الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] هُوَ مِنْ عَرَفَ الْأَدِلَّةَ وَالْوُجُوهَ الَّتِي يُحْمَلُ عَلَيْهَا الْخِطَابُ عَرَفَ مَا أُرِيدَ بِهِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ.
[بَقَاءُ الْمُجْمَلِ فِي الْقُرْآنِ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]
مَسْأَلَةٌ [بَقَاءُ الْمُجْمَلِ فِي الْقُرْآنِ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]
هَلْ بَقِيَ فِي الْقُرْآنِ مُجْمَلٌ لَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ مَنَعَهُ بَعْضُهُمْ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَكْمَلَ الدِّينَ. وَقَالَ آخَرُونَ بِإِمْكَانِهِ، وَفَصَّلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ فَجَوَّزَاهُ فِيمَا لَا يُكَلَّفُ فِيهِ، وَمَنَعَاهُ فِيمَا فِيهِ تَكْلِيفٌ خَوْفًا مِنْ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ.
[مَسْأَلَةٌ النَّصُّ وَالظَّاهِرُ]
وَيَنْقَسِمُ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ إلَى نَصٍّ وَظَاهِرٍ: أَمَّا النَّصُّ: فَهُوَ فِي اللُّغَةِ: الظُّهُورُ وَالِارْتِفَاعُ، وَمِنْهُ يُقَالُ: نَصَصْت بِمَعْنَى أَظْهَرْت، وَمِنْهُ نَصَّتْ الصَّبِيَّةُ جِيدَهَا إذَا أَظْهَرَتْهُ، وَقَوْلُهُمْ لِلْمَنَارَةِ مِنَصَّةً، وَمِنْهَا الْمِنَصَّةُ الَّتِي تَجْلِسُ عَلَيْهَا الْعَرُوسُ، وَفِي الْحَدِيثِ «كَانَ إذَا وَجَدَ فُرْجَةً نَصَّ» أَيْ دَفَعَ السَّيْرَ وَأَسْرَعَ.
وَيُطْلَقُ بِاصْطِلَاحَاتٍ: أَحَدُهَا: مُجَرَّدُ لَفْظِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَيُقَالُ: الدَّلِيلُ إمَّا نَصٌّ أَوْ مَعْقُولٌ وَهُوَ اصْطِلَاحُ الْجَدَلِيِّينَ. يَقُولُونَ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يُتَمَسَّكُ فِيهَا بِالنَّصِّ، وَهَذِهِ بِالْمَعْنَى وَالْقِيَاسِ. الثَّانِي: مَا يُذْكَرُ فِي بَابِ الْقِيَاسِ، وَهُوَ مُقَابِلُ الْإِيمَاءِ. الثَّالِثُ: نَصُّ الشَّافِعِيِّ فَيُقَالُ: لِأَلْفَاظِهِ نُصُوصٌ بِاصْطِلَاحِ أَصْحَابِهِ قَاطِبَةً. الرَّابِعُ: حِكَايَةُ اللَّفْظِ عَلَى صُورَتِهِ كَمَا يُقَالُ: هَذَا نَصُّ كَلَامِ فُلَانٍ. الْخَامِسُ: يُقَابِلُ الظَّاهِرَ وَهُوَ مَقْصُودُنَا، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ، فَقَالَ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ: نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ النَّصَّ كُلُّ خِطَابٍ عُلِمَ مَا أُرِيدَ بِهِ مِنْ الْحُكْمِ، قَالَ: وَهَذَا يُلَائِمُ وَضْعَ الِاشْتِقَاقِ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ قَدْ أَظْهَرَ الْمُرَادَ بِهِ وَكَشَفَ عَنْهُ، ثُمَّ عَلَى هَذَا يَنْقَسِمُ النَّصُّ إلَى مَا يَحْتَمِلُ وَإِلَى مَا لَا يَحْتَمِلُ. وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: لَعَلَّ الشَّافِعِيَّ إنَّمَا سَمَّى الظَّاهِرَ نَصًّا، لِأَنَّهُ لَمَحَ فِيهِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ، قَالَ الْمَازِرِيُّ: أَشَارَ الشَّافِعِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ إلَى أَنَّ النَّصَّ يُسَمَّى ظَاهِرًا، وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ، لِأَنَّ النَّصَّ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ الظُّهُورُ، وَقَالَ الْإِبْيَارِيُّ، يُطْلَقُ النَّصُّ عَلَى مَا لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ احْتِمَالٌ وَسَوَاءٌ عَضَّدَهُ بِالدَّلِيلِ أَمْ لَا، وَهَذَا
الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ هُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي، وَقَدْ يَكُونُ نَصًّا بِوَضْعِ اللُّغَةِ، وَقَدْ يَكُونُ بِالْقَرِينَةِ، وَقِيلَ: مَا اسْتَوَى ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ، وَأَشَارَ بِالْبَاطِنِ إلَى الْمَفْهُومِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلَّفْظِ ظَاهِرٌ وَلَا بَاطِنٌ فِي الْحَقِيقَةِ، وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ ": قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي حَدِّ النَّصِّ: إنَّهُ خِطَابٌ يُعْلَمُ مَا أُرِيدَ بِهِ مِنْ الْحُكْمِ سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ، أَوْ عُلِمَ الْمُرَادُ بِهِ بِغَيْرِهِ، وَلَا يُسَمَّى الْمُجْمَلُ نَصًّا، وَبِهَذِهِ حَدَّهُ الْكَرْخِيّ. وَذَكَرَ عَبْدُ الْجَبَّارِ أَنَّ النَّصَّ هُوَ خِطَابٌ يُمْكِنُ أَنْ يُعْرَفَ الْمُرَادُ بِهِ. وَشُرُوطُهُ ثَلَاثَةٌ: أَنْ يَتَكَوَّنَ لَفْظًا، وَأَنْ لَا يَتَنَاوَلَ إلَّا مَا هُوَ نَصٌّ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ نَصًّا فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ وَجَبَ أَنْ لَا يَتَنَاوَلَ مَا سِوَاهَا، وَإِنْ كَانَ نَصًّا فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ وَجَبَ أَنْ لَا يَتَنَاوَلَ مَا سِوَاهَا. وَالثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ إفَادَتُهُ لِمَا يُفِيدُهُ ظَاهِرُهُ غَيْرَ مُحْتَمَلٍ. وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: النَّصُّ فِي عُرْفِ أَهْلِ اللُّغَةِ: اللَّفْظُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَخْصِيصُهُ، كَقَوْلِك: أَعْطِ زَيْدًا أَوْ خُذْ مِنْ عَمْرٍو، وَافْعَلْ أَنْتَ وَنَحْوَهُ، وَمِنْهُ «قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي بُرْدَةَ: وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَك» . وَأَصْلُهُ الظُّهُورُ. قَالَ: وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ: لَا لَفْظَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إلَّا وَأَصْلُهُ التَّخْصِيصُ، وَذَهَبَ هَذَا الْقَائِلُ إلَى أَنَّ الْأَلْفَاظَ كُلَّهَا نُصُوصٌ، عُمُومًا كَانَ أَوْ ظَاهِرًا، وَزَعَمَ أَنَّ الِاحْتِمَالَ فِي قَوْلِهِ عليه السلام لِأَبِي بُرْدَةَ:" يُجْزِئُكَ " جَوَازُ قِيَاسِ الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ فِي مَعْنَاهُ. قَالَ: وَهَذَا لَا يَنْفِي الْأَوَّلَ، لِأَنَّ الِاحْتِمَالَ فِي غَيْرِ النَّصِّ. اهـ.
[بُعْدُ قَوْلِ مَنْ أَنْكَرَ وُجُودَ النَّصِّ] وَمُقَابِلُ هَذَا فِي الْبُعْدِ قَوْلُ مَنْ أَنْكَرَ وُجُودَ النَّصِّ، وَحَكَاهُ الْبَاجِيُّ عَنْ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ اللَّبَّانِ الْأَصْفَهَانِيِّ، وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الطَّبَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يَعِزُّ وُجُودُ النَّصِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} [الأنفال: 64] وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] قَالَ: وَالصَّحِيحُ: خِلَافُهُ.
قَالَ فِي الْمَنْخُولِ ": قَالَ الْأُصُولِيُّونَ: لَا يُوجَدُ النَّصُّ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إلَّا فِي أَلْفَاظٍ مُتَعَدِّدَةٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} [الفتح: 29] وَقَوْلُهُ عليه السلام: «اُغْدُ يَا أُنَيْسٌ إلَى امْرَأَةِ هَذَا» وَقَوْلُهُ: «وَلَا يَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَك» .
قَالَ: وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ يُسَمِّي الظَّاهِرَ نَصًّا، ثُمَّ قَسَّمَ النَّصَّ إلَى مَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ وَإِلَى مَا لَا يَقْبَلُهُ.
قَالَ: وَالْمُخْتَارُ عِنْدَنَا أَنَّ النَّصَّ مَا لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ تَأْوِيلٌ. وَتَسْمِيَةُ الظَّاهِرِ نَصًّا صَحِيحٌ لُغَةً وَشَرْعًا، لِأَنَّهُ ظَاهِرُ اللَّفْظِ.
قَالَ: وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ: الظَّاهِرُ هُوَ الْمَجَازُ وَالنَّصُّ هُوَ الْحَقِيقَةُ. اهـ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ الْمَرْوَزِيِّ: النَّصُّ مَا عُرِّيَ لَفْظُهُ عَنْ الشَّرِكَةِ، وَخَلَصَ مَعْنَاهُ مِنْ الشُّبْهَةِ، حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ،
وَابْنُ الصَّبَّاغِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ إلَّا مَعْنًى وَاحِدًا، وَقِيلَ: التَّطَوُّعُ عَلَى الْمُرَادِ.
وَقِيلَ: مَا اسْتَوَى ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ، حَكَاهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ قَالَ: وَإِنَّمَا تَصِحُّ هَذِهِ الْأَقْوَالُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الْمُجْمَلَ وَالْعُمُومَ لَيْسَ بِنَصٍّ.
قَالَ: وَالصَّحِيحُ فِي حَدِّ النَّصِّ عِنْدَنَا: أَنَّهُ الدَّالُّ عَلَى الْحُكْمِ بِاسْمِ الْمَحْكُومِ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ النَّصُّ مُحْتَمِلًا لِلتَّأْوِيلِ وَالتَّخْصِيصِ أَوْ غَيْرَ مُحْتَمِلٍ، قَالَ: وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، وَأَشَارَ إلَيْهِ فِي كِتَابِ الرِّسَالَةِ "، وَكَذَلِكَ حَكَاهُ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيّ عَنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يَكُونُ الْعُمُومُ نَصًّا، وَكَذَلِكَ الْمُجْمَلُ فِي الْإِيجَابِ، وَإِنْ كَانَ مُجْمَلًا فِي صِفَةِ الْوَاجِبِ أَوْ مِقْدَارِهِ أَوْ وَقْتِهِ.
وَقَالَ فِي كِتَابِ التَّحْصِيلِ ": اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَسْمِيَةِ الْعُمُومِ وَالظَّوَاهِرِ الْمُحْتَمَلَةِ نُصُوصًا، فَقِيلَ: إنَّهُ مُخْتَصٌّ بِاَلَّذِي لَا يَحْتَمِلُ التَّخْصِيصَ كَقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «وَلَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَك» .
وَقَالَ الْجُمْهُورُ: إنَّ الْعُمُومَ وَالظَّوَاهِرَ كُلَّهَا نُصُوصٌ.
[الْفَرْقُ بَيْنَ النَّصِّ وَالظَّاهِرِ]
وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ " فِي الْفَرْقِ بَيْنَ النَّصِّ وَالظَّاهِرِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ النَّصَّ مَا كَانَ لَفْظُهُ دَلِيلَهُ، وَالظَّاهِرُ: مَا سَبَقَ مُرَادُهُ إلَى فَهْمِ سَامِعِهِ.
وَالثَّانِي: النَّصُّ مَا لَمْ يَتَوَجَّهْ إلَيْهِ احْتِمَالٌ، وَالظَّاهِرُ مَا تَوَجَّهَ إلَيْهِ احْتِمَالٌ. وَقَالَ أَبُو نَصْرِ بْنُ الْقُشَيْرِيّ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي النَّصِّ، فَقِيلَ: مَا لَا
يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ تَأْوِيلٌ، وَقِيلَ: مَا اسْتَوَى ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ، وَنُوقِضَ بِالْفَحْوَى، فَإِنَّهَا تَقَعُ نَصًّا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْنَاهُ مُصَرَّحًا بِهِ لَفْظًا، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا اسْتِقْلَالَ لَهُ، ثُمَّ صَارَ الصَّائِرُونَ إلَى عِزَّةِ النُّصُوصِ فِي الْكِتَابِ حَتَّى لَا يُوجَدَ إلَّا قَوْلُهُ:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] وَ {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} [الفتح: 29] وَفِي السُّنَّةِ «لَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَك» وَ «اُغْدُ يَا أُنَيْسٌ إلَى امْرَأَةِ هَذَا» وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ، بَلْ كُلُّ مَا أَفَادَ مَعْنًى عَلَى قَطْعٍ مَعَ انْحِسَامِ التَّأْوِيلِ فَهُوَ نَصٌّ. وَالشَّافِعِيُّ قَدْ يُسَمِّي الظَّاهِرَ نَصًّا فِي مَجَارِي كَلَامِهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ فِي وَضْعِ اللُّغَةِ، لِأَنَّ النَّصَّ مِنْ الظُّهُورِ وَلَكِنَّ الِاصْطِلَاحَ مَا ذَكَرْنَا.
قَالَ: وَيُلْتَحَقُ بِالنَّصِّ مَا حُذِفَ مِنْ الْكَلَامِ لِدَلَالَةِ الْبَاقِي عَلَى الْمَحْذُوفِ، وَلَكِنْ لَا يُشَكُّ فِي مَعْنَاهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] فَإِنَّ مَعْنَاهُ: فَأَفْطَرَ. وَأَمَّا الظَّاهِرُ، فَقَالَ الْقَاضِي: هُوَ لَفْظَةٌ مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى لَهَا حَقِيقَةٌ وَمَجَازٌ، فَإِذَا وَرَدَتْ عَلَى حَقِيقَتِهَا كَانَتْ ظَاهِرًا، وَإِنْ عَدَلَتْ إلَى جِهَةِ الْمَجَازِ كَانَتْ مُؤَوَّلَةً. وَهَذَا صَحِيحٌ فِي بَعْضِ الظَّوَاهِرِ.
وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ: الظَّاهِرُ لَفْظٌ مَعْقُولٌ يَبْتَدِرُ إلَى فَهْمِ الْبَصِيرِ