الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واللوازم التابعة لَهُ الَّتِى تَقْتَضِي البلاغة شِفَاء العليل بِدفع عناء الاستشراف إِلَى الْوُقُوف عَلَيْهَا فَهَذَا هُوَ الْأَمر الْكُلِّي على حكم الرَّبْط بَين جَمِيع أَجزَاء الْقُرْآن فَإِذا فعلت ذَلِك تبين لَك إن شَاءَ الله وَجه النظم مفصلا بَين كل آيَة آيَة فِي كل سُورَة سُورَة وَالله الهادي انْتهى وَمن مؤلفاته شرح جمل الخونجي وَله نظم فَمِنْهُ
(برق الْفُؤَاد بدابافق بعاديا
…
فتضعضعت أركاننا لرعوده)
(كَيفَ الْفِرَاق وَقد تبدت شملنا
…
والبين شق قُلُوبنَا بعموده)
(لله أَيَّام مَضَت بسبيلها
…
والدهر ينظم شملنا بعقوده)
ثمَّ لم يلبث أن رغب فِي السفر عَن مصر وطوف الْبِلَاد وَركب الْبَحْر وتطور على انحاء مُخْتَلفَة وَهَيَّأْت متنوعة إِلَى أن مَاتَ غَرِيبا فريدا فِي عيناب سنة 864 أَربع وَسِتِّينَ وثمان مائَة فِي شوالها أَو الَّذِي بعده وَقد رام السخاوي رحمه الله مناقضة البقاعي فِيمَا وصف بِهِ صَاحب التَّرْجَمَة وَلَعَلَّ الْحَامِل لَهُ على ذَلِك مَا بَينه وَبَين البقاعي من الْعَدَاوَة كَمَا تقدم
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن يحيى
ابْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم بن عبد الله بن عبد الْعَزِيز بن سيد النَّاس ابْن أَبى الْوَلِيد بن مُنْذر بن عبد الْجَبَّار بن سُلَيْمَان أَبُو الْفَتْح فتح الدَّين اليعمري الإِمَام الْحَافِظ الْعَلامَة الأديب الْمَعْرُوف بِابْن سيد النَّاس
ولد فِي ذي الْقعدَة سنة 671 إِحْدَى وَسبعين وسِتمِائَة وَهُوَ من بَيت رياسة بإشبيلية وَكَانَ أَبوهُ قد قدم الديار المصرية وَمَعَهُ أُمَّهَات من الْكتب كمصنف ابْن أَبى أشته وَمُسْنَده ومصنف عبد الرَّزَّاق والمحلى والتمهيد والاستيعاب والاستذكار وتاريخ ابْن أَبى خَيْثَمَة ومسند الْبَزَّار وأحضره أَبوهُ فِي سنة
مولده على النجيب فَقبله وَأَجْلسهُ على فَخذه وكناه أَبَا الْفَتْح ثمَّ أحضرهُ فِي الرَّابِعَة على شمس الدَّين المقدسي وَسمع على القطب الْقُسْطَلَانِيّ وَابْن الْأنمَاطِي وَأكْثر عَن أَصْحَاب الكندي وَابْن طبرزذ ورحل إِلَى دمشق فَسمع من الصُّورِي وَابْن عَسَاكِر وَغَيرهمَا وَأَجَازَ لَهُ جمع جم من جِهَات مُخْتَلفَة ولازم ابْن دَقِيق الْعِيد وَتخرج بِهِ فِي أصُول الْفِقْه
قَالَ الذهبي وَلَعَلَّ مشيخته يقاربون الْألف وَنسخ بِخَطِّهِ وانتقى ولازم الشَّهَادَة مُدَّة وَكَانَ طيب الْأَخْلَاق بساما صَاحب دعابة وَلعب صَدُوقًا حجَّة فِيمَا يَنْقُلهُ لَهُ بصر ناقد بالفن وخبرة بِالرِّجَالِ وَمَعْرِفَة الِاخْتِلَاف وَيَد طولى فِي علم اللِّسَان ومحاسنه جمة وَلَو أكب على الْعلم كَمَا يَنْبَغِي لشدت إِلَيْهِ الرحال وَقَالَ البرزالي كَانَ أحد الْأَعْيَان إتقانا وحفظا للْحَدِيث وتفهما فِي علله وَأَسَانِيده عَالما بصحيحه وسقيمه مستحضراً للسيرة
لَهُ حَظّ من الْعَرَبيَّة حسن التصنيف صَحِيح العقيدة سريع الْقِرَاءَة جميل الْهَيْئَة كثير التَّوَاضُع طيب المجالسة خَفِيف الروح ظريف اللِّسَان لَهُ الشّعْر الرَّائِق والنثر الْفَائِق وَكَانَ محبا لطلبة الحَدِيث وَلم يخلف فِي مَجْمُوعه مثله وَقَالَ ابْن فضل الله كَانَ أحد أَعْلَام الْحفاظ وَإِمَام أهل البلاغة الواقفين بعكاظ بَحر مكثار وخبير فِي نقل الْآثَار انْتهى
وَله تصانيف مِنْهَا السِّيرَة النَّبَوِيَّة الْمَشْهُورَة الَّتِى انْتفع بهَا النَّاس من أهل عصره فَمن بعدهمْ وَشرع بشرح الترمذي كتب مِنْهُ مجلدا إِلَى أَوَائِل الصَّلَاة وقفت عَلَيْهِ بِخَطِّهِ الْحسن وَلَعَلَّ تِلْكَ النُّسْخَة الَّتِى وقفت عَلَيْهَا هى المسودة فَإِنَّهَا كَثِيرَة الضَّرْب والتصحيح وَهُوَ متمتع فِي جَمِيع مَا تكلم عَلَيْهِ من فن الحَدِيث وَغَيره مَعَ الْتِزَامه لإِخْرَاج الْأَحَادِيث الَّتِى يُشِير إِلَيْهَا الترمذي بقوله وَفِي الْبَاب عَن فلَان وَفُلَان الخ وَلما وقفت على الْجُزْء الذي من شرح
الترمذي الذي يلي هَذَا الْجُزْء للزين العراقي بهرني ذَلِك ورأيته فَوق مَا شَرحه صَاحب التَّرْجَمَة بدرجات وَله بشرى الكئيب بِذكر الحبيب قصائد نبوية وَشَرحهَا فِي مُجَلد وَله منح الْمَدْح والمقامات الْعلية فِي الكرامات الجلية وَولى التدريس بمدارس وَكَانَ محببا إِلَى النَّاس مَقْبُولًا عِنْدهم يعظمه كل أحد لاسيما أُمَرَاء مصر وأرباب رياستها قَالَ الصفدي وأقمت عِنْده بالظاهرية قَرِيبا من سنتَيْن فَكنت أرَاهُ يصلي كل صَلَاة مَرَّات كَثِيرَة فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ خطر إِلَى أَن أصلي كل صَلَاة مرَّتَيْنِ فَفعلت ثمَّ ثَلَاثًا فَفعلت وَسَهل علي ثمَّ أَرْبعا فَفعلت قَالَ واشك هَل قَالَ خمْسا انْتهى
وَهَذَا وَإِن كَانَ فِيهِ الاستكثار من الصَّلَاة الَّتِى هي خير مَوْضُوع وأجمل مَرْفُوع لَكِن الأولى أَن يتعود التَّنَفُّل بعد الْفَرَائِض على غير صفة الْفَرِيضَة فَإِن حَدِيث النهي عَن أَن تصلي صَلَاة فِي يَوْم مرَّتَيْنِ رُبمَا كَانَ شَامِلًا لمثل صُورَة صَلَاة صَاحب التَّرْجَمَة وَلَعَلَّه يَجعله خَاصّا بتكرير الْفَرِيضَة بنية الافتراض وَمن نظمه
(تمناها وَمَا عقد التمائم
…
وشاب وحبها فِي الْقلب دَائِم)
(وطارحها الغرام بهَا فَقَالَت
…
علمت فَقَالَ مَاذَا فعل عَالم)
وَمن قصائده القصيدة الَّتِى مطْلعهَا
(يَا بديع الْجمال سل من جمالك
…
أَن يوافى عشاقه من وصالك)
وَمِنْه من أَبْيَات
(ظبى من التّرْك هضيم الحشا
…
مهفهف الْقد رَشِيق القوام)
وَكَانَ مَوته فِي شعْبَان سنة 734 أَربع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة