الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَرَبك يحكم بَينهم فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
وَقد تصدر للتدريس بمواضع من دمشق وَكَانَ قد أضر قبل مَوته بسنوات وَكَانَ يغْضب إِذا قيل لَهُ يقْدَح عَيْنَيْهِ وَيَقُول مَا زلت أعرف بصري ينقص قَلِيلا قَلِيلا إِلَى أَن تَكَامل عَدمه
قَالَ الصَّفَدِي لم يكن عِنْده جمود الْمُحدثين بل كَانَ فَقِيه النَّفس لَهُ دراية بأقوال النَّاس وَهُوَ الْقَائِل مضمنا
(إِذا قَرَأَ الحَدِيث علي شخص
…
وأخلى موضعا لوفاة مثلى)
(فَمَا جازى بِإِحْسَان لأني
…
أُرِيد حَيَاته وَيُرِيد قَتْلَى)
قَالَ الصَّفَدِي فَأَنْشَدته لنفسى
(خليك مَاله فِي ذَا مُرَاد
…
فدم كَالشَّمْسِ فِي أعلى مَحل)
(وحظي أَن تعيس مدى الليالي
…
وَأَنَّك لَا تمل وَأَنت تملي)
قَالَ الصفدي فأعجبه قولي خليك لِأَن فِيهِ إشارة إِلَى بَقِيَّة الْبَيْت الذي ضمنه هُوَ مَعَ الاتفاق فِي اسْم خَلِيل وَمَات فِي لَيْلَة الثَّالِث من ذي الْقعدَة سنة 748 ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان بن نعيم بِفَتْح النُّون وَكسر الْعين ابْن مقدم بِكَسْر الدَّال الْمُهْملَة الْمُشَدّدَة بن مُحَمَّد بن حسن بن غَانِم بن مُحَمَّد بن عليم
بِضَم الْعين الْمُهْملَة شمس الدَّين البسطي ثمَّ القاهري المالكي ولد فِي سنة 760 سِتِّينَ وَسَبْعمائة واشتغل بِالْعلمِ فَأخذ عَن مَشَايِخ عصره وارتحل إِلَى الْقَاهِرَة وَمن جملَة من أَخذ عَنهُ المغربي المالكي ولازمه نَحْو عشر سِنِين والعز بن جمَاعَة وَابْن خلدون وعَلى سَائِر عُلَمَاء الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول فِي ذَلِك الْعَصْر وبرع فِي الْفِقْه والأصلين والعربية واللغة والمعاني وَالْبَيَان والمنطق
وَالْحكمَة والجبر والمقابلة والطب والهيئة والهندسة والحساب وَصَارَ فريد عصره
ويروى عَنهُ أَنه قَالَ أعرف نَحْو عشْرين علما مَا سُئِلت عَن مسئلة مِنْهَا وَمَعَ ذَلِك فَكَانَ شَدِيد الْفَاقَة رُبمَا مَضَت الْأَيَّام والليالي وَلَا يجد درهما بِحَيْثُ يضْطَر إِلَى بيع بعض نفائس كتبه ثمَّ تحرّك لَهُ الْحَظ فَأولى مَا ولي تدريس الشيخونية فِي سنة 805 ثمَّ ولي بعد ذَلِك التدريس فِي أَمَاكِن ثمَّ قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالديار المصرية فِي سنة 823 وسافر مَعَ السُّلْطَان مرة بعد أُخْرَى وَحج وجاور بِمَكَّة سنة كَانَ فِي الْمُجَاورَة على قدم عَظِيم من الْعِبَادَة وَكَثْرَة التِّلَاوَة وَنشر الْعلم وَقد تفرد فِي عصره بِكَثْرَة الْفُنُون وتزاحم الطّلبَة بل الْعلمَاء بل الْأَئِمَّة فِي الْأَخْذ عَنهُ من جَمِيع الطوائف وَله تصانيف مِنْهَا المغني فِي الْفِقْه وَلم يكمل وشفاء الغليل على مُخْتَصر الشَّيْخ الْجَلِيل وَلم يكمل أَيْضا وحاشية على المطول للتفتازاني وعَلى شرح الطوالع للقطب وعَلى المواقف للعضد وَله نكت على الطوالع للبيضاوي ومقدمة مُشْتَمِلَة على مَقَاصِد الشَّامِل فِي الْكَلَام وَأُخْرَى فِي الْعَرَبيَّة وَله نظم فَمِنْهُ
(وَلم أنس ذَاك الْإِنْس وَالْقَوْم هجع
…
وَنحن ضيوف والقراء منوع)
(وعشاق ليلى بَين باك وصارخ
…
وَآخر مِنْهُم بالوصال ممتع)
(وَآخر فِي السّتْر الإلهي متيم
…
تغوص بِهِ الأمواج حينا وترفع)
(وَآخر قرت حَاله فتميزت
…
معارفه فِيمَا يروم وَيدْفَع)
(وَآخر أفنى الْكل عَن كل ذَاته
…
فَكل الذي فِي الْكَوْن مرأى ومسمع)
(وَآخر لَا كَون لَدَيْهِ ولاله
…
رَقِيب يلاحظه يثنى وَيجمع)
وَلم يزل على ارْتِفَاع مَكَانَهُ فِي أُمُور الدُّنْيَا وَالدّين حَتَّى مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة ثَالِث عشر رَمَضَان سنة 842 اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وثمان مائَة بِالْقَاهِرَةِ