الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مصطفى بن يُوسُف بن صَالح البروسوي الرومي الحنفي الْمَشْهُور بخواجه زادة
عَالم الروم الْمَشْهُور بالتحقيق وجودة التَّصَوُّر والذكاء المفرط وإفحام من يناظره
كَانَ وَالِده من التُّجَّار وَله ثروة عَظِيمَة فولد لَهُ صَاحب التَّرْجَمَة واشتغل بِالْعلمِ فسخط لذَلِك أَبوهُ وأبعده عَنهُ حَتَّى صَار لَا يملك إلا قَمِيصًا وَاحِدًا وَهُوَ لَا يزْدَاد فِي الْعلم الا شغفا وَرَآهُ بعض مَشَايِخ الصُّوفِيَّة فَقَالَ لَهُ بِأَنَّهُ يكون لَهُ شَأْن عَظِيم وَإِن اخوانه الَّذين صَار وَالِده يعظمهم ويهينه سيقومون عِنْده مقَام الخدم وَالْعَبِيد وَأخذ عَن أكَابِر عُلَمَاء الروم كالعالم الْمَشْهُور بخضر بك وطبقته وبرع فِي الْعَرَبيَّة والأصولين والمعاني وَالْبَيَان وَأمره السُّلْطَان مُرَاد أَن يدرس بمدرسة بروسا وَعين لَهُ كل يَوْم عشرَة دَرَاهِم فَمَكثَ كَذَلِك سِتّ سِنِين مشتغلا بِالْعلمِ مَعَ فقر وحاجة وَحفظ هُنَالك شرح المواقف وَلما تولى السلطنة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان بن مُرَاد خَان الْمُتَقَدّم ذكره وَأظْهر الرَّغْبَة إِلَى الْعلم وَأَهله قصد الْعلمَاء حَضرته وَكَانَ صَاحب التَّرْجَمَة يُرِيد ذَلِك وَلَكِن لم يَسْتَطِيع أَن يُجهز إِلَيْهِ لشدَّة فقره وَكَانَ لَهُ خَادِم من أَبنَاء التّرْك فأقرضه ثَمَان مائَة دِرْهَم فَاشْترى بهَا فرسا لنَفسِهِ وفرسا لِخَادِمِهِ وَذهب إِلَى السُّلْطَان فَلَقِيَهُ وَهُوَ ذَاهِب من قسطنطينية إِلَى ادرنة فَلَمَّا رَآهُ الْوَزير مَحْمُود باشا قَالَ أصبت بمجئك وَقد ذكرتك عِنْد السُّلْطَان فَاذْهَبْ إِلَيْهِ فَذهب إِلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ فَقَالَ السُّلْطَان للوزير مَحْمُود باشا من هَذَا قَالَ خواجة زادة فَرَحَّبَ السُّلْطَان بِهِ وَكَانَ عَن يَمِين السُّلْطَان وَعَن يسَاره أَعْيَان عُلَمَاء حَضرته فَجرى بَينهم الْبَحْث بِحَضْرَة السُّلْطَان فَتكلم وَصَاحب التَّرْجَمَة وأفحم جمَاعَة من الْعلمَاء الْحَاضِرين وَمَال السُّلْطَان
إِلَيْهِ حَتَّى أنه بقي لَدَيْهِ بعد خُرُوج الْعلمَاء من عِنْده وَمَشى مَعَه
ثمَّ إن السُّلْطَان وصل الْعلمَاء الَّذين بحثوا بِحَضْرَتِهِ بصلات وَلم يُعْط صَاحب التَّرْجَمَة مثلهم فَحصل مَعَه هم وحزن حَتَّى أَن خادمه صَار لَا يَخْدمه ويواجهه بقوله لَو كَانَ لَك علم لأكرمك السُّلْطَان كَمَا أكرمهم وَفِي بعض الْمنَازل نَام الْخَادِم فَتَوَلّى صَاحب التَّرْجَمَة خدمَة فرسه بِنَفسِهِ ثمَّ جلس حَزينًا فِي ظل شَجَرَة فَإِذا ثَلَاثَة نفر قد أَقبلُوا إِلَيْهِ من حجاب السُّلْطَان يسْأَلُون عَن خيمة خواجة زادة ويظنون أَن لَهُ خيمة كَسَائِر الأكابر فَأَشَارَ بعض النَّاس إِلَيْهِ فأنكروا ذَلِك ثمَّ جَاءُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا لَهُ أنت خواجة زادة فَقَالَ نعم فقبلوا يَده وَقَالُوا إن السُّلْطَان جعلك معلما لنَفسِهِ قَالَ فَظَنَنْت أَنهم يسخرون بي ثمَّ ضربوا هُنَالك خيمة وَقدمُوا إِلَيْهِ فرسا وعبيدا وملبوسا فاخرا وَعشرَة آلَاف دِرْهَم وَقدمُوا إِلَيْهِ فرسا مِنْهَا وَقَالُوا قُم إِلَى السُّلْطَان وَالْخَادِم الْمَذْكُور نايم فَذهب إِلَيْهِ صَاحب التَّرْجَمَة ونبهه من النوم فَقَالَ الْخَادِم خلني أنام فَقَالَ لَهُ قُم انْظُر إِلَى حالى قَالَ انى اعرف حالك دعنى فأبرم عَلَيْهِ فَقَامَ فَنظر إِلَيْهِ فَقَالَ أَي حَال هَذَا قَالَ إني صرت معلما للسُّلْطَان فَقبل الْخَادِم يَده وتضرع إِلَيْهِ وَاعْتذر فَقبل مِنْهُ وَذهب إِلَى السُّلْطَان فشرع السُّلْطَان يقْرَأ عَلَيْهِ فِي التصريف وَكتب هُوَ شرحا عَلَيْهِ وتقرب مِنْهُ غَايَة التَّقَرُّب فحسده الْوَزير وَقَالَ للسُّلْطَان إن صَاحب التَّرْجَمَة يُرِيد قَضَاء الْعَسْكَر فَقَالَ السُّلْطَان لأي شَيْء يتْرك صحبتي فَقَالَ هُوَ يُرِيد ذَلِك وَقَالَ لخواجة زادة أَمر السُّلْطَان أن تتولى قَضَاء الْعَسْكَر فَقَالَ أَنا لَا أُرِيد ذَلِك قَالَ هَكَذَا جرى الْأَمر فامتثل وَصَارَ قَاضِيا بالعسكر وَكَانَ ذَلِك بِمَنْزِلَة قَضَاء الْأَقْضِيَة فَعِنْدَ ذَلِك بلغ وَالِده أَن وَلَده قد صَار قَاضِيا