الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَالَ إلَيْهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ طَلْحَةَ مِنْ النُّحَاةِ.
فَقَالَ: إنَّ الْمُضْمَرَ لَا يُنْعَتُ، لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ فِيهِ عُمُومٌ فَيَفْتَقِرُ إلَى تَخْصِيصٍ وَلَا اشْتِرَاكَ فَيَفْتَقِرُ إلَى إزَالَةِ كَذَا يَقُولُ النَّحْوِيُّونَ الْمُتَقَدِّمُونَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ يُبْدَلُ مِنْهُ لِلْبَيَانِ، وَلَوْ لَمْ يَقَعْ فِيهِ اشْتِرَاكٌ لِمَا أُبْدِلَ مِنْهُ أَصْلًا، وَكَذَا قَوْلُهُمْ: الْمُتَكَلِّمُ أَعْرَفُ مِنْ الْمُخَاطَبِ، وَالْمُخَاطَبُ أَعْرَفُ مِنْ الْغَائِبِ، اعْتِرَافٌ مُبْهَمٌ بِدُخُولِ الِاشْتِرَاكِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُنْعَتْ لِأَمْرٍ آخَرَ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَيَّانَ: هُوَ كُلِّيٌّ فِي الْوَضْعِ جُزْئِيٌّ فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَهُوَ حَسَنٌ، وَبِهِ يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ.
وَالْحَقُّ: أَنَّ الضَّمِيرَ بِحَسَبِ مَا يَعُودُ إلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ عَلَى عَامٍّ كَانَ عَامًّا فِي كُلِّ فَرْدٍ، أَوْ عَلَى جَمْعٍ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ عَادَ عَلَى خَاصٍّ كَانَ خَاصًّا، وَأَمَّا إطْلَاقُهُمْ أَنَّ الْعَلَمَ جُزْئِيٌّ، فَهُوَ فِي عَلَمِ الشَّخْصِ، أَمَّا عَلَمُ الْجِنْسِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ كُلِّيٌّ.
[الْفَرْقُ بَيْنَ عَلَمِ الْجِنْسِ وَعَلَمِ الشَّخْصِ وَاسْمِ الْجِنْس]
وَاعْلَمْ أَنَّهُ مِمَّا يَكْثُرُ السُّؤَالُ عَنْهُ الْفَرْقُ بَيْنَ عَلَمِ الْجِنْسِ وَعَلَمِ الشَّخْصِ وَاسْمِ الْجِنْسِ، وَهُوَ مِنْ نَفَائِسِ الْمَبَاحِثِ.
قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَكَانَ الْخُسْرَوْ شَاهْ يُقَرِّرُهُ، وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ أَحَدٍ إلَّا مِنْهُ، وَمَا كَانَ فِي الْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ مَنْ يَعْرِفُهُ، وَهُوَ أَنَّ الْوَضْعَ فَرْعُ التَّصَوُّرِ
فَإِذَا اسْتَحْضَرَ الْوَاضِعُ صُورَةَ الْأَسَدِ لِيَضَعَ لَهَا، فَتِلْكَ الصُّورَةُ الثَّابِتَةُ فِي ذِهْنِهِ هِيَ جُزْئِيَّةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مُطْلَقِ صُورَةِ الْأَسَدِ، فَإِنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ وَاقِعَةٌ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَمِثْلُهَا يَقَعُ فِي زَمَانٍ آخَرَ، وَفِي ذِهْنِ شَخْصٍ آخَرَ، وَالْجَمْعُ مُشْتَرِكٌ فِي مُطْلَقِ صُورَةِ الْأَسَدِ، فَهَذِهِ الصُّورَةُ جُزْئِيَّةٌ مِنْ مُطْلَقِ صُورَةِ الْأَسَدِ، فَإِنْ وَقَعَ لَهَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصِهَا فَهُوَ عَلَمُ الْجِنْسِ أَوْ مِنْ حَيْثُ عُمُومِهَا فَهُوَ اسْمُ الْجِنْسِ، وَهِيَ مِنْ حَيْثُ عُمُومِهَا وَخُصُوصِهَا تُطْلَقُ عَلَى كُلِّ أَسَدٍ فِي الْعَالَمِ، لِأَنَّا إنَّمَا أَخَذْنَاهَا فِي الذِّهْنِ مُجَرَّدَةً عَنْ جَمِيعِ الْخُصُوصِيَّاتِ فَتُطْلَقُ عَلَى الْجَمِيعِ، فَلَا جَرَمَ يُطْلَقُ لَفْظُ الْأَسَدِ وَأُسَامَةَ عَلَى جَمِيعِ الْأُسُودِ لِوُجُودِ الشَّرِكَةِ فِيهَا كُلِّهَا فَيَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَ اسْمِ الْجِنْسِ وَعَلَمِ الْجِنْسِ بِخُصُوصِ الصُّورَةِ الذِّهْنِيَّةِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ عَلَمِ الْجِنْسِ وَعَلَمِ الشَّخْصِ: أَنَّ عَلَمَ الشَّخْصِ مَوْضُوعٌ لِلْحَقِيقَةِ بِقَيْدِ التَّشَخُّصِ الْخَارِجِيِّ، وَعَلَمَ الْجِنْسِ مَوْضُوعٌ لِلْمَاهِيَّةِ بِقَيْدِ التَّشَخُّصِ الذِّهْنِيِّ. اهـ.
وَقَالَ ابْنُ إيَازٍ رَدًّا عَلَى مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ اسْمِ الْجِنْسِ وَعَلَمِ الْجِنْسِ: أَنَّ عَلَمَ الْجِنْسِ وَهُوَ أُسَامَةُ مَوْضُوعٌ لِلْحَقِيقَةِ الذِّهْنِيَّةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِلْأَفْرَادِ، وَعَكْسُهُ اسْمُ الْجِنْسِ.
قَالَ: فَيَلْزَمُ أَنَّ أُسَامَةَ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي الْأَفْرَادِ الْخَارِجِيَّةِ أَنْ يَكُونَ مَجَازًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَثِيرُ الدِّينِ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا: الْوَضْعُ مَسْبُوقٌ بِالتَّصَوُّرِ، فَإِنْ كَانَ لِلْأَفْرَادِ الْخَارِجِيَّةِ فَيَلْزَمُ وَضْعُهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَهُوَ بَاطِلٌ.
وَقَالَ صَاحِبُ الْبَسِيطِ مِنْ النَّحْوِيِّينَ: إنَّمَا حُكِمَ لِعَلَمِ الْجِنْسِ بِالْعَلَمِيَّةِ، لِأَنَّهُمْ عَامَلُوهُ مُعَامَلَةَ الْأَعْلَامِ فِي أَرْبَعَةِ أُمُورٍ: دُخُولِ " أَلْ " عَلَيْهَا، وَإِضَافَتِهَا، وَفِي نَصْبِ الْحَالِ عَنْهَا نَحْوَ هَذَا أُسَامَةُ مُقْبِلًا، وَامْتِنَاعِ صَرْفِهَا عِنْدَ وُجُودِ عِلَّتَيْنِ فِيهَا، وَفِي تَحَقُّقِ عِلْمِيَّتِهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا لِأَبِي سَعِيدٍ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ بَابْشَاذَ وَابْنُ يَعِيشَ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ عَلَى الْجِنْسِ بِأَسْرِهِ بِمَنْزِلَةِ تَعْرِيفِ الْجِنْسِ بِاللَّامِ فِي نَحْوِ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، وَلِهَذَا يُقَالُ: ثُعَالَةُ يَفِرُّ مِنْ أُسَامَةَ، أَيْ أَشْخَاصُ هَذَا الْجِنْسِ يَفِرُّ مِنْ أَشْخَاصِ هَذَا الْجِنْسِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْتَاجُوا فِي هَذَا النَّوْعِ إلَى تَعْيِينِ الشَّخْصِ كَغَيْرِهَا مِنْ الْأَعْلَامِ، لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِ أَفْرَادِهَا.
قَالَ ابْنُ يَعِيشَ: وَتَعْرِيفُهَا لَفْظِيٌّ، وَهِيَ فِي الْمَعْنَى نَكِرَاتٌ، لِأَنَّ اللَّفْظَ وَإِنْ أُطْلِقَ عَلَى الْجِنْسِ فَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى أَفْرَادِهِ، وَلَا يَخُصُّ شَخْصًا بِعَيْنِهِ، وَعَلَى هَذَا فَيَخْرُجُ عَنْ حَدِّ الْعَلَمِ.
وَالثَّانِي: لِابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلْحَقَائِقِ الْمُتَّحِدَةِ فِي الذِّهْنِ بِمَنْزِلَةِ التَّعْرِيفِ بِاللَّامِ لِلْمَعْهُودِ الذِّهْنِيِّ نَحْوَ أَكَلْت الْخُبْزَ وَشَرِبْت الْمَاءَ، فَإِذَا أُطْلِقَ عَلَى الْوَاحِدِ فِي الْوُجُودِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَصْدِ إلَى الْحَقِيقَةِ، فَالتَّعَدُّدُ بِاعْتِبَارِ الْوُجُودِ لَا بِاعْتِبَارِ الْوَضْعِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَسَدٍ وَأُسَامَةَ أَنَّ أَسَدًا مَوْضُوعٌ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ النَّوْعِ عَلَى طَرِيقِ الْبَدَلِ، فَالتَّعَدُّدُ فِيهِ مِنْ أَصْلِ الْوَضْعِ، وَأَمَّا أُسَامَةُ فَإِنَّهُ لَزِمَ مِنْ إطْلَاقِهِ عَلَى الْوَاحِدِ فِي الْوُجُودِ التَّعَدُّدِ، فَالتَّعَدُّدُ جَاءَ فِيهِ ضِمْنًا لَا مَقْصُودًا بِالْوَضْعِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِوَضْعِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ بَلْ الْوَاحِدُ مِنْ حُفَاةِ الْعَرَبِ إذَا وَقَعَ طَرَفُهُ عَلَى وَحْشٍ عَجِيبٍ، أَوْ طَيْرٍ غَرِيبٍ أَطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمًا يَشْتَقُّهُ مِنْ خِلْقَتِهِ أَوْ فِعْلِهِ أَوْ وَصْفِهِ، فَإِذَا رَآهُ مَرَّةً أُخْرَى أَجْرَى عَلَيْهِ ذَلِكَ الِاسْمَ بِاعْتِبَارِ شَخْصِهِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَصَوُّرِ أَنَّ هَذَا الْمَوْجُودَ هُوَ الْمُسَمَّى أَوَّلًا أَوْ غَيْرُهُ، فَصَارَتْ مُشَخَّصَاتُ كُلِّ نَوْعٍ مُنْدَرِجَةً تَحْتَ الْأَوَّلِ.
وَالرَّابِعُ: قُلْته أَنَا: أَنَّ لَفْظَ عَلَمِ الْجِنْسِ مَوْضُوعٌ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ الذِّهْنِيَّةِ وَالْوُجُودِيَّةِ، فَإِنَّ لَفْظَ أُسَامَةَ يَدُلُّ عَلَى الْحَيَوَانِ الْمُفْتَرِسِ عَرِيضِ الْأَعَالِي، فَالِافْتِرَاسُ وَعَرْضُ الْأَعَالِي مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الذِّهْنِيِّ وَالْوُجُودِيِّ، فَإِذَا أُطْلِقَ عَلَى الْوَاحِدِ فِي الْوُجُودِ، فَقَدْ أُطْلِقَ عَلَى مَا وُضِعَ لَهُ لِوُجُودِ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ، وَيَلْزَمُ مِنْ إخْرَاجِهِ إلَى الْوُجُودِ التَّعَدُّدُ، فَيَكُونُ التَّعَدُّدُ مِنْ اللَّوَازِمِ لَا مَقْصُودًا بِالْوَضْعِ بِخِلَافِ أَسَدٍ، فَإِنَّ تَعَدُّدَهُ مَقْصُودٌ بِالْوَضْعِ. فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَالْفَرْقُ بَيْنَ عَلَمِ الْجِنْسِ وَاسْمِ الْجِنْسِ بِأُمُورٍ:
أَحَدُهَا: امْتِنَاعُ دُخُولِ " اللَّامِ " عَلَى أَحَدِهِمَا وَجَوَازُهُ فِي الْآخَرِ، وَلِذَلِكَ كَانَ ابْنُ لَبُونٍ وَابْنُ مَخَاضٍ اسْمَ جِنْسٍ بِدَلِيلِ دُخُولِ " لَامِ " التَّعْرِيفِ عَلَيْهِمَا.
الثَّانِي: امْتِنَاعُ الصَّرْفِ يَدُلُّ عَلَى الْعِلْمِيَّةِ.
الثَّالِثُ: نَصْبُ الْحَالِ عَنْهَا
الرَّابِعُ: نَصَّ أَهْلُ اللُّغَةِ عَلَى ذَلِكَ. وَأَمَّا الْإِضَافَةُ فَلَا دَلِيلَ فِيهَا، لِأَنَّ الْأَعْلَامَ جَاءَتْ مُضَافَةً. اهـ.
وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ: أَنَّ اللَّفْظَ إنْ كَانَ مَوْضُوعًا بِإِزَاءِ الْحَقِيقَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُتَصَوَّرَ الْحَقِيقَةُ، وَيَحْضُرَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهَا فِي الذِّهْنِ مُتَشَخِّصًا، فَالْوَاضِعُ تَارَةً يَضَعُ لِلْحَقِيقَةِ لَا بِقَيْدِ التَّشَخُّصِ الْخَاصِّ فِي ذِهْنِهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ اسْمَ جِنْسٍ كَمَنْ حَضَرَ فِي ذِهْنِهِ حَقِيقَةُ الْأَسَدِ، وَتَشَخَّصَ فِي ذِهْنِهِ فَرْدٌ مِنْ
أَفْرَادِهِ، فَوُضِعَ لِلْحَقِيقَةِ لَا لِذَلِكَ الْفَرْدِ، وَتَارَةً يَضَعُ لِلتَّشَخُّصِ الْخَاصِّ فِي ذِهْنِهِ بِقَيْدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ الَّذِي هُوَ حَاصِلٌ فِي أَفْرَادٍ كَثِيرَةٍ خَارِجِيَّةٍ، فَهَذَا عَلَمُ الْجِنْسِ، وَتَارَةً يَضَعُ لِلشَّخْصِ الْخَارِجِيِّ، فَهُوَ عَلَمُ الشَّخْصِ، وَسُمِّيَ هَذَا عَلَمًا، لِأَنَّ الْوَضْعَ فِيهِ لِلشَّخْصِ، لِيَكُونَ التَّشْخِيصُ لِلْوَضْعِ الذِّهْنِيِّ وَالْخَارِجِيِّ.
وَذَهَبَ الزَّمَخْشَرِيُّ إلَى أَنَّ عَلَمَ الْجِنْسِ هُوَ الَّذِي لُوحِظَ فِيهِ خَاصَّةً مِنْ خَوَاصِّ ذَلِكَ الْجِنْسِ، وَضُعِّفَ بِأَنَّ الْعَلَمَ هُوَ الْمَوْضُوعُ لِلْحَقِيقَةِ بِقَيْدِ التَّشَخُّصِ الذِّهْنِيِّ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الِاصْطِلَاحِ حَتَّى لَا يُمْنَعَ، لِأَنَّا قَدَّمْنَا أَنَّ الْعَلَمَ حَقِيقَتُهُ الْوَضْعُ لِلتَّشَخُّصِ الذِّهْنِيِّ وَالْخَارِجِيِّ، فَاعْتِبَارُ الْوَصْفِ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِيهِ، فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ الصَّحِيحُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ. وَعِبَارَةُ سِيبَوَيْهِ تُعْطِي ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: هَذَا بَابٌ مِنْ الْمَعْرِفَةِ يَكُونُ فِيهِ الِاسْمُ الْخَاصُّ شَائِعًا فِي أُمَّتِهِ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهَا بِهِ مِنْ الْآخَرِ، نَحْوَ قَوْلِك لِلْأَسَدِ أَبُو الْحَارِثِ وَأُسَامَةُ، وَلِلثَّعْلَبِ ثُعَالَةٌ وَأَبُو الْحُصَيْنِ، وَذَكَرَ أَمْثِلَةً. وَفَرَّقَ بَيْنَ أُسَامَةَ وَزَيْدٍ بِأَنَّ زَيْدًا قَدْ عَرَفَهُ الْمُخَاطَبُ بِحِلْيَتِهِ أَوْ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَهُ، وَإِذَا قَالَ أُسَامَةُ، فَإِنَّمَا يُرِيدُ هَذَا الْأَسَدَ وَلَا يُرِيدُ أَنْ يُشِيرَ إلَى شَيْءٍ قَدْ عَرَفَهُ بِعَيْنِهِ قَبْلَ ذَلِكَ كَمَعْرِفَتِهِ زَيْدًا، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ بِ " هَذَا " الَّذِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أُمَّتِهِ لَهُ هَذَا الِاسْمُ، فَهَذَا الْكَلَامُ مِنْهُ يُعْطِي مَا قُلْنَا، وَانْظُرْ قَوْلَهُ: يَكُونُ فِيهِ الِاسْمُ خَاصًّا شَائِعًا، فَجَعَلَهُ خَاصًّا بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ الْمُشَخِّصَةِ الْمَوْضُوعِ وَشَائِعًا بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ الْخَارِجِيَّةِ، وَإِلَى قَوْلِهِ: يُرِيدُ هَذَا الْأَسَدَ وَلَا يُرِيدُ إلَى شَيْءٍ قَدْ عَرَفْته، وَبِهَذَا الْفَرْقِ يَتَّضِحُ أَنَّ عَلَمَ الْجِنْسِ مَعْرِفَةٌ لَفْظًا وَمَعْنًى، وَأَنَّ قَوْلَ ابْنِ مَالِكٍ: إنَّهُ مَعْرِفَةٌ لَفْظًا وَنَكِرَةٌ مَعْنًى وَأَنَّهُ فِي أُسَامَةَ فِي السِّبَاعِ كَأَسَدٍ مَمْنُوعٌ، وَوَافَقَهُ أَبُو حَيَّانَ عَلَى أَنَّ أُسَامَةَ نَكِرَةٌ فِي الْمَعْنَى، وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ، فَإِذَا ثَبَتَ، هَذَا فَلَا إشْكَالَ فِي أَنَّ عَلَمَ الْجِنْسِ كُلِّيٌّ، لِأَنَّهُ يَشْتَرِكُ فِي مَفْهُومِهِ كَثِيرُونَ.