الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالنَّوْمِ يَقْضِي الصَّلَاةَ مَعَ ارْتِفَاعِ قَلَمِ التَّكْلِيفِ عَنْ النَّائِمِ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْوُجُوبُ مُضَافًا إلَى أَسْبَابٍ شَرْعِيَّةٍ دُونَ الْخِطَابِ وَجَبَ الْقَضَاءُ لِذَلِكَ.
وَزَعَمُوا أَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الصَّلَاةِ الْوَقْتُ، وَالصَّوْمِ الشَّهْرُ، وَتَسَلَّقُوا بِهِ إلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَى الْمَجْنُونِ إذَا أَفَاقَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ، إذْ الْوُجُوبُ بِالسَّبَبِ وَهُوَ الشَّهْرُ، وَقَدْ وُجِدَ، وَعِنْدَنَا لَا وُجُوبَ إلَّا بِالْخِطَابِ لَا بِالْأَسْبَابِ.
[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ حَسَنٌ فِي الْعُقُولِ]
التَّكْلِيفُ حَسَنٌ فِي الْعُقُولِ إذَا تَوَجَّهَ إلَى مَنْ عُلِمَتْ طَاعَتُهُ، وَاخْتُلِفَ فِي حُسْنِهِ إذَا تَوَجَّهَ إلَى مَنْ عُرِفَتْ مَعْصِيَتُهُ، فَاسْتَحْسَنَهُ الْمُعْتَزِلَةُ، لِأَنَّ فِيهِ تَعْرِيضًا لِلثَّوَابِ، وَلَمْ يَسْتَحْسِنْهُ الْأَشْعَرِيَّةُ، لِأَنَّهُ بِالْمَعْصِيَةِ مُعَرَّضٌ لِلْعِقَابِ.
كَذَا حَكَاهُ صَاحِبُ دَلَائِلِ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ ". قَالَ: وَالْأَوَّلُ: أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الْفُقَهَاءِ. قَالَ: وَلَمْ أَعْرِفْ لَهُمْ فِيهِ قَوْلًا.
[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ هَلْ يَكُونُ مُعْتَبَرًا بِالْأَصْلَحِ]
اُخْتُلِفَ فِي التَّكْلِيفِ هَلْ يَكُونُ مُعْتَبَرًا بِالْأَصْلَحِ؟
فَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّهُ مُعْتَبَرٌ بِالْأَصْلَحِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ مَنْفَعَةُ الْعِبَادِ.
وَذَهَبَ الْفُقَهَاءُ وَجَمْعٌ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ وَهُوَ الْمَنْسُوبُ إلَى الْأَشْعَرِيَّةِ إلَى أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ مَصْلَحَةٍ وَغَيْرِهَا، لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِجَمِيعِهَا، فَمَنْ اعْتَبَرَ بِالْأَصْلَحِ مَنَعَ مِنْ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ، وَبِهِ يَصِحُّ تَكْلِيفُ مَا لَحِقَتْ فِيهِ الْمَشَقَّةُ الْمُحْتَمَلَةُ.
وَاخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ التَّكْلِيفِ بِمَا لَا مَشَقَّةَ فِيهِ، فَجَوَّزَهَا الْفُقَهَاءُ، وَمَنَعَ مِنْهَا بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَقَدْ وَرَدَ التَّعَبُّدُ بِتَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ، مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إلَى الْكَعْبَةِ، وَلَيْسَ فِيهِ مَشَقَّةٌ.
قَالَ الْقَاضِي: وَمُتَعَلَّقُ التَّكْلِيفِ اكْتِسَابُ الْعَبْدِ الْأَفْعَالَ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِذَوَاتِهَا وَلَا بِحُدُوثِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمْ. التَّكْلِيفُ مُتَعَلِّقٌ بِالْإِيجَادِ وَالْإِحْدَاثِ، وَأَصْلُ الْخِلَافِ خَلْقُ الْأَفْعَالِ عِنْدَهُمْ. وَلَا يُعْقَلُ التَّكْلِيفُ إلَّا بِاجْتِمَاعِ أَرْبَعَةِ أُمُورٍ: التَّكْلِيفُ وَهُوَ الْمَصْدَرُ، وَالْمُكَلَّفُ وَهُوَ مَنْ يَقُومُ بِهِ التَّكْلِيفُ، وَأَصْلُهُ طَالِبٌ مُلْزِمٌ، لَكِنْ قَدْ حَقَّقْنَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا طَاعَةَ اللَّهِ، وَطَاعَةَ مَنْ أَوْجَبَ طَاعَتَهُ الْمُكَلَّفُ، وَهُوَ الَّذِي اسْتَدْعَى مِنْهُ الْفِعْلَ، وَالْمُكَلَّفُ بِهِ هُوَ الْمَطْلُوبُ، وَإِنَّمَا يُشْتَقُّ اسْمُ الْفَاعِلِ، أَوْ الْمَفْعُولِ مِنْ الْمَصَادِرِ، فَلِهَذَا قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى