المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[دلالة المطابقة والتضمن والالتزام] - البحر المحيط في أصول الفقه - ط الكتبي - جـ ٢

[بدر الدين الزركشي]

فهرس الكتاب

- ‌[خِطَابُ الْوَضْعِ]

- ‌ السَّبَبِ

- ‌[مَسْأَلَةٌ لِلْأَسْبَابِ أَحْكَامٌ تُضَافُ إلَيْهَا]

- ‌[الْمَانِعُ]

- ‌[أَقْسَامُ الْمَانِعِ]

- ‌[مَسْأَلَة الصِّحَّة وَالْفَسَادِ]

- ‌[الصِّحَّةُ فِي الْعِبَادَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَقَائِقُ الشَّرْعِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَاهِيَّاتِ مِنْ عِبَادَةٍ وَعَقْدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الصِّحَّةُ لَا تَسْتَلْزِمُ الثَّوَابَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثَوَابُ الصَّلَاةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْزَاءُ هُوَ الِاكْتِفَاءُ بِالْفِعْلِ فِي سُقُوطِ الْأَمْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجَائِزُ مَا وَافَقَ الشَّرِيعَةَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يُقَابِلُ الصِّحَّةَ الْبُطْلَانُ]

- ‌[التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الرُّخْصَةُ وَالْعَزِيمَةُ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي مَدْلُولِهِمَا]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي الرُّخْصَة مِنْ أَيِّ الْخِطَابَيْنِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ أَقْسَامِ الرُّخْصَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَدَاءُ وَالْقَضَاءُ وَالْإِعَادَةُ]

- ‌[فَرْعٌ تَأْخِيرُ الْمَأْمُورِ بِهِ هَلْ يَكُونُ قَضَاءً]

- ‌[فَائِدَةٌ الْعِبَادَةُ الَّتِي تَقَعُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَتَكُونُ أَدَاءً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الْبَقَاءِ]

- ‌[التَّكْلِيفُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ حَسَنٌ فِي الْعُقُولِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ هَلْ يَكُونُ مُعْتَبَرًا بِالْأَصْلَحِ]

- ‌ الْمُكَلَّفِ

- ‌[فَرْعٌ تَكْلِيفُ مَنْ أَحُيِيَ بَعْدَ مَوْتِهِ]

- ‌[فُرُوعٌ الِانْشِغَالُ عَنْ الصَّلَاةِ بِلَعِبِ الشِّطْرَنْجِ]

- ‌[تَكْلِيف السَّكْرَان]

- ‌[التَّكْلِيفُ حَالَةَ الْإِكْرَاهِ عَلَى قِسْمَيْنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ بِالْفِعْلِ الَّذِي يَنْتَفِي شَرْطُ وُقُوعِهِ عِنْدَ وَقْتِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَعْدُومُ الَّذِي تَعَلَّقَ الْعِلْمُ بِوُجُودِهِ مَأْمُورٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُكَلَّفِ الْحُرِّيَّةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دُخُولُ الذُّكُورِ فِي الْإِنَاثِ فِي الْخِطَابِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكْلِيفُ الْجِنِّ]

- ‌[الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمُكَلَّفُ بِهِ]

- ‌[جَوَازُ تَكْلِيفِ الْمُحَالِ]

- ‌[وُقُوعُ التَّكَلُّفِ بِالْمُحَالِ]

- ‌[التَّكْلِيفُ بِمَا عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثُبُوتُ الْوُجُوبِ فِي الذِّمَّةِ لَا يُشْتَرَطْ فِيهِ الْإِمْكَانُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ خِطَابُ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْأَوَّلُ اسْتِحَالَةُ مُخَاطَبَةِ الْكَافِرِ بِإِنْشَاءِ فَرْعٍ عَلَى الصِّحَّةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الثَّانِي هَلْ يُخَاطَبُ الْكَافِرُ بِالْفُرُوعِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ اسْتِثْنَاءُ بَعْضِ الصُّوَرِ مِنْ تَكْلِيفُ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الرَّابِعُ سُقُوط حَقّ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ الْكَافِر إذَا أَسْلَمَ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْخَامِسُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي خِطَابِ التَّكْلِيفِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ السَّادِسُ حُصُولُ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ هَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي التَّكْلِيفِ]

- ‌[التَّنْبِيه السَّابِعُ الْإِمْكَانَ الْمُشْتَرِطَ فِي التَّكْلِيفِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ نَاجِزًا]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْحَادِيَ عَشَرَ قُرَبُ الْكُفَّارِ]

- ‌[جُنُونُ الْكَافِرِ قَبْلَ الْبُلُوغِ يَرْفَعُ عَنْهُ الْقَلَمَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ هَلْ يَتَوَجَّهُ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْفِعْلِ أَوْ قَبْلَهَا]

- ‌[تَقَدَّمَ الْأَمْرُ عَلَى وَقْتِ الْمَأْمُورِ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النِّيَابَةُ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِلتَّكْلِيفِ]

- ‌[مَبَاحِثُ الْكِتَابِ] [

- ‌تَعْرِيفُ الْقُرْآنِ]

- ‌[الْإِعْجَازُ فِي قِرَاءَةِ كَلَامِ اللَّهِ]

- ‌[إنْزَالُ الْقُرْآنِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ]

- ‌[الْأَلْفَاظُ غَيْرُ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُحْكَمُ وَالْمُتَشَابِهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وُرُودُ الْمُهْمَلِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا زَائِدَ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دَلَالَةُ الْكَلَامِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ]

- ‌[بَقَاءُ الْمُجْمَلِ فِي الْقُرْآنِ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّصُّ وَالظَّاهِرُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقِرَاءَاتُ السَّبْعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَيْسَتْ الْقِرَاءَاتُ اخْتِيَارِيَّةً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْبَسْمَلَةُ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ]

- ‌[مَبَاحِثُ اللُّغَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُفْرَدَاتُ مَوْضُوعَةٌ]

- ‌[الْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعُ]

- ‌[الْمَوْضُوعُ لَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَضْعُ اللَّفْظِ الْمَشْهُورِ فِي مَعْنًى خَفِيٍّ جِدًّا]

- ‌[مَعْنَى التَّوْقِيفِ]

- ‌[الْأَسْمَاءُ الَّتِي عَلَّمَهَا اللَّهُ آدَمَ]

- ‌[فَائِدَةٌ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَوْقِيفِيَّةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لِسَانُ الْعَرَبِ أَوْسَعُ الْأَلْسِنَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الِاحْتِجَاجُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثُبُوتُ اللُّغَةِ بِالْقِيَاسِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَغْيِيرُ الْأَلْفَاظِ اللُّغَوِيَّةِ]

- ‌[ثُبُوتُ الِاسْمِ الشَّرْعِيِّ بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[الْمُنَاسَبَةُ فِي الْوَضْعِ]

- ‌[تَقْسِيمُ الْأَلْفَاظِ تَقْسِيمُ الدَّلَالَةِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ وَالتَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ]

- ‌[أَقْسَامُ اللَّازِمِ]

- ‌[الْمُلَازَمَةُ الذِّهْنِيَّةُ شَرْطٌ فِي الدَّلَالَةِ الِالْتِزَامِيَّةِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ لَفْظِيَّةٌ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ قَدْ تَنْفَكُّ عَنْ التَّضَمُّنِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ]

- ‌[دَلَالَةُ الِاسْتِدْعَاءِ]

- ‌[انْقِسَامُ الْمُفْرَدِ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ]

- ‌[الْكُلِّيُّ وَالْجُزْئِيُّ]

- ‌[الطَّبِيعِيُّ وَالْمَنْطِقِيُّ وَالْعَقْلِيُّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ الْكُلِّيِّ وَالْكُلِّ]

- ‌[أَقْسَامُ الْكُلِّيِّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَرَضِيِّ اللَّازِمِ وَالذَّاتِيِّ]

- ‌[الْجُزْئِيُّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ عَلَمِ الْجِنْسِ وَعَلَمِ الشَّخْصِ وَاسْمِ الْجِنْس]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِسْبَةِ الْأَسْمَاءِ إلَى الْمُسَمَّيَاتِ]

- ‌[تَقْسِيمُ اللَّفْظِ الْمُرَكَّبِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْكَلَامِ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَعْنَى]

- ‌[خَاتِمَةٌ فِي أَمْرَيْنِ يَتَعَيَّنُ الِاهْتِمَامُ بِهِمَا]

- ‌[مَبَاحِثُ الِاشْتِقَاقِ]

- ‌[حَدّ الِاشْتِقَاق]

- ‌[فَائِدَةُ الِاشْتِقَاق]

- ‌[تَقْسِيم الِاشْتِقَاق]

- ‌[أَرْكَان الِاشْتِقَاق]

- ‌[أَقْسَام الِاشْتِقَاق]

- ‌[مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ فِي اشْتِقَاقِ الْأَفْعَالِ مِنْ الْمَصَادِرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ شَرْطُ صِدْقِ الْمُشْتَقِّ صِدْقُ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاشْتِقَاقُ مِنْ الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالشَّيْءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دَلَالَةُ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَقَّةِ]

- ‌[مَبَاحِثُ التَّرَادُفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ تَرَادُفٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي سَبَبِ التَّرَادُفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّرَادُفُ خِلَافُ الْأَصْلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اللُّغَاتُ مَا عَدَا الْعَرَبِيَّةَ سَوَاءٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَرَادُفُ الْحَدِّ وَالْمَحْدُودِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِتْبَاعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّأْكِيدُ وَاقِعٌ فِي اللُّغَةِ]

- ‌[هَلْ التَّأْكِيدُ حَقِيقَةٌ أَمْ مَجَازٌ]

- ‌[مَسْأَلَةُ التَّأْكِيدُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ]

- ‌[أَقْسَامُ التَّأْكِيدِ]

- ‌[مَبَاحِثُ الْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعِلْمُ بِكَوْنِ اللَّفْظِ مُشْتَرَكًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي حَقِيقَةِ وُقُوعِ الْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُشْتَرَكُ خِلَافُ الْغَالِبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اللَّفْظُ الْمُشْتَرَكُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُشْتَرَكُ لَهُ مَفْهُومَانِ فَصَاعِدًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَجَرُّدُ الْمُشْتَرَكِ مِنْ الْقَرِينَةِ]

- ‌[اقْتِرَانُ الْقَرِينَةِ بِالْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي حُكْمِ الْمُشْتَرَك بِالنِّسْبَةِ إلَى مَعْنَيَيْهِ أَوْ مَعَانِيهِ]

- ‌[تَنْبِيه الْخِلَافَ فِي حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعَانِيهِ]

- ‌[اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اتِّفَاقُ اللَّفْظَيْنِ وَاخْتِلَافُ الْمَعْنَيَيْنِ]

الفصل: ‌[دلالة المطابقة والتضمن والالتزام]

وَالْإِفْهَامُ صِفَةُ الْمُتَكَلِّمِ، أَوْ صِفَةُ اللَّفْظِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ، وَهَذِهِ دَلَالَةٌ بِالْقُوَّةِ. أَمَّا الدَّلَالَةُ بِالْفِعْلِ فَهِيَ إفَادَتُهُ الْمَعْنَى الْمَوْضُوعَ لَهُ.

وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ فِيهِ شُرُوطًا ثَلَاثَةً: أَنْ لَا يَبْتَدِئَهُ بِمَا يُخَالِفُهُ، وَلَا يَخْتِمَهُ بِمَا يُخَالِفُهُ، وَأَنْ يَصْدُرَ عَنْ قَصْدٍ فَلَا اعْتِبَارَ بِكَلَامِ السَّاهِي النَّائِمِ، وَالْقَصْدُ مِنْ هَذَا: أَنْ يُجْعَلَ سُكُوتُ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى كَلَامِهِ كَالْجُزْءِ مِنْ اللَّفْظِ، وَيُلْتَحَقُ بِالْقَرَائِنِ اللَّفْظِيَّةِ، وَهِيَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ غَيْرُ الدَّلَالَةِ بِاللَّفْظِ، لِأَنَّ الدَّلَالَةَ بِاللَّفْظِ هِيَ الِاسْتِدْلَال بِهِ، هُوَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْمَعْنَى الْمُرَادِ، فَهُوَ صِفَةُ الْمُتَكَلِّمِ، وَالدَّلَالَةُ صِفَةُ اللَّفْظِ أَوْ السَّامِعِ، وَقَدْ أَطْنَبَ الْقَرَافِيُّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِمَا حَاصِلُهُ هَذَا.

وَهِيَ تَنْقَسِمُ إلَى لَفْظِيَّةٍ وَغَيْرِ لَفْظِيَّةٍ، وَالثَّانِيَةُ قَدْ تَكُونُ وَضْعِيَّةً كَدَلَالَةِ وُجُودِ الْمَشْرُوطِ عَلَى وُجُودِ الشَّرْطِ، وَعَقْلِيَّةً كَدَلَالَةِ الْأَثَرِ عَلَى الْمُؤَثِّرِ كَدَلَالَةِ الدُّخَانِ عَلَى النَّارِ وَبِالْعَكْسِ.

[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ وَالتَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ]

وَالْأَوَّلُ: أَعْنِي اللَّفْظِيَّةَ تَنْقَسِمُ إلَى عَقْلِيَّةٍ كَدَلَالَةِ الصَّوْتِ عَلَى حَيَاةِ صَاحِبِهِ، وَطَبِيعِيَّةٍ كَدَلَالَةِ " أَحْ " عَلَى وَجَعٍ فِي الصَّدْرِ، وَوَضْعِيَّةٍ وَتَنْحَصِرُ فِي ثَلَاثَةٍ: الْمُطَابَقَةُ وَالتَّضَمُّنُ وَالِالْتِزَامُ، لِأَنَّ اللَّفْظَ إمَّا أَنْ يَدُلَّ عَلَى تَمَامِ مَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا.

وَالْأَوَّلُ: الْمُطَابَقَةُ كَدَلَالَةِ الْإِنْسَانِ عَلَى الْحَيَوَانِ النَّاطِقِ، وَالثَّانِي إمَّا أَنْ يَكُونَ جُزْءَ مُسَمَّاهُ أَوْ لَا وَالْأَوَّلُ دَلَالَةُ التَّضَمُّنِ كَدَلَالَةِ الْإِنْسَانِ عَلَى الْحَيَوَانِ وَحْدَهُ أَوْ النَّاطِقِ وَحْدَهُ، وَكَدَلَالَةِ النَّوْعِ عَلَى الْجِنْسِ، وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ خَارِجًا عَنْ مُسَمَّاهُ وَهِيَ دَلَالَةُ الِالْتِزَامِ لَهُ كَدَلَالَتِهِ عَلَى الْكَاتِبِ أَوْ الضَّاحِكِ، وَدَلَالَةِ الْفَصْلِ عَلَى الْجِنْسِ، وَبِهَذَا التَّقْسِيمِ تَعَرَّفَ حَدُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا

ص: 269

وَقَدْ اجْتَمَعَتْ الدَّلَالَةُ فِي لَفْظِ الْعَشَرَةِ، فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى كَمَالِ الْأَفْرَادِ مُطَابِقَةً عَلَى الْخَمْسَةِ تَضَمُّنًا وَعَلَى الزَّوْجِيَّةِ الْتِزَامًا.

وَالدَّلِيلُ عَلَى الْحَصْرِ: أَنَّ الْمَعْنَى مِنْ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَى عِنْدَ سَمَاعِهِ إمَّا وَحْدَهُ كَمَا فِي الْمُطَابَقَةِ، وَإِمَّا مَعَ الْقَرِينَةِ كَمَا فِي التَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ، فَلَوْ فُهِمَ مِنْهُ مَعْنًى عِنْدَ سَمَاعِهِ لَيْسَ هُوَ مَوْضُوعُهُ، وَلَا جُزْءُ مَوْضُوعِهِ، وَلَا لَازِمُهُ لَزِمَ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْجَائِزَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ، لِأَنَّ نِسْبَةَ ذَلِكَ اللَّفْظِ إلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى كَنِسْبَتِهِ إلَى سَائِرِ الْمَعَانِي، فَفَهْمُهُ دُونَ سَائِرِ الْمَعَانِي تَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ.

وَهُنَا تَنْبِيهَاتٌ [التَّنْبِيهُ الْأَوَّلُ]

أَنَّ الْإِمَامَ فَخْرَ الدِّينِ قَيَّدَ دَلَالَةَ التَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ بِقَوْلِهِ: " مِنْ حَيْثُ هُوَ كَذَلِكَ " وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى الْجُزْءِ أَوْ اللَّازِمِ بِطَرِيقِ الْمُطَابَقَةِ إذَا كَانَ اللَّفْظُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْكُلِّ وَالْجُزْءِ أَوْ بَيْنَ الْكُلِّ وَاللَّازِمِ، وَيُمَثِّلُونَهُ بِلَفْظِ الْإِمْكَانِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْإِمْكَانِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ، وَالْعَامُّ جُزْءُ الْخَاصِّ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْمَنْطِقِ مِنْ أَنَّ الْمُمْكِنَ الْعَامَّ فِي مُقَابَلَةِ الْمُمْتَنِعِ، فَلِذَلِكَ يُطْلَقُ عَلَى الْوَاجِبِ وَعَلَى مَا لَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ وَلَا وَاجِبٍ الَّذِي هُوَ الْمُمْكِنُ الْخَاصُّ، فَهُوَ حِينَئِذٍ مَوْضُوعٌ لِلْكُلِّ وَالْجُزْءِ.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَفِي النَّفْسِ مِنْ هَذَا التَّمْثِيلِ شَيْءٌ فَلَعَلَّهُ مَا وُضِعَ لِذَلِكَ، بَلْ مَجْمُوعُ قَوْلِنَا: إمْكَانُ عَامٍّ لَا أَحَدُهُمَا، وَمَجْمُوعُ قَوْلِنَا: إمْكَانُ خَاصٍّ لَا قَوْلِنَا إمْكَانٌ فَقَطْ، فَلَا اشْتِرَاكَ حِينَئِذٍ.

قَالَ: وَأَخَذَ التَّمْثِيلَ بِأَحْسَنَ

ص: 270

مِنْ ذَلِكَ بِلَفْظِ الْحَرْفِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ لِكُلِّ حُرُوفِ الْمَعَانِي وَلِجُزْئِهِ، فَإِنَّ " لَيْتَ " مَثَلًا حَرْفٌ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ اللَّامِ وَالْيَاءِ التَّاءِ يُقَالُ لَهُ: حَرْفٌ فَهَذَا هُوَ اللَّفْظُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الْمُسَمَّى وَجُزْئِهِ، وَأَمَّا الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ اللَّفْظِ وَلَازِمِهِ فَهُوَ عَسِرٌ. مَعَ إمْكَانِهِ. انْتَهَى. وَيُمْكِنُ أَنْ يُمَثَّلَ لَهُ بِلَفْظِ " مَفْعَلُ " فَإِنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ نَقَلُوا أَنَّهُ اسْمٌ لِلزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْمَصْدَرِ، وَهِيَ مُتَلَازِمَةٌ عَادَةً فَيَكُونُ اللَّفْظُ مَوْضُوعًا لِلشَّيْءِ وَلَازِمِهِ، إذْ لَا فِعْلَ إلَّا فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان عَادَةً، وَمِثْلُهُ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ " بِفَعِيلٍ " الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ، كَالرَّحِيمِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِمَعْنَى الْمَرْحُومِ كَمَا يَكُونُ بِمَعْنَى الرَّاحِمِ نَصَّ عَلَيْهِ الْجَوْهَرِيُّ، هُوَ إذَا دَلَّ عَلَى أَحَدِهِمَا بِطَرِيقِ الْمُطَابَقَةِ دَلَّ عَلَى الْآخَرِ بِطَرِيقِ الِالْتِزَامِ، لِكَوْنِهِ لَازِمًا لَهُ، وَهُوَ أَيْضًا تَمَامُ مُسَمَّاهُ، فَلَوْ لَمْ يَقُلْ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَذَلِكَ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ دَلَالَةُ الِالْتِزَامِ دَلَالَةَ الْمُطَابَقَةِ، فَلَمْ يَكُنْ التَّعْرِيفُ مَانِعًا.

إذَا عُرِفَ هَذَا فَقَدْ أَوْرَدَ عَلَى الْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَعْتَبِرَهُ أَيْضًا فِي الْمُطَابَقَةِ احْتِرَازًا عَنْ دَلَالَةِ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْكُلِّ وَالْجُزْءِ، وَبَيْنَ الْكُلِّ وَاللَّازِمِ عَلَى الْجُزْءِ أَوْ اللَّازِمِ بِطَرِيقِ التَّضَمُّنِ أَوْ الِالْتِزَامِ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الدَّلَالَتَيْنِ حِينَئِذٍ دَلَالَةٌ عَلَى تَمَامِ الْمُسَمَّى، وَلَيْسَتْ مُطَابَقَةً.

وَقَالَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ: إنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِيهَا، لِأَنَّ دَلَالَةَ التَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُمَا إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْمُطَابِقَةِ، لِكَوْنِهِمَا تَابِعَيْنِ لَهَا، فَلَوْ جُعِلَ الْقَيْدُ الْمَذْكُورُ جُزْءًا مِنْ مَعْرِفَةِ الْمُطَابَقَةِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْهَا لَزِمَ أَنْ يَكُونَا مَعْلُومَيْنِ قَبْلَ الْمُطَابَقَةِ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ مَعْلُومًا قَبْلَ كَوْنِهِ مَعْلُومًا، وَهُوَ مُحَالٌ. قَالَ: وَلَا يَخْفَى عَلَيْك مَا فِيهِ.

وَبَعْضُهُمْ حَذَفَ الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ فِي الثَّلَاثِ اعْتِبَارًا بِقَرِينَةِ ذِكْرِ التَّمَامِ وَالْجُزْءِ

ص: 271

وَاللَّازِمِ، وَصَاحِبُ " التَّحْصِيلِ " ذَكَرَهُ فِي الثَّلَاثِ.

قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَهُوَ قَيْدٌ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ تَقَدَّمَ الْإِمَامَ، وَإِنَّمَا اكْتَفَى الْمُتَقَدِّمُونَ بِقَرِينَةِ التَّمَامِيَّةِ وَالْجُزْئِيَّةِ وَاللَّازِمِيَّةِ، فَيُقَالُ لِلْإِمَامِ: إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْقَرَائِنُ كَافِيَةً فَلَا حَاجَةَ إلَى الْقَيْدِ، وَإِلَّا فَيَلْزَمُ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ فِي الثَّلَاثِ، فَمَا وَجْهُ تَخْصِيصِ التَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ؟ فَإِنَّا نَقُولُ فِي الْمُطَابَقَةِ: كَمَا يُمْكِنُ وَضْعُ الْعَشَرَةِ لِلْخَمْسَةِ، يُمْكِنُ وَضْعُهَا لِلْخَمْسَةِ عَشَرَ، فَيَصِيرُ لَهُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ دَلَالَتَانِ مُطَابِقَةٌ بِاعْتِبَارِ الْوَضْعِ الْأَوَّلِ، وَتَضَمُّنٌ بِاعْتِبَارِ الثَّانِي.

انْتَهَى.

وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَدَّ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَى الْإِمَامِ، فَإِنَّهُ يَرَى أَنْ لَا يُمْكِنَ أَنْ يَدُلَّ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ عَلَى الْمَعْنَى الْوَاحِدِ بِالْمُطَابَقَةِ مَعَ التَّضَمُّنِ أَوْ الِالْتِزَامِ، لِأَنَّ دَلَالَتَهُ عَلَى الْمَعْنَى بِالْمُطَابَقَةِ بِالذَّاتِ وَبِهِمَا بِالْوَاسِطَةِ وَمِنْ الْمُحَالِ اجْتِمَاعُ دَلَالَتَيْ الذَّاتِ وَالْوَاسِطَةِ، وَإِذَا لَمْ يَجْتَمِعَا كَانَ اللَّفْظُ فِي حَالِ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَ الْكُلِّ وَالْجُزْءِ دَلَالَةً وَاحِدَةً، وَهِيَ الْمُطَابَقَةُ، لِأَنَّهَا أَقْوَى فَتَدْفَعُ الْأَضْعَفَ. وَإِذَا صَحَّتْ لَك هَذِهِ الْقَاعِدَةُ صَحَّ مَا قَالَهُ، وَلَمْ يَحْتَجْ أَنْ يَذْكُرَ الْقَيْدُ بِالْحَيْثِيَّةِ فِي دَلَالَةِ الْمُطَابَقَةِ، لِأَنَّهُ فِي صُورَةِ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَ الْكُلِّ وَالْجُزْءِ، وَلَيْسَ لِلَّفْظِ إلَّا دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ فَقَطْ لَا التَّضَمُّنُ وَالِالْتِزَامُ، فَلَمْ يَحْتَجْ أَنْ يَحْتَرِزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: مِنْ حَيْثُ هُوَ كَذَلِكَ.

وَأَمَّا فِي دَلَالَةِ التَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ فَاحْتَاجَ إلَى ذِكْرِ الْحَيْثِيَّةِ، وَإِلَّا كَانَ يَلْزَمُهُ أَنَّ دَلَالَةَ الْمُطَابَقَةِ عَلَى الْجُزْءِ دَلَالَةُ التَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ فِي صُورَةِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْكُلِّ وَالْجُزْءِ.

وَبَيَانُهُ: أَنَّ اللَّفْظَ إذْ دَلَّ بِالْمُطَابَقَةِ عَلَى الْجُزْءِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ فَقَدْ دَلَّ عَلَى جُزْءِ الْمُسَمَّى دَلَالَةُ التَّضَمُّنِ فَدَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ، دَلَالَةُ التَّضَمُّنِ هَذَا خُلْفٌ، وَلَا يَلْزَمُ هَذَا عَلَى إطْلَاقِ دَلَالَةِ الْمُطَابَقَةِ.

ص: 272