْ وَمُعَامَلَتِهِمْ كَثِيرًا مِمَّا يُخَالِفُ وَضْعَ الشَّرْعِ تَرْغِيبًا لَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ. وَكُلُّ ذَلِكَ مُسْتَقْصًى فِي الْفِقْهِ. فَهَذَا مَجْمُوعُ الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ مَعَ وُجُودِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ رَجَّحَ سَبَبًا عَلَى سَبَبٍ مِنْ

ص: 175

غَيْرِ أَنْ يَظْهَرَ عِنْدَ تَفَاوُتِ مَرَاتِبِ الْأَدِلَّةِ فِي بَعْضِهَا. [الصِّبَا]

وَاعْلَمْ أَنَّ الصِّبَا، إنَّمَا يَنْتَصِبُ عُذْرًا فِي الْعِبَادَاتِ الَّتِي تَقَرَّرَ وُجُوبُهَا بِالشَّرْعِ، وَمَنْ قَالَ: إنَّ وُجُوبَ الْإِسْلَامِ بِالْعَقْلِ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُقَدِّرَ الصِّبَا عُذْرًا أَصْلًا، وَيَقُولُ: يَجِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُعَاقِبَهُ وَهُوَ قَوْلٌ بَاطِلٌ، وَبَنَى عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ صِحَّةُ إسْلَامِهِ عَلَى مَعْنَى تَعَلُّقِ الْأَحْكَامِ بِهِ لِتَرَتُّبِهَا عَلَى الْإِسْلَامِ الْمَرْفُوعِ، وَأَبْطَلَهُ الشَّافِعِيُّ، لِأَنَّهُ لَمْ يُظْهِرْ انْطِوَاءَ ضَمِيرِهِ، أَوْ يَقُولُ: لَا يُحْتَمَلُ الْإِسْلَامُ إلَّا فَرْضًا، وَلَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُهُ فَرْضًا فَخَرَجَ لِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ مَشْرُوعًا.

ص: 176