الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنه جمع فِيهِ مجريات صَاحب التَّرْجَمَة
وَمن جملَة مَا ذكره فِيهِ أن أحسن الْأَدْوِيَة لأهل الْيمن مُطلقًا الأطر يقل الْأَصْغَر وَأَنه مُوَافق للْأَرْض وَالله اعْلَم وَمَات سنة 1088 ثَمَان وَثَمَانِينَ وَألف وَلما مرض طلب بطيخا وَكَانَ يَقُول إن جَاءَ الْبِطِّيخ عَاشَ مُحَمَّد صَالح سنة فَمَا جَاءَ إِلَّا بعد مَوته
مُحَمَّد بن صَالح بن مُحَمَّد بن احْمَد بن صَالح بن أبي الرِّجَال
قد تقدم تَمام نسبة فِي تَرْجَمَة جد أبيه وَهُوَ أحد أَعْيَان الْعَصْر وأوحد أدبائه ولد سنة 1146 سِتّ وَأَرْبَعين وَمِائَة وَألف وَأخذ الْعلم عَن جمَاعَة من أَعْيَان ذَلِك الْعَصْر وَمِنْهُم أَخُوهُ الْعَلامَة أَحْمد بن صَالح الْمُتَقَدّم ذكره وَمهر فِي الْأَدَب فنظم الشّعْر الْفَائِق وَله يَد طولى فِي حفظ الْأَشْعَار وَالْأَخْبَار والظرائف واللطائف والماجريات لَا يسمع شخصا يحْكى حِكَايَة من أي نوع كَانَت إلا وَجَاء بأمثالها
ومجالسته نزهة الْقُلُوب وروح الْأَرْوَاح وَفَاكِهَة الأذهان وَله فهم للنكت والدقائق فِي غَايَة الْجَوْدَة إِذا سُئِلَ عَن مُشكل من مشكلات الْأَدَب أفاد فِيهِ بِدُونِ كلفة
وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ يتوقد ذكاء وفطنة وَحسن عشرَة وَمَكَارِم أَخْلَاق وعفة وصيانة وديانة وعلو همة ورياسة واطلاع تَامّ على علم اللُّغَة
وَكَثِيرًا مَا يَدعُوهُ مَوْلَانَا الإِمَام الْمَنْصُور بِاللَّه خَليفَة الْعَصْر حفظه الله ويرغب إِلَى مُجَالَسَته ومحادثته وَقد سَمِعت من فَوَائده فِي مقَام مَوْلَانَا الإِمَام كثيرا ويجري بَيْننَا هُنَالك مذاكرات أدبية ومحاضرات تاريخية وَمن محاسنه أنه إِذا رأى مُنْكرا استشاط غيظا واضطرب والتهب مزاجه فإني فِي بعض الْأَيَّام رَأَيْته فِي موكب الْخَلِيفَة وَقد رأى رجلا يشتكي ويستغيث والخدم يطردونه ويكفونه عَن ذَلِك قبل أَن يسمع الْخَلِيفَة
شكايته فَغَضب صَاحب التَّرْجَمَة غَضبا زَائِدا وارتفع صَوته واضطرب حَتَّى كَاد يسْقط من ظهر مركوبه
وَمن رائق نظمه قَوْله
(كَأَنَّك حِين تغشى كل نكر
…
وتخشى فِي ابْنة الْكَرم الجناحا)
(زُهَيْر حِين مر بِجمع قوم
…
بهم هرم فَقَالَ عموا صباحا)
فِيهِ تلميح إِلَى الْقِصَّة الْمَشْهُورَة وهي أن زُهَيْر بن أبي سلمى كَانَ يمدح هرم بن سِنَان وَكَانَ قد حلف هرم أن لَا يمدحه زُهَيْر أَو يسلم عَلَيْهِ إِلَّا أعطاه وَلما كثر مِنْهُ ذَلِك احتشم زُهَيْر مِنْهُ وخجل من كَثْرَة عطائه فَكَانَ إِذا لقِيه لَا يسلم عَلَيْهِ وَإِذا مر بِقوم هُوَ فيهم حياهم بِتَحِيَّة الْعَرَب واستثناه فَيَقُول عموا صباحا عدا هرما وخيركم تركت
وَلما رأى صَاحب التَّرْجَمَة شخصا يعانى حفرغيل بجبل نقم المجاور لصنعاء من جِهَة الْمشرق يُرِيد زِيَادَة مائَة فَلم يزدْ على مَا كَانَ عَلَيْهِ قبل الْحفر فَقَالَ
(سَأَلُوا من جبل صلد الصَّفَا
…
نَهرا يجري عَلَيْهِم فنهر)
(وتراءت عينه غامضة
…
فقفوا فِي طلب الْعين الْأَثر
(نحتوا أحجارهم فأعجب لَهُم
…
يشتهون المَاء من عين الْحجر)
أَشَارَ بِالْبَيْتِ الآخر إِلَى مثل يضْربهُ النَّاس إِذا رَأَوْا من يطْلب أمرا مستحيلا أوشاقا فَيَقُولُونَ يُرِيد كَذَا من عين الْحجر وَخرج مَوْلَانَا الإِمَام إِلَى الرَّوْضَة فِي بعض السنين فَلحقه صَاحب التَّرْجَمَة فَلم يسلم عَلَيْهِ إلا بعد صَلَاة الْجُمُعَة فَكتب إِلَيْهِ
(مولاي رقك إن تَأَخّر
…
فَهُوَ تالي من تقدم)
(إن فَازَ من جلى
…
بصحبتكم بتكم فقد صلى وَسلم)