الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَعَلَّه قَالَ ذَلِك لما رأى من كَثْرَة فنون ابْن تَيْمِية وسعة دائرته فِي الْعُلُوم الإسلامية وَالرجل لَيْسَ بكفوء لمناظرة ذَلِك الإِمَام إلا فِي فنونه الَّتِى يعرفهَا وَقد كَانَ عريا عَن سواهَا وَلِهَذَا قيل أنه مَا كَانَ يحفظ من الْقُرْآن إِلَّا ربعه حَتَّى نقل عَنهُ أنه قَرَأَ المص بِفَتْح الْمِيم وَتَشْديد الصَّاد وتوفى فِي آخر صفر سنة 715 خمس عشرَة وَسَبْعمائة
مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم المرشدى
ولد بعد سنة 670 سبعين وسِتمِائَة وَقَرَأَ فِي الْفِقْه على الضياء بن عبد الرَّحِيم وتلا بالسبع على التقي الصَّائِغ وتفقه ثمَّ انْقَطع فِي زاويته الْمَشْهُورَة بمنية بني مرشد وَكَانَت لَهُ أَحْوَال وهمة فِي خدمَة النَّاس وضيافتهم بِحَيْثُ يطعم كل من مر بِهِ من كَبِير وصغير وَقَلِيل وَكثير وَيقدم لكل اُحْدُ مَا يَقع فِي خاطره فاشتهر بِهَذَا وذاع وَمَعَ ذَلِك لم يكن يقبل لأحد شَيْئا حَتَّى إن السُّلْطَان بعث إِلَيْهِ بِذَهَب مَعَ بعض أمرائه فَلم يقبله وَحج فِي هَيْئَة كَبِيرَة وتلامذة فَكَانَ ينْفق فِي كل يَوْم زِيَادَة على ألف دِينَار وَأنْفق فِي خمس لَيَال مَا قِيمَته نَحْو خَمْسَة وَعشْرين دِينَارا وَكَانَ كل من يُنكر عَلَيْهِ إِذا اجْتمع بِهِ زَالَ ذَلِك مِنْهُم ابْن سيد النَّاس وَغَيره وَمن جملَة مَا أنكروا عَلَيْهِ أَن فِي زاويته منبرا للخطيب فيصلي النَّاس الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة وَلَا يصلي مَعَهم قَالَ الذهبي كَانَ صَاحب أَحْوَال وَاخْتلفت الْأَقَاوِيل فِيهِ ويحكى عَنهُ عجائب فِي إحضار الْأَطْعِمَة وَكَانَ يخْدم الواردين فِي نَفسه وَلَا يقبل لأحد شَيْئا وَيتَكَلَّم على الخواطر وَكَانَ قَلِيل الدَّعْوَى عديم السَّطْح حسن المعتقد وَكَانَ يخرج للحاضرين الْأَطْعِمَة الفاخرة من خلوته وَلَا يدخلهَا غَيره قَالَ والذي يظْهر لي أَنه كَانَ مخدوما وَعظم شَأْنه فِي الدولة جدا
حَتَّى كَانَ يكْتب ورقته إِلَى كَاتب السِّرّ وَسَائِر أعيان الدولة فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ردهَا وَذكر ابْن فضل الله فِي تَرْجَمته نَحْو مَا تقدم وَزَاد أن الذي يحْكى عَنهُ لم يسمع بِمثلِهِ فِي سالف الدَّهْر من رجل مُنْقَطع فِي زَاوِيَة صَغِيرَة فِي طَرِيق الرمل لَا يُوجد فِيهَا شئ من هَذِه الْأَنْوَاع مَعَ أن الشايع الذائع أَنه كَانَ يَأْتِيهِ الْجَمَاعَة وكل وَاحِد مِنْهُم يشتهى شَيْئا مِمَّا لَا يُوجد إلا فِي الْقَاهِرَة أَو دمشق فَإِذا حَضَرُوا غَابَ هنيهة وأحضر لكل وَاحِد مِنْهُم مَا اقترح وَأكْثر مَا كَانَ يحضرهُ بِنَفسِهِ وَلَيْسَ لَهُ خَادِم وَلَا عرف لَهُ طباخ وَلَا قدرَة وَلَا معرفَة وَلَا موقد نَار مَعَ اشْتِغَاله أَكثر نَهَاره بِالنَّاسِ وَلَا يخْتَص ذَلِك بِوَقْت دون وَقت بل لَو أَتَاهُ فِي الْيَوْم الْوَاحِد من أَتَاهُ لَا بُد من أَن يحضر لَهُ مَا يشتهيه قَالَ وَلَا يَخْلُو أَكْثَرهَا من مجازفة وَلَكِن اشتهارها وشيوعها يدل على أَن لَهَا أصلا ثمَّ حكى عَن جمَاعَة متنوعة وُقُوع ذَلِك لَهُم بِغَيْر وَاسِطَة إِلَى أن قَالَ وَقد زعم قوم أَن جَمِيع مَا كَانَ يأتي بِهِ كَانَ يمده بِهِ قاضي فوة فَإِنَّهُ كَانَ يخْتَص بالشيخ فَكَانَ القاضي لَا يقدر على عَزله أحد من أرباب الدولة بِسَبَب صحبته للشَّيْخ فطالت مدَّته وانبسطت يَده وَأكْثر من التِّجَارَة والزراعة والولاة ترعاه لجاهه بالشيخ فَنمت أَحْوَاله واتسعت دائرته فَلم يكن لَهُ شغل الا تلقى من يقبل زَائِرًا للشَّيْخ فينزله ويحادثه حَتَّى يقف على مَا فِي خاطره ثمَّ يُرْسل إِلَى الشَّيْخ ذَلِك بأمارات ويمده بِمَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَلَا يخفى مَا فِي هَذَا من التَّكَلُّف وَقد سلك هَذِه الطَّرِيقَة جمَاعَة من متصوفة الْيمن يُقَال لَهُم بَنو المشرع بِضَم الْمِيم وَفتح الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء الْمَكْسُورَة ثمَّ عين مُهْملَة وَلِلنَّاسِ الواردين إِلَيْهِم أَحَادِيث غَرِيبَة فِي شرح مَا يرونه من نَحْو مَا وصف عَن صَاحب التَّرْجَمَة وقصص يطول شرحها وَلم