الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لنا بِهِ الْأَخْبَار
لَا زلتم فِي كلاية الْملك الستار
وَإِن شَاءَ الله عَن قريب نفيدكم بمسرة نصْرَة الْإِسْلَام
فالمرجو من جنابكم عدم إخراجنا من الضَّمِير الْمُنِير
بأسنى صِحَة اخباركم لَا سِيمَا تفيدوا بِمَا تجدد وَحدث وبلغكم من الْإِعْلَام وَالْأَخْبَار
ودمتم سَالِمين وبعين عناية الله ملحوظين
وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم
انْتهى كتاب الشريف عافاه الله
وَهَذِه صُورَة كتاب آخر وصل من الشريف غَالب بن مساعد حماه الله
بعد وُصُول الْكتاب الأول وَلَفظه
نهدي سَلاما أعبق الْكَوْن شذاه وأخجل الْبَدْر بِحسن طلعته ورياه وتحيات مَكِّيَّة الأرج مَدَنِيَّة المدد تحمل النَّصْر والفرج إِلَى جناب مَعْدن الْخلَافَة العلوية ومنبع الكمالات الحسنية وطراز عِصَابَة الهواشم وصفوة القادة الفواطم من دَانَتْ لَهُ رِقَاب الفراعنة فى أفطاره وخضعت لَهُ رُؤْس الأكابر في جَمِيع أمصاره ذي الْأَخْلَاق الرضية وَالشَّمَائِل المرضية المنظور بِعَين عناية الله الْمُبين والمنصور بسلطانه في كل حِين أخينا وعزيزنا الإِمَام ابْن الإِمَام أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَنْصُور بِاللَّه رب الْعَالمين أدام الله لَهُ الإقبال وبلغه بجاه جده الآمال
وَبعد فباعث تحريره وَمُوجب تنميقه وتصديره حمد الله سُبْحَانَهُ على نعمه وآلائه ومننه ونعمائه وَالسُّؤَال عَن جنابكم والتفحص عَن أخباركم بإعلان الدُّعَاء وتبيان صدق الْوَفَاء
وَثَانِيا غير خافي جنابكم أَنه قبل هَذَا صدر منا إليكم كتاب بإخبار حوادث الْمُشْركين بِمصْر وَصُورَة جَمِيع مَا ورد الينا من الْخطاب الْمُعْلن بنصح مضمونه نهج الصَّوَاب وَله الْحَمد سُبْحَانَهُ على جزيل فَضله وعظيم امتنانه الذي أعَان على الْحق أعوانه بنصر عباده
الْمُسلمين وَتَمام إحسانه والذي نبديه إِلَى مسامعكم الزكية
أَنه ورد الينا يَوْم تَارِيخه نجاب من جَانب مصر ببشاير النَّصْر وأهنأ الْخطاب
وَذَلِكَ أَن أَمِير الْجُمْهُور الفرنساوي اللعين جمع كَافَّة أَعْيَان رعايا مصر الْمُسلمين وَضبط عَلَيْهِم جَمِيع الْبيُوت والحارات
وَحط على كل بَيت من الْمُسلمين شَيْئا من المبالغ والبليصات بِحَيْثُ لَا طَاقَة لأهل الْإِسْلَام على تَسْلِيم مَا فرض عَلَيْهِم من الْجور الْعَام وَقد حدد عَلَيْهِم جمع تِلْكَ الْأَمْوَال فِي نهارين
وواعد من لم ينجز وعده بِالْهَلَاكِ والشين
فَخرج من عِنْده الْمُسلمُونَ فِي حيرة واجتمعو في أماكنهم لأجل التشاور والبصيرة فألهم الله قُلُوبهم الإسلامية ووفق حميد آرائهم الإيمانية بالهجوم من كل جَانب على الْمُشْركين
وبذلوا نُفُوسهم لمرضاة رب الْعَالمين فَخرجت كَافَّة رعايا الْمُسلمين من منازلها وهجمت على الْمُشْركين في أماكنها وَصَارَ الْجِهَاد خلال بُيُوتهم والقتال في مجامع الْمُشْركين ودورهم وابتهجت مصابيح وُجُوه الْإِسْلَام وسطعت صوارم سيوفهم فِي أَعْنَاق الْكَفَرَة اللئام
وأيد الله جنود الرعايا الْمُسلمين بعظمته الباهرة
وَأهْلك بسيوفهم كَافَّة الْمُشْركين بِالْقَاهِرَةِ
وَكَانَ ذَلِك يَوْم حادي عشر جُمَادَى الأولى وَله الْحَمد في الْآخِرَة وَالْأولَى
فَأرْسلت الرعايا المنصورين نجاجيب الرّعية لأمراء مصر المخدمين
وَكَانَ أقربهم بمسيرة يَوْم عَن الجلاد محبنا الْأَمِير مُرَاد فَفَزعَ بكافة من حوله من العشائر والأجناد وَدخل بِلَاد مصر يَوْم ثانى عشر شهر جماد
ظفر بقتل من بقي من الْكفَّار
وانتظم شَمل الْمُسلمين بصفاء الدَّار
فَللَّه مزِيد الْحَمد وَالثنَاء
على تِلْكَ المسرة والهناء فلقصد مسرتكم على الْفَوْر حررنا هَذَا الرقيم
لحُصُول الْخَبَر على نصر الْمُسلمين
القويم
هَذَا مَا عَن لنا بِهِ اخباركم لَا زلتم في حفظ مولاكم ودمتم سَالِمين وَمهما تجدد عرّفناكم وَمَا حدث تعرّفونا بِهِ وَتَكون الْأَخْبَار بَيْننَا غير مُنْقَطِعَة هَذَا صلى الله عليه وسلم مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم قَالَ حرر في خَامِس شهرنا جماد سنة 1213 ثمَّ قَالَ عقيب هَذَا مالفظه وَلَا يخفاكم من حَال داواتنا المتعودة بالوفود إِلَى مراسي بنادركم لَا تزَال دَائِما مُتَأَخِّرَة في شحنتها إِلَى بندر جدة وَنَرْجُو الله بهمتكم يسْتَدرك الآمال وينتظم مراجينا في كل حَال فالمرجو من حميد توجهات هممكم الْعَالِيَة بروز أَمركُم لكافة من كَانَ بالبنادر البحرية من أمارائكم بِأَن تكون داواتنا مُقَدّمَة في التشحين قبل كل داو وغراب
وَيكون جَارِيَة تِلْكَ الْقَاعِدَة بهمتكم في جَمِيع مراسيكم كَمَا هُوَ المأمول من جنابكم والمسئول من مزايا أخلاقكم وَنَرْجُو الله أَن رجانا غير مَرْدُود وَفضل الله غير مَحْدُود هَذَا مَا عَن لنا التماسه دمتم بِالْخَيرِ انْتهى
هَذَا الْكتاب والذي قبله منقولان من الْخط الذي عَلَيْهِ عَلامَة الشريف غَالب بن مساعد دَامَت معاليه
وَهَذَا جَوَاب مَوْلَانَا الإِمَام خَليفَة الْعَصْر الْمَنْصُور بِاللَّه حفظه الله وَهُوَ جَوَاب عَن مَجْمُوع كتابي الشريف والمنشئ لَهُ على لِسَان مَوْلَانَا الإِمَام هُوَ الحقير مؤلف هَذِه التراجم الَّتِى اشْتَمَل عَلَيْهَا هَذَا الْكتاب عَن أَمر مَوْلَانَا الإِمَام حفظه الله وَهُوَ على نمط مَا قبله من كتابي الشريف فِي عدم انتخاب أَعلَى طَبَقَات بلاغات الْكتاب إِذْ الْمقَام مقَام مكالمة في رزية فِي الدَّين ومصيبة عَمت الْمُسلمين فمعظم المُرَاد وَغَايَة الْقَصْد هُوَ الإفهام بِلِسَان الأقلام لَا التأنق في تَحْرِير الْكَلَام على أتم نظام
وَلَفظ جَوَاب مَوْلَانَا الإِمَام لَا برح فِي حماية الْملك العلام
كتب الله لأغلبن أَنا ورسلي إن الله قوي عَزِيز
سَلام تتضمخ أردان الْأَمْصَار بنوافح نشره وتتعطر أكوان الْأَعْصَار بروائح بشره
وتتضاحك ثغور الأزهار لشميم شذاه
وتتمايل قدود الْأَبْكَار لنسيم رياه
وتطلع أنوار بدوره في سَمَاء الْمعَاهد الشَّرِيفَة المعظمة
وتسطع وتسطع أشعة شموسه في فلك الْمشَاهد المنيفة المفخمة يخص حَضْرَة جناب سليل الهواشم وَيحل بِسَاحَة نبيل الدوحة المطهرة من أَبنَاء الفواطم
مُقيم شعار الْجِهَاد هَادِم أَرْكَان الْفساد والعناد
أخينا الأكرم حبيبنا الطَّاهِر الشيم أَمِير الشرفاء شرِيف الْأُمَرَاء كَبِير العظماء عَظِيم الكبراء الشريف الأوحد غَالب بن مساعد أدام الله إسعاده وَثَبت من ملكه اطنابه وأوتاده وَكثر أعداده وأجناده
وأباد حساده وأضداده
وَتَوَلَّى بعون عنايته إصداره وإيراده
وَبعد حمد وَاجِب الْوُجُود
وشكر مفيض الْكَرم والجود
وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على حَامِل لِوَاء شرايع الْإِسْلَام القايم بأعباء الرسَالَة أنهض قيام وعَلى آله الناشرين لأعلام الدَّين القامعين بسطواتهم رُءُوس المعاندين
وعَلى أَصْحَابه القاصمين حبائل الكفران الفاصمين عقد الشرك والطغيان فَإِنَّهُ وصل من جنابكم الْعَظِيم ومقامكم الفخيم كتاب كريم
يحْكى مَا صنعت أيدى الْكفْر بِمصْر صانها الله عَن كل نكر فياله من حَادث يبلبل الْأَلْبَاب ويجلب من الأحزان مَا لم يكن في حِسَاب فَلَقَد أبكى وأنكى وروع وأوجع وَأقَام وأقعد وشتت شَمل كل أنس وبدد وواهاله من خطب يصك مسامع الْإِسْلَام
ويخدد الخدود بفيض مدامع الْأَنَام
لَا سِيمَا وَتلك ديار مطهرة عَن أدناس الكفران
مُقَدَّسَة عَن أرجاس الطغيان
معمورة بِالْإِيمَان وَعبادَة الْملك الديَّان على مُرُور الْأَزْمَان
مُنْذُ افتتحتها سيوف حزب الله
ومحت أردان كفرانها صوارم أَصْحَاب رَسُول الله فَلَقَد أظلم الْخطب وادلهم الكرب وَضَاقَتْ الصُّدُور
وغلت من الأحزان قدور وَرغب إِلَى النفير إِلَى سَبِيل الله الصَّغِير وَالْكَبِير
وَتَشَوُّقِ إِلَى جِهَاد أَعدَاء الله كل جليل وخطير
وَكَيف لَا وَهَذِه نازلة قد نزلت بِالْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمين وفادحة قد عَمت الْمُؤمنِينَ أَجْمَعِينَ لِأَنَّهَا في الدَّين وَمن بَعدت عَنهُ ديارها فقد أحرقت قلبه وقالبه نيارها
وَلَقَد كُنَّا على عزم شن الْغَارة وإرسال طَائِفَة من جنودنا المختارة
ليكونوا من الفائزين بجهاد الْكَافرين والظافرين بِثَوَاب هَذِه الطَّاعَة الَّتِى هي سَنَام الدَّين كَمَا صَحَّ ذَلِك عَن سيد الْمُرْسلين
وَأما الثغور في جهاتنا فهي بِحَمْد الله مَحْفُوظَة
وبعين الْعِنَايَة الربانية إن شَاءَ الله ملحوظة فقد وكلنَا بحفظها من الأجناد من يقوم بهم الْكِفَايَة فِي الإصدار والإيراد وَعند ذَلِك الْعَزْم المتين
وافى كتابكُمْ الآخر المشير بِالْفَتْح الْمُبين الحاكي لاستئصال شأفة الْكَافرين أَجْمَعِينَ فأنشدنا لِسَان حَال السرُور وحدى بِنَا حادي الحبور الذي عَم الْجُمْهُور
(هناء محيّ ذَاك العزا المتقدما
…
فَمَا عبس المحزون حَتَّى تبسّما) فَلَقَد انجابت ظلمات الهموم وتقشعت غيوم الغموم وابتلجت الخواطر وقرت النواظر وَعند بُلُوغ تِلْكَ الْأَخْبَار اشعرنا هَذِه المسار الْكِبَار بِمَا شاع في جَمِيع الأقطار وذاع بَين البوادى والحضار فيالها من مسرات شدت من عضد الدَّين وفتت سواعد الْمُلْحِدِينَ وقصمت ظُهُور الْكَافرين
وقلقلت معاهد المعاندين واللهم إِنَّا نحمدك حمداً لَا يُحِيط بِهِ الْحصْر ونشكرك على مَا منحت أمة نبيك من هَذَا الْفَتْح والنصر وَمَا
لمحت إِلَيْهِ أَيهَا الجناب الْعَظِيم وَالْأَخ الفخيم الْكَرِيم من أَمر الداوات فَمَا زَالَت أوامرنا إِلَى نوابنا في الْجِهَات بِرَفْع الظلامات والأعمال بِالنِّيَّاتِ
وَغير خَافَ على ذهنكم السَّلِيم وفكركم الرَّاجِح القويم أَن من الْعدْل الذي قَامَت بِهِ الأَرْض وَالسَّمَوَات
أَن يستوى القوى والضعيف والوضيع والشريف في أَنْوَاع المكاسب والتجارات
كَمَا حكم بذلك باري البريات وَلَا زلتم في حفظ الله محوطين بِعَين كلايته ورعايته وحمايته
وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم حرر يَوْم تَاسِع عشر من شهر رَجَب سنة 1213 انْتهى جَوَاب مَوْلَانَا الإِمَام حفظه الله
وَقد وصلت من الشريف فِيمَا يتَعَلَّق بِهَذِهِ الْقَضِيَّة كتب كَثِيرَة بعد هَذَا إِلَى مَوْلَانَا الإِمَام حفظه الله وَأَنْشَأَ رَاقِم الأحرف جواباتها عَن أَمر مَوْلَانَا الإِمَام
وَالْمقَام لَا يَتَّسِع لبسطها وَبعد الْإِرْسَال بِهَذَا الْجَواب من حَضْرَة الْخلَافَة إِلَى حَضْرَة الشريف جَاءَت الْأَخْبَار من أهل بنادر الْيمن بِأَن الإفرنج أقماهم الله باقون بِمصْر والإسكندرية وَسَائِر تِلْكَ الْأَعْمَال وَقد صَارَت الدولة دولتهم هُنَالك فَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه العلي الْعَظِيم وَلم يبلغ مَا فعله المقدمون من جِهَة السلطنة إِلَى حَال تَحْرِير هَذِه الأحرف فِي خَوَاتِم شهر شَوَّال سنة 1213 وَلَعَلَّ وَرَاء الْغَيْب أمراً يسرنَا اللَّهُمَّ انصر الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين يَا مُجيب الداعين وسيأتي في تَرْجَمَة يُوسُف باشا ذكر بعض مَا جرى وَمَا دَار من الْمُكَاتبَة ويأتي أيضاً هُنَالك أَنه كَانَ خُرُوج الفرنج من مصر سنة 1216 فَالْحَمْد لله رب الْعَالمين
وَأما الشريف غَالب فَلَمَّا استولى صَاحب نجد على مَكَّة وَالْمَدينَة تَابعه وَدخل تَحت أمره وَنَهْيه وَاسْتمرّ نايباً لَهُ مُنْذُ دُخُول جيوشه مَكَّة وَكَانَ