المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مسألة اتفاق اللفظين واختلاف المعنيين] - البحر المحيط في أصول الفقه - ط الكتبي - جـ ٢

[بدر الدين الزركشي]

فهرس الكتاب

- ‌[خِطَابُ الْوَضْعِ]

- ‌ السَّبَبِ

- ‌[مَسْأَلَةٌ لِلْأَسْبَابِ أَحْكَامٌ تُضَافُ إلَيْهَا]

- ‌[الْمَانِعُ]

- ‌[أَقْسَامُ الْمَانِعِ]

- ‌[مَسْأَلَة الصِّحَّة وَالْفَسَادِ]

- ‌[الصِّحَّةُ فِي الْعِبَادَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَقَائِقُ الشَّرْعِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَاهِيَّاتِ مِنْ عِبَادَةٍ وَعَقْدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الصِّحَّةُ لَا تَسْتَلْزِمُ الثَّوَابَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثَوَابُ الصَّلَاةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْزَاءُ هُوَ الِاكْتِفَاءُ بِالْفِعْلِ فِي سُقُوطِ الْأَمْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجَائِزُ مَا وَافَقَ الشَّرِيعَةَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يُقَابِلُ الصِّحَّةَ الْبُطْلَانُ]

- ‌[التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الرُّخْصَةُ وَالْعَزِيمَةُ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي مَدْلُولِهِمَا]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي الرُّخْصَة مِنْ أَيِّ الْخِطَابَيْنِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ أَقْسَامِ الرُّخْصَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَدَاءُ وَالْقَضَاءُ وَالْإِعَادَةُ]

- ‌[فَرْعٌ تَأْخِيرُ الْمَأْمُورِ بِهِ هَلْ يَكُونُ قَضَاءً]

- ‌[فَائِدَةٌ الْعِبَادَةُ الَّتِي تَقَعُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَتَكُونُ أَدَاءً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الْبَقَاءِ]

- ‌[التَّكْلِيفُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ حَسَنٌ فِي الْعُقُولِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ هَلْ يَكُونُ مُعْتَبَرًا بِالْأَصْلَحِ]

- ‌ الْمُكَلَّفِ

- ‌[فَرْعٌ تَكْلِيفُ مَنْ أَحُيِيَ بَعْدَ مَوْتِهِ]

- ‌[فُرُوعٌ الِانْشِغَالُ عَنْ الصَّلَاةِ بِلَعِبِ الشِّطْرَنْجِ]

- ‌[تَكْلِيف السَّكْرَان]

- ‌[التَّكْلِيفُ حَالَةَ الْإِكْرَاهِ عَلَى قِسْمَيْنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ بِالْفِعْلِ الَّذِي يَنْتَفِي شَرْطُ وُقُوعِهِ عِنْدَ وَقْتِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَعْدُومُ الَّذِي تَعَلَّقَ الْعِلْمُ بِوُجُودِهِ مَأْمُورٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُكَلَّفِ الْحُرِّيَّةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دُخُولُ الذُّكُورِ فِي الْإِنَاثِ فِي الْخِطَابِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَكْلِيفُ الْجِنِّ]

- ‌[الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمُكَلَّفُ بِهِ]

- ‌[جَوَازُ تَكْلِيفِ الْمُحَالِ]

- ‌[وُقُوعُ التَّكَلُّفِ بِالْمُحَالِ]

- ‌[التَّكْلِيفُ بِمَا عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثُبُوتُ الْوُجُوبِ فِي الذِّمَّةِ لَا يُشْتَرَطْ فِيهِ الْإِمْكَانُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ خِطَابُ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْأَوَّلُ اسْتِحَالَةُ مُخَاطَبَةِ الْكَافِرِ بِإِنْشَاءِ فَرْعٍ عَلَى الصِّحَّةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الثَّانِي هَلْ يُخَاطَبُ الْكَافِرُ بِالْفُرُوعِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ اسْتِثْنَاءُ بَعْضِ الصُّوَرِ مِنْ تَكْلِيفُ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الرَّابِعُ سُقُوط حَقّ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ الْكَافِر إذَا أَسْلَمَ]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْخَامِسُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي خِطَابِ التَّكْلِيفِ]

- ‌[التَّنْبِيهُ السَّادِسُ حُصُولُ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ هَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي التَّكْلِيفِ]

- ‌[التَّنْبِيه السَّابِعُ الْإِمْكَانَ الْمُشْتَرِطَ فِي التَّكْلِيفِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ نَاجِزًا]

- ‌[التَّنْبِيهُ الْحَادِيَ عَشَرَ قُرَبُ الْكُفَّارِ]

- ‌[جُنُونُ الْكَافِرِ قَبْلَ الْبُلُوغِ يَرْفَعُ عَنْهُ الْقَلَمَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّكْلِيفُ هَلْ يَتَوَجَّهُ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْفِعْلِ أَوْ قَبْلَهَا]

- ‌[تَقَدَّمَ الْأَمْرُ عَلَى وَقْتِ الْمَأْمُورِ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النِّيَابَةُ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِلتَّكْلِيفِ]

- ‌[مَبَاحِثُ الْكِتَابِ] [

- ‌تَعْرِيفُ الْقُرْآنِ]

- ‌[الْإِعْجَازُ فِي قِرَاءَةِ كَلَامِ اللَّهِ]

- ‌[إنْزَالُ الْقُرْآنِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ]

- ‌[الْأَلْفَاظُ غَيْرُ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُحْكَمُ وَالْمُتَشَابِهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وُرُودُ الْمُهْمَلِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا زَائِدَ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دَلَالَةُ الْكَلَامِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ]

- ‌[بَقَاءُ الْمُجْمَلِ فِي الْقُرْآنِ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّصُّ وَالظَّاهِرُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقِرَاءَاتُ السَّبْعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَيْسَتْ الْقِرَاءَاتُ اخْتِيَارِيَّةً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْبَسْمَلَةُ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ]

- ‌[مَبَاحِثُ اللُّغَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُفْرَدَاتُ مَوْضُوعَةٌ]

- ‌[الْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعُ]

- ‌[الْمَوْضُوعُ لَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَضْعُ اللَّفْظِ الْمَشْهُورِ فِي مَعْنًى خَفِيٍّ جِدًّا]

- ‌[مَعْنَى التَّوْقِيفِ]

- ‌[الْأَسْمَاءُ الَّتِي عَلَّمَهَا اللَّهُ آدَمَ]

- ‌[فَائِدَةٌ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَوْقِيفِيَّةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لِسَانُ الْعَرَبِ أَوْسَعُ الْأَلْسِنَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الِاحْتِجَاجُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ثُبُوتُ اللُّغَةِ بِالْقِيَاسِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَغْيِيرُ الْأَلْفَاظِ اللُّغَوِيَّةِ]

- ‌[ثُبُوتُ الِاسْمِ الشَّرْعِيِّ بِالِاجْتِهَادِ]

- ‌[الْمُنَاسَبَةُ فِي الْوَضْعِ]

- ‌[تَقْسِيمُ الْأَلْفَاظِ تَقْسِيمُ الدَّلَالَةِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ وَالتَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ]

- ‌[أَقْسَامُ اللَّازِمِ]

- ‌[الْمُلَازَمَةُ الذِّهْنِيَّةُ شَرْطٌ فِي الدَّلَالَةِ الِالْتِزَامِيَّةِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ لَفْظِيَّةٌ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ قَدْ تَنْفَكُّ عَنْ التَّضَمُّنِ]

- ‌[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ]

- ‌[دَلَالَةُ الِاسْتِدْعَاءِ]

- ‌[انْقِسَامُ الْمُفْرَدِ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ]

- ‌[الْكُلِّيُّ وَالْجُزْئِيُّ]

- ‌[الطَّبِيعِيُّ وَالْمَنْطِقِيُّ وَالْعَقْلِيُّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ الْكُلِّيِّ وَالْكُلِّ]

- ‌[أَقْسَامُ الْكُلِّيِّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَرَضِيِّ اللَّازِمِ وَالذَّاتِيِّ]

- ‌[الْجُزْئِيُّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ عَلَمِ الْجِنْسِ وَعَلَمِ الشَّخْصِ وَاسْمِ الْجِنْس]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِسْبَةِ الْأَسْمَاءِ إلَى الْمُسَمَّيَاتِ]

- ‌[تَقْسِيمُ اللَّفْظِ الْمُرَكَّبِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْكَلَامِ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَعْنَى]

- ‌[خَاتِمَةٌ فِي أَمْرَيْنِ يَتَعَيَّنُ الِاهْتِمَامُ بِهِمَا]

- ‌[مَبَاحِثُ الِاشْتِقَاقِ]

- ‌[حَدّ الِاشْتِقَاق]

- ‌[فَائِدَةُ الِاشْتِقَاق]

- ‌[تَقْسِيم الِاشْتِقَاق]

- ‌[أَرْكَان الِاشْتِقَاق]

- ‌[أَقْسَام الِاشْتِقَاق]

- ‌[مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ فِي اشْتِقَاقِ الْأَفْعَالِ مِنْ الْمَصَادِرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ شَرْطُ صِدْقِ الْمُشْتَقِّ صِدْقُ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاشْتِقَاقُ مِنْ الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالشَّيْءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دَلَالَةُ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَقَّةِ]

- ‌[مَبَاحِثُ التَّرَادُفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ تَرَادُفٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي سَبَبِ التَّرَادُفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّرَادُفُ خِلَافُ الْأَصْلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اللُّغَاتُ مَا عَدَا الْعَرَبِيَّةَ سَوَاءٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَرَادُفُ الْحَدِّ وَالْمَحْدُودِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِتْبَاعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّأْكِيدُ وَاقِعٌ فِي اللُّغَةِ]

- ‌[هَلْ التَّأْكِيدُ حَقِيقَةٌ أَمْ مَجَازٌ]

- ‌[مَسْأَلَةُ التَّأْكِيدُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ]

- ‌[أَقْسَامُ التَّأْكِيدِ]

- ‌[مَبَاحِثُ الْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعِلْمُ بِكَوْنِ اللَّفْظِ مُشْتَرَكًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي حَقِيقَةِ وُقُوعِ الْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُشْتَرَكُ خِلَافُ الْغَالِبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اللَّفْظُ الْمُشْتَرَكُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُشْتَرَكُ لَهُ مَفْهُومَانِ فَصَاعِدًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَجَرُّدُ الْمُشْتَرَكِ مِنْ الْقَرِينَةِ]

- ‌[اقْتِرَانُ الْقَرِينَةِ بِالْمُشْتَرَكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي حُكْمِ الْمُشْتَرَك بِالنِّسْبَةِ إلَى مَعْنَيَيْهِ أَوْ مَعَانِيهِ]

- ‌[تَنْبِيه الْخِلَافَ فِي حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعَانِيهِ]

- ‌[اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اتِّفَاقُ اللَّفْظَيْنِ وَاخْتِلَافُ الْمَعْنَيَيْنِ]

الفصل: ‌[مسألة اتفاق اللفظين واختلاف المعنيين]

وَالثَّانِي: أَنَّ ثُبُوتَ هَذَا الْحُكْمِ لِلْجِمَاعِ لَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِالْأَمْرِ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي قَوْله تَعَالَى:{وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22] أَنَّ ثُبُوتَ الْوَطْءِ مُرَادٌ بِهِ لَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْعَقْدِ مُرَادًا بِهِ.

تَنْبِيهٌ

[حَمْلُ الْمُتَوَاطِئِ عَلَى مَعَانِيهِ]

وَأَمَّا الْمُتَوَاطِئُ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى مَعَانِيهِ؟

قَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ " لَا عُمُومَ فِيهِ إجْمَاعًا، وَصَرَّحَ فِي الْمَحْصُولِ " فِي بَابِ الْمُجْمَلِ " بِأَنَّهُ مُجْمَلٌ، وَأَلْحَقَهُ بِالْمُشْتَرَكِ عَلَى رَأْيِهِ، وَمَثَّلَهُ. بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] .

وَأَمَّا الْمُشَكَّكُ فَقَالَ ابْنُ الصَّائِغِ النَّحْوِيُّ فِي " شَرْحِ الْجُمَلِ ": مَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ فِي الْمُشْتَرَكِ رُبَّمَا يُجَوِّزُهُ فِي الْمُشَكَّكِ، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ، لِأَنَّ أَفْرَادَهُ مُتَفَاوِتَةٌ، فَيَنْبَغِي الْحَمْلُ عَلَى الْأَقْوَى رِعَايَةً لِتِلْكَ الْأَوْلَوِيَّةِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرَكِ فَإِنَّهَا مُتَسَاوِيَةٌ، وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ قَلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُمَا.

[مَسْأَلَةٌ اتِّفَاقُ اللَّفْظَيْنِ وَاخْتِلَافُ الْمَعْنَيَيْنِ]

تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَقْسَامَ أَرْبَعَةٌ: اخْتِلَافُ اللَّفْظَيْنِ لِاخْتِلَافِ الْمَعْنَيَيْنِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ الَّذِي يَجِبُ أَنْ تَكُونَ عَلَيْهِ الْأَلْفَاظُ، لِأَنَّ بِذَلِكَ تَنْفَصِلُ الْمَعَانِي وَلَا تَلْتَبِسُ، وَاخْتِلَافُ اللَّفْظَيْنِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَهُوَ التَّرَادُفُ، وَعَكْسُهُ

ص: 410

الِاشْتِرَاكُ، وَبَقِيَ قِسْمٌ آخَرُ أَهْمَلَهُ الْأُصُولِيُّونَ، وَهُوَ اتِّفَاقُ اللَّفْظَيْنِ وَاخْتِلَافُ الْمَعْنَيَيْنِ، وَهُوَ بَابُ الْأَضْدَادِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْخَشَّابِ فِي بَعْضِ مُؤَلَّفَاتِهِ: الضِّدُّ مَعْنَاهُ: الْمِلْءُ، يُقَالُ: ضَدَدْت الْإِنَاءَ أَضُدُّهُ ضَدًّا: إذَا مَلَأْتُهُ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الضِّدَّيْنِ يَشْغَلُهُ الْحَيِّزُ عَنْ الْآخَرِ قَدْ مُلِئَ دُونَهُ، قَالَ: وَقَدْ صَنَّفَ اللُّغَوِيُّونَ فِيهَا كُتُبًا كَالْأَصْمَعِيِّ وَغَيْرِهِ، وَأَحْسَنُ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الْأَنْبَارِيُّ، وَمِمَّنْ أَنْكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ ثَعْلَبٍ، وَلَمْ يُوَافِقْهُ الْأَكْثَرُونَ عَلَى مَذْهَبِهِ.

قَالَ الْفَارِسِيُّ: وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ اللَّفْظَةَ الْوَاحِدَةَ تَقَعُ لِلشَّيْءِ وَخِلَافِهِ، كَوَجَدْت اُسْتُعْمِلَ بِمَعْنَى غَضِبْتُ، وَبِمَعْنَى حَزِنْتُ، فَإِذَا جَازَ ذَلِكَ جَازَ وُقُوعُهَا لِلشَّيْءِ وَضِدِّهِ، لِكَوْنِ الضِّدِّ ضَرْبًا مِنْ الْخِلَافِ. انْتَهَى. هَكَذَا نَسَبَ ابْنُ الْخَشَّابِ الْجَوَازَ لِلْأَكْثَرِينَ.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ فِي كِتَابِ " إفْسَادِ الْأَضْدَادِ ": ذَهَبَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ وَجَمِيعُ النَّحْوِيِّينَ الْمَوْثُوقُ بِعِلْمِهِمْ. وَاَلَّذِي كَانَ عَلَيْهِ شَيْخَا الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُبَرَّدِ وَأَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنُ ثَعْلَبٍ دَفْعُ أَنْ تَكُونَ الْعَرَبُ وَضَعَتْ اسْمًا وَاحِدًا لِلشَّيْءِ وَضِدِّهِ إلَّا مَا وَضَعَتْ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ نَحْوَ " لَوْنٍ " فَإِنَّهُ لِمَعْنًى يَنْطَلِقُ عَلَى السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ، وَكَذَلِكَ الْفِعْلُ يُطْلَقُ عَلَى الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ.

وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ بْنُ جِنِّي: إنَّ الْأَضْدَادَ وَاقِعَةٌ فِي اللُّغَةِ، لَكِنْ تَتَدَاخَلُ اللُّغَاتُ لَا أَنَّهَا اجْتَمَعَتْ عَلَى وَضْعِهَا قَبِيلَةٌ وَاحِدَةٌ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، بَلْ قَبَائِلُ ثُمَّ فَشَتْ اللُّغَاتُ، وَتَدَاخَلَتْ بِالْمُلَاقَاةِ وَالْمُجَاوَرَةِ، فَنُقِلَتْ إلَى كُلٍّ لُغَةُ صَاحِبِهِ.

وَحَاوَلَ بَعْضُهُمْ مَا جَاءَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى التَّوَاطُؤِ، فَيَقُولُ فِي " الصَّرِيمِ ": إنَّمَا سُمِّيَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ صَرِيمًا لِانْصِرَامِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ، وَالضَّوْءُ

ص: 411

وَالظُّلْمَةُ إنَّمَا سُمِّيَا " سُدْفَةً " مِنْ قَوْلِك: أَنَا فِي سُدْفِك أَيْ مُسْتَتِرٌ بِك، وَهَذَا فِي الظُّلْمَةِ وَاضِحٌ، وَفِي الضَّوْءِ لِأَنَّهَا تُقَالُ فِي الظُّلْمَةِ الَّتِي يُخَالِطُهَا مُقَدِّمَةُ ضَوْءٍ. وَتَقُولُ فِي مِثْلِ " الْجَلَلِ ": إنَّهُ الْعَظِيمُ بِحَقِّ الْإِثْبَاتِ وَعَلَى الصَّغِيرِ بِالسَّلْبِ، كَقَوْلِهِمْ: ب، وَنَائِمٌ، وَأَعْجَمْتُ الْكِتَابَ، وَرَجُلٌ مُبَطَّنٌ أَيْ خَمِيصُ الْبَطْنِ، فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ اجْتِمَاعُ الْأَضْدَادِ فِي الشِّعْرِ إيطَاءً.

وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِّ الْإِشْبِيلِيُّ تِلْمِيذُ الشَّلَوْبِينَ: الْحَقُّ أَنَّ التَّضَادَّ فِي اللُّغَةِ مَوْجُودٌ عَلَى مَا صَوَّرْته مِنْ التَّدَاخُلِ، وَلَعَمْرِي لَقَدْ كَانَ يُمْكِنُ دُونَ تَدَاخُلٍ، وَلَكِنْ بِتَوَاضُعٍ وَاحِدٍ، وَلَكِنْ بِحَسَبِ قَصْدَيْنِ أَوْ وَقْتَيْنِ وَإِنَّمَا الْمُحَالُ أَنْ يَقْصِدَ الْوَاضِعُ وَضْعَ لَفْظٍ لِمَعْنَيَيْنِ ضِدَّيْنِ أَوْ غَيْرَيْنِ مُلْتَبِسًا لِذَلِكَ غَيْرَ مُبَيِّنٍ لَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي وَضْعَ اللُّغَةِ وَيُبْطِلُ حِكْمَةَ الْمُخَاطَبَةِ.

وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي " الْمُخَصَّصِ ": أَمَّا فِي اتِّفَاقِ اللَّفْظَيْنِ وَاخْتِلَافِ الْمَعْنَيَيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ قَصْدًا فِي الْوَضْعِ وَلَا أَصْلًا، لَكِنَّهُ مِنْ تَدَاخُلِ اللُّغَاتِ، أَوْ يَكُونُ لَفْظُهُ يُسْتَعْمَلُ لِمَعْنًى، ثُمَّ يُسْتَعَارُ لِشَيْءٍ، فَيَكْثُرُ وَيَغْلِبُ فَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْأَصْلِ.

قَالَ الْفَارِسِيُّ: وَكَانَ أَحَدُ شُيُوخِنَا يُنْكِرُ الْأَضْدَادَ الَّتِي حَكَاهَا أَهْلُ اللُّغَةِ، وَأَنْ تَكُونَ لَفْظَةً لِشَيْءٍ وَضِدِّهِ، وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَخْلُو إنْكَارُهُ لِذَلِكَ مِنْ حُجَّةٍ سَمَاعًا أَوْ قِيَاسًا، فَلَا حُجَّةَ لَهُ مِنْ جِهَةِ السَّمَاعِ، بَلْ الْحُجَّةُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ فِي الْمُرَادِ عَلَيْهِ، لِأَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ كَأَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِ وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَالْأَصْمَعِيِّ وَمَنْ بَعْدَهُمْ قَدْ حَكَوْا ذَلِكَ وَصَنَّفُوا فِيهِ الْكُتُبَ، فَإِنْ قَالَ: الْحُجَّةُ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى، وَهِيَ أَنَّ الضِّدَّ بِخِلَافِ ضِدِّهِ، فَإِذَا اشْتَرَكَتَا فِي لَفْظَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَمْ يَخُصَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِلَفْظٍ يَتَمَيَّزُ بِهِ أَلْبَسَ وَأَشْكَلَ، فَصَارَ الضِّدُّ شَكْلًا وَالشَّكْلُ ضِدًّا، وَهَذَا إلْبَاسٌ. قِيلَ لَهُ: هَلْ يَجُوزُ عِنْدَك أَنْ

ص: 412

يَجِيءَ فِي اللُّغَةِ لَفْظَانِ مُتَّفِقَانِ لِمَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ؟ فَإِنْ مَنَعَ ذَلِكَ فَقَدْ مَنَعَ مَا ثَبَتَ جَوَازُهُ، وَقَوْلُ الْعُلَمَاءِ لَهُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ سَبِيلٌ إلَى مَنْعِ هَذَا ثَبَتَ جَوَازُ اللَّفْظَةِ الْوَاحِدَةِ لِلشَّيْءِ وَخِلَافِهِ، وَإِذَا جَازَ وُقُوعُهَا لِلشَّيْءِ وَخِلَافِهِ جَازَ وُقُوعُهَا لِلشَّيْءِ وَضِدِّهِ. إذْ الضِّدُّ ضَرْبٌ مِنْ الْخِلَافِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خِلَافٌ ضِدًّا.

قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى جِوَازِ وُقُوعِ اللَّفْظَةِ الْوَاحِدَةِ لِمَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ قَوْله تَعَالَى فِي وَصْفِ أَهْلِ الْجَنَّةِ: {لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ} [الأعراف: 46] فَلَا يَكُونُ الطَّمَعُ هَذَا إلَّا بِمَعْنَى الْيَقِينِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الَّذِي يُطْمَعُ فِيهِ، وَيَقَعُ خِلَافُهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْآخِرَةِ شَكٌّ، وَكَذَا قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ:{وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: 82] فَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا بِمَعْنَى الْعِلْمِ، لِأَنَّ إبْرَاهِيمَ لَا يَشُكُّ فِي الْمَغْفِرَةِ. انْتَهَى.

ص: 413