الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُحَمَّد بن صَالح الجيلاني الفارسي ثمَّ الْيُمْنَى
نَشأ بِبِلَاد الْعَجم وَأخذ علم الطِّبّ عَن أَهلهَا ثمَّ ارتحل إِلَى الْهِنْد فِي أَيَّام السُّلْطَان أبي الْحسن قطب شاه ملك الدكن فنال هُنَالك دنيا عريضة وطار ذكره ثمَّ توجه لِلْحَجِّ فَركب الْبَحْر وَمَعَهُ ذخائر وَكتب نفيسة فانكسر الْمركب وَلم يخرج إلا بِنَفسِهِ وَأقَام بِمَكَّة زَمَانا ثمَّ ركب الْبَحْر أَيْضا يُرِيد بِلَاد الْهِنْد فاجتاز بِالْيمن والخليفة فِيهَا الإِمَام المتَوَكل على الله إِسْمَاعِيل ابْن الْقَاسِم فَلَمَّا تحقق فَضله فِي الطِّبّ استدعاه إِلَى حَضرته وَأحسن إِلَيْهِ ورغبه فِي السّكُون بِالْيمن فَرغب وأجرى لَهُ النَّفَقَات الواسعة ونال من آل الإِمَام الْقَاسِم الرغائب وانتفع بِهِ النَّاس وطار صيته واشتهر ذكره وَلم يدْخل الْيمن فِيمَا أظن أعرف مِنْهُ بالطب وَلم يزل ذكره مَشْهُورا فِي النَّاس إِلَى الْآن يحكون عَنهُ غرائب فِي الطِّبّ تتحير لَهَا الأذهان وتطرب لسماعها الآذان
وَمِمَّا يحْكى عَنهُ مَا ذكره صَاحب نسمَة السحر فِي تَرْجَمته قَالَ سَمِعت أَن بعض نسَاء الْأَغْنِيَاء كَانَت حَامِلا فَلَمَّا أثقلت أصبحت فِي بعض الْأَيَّام ميتَة لَا حراك بهَا وَلم يكن ظهر بهَا مرض فاستدعى أَهلهَا جمَاعَة من الْأَطِبَّاء فقضوا بموتها فَجْأَة فَلم تطب نفس أَهلهَا دون أن ينظر إِلَيْهَا صَاحب التَّرْجَمَة فَلَمَّا رَآهَا قَالَ لوالدها إن أعطيتني مائَة قِرْش رَأَيْتهَا السَّاعَة فِي عَافِيَة فالتزم لَهُ بذلك فجس فؤادها ثمَّ اخْرُج إبرة مَعَه فَجعل ينقش بهَا على فواءدها بِرِفْق فَقَامَتْ فِي عَافِيَة فسر بذلك أهلها ثمَّ سَأَلُوهُ عَن سَبَب الْعلَّة فَقَالَ إن الْجَنِين قبض بِيَدِهِ على الشريان الذي ينفذ فِيهِ النَّفس من الرئة فَلَمَّا أحس بالإبرة ارسل يَده فَذهب الْمَانِع
لكني رَأَيْت هَذِه الْوَاقِعَة بِعَينهَا فِي
كتاب الشقائق النعمانية وَذكر مُؤَلفه انها اتّفقت للحكيم يَعْقُوب الإسرائيلي مَعَ بعض نسَاء الروم وَيجوز وُقُوعهَا لَهما جَمِيعًا
قَالَ صَاحب النَّسمَة وَقَرَأَ عَلَيْهِ والدى فِي الطِّبّ وَكَانَ رسمه ان يجِئ إِلَيْهِ فَيَأْخُذ مِنْهُ أُجْرَة الْمَشْي كل يَوْم ربع قِرْش لِئَلَّا ينْفق حركاته فِي غير نفع على رأي الْحُكَمَاء
وَسَأَلَهُ القاضي مُحَمَّد بن الْحسن الحيمي أن يفِيدهُ الطِّبّ فَقَالَ أَنا آخذ من مَوْلَانَا يحيى بن الْحُسَيْن كل يَوْم ربع قِرْش وأروح إِلَيْهِ وَأَنت تجئ إِلَى وآخذ مِنْك كل يَوْم ثمن قِرْش
إلا أنه لم يكن يعالج الْفُقَرَاء احتسابا كَسنة بقراط فِي الْأَوَائِل وَابْن زهرَة وَصَاحب الحاوي وَغَيرهم فِي الْمُتَأَخِّرين ويحتج بِأَن الْمَوْت خير للْفُقَرَاء
وَكَانَ لَهُ معرفَة بأنواع من الْعلم كالمنطق والرياضي وَالصرْف والنحو وَالْأَدب وَله شعر أورد لَهُ صَاحب نسمَة السحر بَيْتَيْنِ فِي هجو علي أفندي كَاتب السَّيِّد علي بن الْمُؤَيد صَاحب صنعاء وهما
(على عَليّ أفندي
…
لَا تأسفن وَلَا تَئِنُّ)
(الْعَن من أخبث من
…
أنجس من أكذب من)
وَرَأَيْت فِي بعض المجاميع بَيْتَيْنِ منسوبين إِلَيْهِ فَإِن صحت النِّسْبَة فَلَو لم يكن لَهُ إلا هما لَكَانَ من أشعر النَّاس وهما
(وَمَا الطِّبّ إلا علم ظن وشبهة
…
وَلَيْسَ لأحكام الظنون ثُبُوت)
(إِذا كَانَ علم الطِّبّ يُنجى من الردى
…
وَيحيى فَمَا بَال الطَّبِيب يَمُوت)
وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن صَحَّ عَنهُ مِمَّا يتواصفه النَّاس من علاجاته فَهُوَ متفرد بِهَذَا الْفَنّ مُطلقًا فَإِنَّهُم يحكون من الغرائب مالم يحك مثله عَن القدماء وَصَارَ مثلا يضْرب فِي هَذَا الْفَنّ وَقد رَأَيْت مجموعا فِي الطِّبّ ذكر مُؤَلفه