الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شكل وَكَمَال خلقَة وَالْحَاصِل أَنه من محَاسِن الدَّهْر وَلم يخلف بعده مثله في مَجْمُوعه وَله أتم عناية وأكمل رَغْبَة بِالْعَمَلِ بِمَا جَاءَت بِهِ السنة والمشي على نمط السلف الصَّالح وَعدم التَّقْلِيد بالرأي وَله في حسن التَّعْلِيم مَسْلَك حسن لَا يقدر عَلَيْهِ غَيره وَقد تخرج بِهِ جمَاعَة من أكَابِر الْعلمَاء كشيخنا الْعَلامَة الْقَاسِم بن يحيى الخولاني وَالسَّيِّد الْعَلامَة عبد الله بن مُحَمَّد الْأَمِير وَولده الْعَلامَة أَحْمد بن لطف الباري وَغير هَؤُلَاءِ من عُلَمَاء الْعَصْر وَأَنا سَمِعت مجَالِس تَفْسِيره الْقُرْآن ومواقف املائه للْحَدِيث وَلَكِن كَانَ ذَلِك حضوراً فَقَط وَكَانَ يبْذل نَفسه في قَضَاء حوائج من يَسْتَعِين بِهِ ويبالغ فِي ذَلِك وَلم يتْرك طَرِيقا من طرق الْخَيْر إلا سلكها وفَاق فِيهَا
ووالد صَاحب التَّرْجَمَة كَانَ من أكَابِر الْعلمَاء أَخذ عَن جمَاعَة من أهل الْعلم مِنْهُم الْمُحدث الْكَبِير عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الحيمي الْمُتَقَدّم ذكره والمحقق الْعَلامَة صَالح بن مهدي المقبلي وَكَانَ يحيى اللَّيْل بدرس كتاب الله وَإِذا غَلبه النوم نَام مُتكئا قَلِيلا ثمَّ يعود للتلاوة وَحصل بِخَطِّهِ كتبا فِي عدَّة فنون وَكَانَ يخْطب بِمَدِينَة ثلا وَاسْتمرّ على ذَلِك حَتَّى توفاه الله تَعَالَى
لطف الله بن أَحْمد بن لطف الله بن أَحْمد بن لطف الله بن أَحْمد جحاف
الصنعاني المولد وَالدَّار والمنشأ
ولد نصف شعْبَان سنة 1189 تسع وَثَمَانِينَ وَمِائَة وَألف وَأخذ الْعلم عَن جمَاعَة من عُلَمَاء الْعَصْر مِنْهُم شَيخنَا الْعَلامَة السَّيِّد علي بن إِبْرَاهِيم بن عَامر وَالسَّيِّد الْعَلامَة علي بن عبد الله الْجلَال وَشَيخنَا الْعَلامَة الْقَاسِم بن يحيى الخولاني وَالسَّيِّد الْعَلامَة إِبْرَاهِيم ابْن عبد الْقَادِر وَغير هَؤُلَاءِ من أَعْيَان الْعلمَاء ولازمني دهرا طَويلا فَقَرَأَ
علي فِي النَّحْو وَالصرْف والمنطق والمعاني وَالْبَيَان وَالْأُصُول والْحَدِيث وبرع في هَذِه المعارف كلهَا وَصَارَ من أَعْيَان عُلَمَاء الْعَصْر وَهُوَ في سن الشَّبَاب ودرس في فنون وصنف رسائل أفرد فِيهَا مسَائِل ونظم الشّعْر الْحسن وغالبه في أَعلَى طَبَقَات البلاغة وباحث كثيرا من عُلَمَاء الْعَصْر بمباحث مفيدة يكْتب فِيهَا مَا ظهر لَهُ ثمَّ يعرضهَا على مشايخه أَو بَعضهم ويعترض مَا فِيهِ اعْتِرَاض من الْأَجْوِبَة وَقد كتب إِلَى من ذَلِك بِكَثِير بِحَيْثُ لَو جمع هُوَ وَمَا أكتبه عَلَيْهِ من الجوابات لَكَانَ مجلدا وَلَعَلَّ غَالب ذَلِك مَحْفُوظ لَدَيْهِ وعندي مِنْهُ الْقَلِيل
وَهُوَ قوي الْإِدْرَاك جيد الْفَهم حسن الْحِفْظ مليح الْعبارَة فصيح اللَّفْظ بليغ النظم والنثر ينظم القصيدة الطَّوِيلَة فِي أسْرع وَقت بِلَا تَعب وَيكْتب النثر الْحسن والسجع الْفَائِق بِلَا تروي وَلَا تفكر وَهُوَ طَوِيل النَّفس ممتع الحَدِيث كثير المحفوظات الأدبية لَا يتلعثم وَلَا يتَرَدَّد فِيمَا يسرده من الْقَصَص الحسان وَلَا يَنْقَطِع كَلَامه بل يخرج من الشئ إِلَى مَا يُشبههُ ثمَّ كَذَلِك حَتَّى ينقضي الْمجْلس وَإِن طَال وَله ملكة في المباحث الدقيقة مَعَ سَعَة صدر إِذا رام من يباحثه أَن يقطعهُ فِي بحث لم يَنْقَطِع بل يخرج من فن إِلَى فن وَإِذا لَاحَ لَهُ الصَّوَاب انْقَادَ لَهُ وَفِيه سَلامَة صدر زايدة بِحَيْثُ لَا يكَاد يحقد على من أغضبهُ وَلَا يتأثر لما يتأثر غَيره بِدُونِهِ وَهُوَ الْآن من محَاسِن الْعَصْر وَله إقبال على الطَّاعَة وتلاوة الْقُرْآن بِصَوْتِهِ المطرب وَفِيه محبَّة للحق لَا يبالي بِمَا كَانَ دَلِيله ضَعِيفا وَإِن قَالَ بِهِ من قَالَ ويتقيد بِالدَّلِيلِ الصَّحِيح وَإِن خَالفه من خَالف وَهُوَ الْآن يقْرَأ علي في صَحِيح البخاري وفي شرحي للمنتقى وَقد سمع مني غير هَذَا من مؤلفاتي وَغَيرهَا وَقد اخْتصَّ بالوزير الْعَلامَة الْحسن بن علي حَنش وَصَارَ
لَدَيْهِ بِمَنْزِلَة وَلَده لَا يُفَارِقهُ في غَالب الْأَوْقَات وتستمر المباحثة بَينهمَا في عدَّة فنون وَإِذا طَال بَينهمَا الْخلاف أشركاني فِي الْبَحْث وأرسلا إِلَى بِمَا تحصل من ذَلِك فَاكْتُبْ مَا يظْهر وأرجعه إِلَيْهِمَا وَلم يكن في طلبة الْعلم الْآن من لَهُ في الرَّغْبَة فى المذاكرة على الِاسْتِمْرَار مالصاحب التَّرْجَمَة وَقد طارحني بقصايد فرايد كتبتها فِي مَجْمُوع شعري وَمِمَّا لم أكتبه هُنَالك مَا كتبه إِلَى في الْأُسْبُوع الذي حررت فِيهِ هَذِه التراجم وَهُوَ قصيدتان القصيدة الأولى هَذِه
(إِلَى مُنْتَهى السؤل الذي بحياته
…
يقوم على سَاق المناضلة الْمجد)
(إِلَى دولة الْعلم الذى حام حولهَا التقى
…
وانثنى عَن سوحها الْكفْر والجحد)
(إِلَى حَيْثُمَا قَامَ الفخار وحيثما استقام الْعلَا
…
حَيْثُ انْتهى حَيْثُمَا يَبْدُو)
(إِلَى حَيْثُمَا النَّقْع اسْتَدَارَ وحيثما البواتر
…
حَيْثُ اشتدت الضمر الجرد)
(إِلَى حَيْثُمَا خط العلافى صحايف
…
المحاسن آثارا بهَا يزدْ هى العَبْد)
(إِلَى مُنْتَهى أُمْنِية حَيْثُ تبتدى المنايا
…
الَّتِى إن قَامَ ذُو غيلَة تعدو)
(إِلَى رَوْضَة غنا إِلَى ربوة بهَا
…
معِين بِهِ تربو الفوايد والرفد)
(إِلَى بَحر علم عَن نداه تدفقت
…
جداول تَحْقِيق بهَا استعذب الْورْد)
(فَتى ماربى إِلَّا بِحجر التقى وَلَا
…
نشا فَاضلا إلا وسيمته الزّهْد)
(جرى في ميادين الْفَضَائِل ساحبا
…
ذيول الرضى لمادهى غَيره الحقد)
(وأرضعه ثدى الفصاحة من لبانه
…
فَرَأى حَقًا على الْكبر المهد)
(إِذا اقتطفت أثمار تَحْقِيق علمه
…
أنامل فكري أسعف الْحل وَالْعقد)
(وَإِن غردت في رَوْضَة الحكم نشوة
…
بلابله هزت معاطفها الملد)
(وَبَين يَدَيْهِ الشّعْر مد بصائغ القوافى
…
وَمَا فِي طيها ربطة جرد)
(وحاك لَهُ المنثور مَا بطرازه
…
تبختر بشار وَقَالَ أَبى برد)
(وَمَا اتجرت أقلامه غير معجز
…
ينمق فى تَحْقِيقه الْجَوْهَر الْفَرد)
(وَلما نشا فى النَّاس فذ أَتَيْته
…
فصافح إذ وافيته بَيْننَا الود)
(وشاهدت إنساناً بِخلق مُحَمَّد
…
تخلق فاستيقنته أَنه الرشد)
(وَحين استمالتني الليالي بحكمها
…
رجعت وَقَامَ الشوق من طرب يعدو)
(وناديت أى نفسى انتباها فَإِنَّمَا
…
الليالى بِعُذْر للمنعم تَعْتَد)
(وفى شَيخنَا الْبَدْر الْمُنِير مُحَمَّد
…
لرفعة قدري أُسْوَة دونهَا الْقَصْد)
(هُوَ الْبر وَالْبَحْر الذي علم صَدره
…
يفِيض على الطلاب إن جزر الْمَدّ)
(ومعتقدي في النَّاس أن وداده
…
من الْقرب اللاتي ينَال بهَا الْحَمد)
(إليك نظاما وجهته قريحة
…
بمرهفها الْبيض السلاهب تنقد)
فأجبت بِهَذِهِ الأبيات
(أَتَى مِنْك يَا فَخر الأوان وزينة الزَّمَان
…
نظام دونه الْجَوْهَر الْفَرد)
(كَمَا الدر لَا بل كالدراري بل غَدا
…
كبدر السما لَا بل هُوَ الشَّمْس إذ تبدو)
(وماذا عَسى من لم يكن رب نصفةٍ
…
يَقُول وَهل في مثل ذَا يحسن الْجحْد)
(وَهل ضر شمس الْأُفق وهي منيرة
…
إِذا ضعفت عَن نورها الْأَعْين الرمد)
(وماذا على الْبَحْر الخضم لَدَى الورى
…
إِذا بَال في إحدى جوانبه القرد)
(وماعيب بَيْضَاء الترائب في الدنى
…
إِذا عافها ذُو عفة مَاله جهد)
(وَمن قَالَ هَذَا الشهد مر فَقل لَهُ
…
مرَارَة فِيك المرمر بهَا الشهد)
(وَإِن قَالَ هَذَا السَّيْف لَيْسَ بقاطع
…
فَقل حَده مَا بَيْننَا الْفَصْل وَالْحَد)
(مَنَاقِب لطف الله جلت فَمن غَدا
…
يُرَدِّدهَا جهلا بهَا بَطل الرَّد)
(فَتى قد رقى فِي مدرج الْعِزّ وارتدى
…
بِثَوْب الْهدى وانقاد طَوْعًا لَهُ الْمجد)
(وسؤدده في كل بَاب من العلى
…
برغم أعاديه هوالسؤدد الْعد)
وَهَذِه القصيدة الثَّانِيَة الْمشَار إِلَيْهَا سَابِقًا وَقد أَشَارَ فِي الْأَرْبَعَة الأبيات الَّتِى في آخرهَا إِلَى الْوَزير الْمُتَقَدّم ذكره وَكتب قبلهَا نثراً من نثره الذي يعرف بِهِ صدق مَا أسلفناه فَقَالَ
الْحَمد لله بِرَفْع الْقَلَم إِلَى مسامع عَاقد ألوية الهمم سُلْطَان عُلَمَاء الْإِسْلَام من الْعَرَب والعجم
كعبة الْفضل المرتفعة الْمقَام حَافظ الْعَصْر بالإطباق من أهل الْحل والإبرام
من تَضَمَّنت بطُون الدفاتر محامده فَللَّه ذَلِك التضمن والالتزام
وَجرى قلمه بروايع البدايع فأعيا من لَهُ بالنظم إلمام المحيي من ربوع الْمدَارِس كل مهند داثر دارس
السَّابِق في حلبة ميدان الْفَضَائِل المرتدي برد التبجيل وشملة محَاسِن الشَّمَائِل رَيْحَانَة فضلاء الْيمن سلوة المتحلي بِعقد الْفَرَائِض وَالسّنَن
سَلاما يعبق بِطيبَة نسمَة الصِّبَا وَيُعِيد لَفظه إِلَى الأجسان نشاط زمن الصِّبَا
ثمَّ ذكر بعد هَذَا التصدير القصيدة وهي
(لأغالبن الشوق فِيمَا أبرما
…
ولاطفين من الجوى مَا أضرما)
(ولأ شغلن الْقلب عِنْد تذكر الْبيض
…
الحسان وَإِن أَبى وتأثما)
(فَلَقَد سقاني اللَّهْو من خمر الْهوى
…
قدحا وعدت إِلَى الْهدى مستعصما)
(من بعد أَن قد كنت أنهى عَن مجانية
…
السلاف وَلَا أطيع اللوما)
(وأحرض الصاحي فَلَا اثم وَلَا
…
جنف وأزجر بالخنا من حرما)
(ثمَّ انثنيت وَقد قضيت مآربا
…
ورجوت رَبًّا بِالرِّضَا أَن يختما)
(وَإِلَى مقَام الْعِزّ قدت نجيبة
…
فِي الدو دون هواي تحْتَمل الظما)
(تجرى فتتبعها ريَاح ذَات اعصار
…
فَلَا يلفى براكبه السما)
(لم تدر مَا تسْعَى إِلَيْهِ وَإِنَّمَا
…
رجل تخولها الرِّضَا والأنعما)
(حَتَّى أظل الرحل مِنْهَا مقصد
…
تجب الْحُقُوق بِهِ فتنسى المغرما)
(ومليحة كشفت خمارا تَحْتَهُ
…
قمر تقود بِهِ السوَاد الأعظما)
(وأحالت اللبات عَن كافورتي
…
نهد يشاكل في الْبيَاض المعصما)
(ولوت على ذي عفة كلف بهَا
…
جيدا تزان بِمثلِهِ الْبيض الدما)
(ونأت مزارا واستطابت موردا
…
من دونه الْورْد الدلهمس حمحما)
(مرموزة بَيْضَاء يمْنَعهَا الحيا
…
بكليم ذي شغف بهَا قد أكلما)
(تدعى بسافرة الجبين نتيجة الْفِتَن
…
المثيرة في الْمَكْر المقتما)
(لَيست لمن بذل النفيسة كَفه
…
بمجيبة حَتَّى يَذُوق العلقما)
(لَو نازلت باللحظ أَشْرَس فتية
…
لثنى الركاب أَصمّ سمع أبكما)
(وعدت بوصل عميدها وَتَخَلَّفت
…
فأذاع في الْمَلأ الْهوى متظلما)
(وَأَبَان معذرة وَجَاء محجة
…
وَإِلَى الَّتِى وعدته آب مكلما)
(لَو كَانَ برد الْوَصْل أثر حرارة
…
الْأَعْرَاض كَانَ علي أَن تتكتما)
(وَيَقُول مثلي يضْرب الْأَمْثَال فِي
…
أَمر يعود إِلَى الْمُعتقَة اللما)
(لَا يَحسبن أَخا الْهوى يسلو وَإِن
…
أصغى إِلَى عذاله متندما)
(فالصب يستمع العذول وَقَلبه
…
لمقال ذي عذل أبى أَن يفهما)
(والمرء لَيْسَ لمن إِلَيْهِ أتى سوى
…
الْأُذُنَيْنِ يلقف بِالْقبُولِ المؤلما)
(ولرب ملفوظ يُقَال وَلَا مساغ
…
لَهُ وقائله بحنث أقسما)
(وَلَقَد أَقُول لَهَا وقلبي خافق
…
وَجل بِهِ مَا يذهل المتوسما)
(يامى هَل نفذت بجسم مثل بارقة
…
الْعُيُون ظبا تشق الأعظما)
(فَأجَاب ناظرها سَأَلت عَن الذي
…
فِي الجو يسفع بازه والقشعما)
(ويعفر الْأسد الهصور ويصفد السَّبع
…
الغيور ويسترق الأعصما)
(وَعَن الَّذِي بالكف ينبو مرة
…
وبضربة أُخْرَى يعود مِثْلَمَا)
(فَالْفرق مثل الْحَد بَينهمَا يُمَيّز
…
بَين مشتبهين فِيمَا أبهما)
(فَوَقَعت بعد الْعلم هَذَا جَاهِلا
…
لَا تعلمن من الْيَمين الاشأما)
(فثنت بحاجبها الْخطاب وَقد قضى
…
بنباله لحشاي فِيمَا أسهما)
(قَالَت أَبَا لصبر اتزرت فَقلت من
…
شيمي التصبر مَا حييت مُسلما)
(قَالَت فَفِيمَ ومم يجْرِي طافح
…
من ماق جفنيك إِذا تدفق عِنْدَمَا)
(فأجبت فِيك ومنك حِين نأيت عَن
…
وَطن بك استدعى السلو فخيما)
(قَالَت فَهَلا كنت مطرحا لما
…
ألهاك عَن سنَن الْهِدَايَة مهرما)
(قلت الغرام لَهُ يَد لَوْلَا مجاهرتي
…
بِهِ بك مَا دعيت المغرما)
(قَالَت فقد فرطت فاسمع طَائِعا
…
إِن كنت ذارشد حَنِيفا مُسلما)
(ماقد مضى فبحكم لولم تذنبوا
…
فَارْجِع هديت إِلَى الرشاد ميمما)
وازمم مطايا الاستفادة واقطع
…
لأمتى مجدا جيلها والديلما)
(وأرحل إِلَى من لَاحَ في عنق الْعلَا
…
بَدْرًا وأغنى المستميح المعدما)
(وَأنزل باعلاً ذرْوَة المنن الَّتِى
…
فِيهَا معِين الْفضل يبري الأغتما)
(تلقى ابْن بجدتها الْكَرِيم الْعَالم
…
المفضال خير فَتى إِلَى الْعليا سما)
(عز الْأَنَام الْمَاجِد الْبَدْر الذي
…
تبع الأولى شهماً فَكَانَ الأقدما)
(وَحمى حمى الشَّرْع الشريف وخاض في
…
مالم يخضه الأقدمون فتمما)
(حفظ الدقائق وَهُوَ يعلم أَنَّهَا
…
لسواه من أقرانه لن تفهما)
(وَلَو أنها اتضحت لذي رشد لما
…
عرف الصَّوَاب بهَا وَلَا كشف العما)
(أَتَرَى النسا ولدت نجيبياً مثله
…
إن قلت قد ولدت كفرت المنعما)
(وَركبت متن الذَّنب لَا متخوفا
…
من شُؤْم فاقرة تضاهي المأثما)
(وجنيت من شجر الأساند مَا وَمن
…
حَيْثُ انبعاث الْكفْر حَيْثُ جهنما)
(وَعدلت عَن سنَن الْهدى وكتبت في
…
صحف الْكِرَام بِلَا ارتياب مجرما)
(فَهُوَ الذي ظَفرت يَدَاهُ بطائل
…
وأشاد ربعا قبل كَانَ تهدما)
(وَهدى إِلَى سنَن التقى وَأفَاد واستقصى
…
المباحث واستفاد وعلما)
(وجلا ظلام دجى الجلاد بهيبة
…
تدلى الرؤس على الصُّدُور ليحكما)
(فيدين شرعا كل أصيد أغلب
…
وينغص الْأسد الهصور المطعما)
(ويجازم الإصدار رجح كِتَابه
…
يجري على الْقدر النزيل من السما)
(قلم بأبكار المعارف مولع
…
وَبِمَا يحج الْخصم أضحى مغرما)
(وَإِذا استمد لما يسوء ويتقي
…
كسر القنى الخطى وفل المخذما)
(وبيوم بَأْس لَو تنَاول كَفه
…
سَيْفا لأمر مَا لخاض بِهِ الدما)
(وبلفظ بدر لقبوه لِبَأْسِهِ
…
بَدْرًا يجلي الْخطب إِن مَا أظلما)
(فَهُوَ الذي لم تلق إلا دافعا
…
يَوْم الكتيبة بِالْكتاب الصيلما)
(وَلكُل منشٍ زلَّة ظَفرت بهَا
…
الأعدا سواهُ وَلَا أحاشى أعلما)
(خرس إِذا كتبُوا أثاروا فتْنَة
…
وَإِذا كتبت جعلت طرسك طلسما)
(وَالنَّاس مُخْتَلفُونَ إِلَّا أَنه
…
يأتي اتِّفَاقهم ولادَة آدما)
(وَالْفرق فى الآرا فَمن عان وَمن
…
ذكر بِحسن الرأي أطفى المضرما)
(سلابٌ من ناواه أسهم حربه
…
غلاب من ماراه فِيمَا أبرما)
(يجري على حق وَرب مفوقٍ
…
جهلا لمهجته أراش الأسهما
(وَالْحق أن يخفيه قَول مكذب
…
فالسمت عَن سر الْفَتى قد ترجما)
(وَلَعَلَّ ذَا حمق يَقُول مباهتا
…
أغرقت في حسن الثنا متجشما)
(وَكَأن مَا نظمت يداك تمجه
…
الأسماع فامدح إن أردْت الأكرما)
(فأجبت من يدعي بأكرم ضَاحِك
…
وَمن الَّذِي يهدي بِهِ رب العما)
(وَمن الذي الْأَعْلَام بَين يَدَيْهِ في
…
أَمر كَبِيرهمْ جثى متعلما)
(فَأجَاب بدر الدَّين لَكِن عاقه
…
من بعد إنكار فسَاء اللوما)
(فتكلفوا للحق حَتَّى قَالَ
…
أرشدهم أرى مَا قلت دينا قيما)
(وَلَو أَن في الدُّنْيَا أَخا رشد لما
…
جهل الصَّوَاب وَقد انار مؤمما)
(لاغال قدرك صرف دهر واهتدى
…
لمرادك الزَّمن العصي فالزما)
(وعَلى محياك التَّحِيَّات الَّتِى
…
وَجَبت بلطف الله من باني السما)
(وَلها مشفعة تَحِيَّة جهبذ
…
مِمَّن إِلَيْهِ الْفضل فِي الْخلق أنتما)
(حسن الفعال مَعَ اسْمه أزكى بني
…
حَنش وَأهْدى من مَشى متلثما)
(الْعَالم الْبر الْكَرِيم الْمَاجِد
…
النّدب الْمُصدق في الورى إن كلما)
(وَهُوَ الذي في راحتيه وَاصل بن
…
عَطاء ادخر المحامد مغنما)
(لَا زلتما بدري سَمَاء إفادة
…
وعليكما صلى الْإِلَه وسلما)
وَمن سهولة النظم عَلَيْهِ إني لما سَأَلته عَن مولده كتب إِلَى هَذَا الْبَيْت مُشْتَمِلًا على تَارِيخ السنة مَعَ ذكر الشَّهْر وَذكر اسْمه وَقَبله بَيت وهما
(قد قلت للبدر الذي
…
غذى الورى إفادته)
(أرخ لطف الله في
…
شعبانهم وِلَادَته) سنة 1189
وَله إِلَى قصائد فرائد مُشْتَمِلَة على فَوَائِد وَهُوَ الْآن مُسْتَمر على حَاله الْجَمِيل مكب على المعارف العلمية ووالده من أهل الْخَيْر وَالصَّلَاح وَالدّين المتين والاشتغال بِالْعبَادَة والإقبال على الْعَمَل بالأدلة مَعَ اطِّلَاعه على الْأَخْبَار والأشعار وَحسن محاضرته وجودة بادرته
وفصاحة لِسَانه وَحسن فهمه وعقله وَحفظه الْكثير من الْأَحَادِيث ومذاكرته بهَا وَهُوَ يلازم مجَالِس تدريسي وَيقْرَأ علي في مثل البخاري وَغَيره ويحضر في غير ذَلِك حضورا وَيفهم ويتدبر ويستخرج بفكرته الصافية مَالا يَسْتَخْرِجهُ من هُوَ فَوْقه في الْعرْفَان وَله في علم الْمَوَاقِيت يَد طولى وَكَذَلِكَ فِي علم التَّارِيخ ويزاحم فِي حفظ أَحَادِيث الْأَحْكَام أكَابِر الْعلمَاء بل قد يحفظ مَالا يحفظون وَيفهم مَالا يفهمون وَهُوَ رجل سَاكن فَاضل منجمع يقتفي آثَار السلف ويهتدي بهديهم ويمشي على طريقتهم وَمَات رحمه الله في سنة 1223 ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَألف
وَولده صَاحب التَّرْجَمَة صَار الْآن مُتَّصِلا بمولانا المتَوَكل على الله احْمَد بن الْمَنْصُور وَله عِنْده حَظّ وافر وَلكنهَا لَا تزَال تقع مِنْهُ سعايات إِلَيْهِ بأخبار النَّاس وَمَا يَقُولُونَهُ وَاسْتعْمل ذَلِك حَتَّى في أصدقائه وَأكْثر السّعَايَة إِلَيْهِ بِمن هُوَ أَكثر النَّاس إحسانا إِلَيْهِ وَهُوَ الْعَلامَة الْحسن بن علي حَنش وقرابته ونالتهم بِسَبَبِهِ مصائب عَظِيمَة حَتَّى أخرجُوا من بُيُوتهم وَهَكَذَا أَكثر السّعَايَة بغيرهم مِمَّن لَهُ عَلَيْهِ جميل وإحسان وَأظْهر الترفع والتعاظم على من كَانَ فِي حكم خَادِم من خُدَّامه يتشرف بالوصول إِلَيْهِ والمجالسة لَهُ وكشف قناع الْحيَاء وَكَاشف بالمكروه من يقدر على مكاشفته وَأكْثر التحرش والسعاية في السِّرّ بِمن لَا يقدر على مكاشفته وَكَانَ يثب على الْوَصَايَا والأوقاف فَيَأْخُذ أَكْثَرهَا لنَفسِهِ وَيحرم الضُّعَفَاء من مصارفها ويصول عَلَيْهِم باتصاله بِالْإِمَامِ فَصَارَ اتِّصَاله بِهِ من أعظم مَا يعده النَّاس من مثالب الإِمَام المتَوَكل رحمه الله على كَثْرَة محاسنه ثمَّ صَار يتَكَلَّم في مسَائِل ويأتي فِيهَا بِمَا يضْحك مِنْهُ وَلَا مقصد لَهُ إلا بَان يُقَال أنه جَاءَ بِمَا لم يسْبق إِلَيْهِ مَعَ أَنه
يعلم بِحَقِيقَة الْحَال كَمَا قدمنَا لَك في صدر هَذِه التَّرْجَمَة من عنايته بِالطَّلَبِ وَحسن فهمه وَصَارَ ذَلِك مِنْهُ سَببا للاستهزاء بِهِ والتضاحك مِنْهُ وَهُوَ مصمم على ذَلِك كَقَوْلِه ان المشمس نجس يغسل مِنْهُ مَا وَقع فِي الثَّوْب وَالْبدن وخرافات كَثِيرَة يطول بسطها وَكنت أنصحه فَلَا ينتصح وَرُبمَا يخْطر ببالي أَنه قد أُصِيب في عقله ولكني أنظر إِلَى شدَّة مكره وعظيم سعاياته في النَّاس ومحبة إنزاله للمكروه بالمحسنين إِلَيْهِ على مسالك دقيقة لَا يهتدي إِلَيْهَا إلا من عظم فكره وخبث خداعه مَعَ مكالبته على أَمْوَال الْوَصَايَا والأوقاف واحتجانه لما ظفر بِهِ مِنْهَا على أَي صفة كَانَ فَأَقُول لَيْسَ هَذَا صَنِيع من في عقله خلل بل صَنِيع من يحب أَن يتحدث النَّاس عَنهُ وَلَو مَا فِيهِ عَلَيْهِ مزِيد شناعة دع عَنْك هَذَا فالشأن كل الشَّأْن أَن الرجل صَار يتَكَلَّم فِي مَوَاقِف الإِمَام بمسائل فِيهَا الترخيص فِيمَا حرمه الله تحببا وتقربا بِحَيْثُ إن السَّامع إِذا سَمعه اقشعر جلده وَكَانَ يتَجَنَّب ذَلِك في حضوري كثيرا ويفعله إِذا غبت وَبِالْجُمْلَةِ فقد انمحى عَنهُ نور الْعلم وَلم يبْق عَلَيْهِ شئ من بهجته وَصَارَ يتَّصل بالظلمة من الوزراء وَيحسن لَهُم مَا هم فِيهِ وهم يحاسنونه لعلمهم بِمَا هُوَ فِيهِ من التَّجَسُّس للْأَخْبَار ورفعها إِلَى الإِمَام
ثمَّ لما مَاتَ الإِمَام المتَوَكل رحمه الله اتَّصل بولده مَوْلَانَا الإِمَام المهدي وَلَكِن دون اتِّصَاله بِأَبِيهِ فَصَارَ يتَّصل بِمن هُوَ مَشْهُور بِالشَّرِّ من وزرائه فيمشي مَعَهم على طَرِيقَته ترخيصا وترويجا مَعَ عدم احتفالهم بِهِ واحتقارهم لَهُ لكنه إِذا جَاءَ بِمَا يُطَابق مَا هم فِيهِ من الظُّلم والنهب للأموال قَالُوا للْإِمَام وَغَيره قَالَ سيدنَا فلَان كَذَا فيجعلون ذَلِك ذَرِيعَة لما هُوَ فِي التَّحْرِيم من قطعيات الشَّرِيعَة
وَمن فواقره أَنه فِي مواقفه يكثر الثَّنَاء على الْحجَّاج